قالت دار الإفتاء المصرية إن المختار للفتوى أن الأضحية سنة مؤكدة، والاستطاعة والقدرة شرط في التكليف على العموم، وشرط في الأضحية خصوصًا؛ بحيث إنه لا يطلب من المكلف تحصيلها ما دام ليس قادرًا عليها.

ويجوز للمكلف أن يستدين ليشتري الأضحية ما دام قد علم من نفسه القدرة على الوفاء بالدَّيْن، وأما إن علم من نفسه العجز عن الوفاء به لم يجز له فعل ذلك، وعلى كلِّ حالٍ فإن الأضحية تقع صحيحة مجزئة إذا تمت من مال الدَّيْن.

الاستطاعة من شروط التكليف لإتمام الأضحية

واوضحت الإفتاء أن الاستطاعة من شروط التكليف، ويدل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع؛ الكتاب: قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال سبحانه: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: 7]، وعدم تكليف الله سبحانه وتعالى أحدًا من عباده فوق طاقته من كمال لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم.

ومن السنة المطهرة: ما أخرجه الشيخان -واللفظ للبخاري- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (9/ 102، ط. دار إحياء التراث العربي): [هذا من قواعد الإسلام المهمة ومن جوامع الكلم التي أُعْطِيها صلى الله عليه وآله وسلم، ويدخل فيها ما لا يُحصى من الأحكام؛ كالصلاة بأنواعها، فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غَسَل الممكن، وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فَعَل المُمكن، وإذا وجبت إزالة منكرات أو فطرةِ جماعةِ مَن تلزمه نفقتهم أو نحو ذلك وأمكنه البعض فعل الممكن، وإذا وجد ما يستر بعض عورته أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن، وأشباه هذا غير منحصرة، وهي مشهورة في كتب الفقه، والمقصود التنبيه على أصل ذلك] اهـ.

وكون القدرة مناط التكليف هو ما نص عليه علماء أهل السنة؛ جاء في "مسلم الثبوت" للبهاري وشرحه "فواتح الرحموت" للِّكنوي (1/ 135، ط. الأميرية): [(القدرة شرط التكليف اتفاقًا) بين أهل السنة القامعين للبدعة، وأكثر أهل الأهواء أيضًا يوافقنا] اهـ.

مشروعية الأضحية

وأما الأضحية فمشروعة بالاتفاق، والأصل في مشروعيتها: قوله تعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]؛ قال الإمام البيضاوي في "تفسيره" (5/ 342، ط. دار إحياء التراث العربي): [قد فسرت الصلاة بصلاة العيد، والنحر بالتضحية] اهـ.

وما رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه أنه قال: "ضحى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسَمَّى، وكَبَّر، ووضع رِجْلَه على صِفاحهما".

وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (9/ 345، ط. دار إحياء التراث العربي): [وأجمع المسلمون على مشروعية الأضحية] اهـ.

حكم الأضحية

واختلف العلماء في حكم الأضحية؛ فذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنها سنة مؤكدة، وذهب الحنفية إلى وجوبها. انظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (8/ 197، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"بلغة السالك" للشيخ الدردير (2/ 137، ط. دار المعارف)، و"شرح المحلي على المنهاج بحاشيتي قليوبي وعميرة" (4/ 250، ط. دار إحياء الكتب العربية)، "كشاف القناع" للبهوتي (3/ 21، ط. دار الكتب العلمية).

آراء المذاهب الفقهية في ضابط القدرة والاستطاعة والاقتراض للأضحية

، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من وجد سعة فليضح»؛ شرط -عليه الصلاة والسلام- السعة؛ وهي الغنى، ولأنا أوجبناها بمطلق المال، ومن الجائز أن يستغرق الواجب جميع ماله، فيؤدي إلى الحرج، فلا بد من اعتبار الغنى؛ وهو أن يكون في ملكه مائتا درهم أو عشرون دينارًا أو شيء تبلغ قيمته ذلك، سوى مسكنه وما يتأثث به وكسوته وخادمه وفرسه وسلاحه وما لا يستغني عنه وهو نصاب صدقة الفطر] اهـ.

