كاتب أمريكي: التطبيع العربي مع الأسد شر لا بد منه.. وعلى واشنطن استغلاله بهذه الطريقة
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
يرى سام هيلر، المحلل والزميل في مركز Century Foundation للبحوث والدراسات الدولية أن تطبيع الدول العربية مع النظام السوري كان "شرا لا بد منه" بعد أن بات الشرق الأوسط عالقا معه ومع أمره الواقع في سوريا المهمة جغرافيا وسياسيا، ويطالب الغرب والولايات المتحدة بالتحرك إزاء هذا التوجه كأمر واقع، بدلا من الشجب فقط، وذلك بمساعدة الدول العربية المطبعة على معالجة مسائل مهمة، مثل التأكد من استفادة السوريين كشعب من هذا التطبيع.
ويقول هيلر، في تحليل نشره موقع "فورين أفيرز" وترجمه "الخليج الجديد"، إن ظهور بشار الأسد في القمة العربية الأخيرة في مدينة جدة السعودية مثل انتعاشاً دراماتيكياً له ونظامه، بعد عقد كامل من العزلة التي فرضتها الجامعة العربية عليه منذ عام 2012 إثر قمعه الوحشي للانتفاضة الشعبية، أثار غضب الكثيرين في الغرب واعتبروا أن إعادة تأهيل الأسد أمر غير عادل للغاية ، ويهدد رفاهية السوريين ، ويعرض المنطقة الأوسع للخطر.
اقرأ أيضاً
مكابرة الأسد ورهان تطبيع العرب الخاسر!
الخطوة الصحيحةورغم أن ذلك الغضب مفهوم، إلا أن الكاتب يرى أن التطبيع العربي مع الأسد كان هو الخطوة الصحيحة، فقد تبدو استعادة العلاقات مع دمشق أمرًا ضارًا، لكن مقاطعة المنطقة لم تفعل شيئًا لوقف الأسد أو تحسين الحياة للشعب السوري الذي يعاني.
ويضيف أنه من خلال إعادة العلاقات، يمكن للدول العربية إشراك دمشق في القضايا المهمة، مثل دفع الأسد لكبح جماح تجار المخدرات الذين أغرقوا المنطقة بالأمفيتامينات الخطرة، والتأكد من أن سوريا ليست خاضعة بالكامل لإيران.
والأهم من ذلك، يمكنهم العمل مع دمشق لتحسين ظروف السوريين العاديين من خلال توسيع نطاق وصول المساعدات، واستعادة الخدمات الأساسية، والتأكد بشكل عام من أن سوريا ليست بائسة لدرجة أن شعبها ليس لديه خيار سوى المغادرة، كما يقول الكاتب.
ويتابع: بالنظر إلى الحقائق، يجب على الولايات المتحدة ألا تمنع شركائها العرب من التعاون مع الأسد، وبدلاً من ذلك، يجب على واشنطن وحلفائها الغربيين العمل مع هذه الدول في محاولة لجعل دمشق أقل زعزعة للاستقرار وخطورة - سواء بالنسبة للمنطقة أو بالنسبة للسوريين في الداخل أو الخارج.
اقرأ أيضاً
مشاكل سوريا تفاقمت.. كشف حساب لـ3 أشهر من التطبيع مع الأسد
التطبيع كان سيحدث عاجلا أو آجلاالسخط من إعادة تأهيل الأسد مفهوم لكنه في غير محله، كما يقول الكاتب، فكان لا بد أن يحدث التطبيع عاجلاً أم آجلاً لسبب بسيط: استمرار حكم الأسد في سوريا حقيقة واقعة.
قمعت دمشق التمرد في البلاد، على الرغم من الجهود الحثيثة للعديد من اللاعبين الدوليين لدعم المعارضة السورية.
وعلى سبيل المثال، أمضت الأردن والسعودية والإمارات سنوات في تسليح مقاتلي المعارضة السورية قبل الاستسلام وإعادة العلاقات مع دمشق.
