يمارس التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ضغوطا على إقليم كردستان العراق من أجل توحيد القوات الكردية تحت وزارة البيشمركة، والتي صلت إلى حد التلويح بقطع التمويل الشهري الذي يقدمه من أجل تطوير ودمج هذه التشكيلات.

وأفادت وسائل إعلام عراقية،  بأن الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق، الحزب الديمقراطي، والاتحاد الوطني، تلقيا تهديدات من الولايات المتحدة الأمريكية بقطع التمويل عن قوات البيشمركة في الإقليم في حال لم يجر توحيدهما خلال النصف الأول من العام الجاري.



ويبلغ تعداد البيشمركة نحو 125 ألف مقاتل، لكنها تنقسم إلى قسمين، قوات 70 التابعة للاتحاد الوطني، وتتمركز في السليمانية وحلبجة، وقوات 80 التابعة للحزب الديمقراطي، تنتشر في أربيل ودهوك، ويدعمهم التحالف الدولي بـ 24 مليون دولار شهريا.


جدول زمني
تعليقا على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي من إقليم كردستان العراق، ياسين عزيز لـ"عربي21" إن "التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يمارس ضغوطات حقيقة منذ سنوات على القيادات الكردية من أجل توحيد البيشمركة ضمن وزارة واحدة".

وأوضح عزيز أن "الحزبين الكرديين اللذين يمتلكان القوات الكردية لم يلتزمان في توحيدها رغم وجود لجان مشتركة من التحالف الدولي وقيادة وزارة البيشمركة في حكومة الإقليم، وأن الاستجابة حتى الآن غير كافية للتعاون في هذا الملف".

وقال الكاتب الكردي إن "هناك الآن بعض الخطوات الجيدة التي يمكن أن تكون بداية مقبولة في الاستجابة للإجراءات الإصلاحية التي يريد التحالف الدولي تطبيقها على قوات البيشمركة، لكن ليست بالمستوى المطلوب".

وأشار عزيز إلى "وجود جدول زمني وضعته قيادة التحالف الدولي، وأن حكومة إقليم كردستان والحزبين الكرديين أبدوا استعدادهم لتنفيذ برنامج توحيد البيشمركة وأعطوا التزاما لإكماله حتى عام 2026".

وأكد الخبير الكردي أن "الحزبين الكرديين يرون أن تهديدات التحالف الدولي بقطع التمويل أمر جدي، لأنه سبق أن خفّض الدعم المالي، حيث كان يمنح البيشمركة مبلغ 25 مليار دينار عراقي (20 مليون دولار) والآن وصل إلى 20 مليار دينار (15 مليون دولار)".

وأعرب عزيز عن اعتقاده بأن "الحزبين يشعران خلال هذه المرحلة بجدية تهديدات وضغوطات التحالف الدولي، لذلك الآن هناك استجابة لتنفيذ مطالب الأخير وإن كانت دون الطموح، وهذا يأتي تزامنا مع تطور العلاقات السياسية بين الحزبين لتشكيل حكومة الإقليم الجديدة".

وأكد عزيز أن "القيادة الكردية تدرك جيدا أن تهديدات التحالف الدولي بموضوع تمويل البيشمركة مغلفة بتهديد سياسي، وأن الحزبين يدركان أن الاستغناء عن دعم التحالف العسكري والسياسي يُعد تهديد لوجود الإقليم ككيان، وهذا يضعف موقفه حتى مع الحكومة في بغداد".

وبيّن الخبير الكردي أن "هناك دعم دولي سياسي وعسكري لحكومة إقليم كردستان العراق، لذلك تدرك الأحزاب الكردية أن غياب هذا التأييد الدولي للإقليم سيكون نقطة ضعف حتى في التعامل مع الحكومة الاتحادية العراقية في بغداد".

بناء على ذلك، يستبعد عزيز تفريط قيادة إقليم كردستان في هذا الدعم الدولي، وتعرّيض نفسهم إلى هذا الوضع الحرج، بالتالي ستحصل استجابة لمطالب التحالف الدولي وإن كان جزئية أو تصل إلى مرحلة جيدة لتوحيد قوات البيشمركة.

ولفت إلى أن "خطوة توحيد البيشمركة ستكون صعبة على الحزبين الكرديين الرئيسين كونها يمتلكان جغرافيا نفوذ في الإقليم، لكنهما مضطرين للتعامل معها إيجابيا للإبقاء على الكيان السياسي والإداري لإقليم كردستان، بالتالي إبقاء لنفوذ الحزبين بالمنطقة".


