في عالم السياسة العالمية المعقد وغير المتوقع، هناك تطورات سياسية تحمل إمكانية إحداث تأثير تحويلي. وتعد رئاسة ترامب الثانية مثالا على ذلك، فهي يمكن أن تعيد تشكيل المشهد الاستراتيجي العالمي، بما فيه المشهد في الشرق الأوسط. وفي هذا الإطار، نقدم موجزا لأربع دراسات إسرائيلية وأمريكية:

1 ـ جميس واينبرج وتيودور ساسون، انتصار ترامب، معهد دراسات الأمن القومي  جامعة تل أبيب INSS، 6/11/2024.



2 ـ إيتان شامير وآخرون، كيف ستعيد عودة ترامب الديناميكيات العالمية؟، مركز بيجين السادات للدراسات الاستراتيجية BESA، 22/12/2024.

3 ـ جورج بيبي وآخرون، توصيات السياسة الخارجية لضبط النفس لولاية ترامب الثانية، معهد كوينسي، 19/12/2024.

4 ـ شاؤول أرييلي، فهم خطة ترامب: السلام من أجل الازدهار، منتدى السياسة الإسرائيلية، يوليو 2020.

عوامل تساعد على التنبؤ بنهج ترامب في إدارته الثانية

من المتوقع أن تشكل الرئاسة الثانية لترامب حقبة جديدة في السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه سيتولى المنصب في 20 كانون الثاني/يناير 2025، إلا أنه من الممكن بالفعل دراسة التداعيات المحتملة لانتخابه والنهج السياسي الذي سيتبعه من خلال العوامل التالية:

1 ـ شخصية ترامب وأسلوبه في الإدارة

يأتي ترامب إلى فترة ولايته الثانية كرئيس بشعبية قوية، وتجاهل أعمق لاتفاقيات السياسة الخارجية. ومهما كانت الأسئلة التي قد تدور حوله، فإنه يجب التعامل معه وفق طبيعته وشخصيته وأسلوبه في الإدارة والسياسة. فترامب هو فرد متعدد الأوجه، حازم، نرجسي، متهور، لا يقبل المعايير التقليدية على أنها ملزمة. ويدير السياسة والحكم بنفس أسلوب رجل المقاولات الذي يسعى وراء عقد الصفقات التي تحقق الربح دون خسارة أو عناء. ولهذا، لا يمكن التغاضي عن شخصيته المتقلبة التي ظهرت بشكل بارز خلال فترة رئاسته الأولى.

2 ـ الافتقار إلى عقيدة سياسية محددة وواضحة

بالرغم من هذه التوجهات، فإن ترامب لا يحكم بعقيدة محددة؛ وإنما كما قال مستشاره السابق للأمن القومي روبرت أوبراين: "يحكم ترامب بغرائزه الخاصة والمبادئ الأمريكية التقليدية التي تمتد أعمق من مبادئ العولمة في العقود الأخيرة".  وهذا الافتقار إلى عقيدة شاملة يترك أسئلة أكثر من الإجابات لنظام دولي يشهد أكبر تكثيف لمنافسة القوى العظمى منذ الحرب الباردة. ستكون الساحة الأكثر ترجيحا التي ستظهر فيها غرائز ترامب الشعبوية في المقدمة في العلاقات عبر الأطلسي ، وبشكل أكثر تحديدا في علاقات واشنطن مع حلفائها الأوروبيين والحرب في أوكرانيا. لطالما اشتكى ترامب من "الدراجين المجانيين" والدول التي "لا تدفع نصيبها العادل" ودعا بقوة إلى أن تفي جميع دول الناتو بالتزاماتها بإنفاق 2٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع. لقد هدد في مناسبات عديدة بسحب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي، وقد تشهد فترة ولاية ثانية في المنصب توترات أكبر داخل الحلف. أما بالنسبة لأوكرانيا ، فقد تحدث ترامب عن إنهاء الحرب وانتقد الدعم المالي الأمريكي الكبير لكييف. نتيجة لذلك، هناك احتمال كبير أن يقوم ترامب بخفض المساعدات والدعم الأمريكي بشكل كبير.

