حرب المليون بليد..
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
مهدي رابح
لست مندهشاً ابداً من حجم التوحّش الذي وصلت اليه الأحداث مؤخراً، ما يُدهشني حقّا هو ان الكثيرين يجهلون او ينسَون او يتناسَون او يتجاهلون أن التوحّش هو السمة الأصيلة الثابتة الوحيدة لكل تاريخنا الحديث وأن عدد ضحايا النزاعات الأهلية المسلّحة التي تورّط فيها الجيش الرسمي وأجهزة الدولة الأمنية ومليشياتها المختلفة عبر الحقب، قوات صديقة، مراحيل، دفاع شعبي، أمن شعبي، جنجويد، حرس الحدود، الدعم السريع، بلغ ما يقدر ب 2 مليون مواطن/ة مقتول حتى قبيل انطلاق الرصاصة الخائنة الأولي في هذه الحرب.
انتهاكات مروّعة اُديرت طوال عقود في الظلام الدامس بعيدا عن اعين الاعلام والرقابة، بعيدا عن الخرطوم والمدن المستقرة الأخرى، في الجنوب، دارفور، جبال النوبة، النيل الازرق وغيرها، بُقرت فيها بطون النساء الحوامل، القي البعض من الطائرات، تم تصفية ممنهجة للنخب المحليّة، أُلقي الأطفال داخل اكواخ تحترق، اغتصبت النساء بمن فيهن طفلات يافعات، دُمرت القرى والحقول، نُهبت الممتلكات على قلّتها… الي اخرها من الفظائع.
جرائم استطاع مرتكبوها المباشرين وأولئك المسؤولين عن وضع سياسات الدولة وإصدار الأوامر الإفلات من المحاسبة، القانونية والمعنوية التاريخية. عبر اخفائها تحت غطاء اتفاقيات سلام شائهة، هي في جوهرها صفقات بين نخب حاملة للسلاح من اجل إقتسام السلطة والثروة وتوفير الإطار المؤسسي للإفلات من العقاب.. وهنا أعني كل اتفاقيات السلام، دون استثناء، منذ اتفاقية أديس ابابا 1972م وحتي اتفاقية سلام جوبا 2020 مرورا بإتفاقية السلام الشامل، نيفاشا 2005.
ورغم ان التطور التكنولوجي الاسفيري فرض واقعا جديدا سمح لعديد المغفّلين وماسحي الجوخ وجودا مضخما في الفضاء العام، او “غزو البلهاء” كما اطلق عليه الفيلسوف الإيطالي امبيرتو ايكو ، وفتح الباب واسعا امام الات التضليل الاعلامي، لكنه في المقابل وفر نافذة، ولو ضيقة، يطلّ بها الجمهور المغيّب علي هذا القبح البالغ، بدأ في حالتنا التي تدعو للأسي بالصور والفيديوهات التي وثقت مجزرة القيادة العامة واستمرت حتى اليوم لتوثق مجازر طرفي هذه الحرب.
حرب ابريل القذرة التي دمّرت بلادنا اليوم ومزّقتها اشلاءً هي محنة كبري لكنها لا تعدو حلقة من حلقات سلاسل المحن السودانية منذ عام 1956م، وإن كانت اخطرها علي الإطلاق، لكنها ايضا فرصة لمواجهة الحقائق القبيحة وجها لوجه، حقيقة مدي العنصرية المترسّخة والقائمة علي هويات مُستلفة، والخلل الاخلاقي العميق المتدثر بتدين مظهري زائف، والغلّ والحقد والجُبن المتسربِل يإدّعاء الكرم والعفّة والشهامة، والاختلال المؤسسي المتخفي خلف واجهات وأسماء فخمة كذّابة وقِصر النظر السياسي الكامن في جُمل خشبية محفوظة مكررة وشعارات تعني كل شئ ولا شئ.
