حكومة التكنوقراط في لبنان.. حلّ أم مخاطرة؟
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": تدفع الأجواء المتشنّجة ما بين القوى السياسية على خلفية التمثيل السياسي لـ"حزب الله" في الحكومة العتيدة، في ظل شروط يفرضها على مشاركته ،رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف في اتجاه الخروج من مأزق التأليف وتسهيل مشاركة كل المكونات إلى حكومة من الاختصاصيين على قاعدة "الرجل المناسب في المكان المناسب"، ما يعيد طرح مفهوم حكومات التكنوقراط ومدى نجاح تجربتها في لبنان في ظل الاصطفافات السياسية القائمة، وما إن كانت مرحلة التغيير الجديدة التي فرضها انتخاب العماد جوزف عون رئيساً وتكليف القاضي نواف سلام ستحمل منحى تغييرياً أيضاً في منهج تشكيل الحكومات في لبنان وآلية عملها وجدواه على مستوى الإنتاجية في ملاقاة شؤون الدولة والناس.
وإن كان أكثر توصيف لعهد عون قد اعتبر أنه عهد شهابي جديد، فلا بد من الإشارة إلى أن أولى حكومات شهاب وقد ترأسها في حينها (عام 1960) أحمد الداعوق ترجمت هذا المفهوم من خلال تشكيل حكومة تكنوقراط مطعّمة بسياسيين، لكن لم يُكتب لها العمر لفترة طويلة بسبب حلّ المجلس النيابي، علماً بأن ثانية حكومات شهاب بعد نحو 4 أعوام كانت أيضاً من التكنوقراط، وقد سجلت الإنجازات والإصلاحات التي صبّت في رصيد العهد وعُرفت في ما بعد بالإصلاحات الشهابية. كذلك كان الوضع لاحقاً مع حكومات الرئيس الراحل شارل الحلو. أما الرئيس الراحل سليمان فرنجية فبالرغم من كونه شخصية سياسية كانت حكومتاه اللتان ترأسهما كل من الرئيسين الراحلين صائب سلام وأمين الحافظ، أيضاً حكومتي تكنوقراط. تبعها ايضاً 4 حكومات ذات طابع تقني في عهود كل من الرؤساء إلياس سركيس وأمين الجميّل وإميل لحود.
لكل حكومة تكنوقراط ظروفها وحيثياتها، قبل الطائف كما بعده. وأكثر الأسباب وضوحاً في هذا الشأن يكمن في سعي القوى السياسية إلى إبعاد الحكومات عن المنحى السياسي المفجر لها من الداخل، في ظل نظام طائفي تحاصصي، من دون أن يكون الهدف الحقيقي إصلاحياً، خصوصاً أن تلك الحكومات لم تكن تعمّر طويلاً ولأكثر من بضعة أشهر خلافاً لحال الحكومات المتعاقبة ما بعد الطائف ولا سيما مع دخول الرئيس الراحل رفيق الحريري المعترك السياسي.
يسجل قيام نحو 12 حكومة تكنوقراط منها ما كان مطعّماً بسياسيين ومنها ما كان من التقنيين البحت وتحت عناوين محددة كما كانت حال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الأولى في عهد الرئيس إميل لحود والتي تشكلت على أثر استقالة حكومة الرئيس عمر كرامي غداة اغتيال الرئيس الحريري وكانت مهمتها وعمرها محددين: إعداد قانون للانتخاب وإجراء الانتخابات النيابية.
من أكثر الحكومات تعرّضاً للانتقاد والمعارضة نظراً إلى أن تشكيلها وظروف قيامها كانت من الأشد صعوبة على اللبنانيين بسبب العناوين التي تناولتها، حكومة الرئيس حسان دياب التي جاءت على أثر انتفاضة السابع عشر من تشرين، وتضمّنت وجوهاً جديدة غير منغمسة في الحياة السياسية، لكن التحديات الاقتصادية والمالية الناجمة عن أزمة الودائع وانهيار العملة الوطنية قضت على فرص نجاحها بعدما جاء قرار التخلف عن سداد ديون لبنان السيادية وتعثر إقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة لرد الودائع وطمأنة المودعين لتقضي على فرص نجاحها.
وإن كانت الأنظار اليوم إلى الحكومة العتيدة للرئيس المكلف تنحو في اتجاه حكومة التكنوقراط نظراً إلى حجم التحديات الاقتصادية والمالية الكبيرة التي ستواجهها، فإن أي حكومة اليوم ما لم تحظ بالغطاء السياسي المحلي والدولي لن تكون قادرة على مواجهة هذه التحديات التي ستتطلب أيضاً صلاحيات استثنائية!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
فضيحة تسليح السعودية.. هل تواطأت حكومات إسبانيا مع المجازر في اليمن؟
نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية، تقريرًا، حول تسهيل حكومات الحزب الشعبي (PP) وحزب العمال الاشتراكي الإسباني (PSOE) بيع الأسلحة إلى السعودية، على الرغم من المجازر التي تحدث في اليمن؛ حيث وافقت اللجنة الوزارية التي تدرس طلبات تصدير الأسلحة ـالتي تضم بين أعضائها ممثلاً عن جهاز المخابرات الإسباني (CNI)ـ على العديد من الاتفاقات مع الرياض.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ: "الغارات الجوية على المدنيين والهجمات على المدارس ومقتل آلاف الأطفال لم توقف الحكومات الإسبانية السابقة عن الموافقة على إرسال الأسلحة للنظام السعودي، رغم الرعب الذي تسببت فيه الحملة العسكرية التي تقودها السعودية ضد اليمن منذ آذار/ مارس 2015".