3 ـ ترامب وسياسة الغموض وعدم اليقين

يتبع ترامب سياسة الغموض وعدم اليقين، ويعتبر ذلك ميزة لا عيبا. وهي سياسة تطرح الكثير من التساؤلات حول ماذا يريد ترامب؟ وما الذي سيطبقه على أرض الواقع؟ وكيف سيطبقه؟

يتبع ترامب سياسة الغموض وعدم اليقين، ويعتبر ذلك ميزة لا عيبا. وهي سياسة تطرح الكثير من التساؤلات حول ماذا يريد ترامب؟ وما الذي سيطبقه على أرض الواقع؟ وكيف سيطبقه؟ومن غير الواضح، على سبيل المثال، مدى السرعة التي سيتم بها تنفيذ سياساته الاقتصادية: هل سيتبع المبادئ التوجيهية الحالية؟ أم سيتجاهلها ويحارب الطعون القضائية؟ كيف ستقرر المحاكم؟ وكم من الوقت ستستغرق هذه القضايا؟ ما مدى ارتفاع الرسوم الجمركية؟ وهل ستكون هناك عملية رسمية "للإعفاءات" من تلك التعريفات؟ هل سيتم تطبيق التعريفات العالمية حقًا على الجميع، بما في ذلك الشركاء في اتفاقية التجارة الحرة؟ أم على الدول التي لديها فوائض تجارية مع الولايات المتحدة فقط؟ أم سيتم تهديد بعض الدول ثم التفاوض معها بشأنها؟ كيف ومتى سترد الدول؟ لذا، فمن الواضح أن ترامب سيتجاهل ببساطة قواعد منظمة التجارة العالمية، بل وقد ينسحب منها رسميًا.

4 ـ أداء رؤساء أمريكا في فترة ولايتهم الثانية

غالبا ما يختلف تصرف رؤساء أمريكا في ولايتهم الثانية عن ولايتهم الأولى، لأنهم يكونون أكثر اهتماما بإرثهم. ولذلك، فإن الدافع الرئيسي لترامب هو إعادة بناء سمعته محليا ودوليا. وقد أعلن عن نيته أن يكون رجل سلام ينهي الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، ويخفف من خطر نشوب الحرب العالمية الثالثة.

5 ـ أهداف حملة ترامب الانتخابية

في حملته الانتخابية، كانت المسألتان المركزيتان الأكثر انتشارا، والتي جلبتا له النصر، وفقا لجميع التقديرات، هما: تنشيط الاقتصاد الأمريكي، ووقف الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة. لذا، يمكن أن يكون تركيزه الأساسي على الساحة المحلية. ومع ذلك، نظرا للارتباط القوي بين الساحتين المحلية والدولية والمكانة العالمية للولايات المتحدة، سيتعين عليه التعامل مع السياسة الخارجية التي سيواجه فيها صراعات بين القيم المختلفة، لذا يمكننا أن نتوقع سياسة أقل تماسكا.

ويرمز فوز ترامب ونائبه جي دي فانس، إلى صعود الجناح الشعبوي والقومي للحزب الجمهوري. وقد أثار خطاب ترامب التحريضي والارتجالي في حملته، ووعده بممارسة سلطات منصبه ضد أعدائه السياسيين اتهامات بالاستبداد، مما قد يثير مخاوف من حدوث اضطرابات مدنية وتحديات قانونية ودستورية غير مسبوقة.

6 ـ الفريق الرئاسي لترامب

لا شك أن اختيارات ترامب لفريقه إيجابية لإسرائيل. وشكلت تعييناته في وزارة الخارجية والبنتاغون ومستشار الأمن القومي وسفيري أمريكا في إسرائيل والأمم المتحدة فريقا متعاطفا مع إسرائيل. ولتحقيق التوازن عين زوج ابنته مايكل بولس، وهو رجل أعمال لبناني أمريكي، ممثلا له في الشرق الأوسط مما يبعث برسالة طمأنة إلى الدول العربية وإيران. ومع ذلك، فإن القاسم المشترك الآخر الذي يمر عبر تعيينات ترامب هو الولاء له والالتزام بتنفيذ استراتيجيته السياسية.

7 ـ الأولويات السياسية لترامب

هناك توجهات أساسية تميز نهج ترامب السياسي ورؤيته للتعامل مع الأعداء والحلفاء، وقد عبر عن عنها في حملته الانتخابية:

ـ أمريكا أولا: وهو يتضمن التزاما بزيادة الحواجز التجارية والانخراط في الحمائية الصناعية من خلال التعريفات الجمركية، بحجة أن التجارة الحرة أضرت بالعمال الأمريكيين والطبقة العاملة.