لقد فهموا أن بضع سنوات أخرى من العزلة لن تفعل شيئًا لزعزعة نظام الأسد.
ويعتبر الكاتب أن عزلة دمشق ساعدت على إفقار السوريين، وجاء الزلزال المدمر في فبراير/شباط الماضي ليزيد الأزمة اشتعالا.
معظم الملايين من الأشخاص الذين فروا من البلاد فعلوا ذلك عندما كانت الحرب شديدة.
ولكن حتى الآن، يغادر السوريون هربًا من اقتصاد دولتهم المدمر وتجنب التجنيد العسكري.
وقد تسببت موجات اللاجئين السابقة هذه في توتر اقتصادات البلدان المضيفة، ويواجه السوريون الآن في لبنان وتركيا ردود فعل متزايدة معادية للأجانب.
اقرأ أيضاً
ريسبونسبل ستيتكرافت: لا يمكن معالجة قضايا المنطقة دون إشراك الأسد.. ولكن
نفاد الخيارات العربيةويرى الكاتب أنه لا يفيد السوريين - أو الدول العربية - أن سوريا أصبحت مُصدرة للمخدرات غير المشروعة وأرض انطلاق للقوات شبه العسكرية المدعومة من إيران.
لذلك، وفقا لرأيه، لم يكن أمام الدول العربية خيار سوى التعامل مع دمشق، فسوريا ببساطة محورية للغاية، جغرافياً واقتصادياً وسياسياً، بحيث لا يمكن عزلها ووضعها في الحجر الصحي وكأنها "كوريا الشمالية العربية".
ويلمح الكاتب إلى وجود استجابة، وإن كانت لا تزال باهتة، من نظام الأسد لمطالب الدول العربية المطبعة معه، بخصوص تقليل تجارة المخدرات والسماح بعودة اللاجئين والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية لكافة مناطق سوريا، حتى الأطراف التي لا تقع تحت سيطرة النظام.
ثمة نقطة أخرى يسوقها الكاتب، وهو أن العزلة العربية لم تمنع الأسد أن يكون أكثر قمعية، وبالتالي فلن يجعله التطبيع أكثر قمعية، كما يتم الترويج لذلك، وببساطة فإن العقبة الوحيدة الآن أمام الأسد لتحقيق "نصر كامل" واستعادة كامل الأراضي التي لا يسيطر عليها نظامه ليست الدول العربية، ولكن وجود القوات التركية والأمريكية في شمال وشرق سوريا.
اقرأ أيضاً
فورين بوليسي: تحقيق العرب ما يريدون من التطبيع مع بشار الأسد محل شك
تغير أسلوب الغربويرى الكاتب أنه لحسن الحظ، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن يفهم سبب توجه نظرائه العرب للتطبيع مع الأسد، ورغم أن إدارة بايدن انتقدت قرار جامعة الدول العربية الترحيب بعودة دمشق ، إلا أنها أكدت أيضًا أن هذه الدول العربية تشترك في أهداف مع الولايات المتحدة في سوريا ولم تحاول إجبار الدول العربية على عكس مسارها.
وبدلاً من ذلك، شجعت باربرا ليف، المسؤولة في وزارة الخارجية الأمريكية، الحكومات على إعادة التعامل مع دمشق لتأمين "إجراءات ملموسة تفيد الشعب السوري".
وقد تبنى الاتحاد الأوروبي خطاً مماثلاً.
ويخلص الكاتب إلى أن واشنطن يجب أن تدفع شركائها العرب إلى العمل بأقصى ما في وسعهم لتحسين ظروف السوريين بشكل هادف.
ويضيف: على الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أن تحث الدول العربية على إبقاء قضايا مثل وصول المساعدات وإطلاق سراح المعتقلين مركزية في تعاملها مع الأسد، بدلاً من مجرد التركيز على تهريب المخدرات وإيران.