وأفادت الصحيفة أنه: "بعد مرور عشر سنوات على بدء الحملة العسكرية التي قادتها السعودية وحلفاؤها من الإمارات في اليمن بهدف إعادة الرئيس المخلوع، عبد ربه منصور هادي، إلى السلطة، لا تزال السلطات الإسبانية متمسكة بالاتفاقيات المتعلقة بتصدير معدات الدفاع إلى الرياض، رغم استمرار المجازر في اليمن".
وأشارت الصحيفة إلى أنه: "منذ بدء الهجمات على اليمن، منحت اللجنة الوزارية المنظمة لتجارة المواد الدفاعية ذات الاستخدام العسكري أو المزدوج موافقتها على بيع أسلحة إلى السعودية، بقيمة إجمالية بلغت 1.858.5 مليون يورو".
وأضافت الصحيفة أنّ: "هذه الأرقام تمثل رقماً قياسياً في صادرات المواد العسكرية إلى السعودية، ما أسهم في انتعاش تجارة صناعة الأسلحة الإسبانية مع الرياض، بالتزامن مع تصاعد الهجمات ضد المدنيين في اليمن".
وفي السياق نفسه، نقلت الصحيفة عن المسؤول عن العمل الخاص باليمن في القسم الإسباني لمنظمة العفو الدولية، كارلوس دي لاس هيراس، قوله في تصريح لـ"بوبليكو": "قلقنا يتمثل في الاستخدام المحتمل لهذه الأسلحة والذخائر والمكونات في ارتكاب جرائم حرب في اليمن".
وذكرت الصحيفة أنّ: "هذه المنظمة الحقوقية، إلى جانب مركز ديلاس لدراسات السلام، وغرينبيس، وإنترمون أوكسفام، وغيرها من المجموعات، دعت مراراً إلى وقف تصدير الأسلحة إلى السعودية، في ظل المخاوف من استخدامها في هجمات تستهدف المدنيين اليمنيين".
حجج الحكومة
أفادت الصحيفة بأنّ: "هذه الاتفاقات ـالتي سهلتها اللجنة الوزارية المنظمة لتجارة المواد الدفاعية ذات الاستخدام العسكري أو المزدوج والتي يشارك في عضويتها ممثل عن جهاز المخابرات الإسباني، تتعارض مع معاهدة تجارة الأسلحة التي وقّعتها إسبانيا، والتي تحظر صراحةً بيع الأسلحة إلى الدول المتورطة في جرائم حرب محتملة".
وأضافت الصحيفة أنه: "في عدة إجابات مكتوبة قُدّمت إلى البرلمان، برّرت الحكومة الإسبانية تصدير الأسلحة إلى السعودية، بالقول إن: الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، التي تشكل جزءاً من التحالف ضد المتمردين في اليمن، ليست خاضعة لأي حظر من قبل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي على تصدير الأسلحة أو المعدات الشرطية ومكافحة الشغب".
وأشارت الصحيفة إلى أنّ: "الحكومة زعمت وجود ضوابط على المواد المباعة للجيش السعودي، لكنها رفضت منح الأحزاب السياسية التي أعربت عن قلقها في البرلمان -مثل الائتلاف اليساري الانفصالي "إي إتش بيلدو"، وحزب اليسار الجمهوري الكتالوني، وبوديموس، و"كومبروميس" اليساري، وحزب اليسار المتحد- حق الوصول إلى الوثائق الخاصة باللجنة الوزارية".
وذكرت الصحيفة بأنّ: "وزارة التجارة دافعت مراراً عن سرية الاتفاقات المتعلقة ببيع الأسلحة، مؤكدةً أن الكشف عن هذه البيانات قد يعرّض الاتفاقات بين الشركات الإسبانية الخاصة والنظام السعودي للخطر، وهو ما حرصت حكومات الحزب الشعبي وحزب العمال الاشتراكي الإسباني على تجنبه بأي ثمن".
السرية بموجب مرسوم
أوضحت الصحيفة أنّ: "النظام السعودي يتمتع في إسبانيا بضمان مزدوج. فمن جهة، تُصنّف محاضر اللجنة الوزارية التي تُجيز هذا النوع من الصادرات ضمن "المواد المحفوظة"، وذلك بموجب مرسوم أقرته حكومة فيليبي غونزاليس في آذار/ مارس 1987، بعد وقت قصير من السماح بإرسال الأسلحة إلى نظام أوغوستو بينوشيه في تشيلي.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنّ: "إسبانيا والسعودية لا تزالان ملتزمتين باتفاقية موقعة بين البلدين عام 2016، تنص على "الحماية المتبادلة للمعلومات السرية في مجال الدفاع". وأوضحت أن هذه الاتفاقية، التي دفعت بها حكومة ماريانو راخوي، حافظت عليها الحكومة الاشتراكية دون أي تعديلات.