ـ النفور من الأدوات التقليدية للقوة الأمريكية: وينطوي هذا التوجه أيضا على التشكيك في سياسة واشنطن للمشاركة العالمية والدفاع عن النظام العالمي الليبرالي.

ـ لا حماية بدون دفع التكاليف: لطالما اشتكى ترامب من "الراكبين مجانا" ومن الدول التي "لا تدفع نصيبها في نفقات الدفاع والحماية". لذا، دعا ترامب إلى أن تفي جميع دول الناتو بالتزاماتها بإنفاق 2٪ من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع. وهدد في مناسبات عديدة بانسحاب الولايات المتحدة من الناتو. وقد تشهد فترة ولايته الثانية توترات أكبر داخل الحلف.

ـ لا مساعدة أو دعم بدون عائد: وهذا ما بدا واضحا في رأيه بالنسبة لأوكرانيا، فقد انتقد الدعم المالي الأمريكي الكبير لكييف. نتيجة لذلك، هناك احتمال كبير أن يخفض ترامب المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، وأن يدعم ايقاف الحرب مقايل تنازلات أوكرانية كبيرة لروسيا.

ـ قروض لا مساعدات: يعارض ترامب باستمرار سياسة المساعدات الخارجية، ويدعو إلى استبدال المنح بالقروض. وهذا التوجه قد يخلق تحديات لإسرائيل مع تزايد اعتمادها على المساعدات العسكرية الأمريكية.

ـ اتباع سياسة المواجهة الاقتصادية لا العسكرية: لحماية الدولار والاقتصاد الأمريكي، وبناءً على وعوده وتاريخه ومستشاريه، من المؤكد أن ترامب سيسن السياسة التجارية الأكثر حمائية التي اتبعتها الولايات المتحدة منذ ما يقرب من قرن. وقد وعد ترامب خلال حملته بفرض رسوم جمركية 60% على جميع الواردات من الصين، و %10 أو 20% على جميع الواردات من جميع البلدان. كما أعلن نيته فرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا من أجل إلزامهم بمعالجة الهجرة وتهريب المخدرات. وأعلن عن رسوم جمركية بنسبة 100% على دول البريكس ـ الهند والصين وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا ـ وربما غيرها إذا أنشأت عملة بديلة للدولار في التجارة الدولية. ومن المؤكد أن التهديدات الجمركية الإضافية ستأتي، حيث يعتبرها ترامب الأداة الأساسية "للمفاوضات الدبلوماسية".

8 ـ مدى قدرة ترامب على تنفيذ سياساته

في حين سيواجه ترامب مقاومة ديمقراطية شرسة، فإنه يدخل ولايته الثانية بشبكة مخلصة من المستشارين، وسيطرة أكبر على الحزب الجمهوري وأغلبية مريحة في مجلسي النواب والشيوخ. وقد تعهد بتزويد البيروقراطية الفيدرالية بالموالين لحزبه. وبالتالي، فهو في وضع جيد للنهوض بجدول أعماله وتشريعاته داخل الكونجرس، وإدارة الحكم بضوابط وتوازنات أقل من ذي قبل. وستكون اهتماماته هي تحقيق وعوده الانتخابية باحتجاز وترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، ومتابعة إجراءات الحد من الهجرة، والشأن بالاقتصادي.