عقبات حقيقة
وفي السياق ذاته، قال السياسي الكردي، وعضو الاتحاد الوطني الكردستاني، شيروان ميرزا، إن "هناك أرضية ملائمة لتوحيد قوات الكردية تحت سيطرة وزارة البيشمركة، وأن مساعدات التحالف الدولي من أجل توحيد الأخيرة يجري تقديمها منذ سنوات".

وأكد ميرزا في حديث مع "عربي21" أن "هناك تقدّم في موضوع توحيد القوات الكردية، لكن الأمر يتطلب عملا وجهدا أكثر، وبالفعل هناك ضغوطات ومحاولات من التحالف الدولي من أجل توحيد هذه القوات تحت وزارة البيشمركة تحديدا".

وبحسب البرلماني الكردي السابق، فإن "الحزبين الرئيسيين لديهم تقبل لموضوع توحيد البيشمركة، بالرغم من وجود خلافات وبعض الأمور الشكلية، لكن الكل يريد قوات موحدة لإقليم كردستان العراق".

ولفت إلى أن "المعوقات التي بسبب تأجر دمع البيشمركة تكمن في كيفية إدارة الوحدات والألوية والفرق العسكرية، والسيطرة على المناطق، على اعتبار أن هناك مشكلات حزبية قديمة تصل إلى ما قبل عقد تسعينيات القرن الماضي ومستمرة حتى اليوم".

وتابع: "الأمر بحاجة إلى وقت وجهد أكثر وتنازلات من الطرفين (الحزبين) من أجل توحيد البيشمركة، وأن هذه القوات أصلها كانت تابعة للأحزاب الكردية، وهناك خلافات سياسية وحتى عسكرية وصلت حتى إلى الاقتتال داخلي في عقد التسعينيات".

وأكد ميرزا أن "الأمر ليس سهلا، لذلك يتطلب جهدا أكثر ونوع من التوعية تمارسها وزارة البيشمركة تجاه أفراد القوات الكردية عامة، وهذا الأمر يتطلب وقتا حتى يكون جيش واحد تابع لإقليم كردستان بدلا من الأحزاب".

واستبعد السياسي الكردي أن "تُقدم حكومة بغداد على ممارسة ذات الضغوط وقطع رواتب البيشمركة من أجل توحيدها، لأن الحزبين الكرديين يريدان أن تكون القوات موحدة تحت سيطرة البيشمركة، وأن الحكومة العراقية تساعد في هذا الشيء".

وأوضح ميرزا أن "هناك تعاون مشترك بين إقليم كردستان وبغداد في مسك بعض المناطق، بالتالي توجد قوات مشتركة من الطرفين تسيطر عليها، وهذا تعاون بين الجانبين، لذلك استبعد أن تمارس الحكومة العراقية ضغوطات وتقطع  رواتب البيشمركة".

ومع وجود انقسام في قوات البيشمركة، فإنه ثمة آلاف المقاتلين الأكراد الآخرين ينضوون تحت سلطة الحزبين، ولا يرتبطون بالمؤسسات الرسمية، منهم "الكوماندوز" التابعين للاتحاد الوطني، وقوات "الزيرفاني" التابعة للحزب الديمقراطي.

وفي ظل وجود هذا الانقسام، فإن رئيس الإقليم أو رئيس الحكومة في كردستان العراق لا يستطيعان تحريك جندي واحد في محافظتي السليمانية وحلبجة كون القوات فيها تأتمر بقيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، وبالتالي سلطتها تمارس فقط على القوات في أربيل ودهوك.

وبحسب الدستور العراقي لعام 2005، فإن قوات البيشمركة هي "منظومة الدفاع الوطني" الخاصة بإقليم كردستان، إذ جرى في 2009 توحيد وزارتي البيشمركة في أربيل والسليمانية ضمن وزارة واحدة، لكن منذ ذلك الوقت لم يحصل أي اندماج لألوية القوات التابعة للحزبين الرئيسيين.