هي فعلاً حرب المليون بليد…
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
توقيع اتفاقية خدمات استشارية لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في المطارات
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، مراسم توقيع اتفاقية الخدمات الاستشارية بين الحكومة المصرية، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، ذراع البنك الدولي لتمويل القطاع الخاص، بشأن تقديم الخدمات الاستشارية لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص في قطاعات المطارات بجمهورية مصر العربية.
ووقّع الاتفاقية كلٌ من الدكتورة رانيا المشاط، وزير التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور سامح الحفني، وزير الطيران المدني، وسيرجيو بيمنتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لأفريقيا.
وعلى هامش التوقيع، قال رئيس الوزراء إن الاتفاقية المُوقعة اليوم تأتي امتدادًا لتعزيز التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) لتقديم الخدمات الاستشارية لبرنامج الطروحات الحكومية، مشيرًا إلى أنه بموجب الاتفاقية ستقوم مؤسسة التمويل الدولية بتقديم خدمات استشارية لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص بقطاع المطارات بالسوق المصرية، مؤكدًا حرصه على دعم هذه الشراكة المُهمة التي ستُسهم في الارتقاء بالخدمات المُقدمة والطاقة الاستيعابية للمطارات المصرية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الاتفاقية تُعد جزءًا من شراكة أوسع بين الحكومة ومؤسسة التمويل الدولية، من أجل الاستفادة من المميزات النسبية للمؤسسة في جذب الاستثمارات للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، وتوفير الدعم الفني للجهات الوطنية لتهيئة بيئة الأعمال، وتعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، في مختلف مجالات التنمية.
فيما أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي، أن الشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية في طرح المطارات المصرية للقطاع الخاص، تأتي استكمالاً للتعاون الذي تم تدشينه في يونيو ٢٠٢٣ بشأن برنامج الطروحات الحكومية، لتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولية، وتحقيق نمو اقتصادي بقيادة القطاع الخاص، حيث تضع الدولة في مقدمة أولوياتها استعادة دور القطاع الخاص المحلي والأجنبي في قيادة جهود التنمية الاقتصادية، ولذلك تُنفذ برنامجاً وطنياً للإصلاحات الهيكلية، كما تعمل على التوسع في آليات التمويل من أجل التنمية لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأكدت الوزيرة أن الحكومة مهدت لهذه الخطوات، بتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، واتخاذ إجراءات لضبط المالية العامة، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المحفزة للقطاع الخاص، وتهيئة مناخ الاستثمار لتشجيع المستثمر المحلي والأجنبي، لتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولية، وتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري.
وأشارت إلى أن توجه الحكومة لتوسيع مظلة الشراكة مع القطاع الخاص في قطاع المطارات، يتزامن مع النمو القوي لقطاعي السياحة والنقل والتخزين في الربع الأول من العام المالي الجاري، وزيادة استثمارات القطاع الخاص لتسجل 63% من الاستثمارات الكلية، وكذلك تسجيل معدلات السياحة الوافدة أعلى معدلاتها على الإطلاق في عام 2024، فضلًا عن استعدادات مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير، وهو ما يعكس النمو المستمر في الحركة عبر المطارات المختلفة، والفرص التي تنتظر القطاع الخاص للمشاركة في المطارات المختلفة.
وفي السياق نفسه، أشار الدكتور سامح الحفني، وزير الطيران المدني، إلى أنه بموجب الاتفاقية المُوقعة اليوم مع مؤسسة التمويل الدولية، تستهدف الوزارة توسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص في قطاع المطارات بجمهورية مصر العربية، كما تستهدف تنفيذ خطة إستراتيجية لتحديد مشروعات المطارات القابلة للتنفيذ بالشراكة مع القطاع الخاص.
وقال سيرجيو بيمنتا، نائب رئيس مؤسسة التمويل الدولية لأفريقيا إن تعزيز البنية التحتية للمطارات المصرية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص سيدفع عجلة النمو الاقتصادي، مُضيفًا: سيساعد هذا البرنامج على جذب مستثمرين عالميين لبناء مطارات حديثة على درجة عالية من الكفاءة تُعزز مكانة مصر كمركز عالمي للسفر والتجارة.