كيف ستبدو سياسة دونالد ترامب الخارجية؟

في حين سيواجه ترامب مقاومة ديمقراطية شرسة، فإنه يدخل ولايته الثانية بشبكة مخلصة من المستشارين، وسيطرة أكبر على الحزب الجمهوري وأغلبية مريحة في مجلسي النواب والشيوخ. وقد تعهد بتزويد البيروقراطية الفيدرالية بالموالين لحزبه.
ستتبع إدارة ترامب سياسة خارجية متشددة. ومع ذلك، ستكون هناك انقسامات داخل إدارته فيما يتعلق بمدى التزام أمريكا تجاه الحلفاء. إذ أن بعض المُعينين الرئيسيين من قِبله في إدارته هم من الجمهوريين التقليديين الذين يعتبرون التحالفات حاسمة لاستراتيجية كبرى للقيادة الدولية؛ أما ترامب نفسه، فقد أعرب عن آراء انعزالية، وهو لا يهتم بقيادة أمريكا للنظام الدولي؛ وإنما يركز على الدفاع عنها، وحماية المصالح الاقتصادية الأمريكية من خلال الرسوم الجمركية بدلا من تعزيز التجارة الحرة. وخلال إدارته الأولى، لم ترد الولايات المتحدة على الهجمات الخطيرة على حلفائها في الشرق، مثل منشأت النفط السعودية في 2019. وبدا أيضا مستعدا للانسحاب من الناتو. وبهذه الطريقة، سيكون هناك ضغط شديد على حلفاء الولايات المتحدة للخضوع لمزيد من الشروط المالية والعسكرية.

ترامب والشرق الأوسط

من المؤكد أن الصين ستكون مصدر قلق كبير لترامب. لذا، قد يتم تهميش الشرق الأوسط، حيث تحول واشنطن انتباهها إلى مواجهة الصين في شرق آسيا. ومع ذلك، إذا رأى المُعينون الرئيسيون في إدارة ترامب أن التحدي الذي تمثله الصين مرتبط بالصراعات التي تشمل إيران والجهات الفاعلة الأخرى، فقد تستمر إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط في دائرة الاهتمام الأمريكي.

تميزت فترة ترامب الأولى في منصبه بدعم كل من إسرائيل ودول الخليج ـ وخاصة السعودية والإمارات ـ والتي بلغت ذروتها في اتفاقيات إبراهام. وشمل دعمه لإسرائيل الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة "الاتفاق النووي الإيراني"، واغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني. بالنظر إلى هذا السجل، فلا عجب أنه قبل الانتخابات، أشارت استطلاعات الرأي إلى أن معظم الإسرائيليين يفضلون ترامب على هاريس.

هناك عدة موضوعات ستكون مفتوحة أمام الإدارة الجديدة، وتحتاج إلى قرارات حاسمة لكي تتفرغ إلى ما تراه أكثر خطورة على المستوى الدولي وهو الصراع مع الصين:

أولا ـ حرب غزة

تثير ميول ترامب السياسية غير المنتظمة العديد من الأسئلة. وأكثر مجالات الاهتمام إلحاحا هي الحرب متعددة الساحات في المنطقة. فقد أعرب ترامب عن رغبته في رؤية الحرب في غزة تنتهي قبل توليه منصبه في 20 يناير / كانون الثاني، لكنه لم يفصل صراحة رؤيته لليوم التالي. وإذا كان الماضي مؤشرا على ذلك، فإنه:

ـ من غير المرجح أن يستخدم ترامب المساعدة العسكرية الأمريكية لكبح جماح إسرائيل.

ـ بالنظر إلى دعمه لاتفاقيات إبراهام و"صفقة القرن"، والتي تضمنت إقامة دولة فلسطينية على 70٪ من الضفة والقطاع، فهناك احتمال أن تؤيد إدارة ترامب نسخة من حل الدولتين، مع ضم أراضي واسعة النطاق لإسرائيل. وتوضح الخريطة التي صدرنا بها المقال أن الدولة الفلسطينية وفق صفقة القرن ستكون دولة كانتونتات ليس لديها أدنى مقومات الدولة، ومعزولة عن محيطها العربي.

ـ على الرغم من أن نتنياهو وشركاءه في الائتلاف الحكومي لا يشاركون ترامب في رؤيته للدولة الفلسطينية، فإن قدرة نتنياهو على مقاومة إرادة ترامب ـ خلافًا لتعامله مع بايدن ـ سوف تتقلص بشكل كبير.

من المؤكد أن الصين ستكون مصدر قلق كبير لترامب. لذا، قد يتم تهميش الشرق الأوسط، حيث تحول واشنطن انتباهها إلى مواجهة الصين في شرق آسيا. ومع ذلك، إذا رأى المُعينون الرئيسيون في إدارة ترامب أن التحدي الذي تمثله الصين مرتبط بالصراعات التي تشمل إيران والجهات الفاعلة الأخرى، فقد تستمر إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط في دائرة الاهتمام الأمريكي.ـ إذا وافق السعوديون على مثل هذه الصفقة، فقد يؤدي ذلك إلى دعم سعودي وعربي أوسع لإعادة إعمار غزة، وإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية، وتوقيع اتفاقيات دفاعية بين إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة.