وقبل الاحتلال الأمريكي عام 2003، كانت هناك حكومتين بمنطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال العراق، واحدة في أربيل يدريها الحزب الديمقراطي برئاسة مسعود البارزاني، والثانية في السليمانية يقودها الاتحاد الوطني بقيادة الراحل جلال الطالباني.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية التحالف الدولي العراق البيشمركة الدعم العراق دعم البيشمركة التحالف الدولي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إقلیم کردستان العراق الحزبین الکردیین وزارة البیشمرکة توحید البیشمرکة التحالف الدولی القوات الکردیة قوات البیشمرکة قوات الکردیة من أجل توحید فی أربیل

إقرأ أيضاً:

مبادرة صينية لمنافسة البنك الدولي

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

سؤال: ما الذي يمنع العراق من المشاركة الفعلية المتواصلة القوية باجتماعات البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ؟. وما الذي يمنعه من التواصل مع البنك الآسيوي للاستثمار (AIIB) ؟. وهل العراق مرغم على الابتعاد عن هذا البنك الذي أسسته الصين قبل عشرة أعوام مثلما أرغموه على الابتعاد عن مبادرة الحزام والطريق ؟. آخذين بعين الاعتبار ان البنك الآسيوي للاستثمار يهدف إلى المساهمة بتوفير مصادر جديدة لتمويل العمليات التنموية في قارة آسيا، ويسعى للمحافظة على مستوى متوازن من النمو الاقتصادي في البلدان الآسيوية، إضافة إلى مواجهة التحديات التمويلية التي تواجه عمليات التنمية. .
وانطلاقا من هذه المبادئ قررت دولة الإمارات العربية المتحدة الانضمام كعضو مؤسس ودائم في البنك الآسيوي للاستثمار منذ عام 2015، إلى جانب الأعضاء المؤسسين، وذلك حرصاً منها على التعاون مع المجتمع الدولي بهدف تحسين مستوى حياة الشعوب، حيث تتوافق تلك الأهداف مع توجهات البنك الداعمة للدول النامية في قارة آسيا. .
المثير للدهشة ان العراق انضم متأخراً الى عضوية هذا البنك، فجاء بالتسلسل (92)، واصبح عضوا اساسياً اعتبارا من منتصف عام 2022، وشارك لمرة واحدة فقط بأعمال جلسة محافظي البنك الآسيوي المنعقدة في 26 / 9 / 2023. لكنه ظل يقترض من صندوق النقد الدولي، وكاد أن يرتمي في أحضان الصندوق رغم أنه دولة نفطية، وذلك بسبب الزوابع الداخلية التي أكلت الأخضر واليابس، وجرفت الموارد والأجور والعوائد. المشكلة الأخرى ان بعض فقهاء العراق افتوا عشرات المرات بمجهولية المال العام. .
جاءت فكرة تأسيس البنك الآسيوي لمنافسة البنك الدولي، ومنافسة صندوق النقد الدولي، وكسر هيمنة الولايات المتحدة. .
يسعى البنك الآسيوي إلى دعم مشاريع البنية التحتية دون فرض شروط مشددة كالتي تفرضها البنوك الغربية. .
بدأ البنك الآسيوي برأس مال 100 مليار دولار، تمتلك الصين حصة تقدر بنحو 30 %، ما يمنحها نفوذا واسعا رغم معارضة الولايات المتحدة. وقد بلغ عدد اعضاء البنك الآن حوالي 100 دولة. بعضها حلفاء لواشنطن مثل ألمانيا وبريطانيا. .
يمثل البنك تحديا صريحا وقويا للبنك الدولي، فهو يقدم القروض السخية بشروط مرنة ومتسامحة، ويركز على مشاريع التنمية ولا يتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، ويعود له الفضل في تمويل اكثر من 300 مشروع عملاق في شتى ارجاء العالم شملت مجالات الطاقة والمياه والنقل والاتصالات، حتى اصبح البنك اداة استراتيجية في السياسة الاقتصادية الصينية. .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • الجيش الأوغندي يقترب من الحدود السودانية.. هل يريد ابن موسيفيني تنفيذ تهديده.. رئيس حزب التحالف الديمقراطي يحذر
  • كيف تستثمر كردستان الصراع الأمريكي الإيراني؟.. المصالح أولا
  • كيف تستثمر كردستان الصراع الأمريكي الإيراني؟.. المصالح أولا - عاجل
  • العراق في مرمى الضغوط الأمريكية.. نائب: الضغط على أوبك لخفض صادرات النفط غير واقعي
  • نائب: القوات الأمريكية باقية في العراق إلى يوم القيامة
  • سلام: لمضاعفة الضغط الدولي على إسرائيل والدولة وحدها هي من يمتلك قرار الحرب والسلم
  • شنكالي: التحالف الدولي باقٍ في العراق.. والفصائل لا تواجهه بسبب المصالح
  • شنكالي: التحالف الدولي باقٍ في العراق.. والفصائل لا تواجهه بسبب المصالح - عاجل
  • تحالف تطوير حديقة الحيوان يشارك في معرض برلين الدولي للسياحة
  • مبادرة صينية لمنافسة البنك الدولي