يجب على واشنطن أيضًا، بحسب الكاتب، أن تشجع شركائها العرب على التنسيق مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا جير بيدرسون، الذي كان يحاول دمج الإيماءات السياسية والإنسانية للأطراف المختلفة في إطار "خطوة بخطوة" لحل الصراع السوري.
ولن تتطلب أي من هذه الخطوات من الولايات المتحدة تطبيع علاقاتها مع النظام السوري.
المصدر | سام هيلر / فورين أفيرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: بشار الاسد التطبيع مع الأسد النظام السوري الجامعة العربية الولایات المتحدة الدول العربیة اقرأ أیضا مع الأسد مع دمشق
إقرأ أيضاً:
السفير الإسرائيلي لدى واشنطن يؤكد الاقتراب من تحقيق التطبيع السعودي
قال السفير الإسرائيلي الجديد لدى الولايات المتحدة يحيئيل لايتر، إن "إسرائيل أقرب من أي وقت مضى من تطبيع العلاقات مع السعودية"، قائلا إن هذا سيعمل على تغيير قواعد اللعبة في المنطقة وخارجها.
وأضاف لايتر "نحن أقرب إلى السعودية لأننا أضعفنا حماس وسقوط الأسد وضعف النفوذ الإيراني أوصلنا إلى لحظة فيها فرصة"، بحسب تصريحات نقلتها صحيفة "جيروزاليم بوست".
وأكد أن "هناك عدد قليل من الدول في العالم إلى جانب إسرائيل مثل السعودية ترغب في رؤية حماس ضعيفة، وأينما يتم تحجيم جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن يزدهر الاعتدال وقد رأينا ذلك في مصر والسودان وتركيا".
واعتبر أن "السعودية تدرك أن هزيمة هذه العناصر أمر أساسي لعملية التحديث التي تقوم بها، وقبل ثلاثين عاما حتى مجرد مناقشة مثل هذا الاتفاق كان أمرا لا يمكن تصوره".
وذكرأنه "الآن بفضل اتفاقيات أبراهام والتغيرات الديناميكية نحن على أعتاب اختراق كبير، نظرا لأن التطبيع ليس مجرد اتفاقيات تجارية أو مجاملات دبلوماسية، بل يتعلق بإنشاء إطار جديد للاستقرار الإقليمي وهو إطار يرفض التطرف ويعزز التعاون".
وقال إن "السعوديين يريدون ضمان أن يرى شعبهم فوائد ملموسة للفلسطينيين في أي اتفاق، وهو توازن حساس ولكن يمكن تحقيقه من خلال مفاوضات براغماتية ودعم دولي".
وأعرب لايتر عن ثقته في نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تجاه السياسة الخارجية، واصفا إياه بأنه "قائد حاسم تتماشى قراراته مع أهداف إسرائيل الأمنية".
والأسبوع الماضي، نفى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وجود وعد من تل أبيب بإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية.
جاء ذلك في كلمته أمام الكنيست (البرلمان)، وهو الذي يعتبر الذراع الأيمن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمسؤول فعليا عن الاتصالات مع الولايات المتحدة، وكان ظهوره أمام الكنيست نادرا، باعتباره ليس عضوا فيه.
وقال ديرمر: "لا يوجد وعد بإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية".
واشترطت السعودية في أكثر من مناسبة، موافقة الحكومة الإسرائيلية على قيام دولة فلسطينية، مقابل تطبيع العلاقات معها.
في السياق ذاته، أشار ديرمر، إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على وضع خطة بشأن "اليوم التالي" لحرب الإبادة في قطاع غزة.
وأضاف إلى حاجة "إسرائيل" للولايات المتحدة وقوى في المنطقة لم يسمها في هذا الصدد.
وسبق أن أعلن نتنياهو، مرارا، أنه لن يوافق على عودة حركة حماس أو السلطة الفلسطينية إلى حكم قطاع غزة، قائلا: "لا حماسستان ولا فتحستان".