ـ وعلى العكس من ذلك، ومع اقتراح بعض مستشاريه والحكومة الإسرائيلية بأنهم لا يعتبرون الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عنصرا أساسيا للاستقرار الإقليمي، فقد يتجنب ترامب ربط التحرك بشأن حل الدولتين بأي جهود لتوسيع اتفاقيات إبراهام. ونظرا لإصرار السعوديين على مثل هذا الارتباط، من المرجح أن يقوض هذا النهج الجهود المبذولة لتعزيز اتفاق إقليمي جديد.

ـ وأخيرا، من المرجح أن يضغط ترامب على الحلفاء لغلق تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية ضد القادة والجنود الإسرائيليين.

ثانيا ـ إسرائيل

بالنسبة لإسرائيل، فقد تميزت سياسة ترامب المؤيدة لها بالاهتمام بالقضايا ذات الرمزية السياسية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أكثر من أي تحديث للعلاقة الاستراتيجية. ونظرا لأنه لن يستطيع الترشح لإعادة انتخابه، فلم يعد مدينا بالفضل للقاعدة الإنجيلية الموالية لإسرائيل في الحزب الجمهوري. ومع ذلك، فالشخصيات البارزة في إدارته تدعم التحالف مع إسرائيل. أما أعضاء إدارته ذوي الميول الانعزالية فشاغلهم الأكبر هو عدم انجرار الولايات المتحدة إلى حرب طويلة ومكلفة. وفي حرب كحرب غزة، كانت إدارة ترامب ستكتفي بتزويد إسرائيل بأكثر من 500 طائرة نقل مليئة بالمعدات العسكرية دون إشعال مثل هذه الحرب.

سيكون هناك تحد محتمل آخر على الجانب المالي للعلاقة الخاصة. فإسرائيل هي أكبر متلق للمساعدات الخارجية، وقد صرح ترامب أن إسرائيل يجب أن تحصل على هذه المساعدات في شكل قروض بدلا من المنح. وهذه المساعدات تشكل حوالي 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل و15٪ من ميزانيتها العسكرية. وفي عام 2024، منح بايدن إسرائيل أكثر من 14 مليار دولار كمساعدات إضافية لدعم المجهود الحربي. وعلى الرغم من أن المساعدات الخارجية لا تحظى بشعبية عامة بين الجمهوريين في الكونجرس؛ إلا أن إسرائيل هي استثناء بسبب الدعم القوي للإيفانجلييين الذين يشكلون حوالي ثلثي القاعدة الجمهورية. وفي المسائل المالية، يتمتع الكونغرس بنفوذ كبير، لذلك قد يقلل ترامب من المساعدات التي لا تستحق صراعا مع إسرائيل. ومع ذلك، حتى في هذه الحالة، يمكن أن يكون للتقاعس عن العمل عواقب وخيمة على إسرائيل لأنه عندما ينتهي الاتفاق الحالي للمساعدات المقرر منذ حكم أوباما ، قد لا تكون هناك إرادة سياسية للتوقيع على اتفاق جديد.

حديث ترامب عن فرض تعريفات جمركية "شاملة" على الواردات إلى الولايات المتحدة قد يؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي بشكل خطير. فالولايات المتحدة هي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، ولدى إسرائيل فائض تجاري كبير يبلغ حوالي 6 مليار دولارات. تمثل التجارة الدولية اثنين من الإسرائيليين مقارنة بحوالي ثلث الولايات المتحدة.

ثالثا ـ إيران

فيما يتعلق بإيران، من المتوقع أن يرفع ترامب حدة حطابه ضد إيران، ويعيد عقوبات اقتصادية كبيرة. وقد يدعم أيضا استخدام القوة ضد الشخصيات الإيرانية المتورطة في أنشطة إقليمية على غرار ما قام به قاسم سليماني وفيلق القدس. ومع ذلك، من المرجح أن تكون إدارة ترامب مترددة في العمل عسكريا ضد القدرات النووية الإيرانية، خوفا من تورط الولايات المتحدة في حرب جديدة في الشرق الأوسط. وحتى الدعم الذي يعبر عنه حاليا للأعمال العسكرية الإسرائيلية ضد طهران قد لا يستمر بالضرورة بعد الانتخابات. وهذا سيترك ترامب أمام خيارين للتعامل مع طهران: العقوبات، التي لها فعالية محدودة في وقف البرنامج النووي، والمفاوضات. وبالتالي، على الرغم من ازدراءه الصريح للنظام الإيراني، قد ينتهي الأمر بترامب إلى الموافقة على المفاوضات مع طهران، التي كان يدعمها سابقا. إن مزاج ترامب وعلاقته بالقيادة الإسرائيلية الحالية سيجعل من الصعب على القادة الإسرائيليين الاعتراض علنا على هذه المفاوضات كما فعلوا في محاولات منع سن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.

وعلى عكس عقيدة السياسة الخارجية لجورج بوش، فلن يهتم ترامب بتغيير النظام الإيراني الذي يعد السبب الجذري لـ"الحروب الأبدية" التي تعهد ترامب بتجنبها. وبالتالي، ستمتنع الولايات المتحدة عن نشر قوات برية.

أما بخصوص دعم أو عدم دعم الولايات التحدة لهجوم إسرائيلي على إيران، فقد أشار بعض المرشحين لمناصب في إدارة ترامب، مثل ماركو روبيو المرشح لوزارة الخارجية، إلى دعم الولايات المتحدة لهجوم إسرائيلي على الأسلحة النووية الإيرانية. وفي المقابل، قالت شخصيات أكثر انعزالية، مثل المرشح نائبا للرئيس جي دي فانس، إنها لن تدعم ذلك. وفي النهاية سيكون ترامب هو صانع القرار الرئيسي الذي يميل بطبيعة الحال إلى إعطاء الأولوية للصفقة الدبلوماسية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الشرق الأوسط دراسات العلاقات الشرق الأوسط امريكا علاقات دراسات كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسة الخارجیة الولایات المتحدة ولایته الثانیة الشرق الأوسط على الرغم من من المؤکد أن إدارة ترامب المرجح أن فی الشرق ترامب هو أکثر من ومع ذلک

إقرأ أيضاً:

تعرّف على القضايا الثلاث التي ستشغل ترامب بالفترة القادمة. . ما هي خطّته؟

نشرت صحيفة "معاريف" العبرية، مقالا، لخبير في كلية الإعلام بجامعة بار إيلان، إيتان جلبوع، جاء فيه إن: "ثلاث قضايا رئيسية ستشغل ترامب وإسرائيل في الأشهر القادمة، وهي: "اليوم التالي" في غزة، انضمام السعودية إلى اتفاقيات أبراهام، وصياغة استراتيجية لوقف القنبلة الإيرانية".

وأوضح المقال، أن: "اليمين في إسرائيل تهلّل عندما فاز دونالد ترامب في انتخابات 2024 للرئاسة الأمريكية. قالوا إن العلاقات معه ستكون أقرب وأفضل بكثير من تلك التي كانت في عهد إدارة جو بايدن".

وأردف: "ألمح رجال نتنياهو إلى أن ترامب قد يأمر بهجوم عسكري مُشترك من إسرائيل والولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية، أو على الأقل لن يعارض مثل بايدن الهجوم الإسرائيلي". 

"سموتريتش أعلن بالفعل أن عام 2025 سوف يكون سنة تطبيق السيادة بالضفة الغربية" أبرز التقرير مشيرا إلى أن: "تأثير ترامب على الاتفاق بشأن إطلاق سراح الأسرى ووقف الحرب في غزة، هو مؤشر على ما قد يأتي والذي قد يخذل من يتوقع حرية يد إسرائيلية بالمنطقة". 

وأوضح: "الاتفاق الحالي يشبه إلى حد كبير ما اقترحه نتنياهو لبايدن في مايو 2024. حينها تراجع بسبب تهديدات بن غفير وسموتريتش بتفكيك حكومته. في الاتفاق هناك تنازلات كان نتنياهو قد تعهد بعدم تقديمها".

واسترسل: "صحيح أن قاعدة الائتلاف توسّعت مع دخول غدعون ساعر للحكومة، وقضية النار الإيرانية تعرضت لهزائم، لكن الفرق الرئيسي بين مايو 2024 ويناير 2025 هو ترامب. منذ فوزه في الانتخابات، طالب نتنياهو بإنهاء المفاوضات بشأن إطلاق الأسرى ووقف الحرب في غزة قبل مراسم تنصيبه".


ومضى المقال بالقول: "اعتقد نتنياهو أنه من الأفضل تأجيل الاتفاق حتى بعد التنصيب، لكي يتمكن ترامب من أخذ الفضل. لم يفهم أن هناك قادة لهم أولويات أخرى. عندما اقترب تاريخ التنصيب ولم تحقق المفاوضات تقدمًا كافيًا، مارَس ترامب وأفراد فريقه ضغطًا على جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك نتنياهو، للوفاء بالموعد المحدد".

"ترامب يعرف نتنياهو، ويعلم أنه غير موثوق ولا يثق فيه. لذلك، أرسل إليه مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ليوضح له أنه كان يعني ما قاله، وأنه لن يقبل أي حيل لإفشال الاتفاق" بحسب المقال.

وأبرز: "فقط بعد هذه الزيارة، أرسل نتنياهو رئيس الموساد ورئيس الشاباك، ونتسان ألون، إلى الدوحة، لإغلاق الاتفاق. شرح لبن غفير وسموتريتش أنه لا مفر من قبول توجيهات ترامب للحصول على مواقف داعمة منه بخصوص قضايا أخرى مثل إيران والضفة الغربية".

وأضاف: "حتى هذه الأمل يجب أخذه بحذر. أراد نتنياهو واليمين في إسرائيل فوز ترامب لأنهم افترضوا أن العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل في فترة ولايته الثانية، ستكون مشابهة لتلك التي كانت في فترة ولايته الأولى. من غير المؤكد أن هذه الفرضية ستثبت صحتها".

إلى ذلك، أبرز كاتب المقال أنه: "في فترة ولاية ثانية، يصوغ الرؤساء أولويات مختلفة ويتصرفون بطريقة مختلفة لتحقيقها. علاوة على ذلك، في حالة ترامب، بدأت فترة ولايته الأولى في 2017 وانتهت قبل أربع سنوات. انتظر أربع سنوات أخرى حتى عاد إلى البيت الأبيض".

وأكد: "كان ترامب، أول رئيس في التاريخ مرّ بتجربة عزله مرتين في الكونغرس ودخل البيت الأبيض كمجرم مدان. إنه يبحث عن تصحيحات. أول تصحيح في الشؤون الداخلية قد تحقق بالفعل. فاز في الانتخابات وأصبح ثاني رئيس في التاريخ فشل في المحاولة الأولى للحصول على ولاية ثانية، وانتظر أربع سنوات، ثم عاد وفاز".

"أول من فعل هذه النقلة هو جروفر كليفلاند في عام 1893. ترامب يريد تصحيحًا أيضًا في الشؤون الخارجية -الفوز بجائزة نوبل للسلام-. كان يعتقد أن الجائزة كانت من نصيبه عندما نظم اتفاقيات إبراهيم" بحسب الخبير في كلية الإعلام بجامعة بار إيلان.


وأوضح: "منذ عدة أيام قال إنه لو كان اسمه أوباما، لكان قد حصل على الجائزة منذ زمن، في إشارة إلى أن أوباما حصل على الجائزة قبل أن يبدأ ولايته. يظهر ترامب كشخص يسعى للسلام. يريد إنهاء الحروب وعدم فتح حروب جديدة. يريد التركيز على الشؤون الداخلية وتنفيذ إصلاحات إدارية في الحكومة ومواضيع مثل الهجرة وأمن الحدود والتنظيمات والصناعة والضرائب والصحة والتعليم أو المناخ". 

في الشؤون الخارجية، وفق المقال، فإن ترامب مثل أسلافه أوباما وبايدن، يريد التركيز على الصراع مع الصين. هذه هي الأسباب الرئيسية التي تجعله يسعى لإنهاء الحروب في أوكرانيا وفي منطقتنا. لا يريد أن يعيق الشرق الأوسط خططه الأكثر أهمية سواء في الولايات المتحدة أو في العالم. 

وقال الخبير نفسه: "ترامب مهتم جدًا بإدخال السعودية في اتفاقيات إبراهام. أولاً، لأنها الطريقة للحصول على جائزة نوبل للسلام. ثانيًا، للأعمال، وثالثًا، لاستكمال المحور العربي السني ضد إيران. مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، تطلب السعودية بيانًا إسرائيليًا يتضمن أفقًا سياسيًا للفلسطينيين واتفاقيات أمنية واقتصادية مع واشنطن".

"من الواضح للجميع أنه لا يوجد أي احتمال أن توافق إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية في المستقبل المنظور، كما أن هناك حاجة لتغييرات كبيرة في سلوك السلطة الفلسطينية التي ستستغرق سنوات لتحقيقها. لكن أفق سياسي، والامتناع عن الضم والتوسع الكبير للمستوطنات في الضفة الغربية، هي مطالب قد يقبلها ترامب، إذا كانت هي الثمن الذي ستدفعه السعودية مقابل التطبيع" وفق المقال.

وأشار إلى أنه: "أثناء المفاوضات على اتفاقيات إبراهام، أصرّت الإمارات العربية المتحدة على تعهد من نتنياهو بالامتناع عن الضم، على الأقل لمدة عامين، وقد وافق. إيران تخشى أن يفرض ترامب عليها عقوبات أو يمنح الضوء الأخضر لإسرائيل لشن هجوم على منشآتها النووية".

وأضاف: "حكومة إيران تهتم ببقاءها لذلك أبدت استعدادًا للدخول في مفاوضات بشأن اتفاق نووي جديد مع إدارة ترامب. كان هذا موضوع الحوار بين سفير إيران لدى الأمم المتحدة وإيلون ماسك، الرجل الذي سيؤثر بشكل كبير على ترامب في ولايته الثانية".

 قال ترامب إنه: "قد يكون مهتمًا بمثل هذه المفاوضات. سيصدر تصريحات تهديدية ولن يستبعد الخيار العسكري كما فعل أسلافه، لكن مثل إنشاء المحور السني بمشاركة السعودية وإسرائيل، ستكون هذه الخطوات موجهة لتحقيق تنازلات كبيرة من إيران".


وأضاف: "هدف استراتيجي آخر لترامب هو تفكيك الروابط بين إيران وروسيا والصين، ويمكن لاتفاق نووي تحقيق ذلك أيضًا. ترامب يحمل محبة كبيرة لإسرائيل ومن المتوقع أن يساعدها في إزالة القيود على الأسلحة، وفي الصراع ضد الأمم المتحدة ووكالاتها ومحاكمها، وفي الحملة ضد المتظاهرين المناهضين لإسرائيل والمعادين للسامية في الجامعات الأمريكية".

وختم المقال بالقول: "سيتطلب منه الاستجابة لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك الترتيبات لاتفاقيات السلام. حكومة نتنياهو الحالية غير قادرة على التعاون مع ترامب في القضايا الإقليمية، وقد يجد نفسه مرة أخرى بين مطرقة بن غفير وسموتريتش وسندان ترامب".

واستطرد: "هذه الحسابات الائتلافية لا تهم ترامب، وسيضطر نتنياهو لمواجهتها، وإلا فإنه سيجد نفسه في مسار تصادمي مع ترامب، الذي وصفه بأنه أكبر صديق لإسرائيل في البيت الأبيض".

مقالات مشابهة

  • كندا تؤكد استعدادها للرد على أي رسوم جمركية أمريكية
  • تعرّف على القضايا الثلاث التي ستشغل ترامب بالفترة القادمة. . ما هي خطّته؟
  • الولايات المتحدة.. قرار قضائي مرتقب بحق "تيك توك"
  • جدل في الولايات المتحدة حول مصير تيك توك وبايدن يترك مصير التطبيق بيد ترامب
  • رئيسا روسيا وإيران يبحثان سوريا والشرق الأوسط الجمعة
  • إيطاليا ترحب بوقف إطلاق النار في غزة.. وتاياني يزور فلسطين وإسرائيل الاثنين المقبل
  • إسرائيل ترد على تهديدات أردوغان: الطرف العدواني في سوريا والشرق الأوسط هو تركيا!
  • هبة القدسي: التوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل تصدر المشهد في أمريكا
  • الولايات المتحدة تكشف عدد شاحنات المساعدات التي ستدخلها لغزة