وعبر عنه المالكية بكون الأضحية لا تجحف بحال المضحي؛ فقال الشيخ الخرشي في "شرح مختصر خليل" (3/ 33، ط. دار الفكر): [الضحية يشترط فيها أن لا تجحف بمال المضحي، فإن أجحفت بماله من غير تحديد فإنه لا يخاطب بها، والذي يفيده كلام بعضٍ أن المراد بالجحف: ما يخشى بصرفه في الضحية الحاجة إليه في أي زمن من عامِهِ] اهـ.

وأما الشافعية فعبروا بمطلق القدرة، ولكن ضبطوها بأن تكون الأضحية زائدة عن حاجته وحاجة مَن يعول؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 534، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وإنما تسن لمسلم قادر حر كله أو بعضه، (ويحافظ عليها القادر)، أما غيره: فلا تسن له] اهـ.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أحكام الأضحية الأضحية حكم الأضحية سنة الأضحية صلى الله علیه وآله وسلم دار إحیاء

إقرأ أيضاً:

كيف توزع لحم الأضحية؟.. دليلك الشرعي الكامل لتقسيم الأضحية في عيد الأضحى 2025

كيف توزع لحم الأضحية؟.. دليلك الشرعي الكامل لتقسيم الأضحية في عيد الأضحى 2025.. مع قدوم عيد الأضحى 2025، يتساءل الكثير من المسلمين عن الطريقة الصحيحة لتوزيع لحم الأضحية وفقًا لما جاءت به الشريعة الإسلامية، خصوصًا مع اختلاف ظروف الناس واحتياجات الأسر. ويُعد توزيع الأضحية بشكل صحيح أحد أهم أركان أداء هذه الشعيرة المباركة.

الطريقة الشرعية لتوزيع لحم الأضحية

اتفق العلماء على أن توزيع لحم الأضحية له ثلاثة أقسام رئيسية وفقًا لما ورد في السنة النبوية:

ثلث للمضحي وأهله: يأكل منه ويدخر إن شاء.ثلث يُهدى للأقارب والجيران: سواء كانوا أغنياء أو فقراء.ثلث يُتصدق به على الفقراء والمحتاجين: ويُفضل تقديمه للمساكين الذين لا يجدون قوت يومهم.

هذا التقسيم ليس واجبًا صارمًا، بل يُستحب الالتزام به لتحقيق الحكمة من شعيرة الأضحية وهي التكافل الاجتماعي، ونشر المحبة والمودة بين الناس.

هل يجوز إعطاء الأضحية كاملة للفقراء؟ قبل عيد الأضحى دليلك الكامل لشراء الأضحية 2025.. الأسعار، الشروط، والنصائح الشرعية قبل عيد الأضحى 2025.. دار الإفتاء توضح حكم حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل عيد الأضحى.. تعرف على شروط الأضحية وأسعارها في الأسواق المصرية

أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه لا مانع شرعًا من التصدق بكامل الأضحية، خاصة في حال كانت نية المضحي طلب الأجر والثواب فقط، دون الحاجة إلى تناول اللحم. لكن الأَولى أن يأكل منها ولو قليلًا، اقتداءً برسول الله ﷺ.

أمور يجب تجنبها في توزيع لحم الأضحيةلا يجوز بيع أي جزء من الأضحية (اللحم، الجلد، أو الرأس).لا يُعطى الجزار أجرته من الأضحية، بل تُدفع له نقدًا.يُفضل أن يتم التوزيع في أيام التشريق (من 10 إلى 13 ذي الحجة).نصائح لتوزيع الأضحية بذكاء وإنسانيةاستعد بكشف بأسماء الأسر المحتاجة.وزّع اللحم بطريقة تحفظ كرامة الفقراء.استخدم وسائل الحفظ الجيدة لضمان سلامة اللحوم عند التوزيع.

بالنسبة لشروط الأضحية في الإسلام، فهي محددة وواضحة وفقًا لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية. إليك شروط الأضحية التي يجب توافرها لتكون صحيحة ومقبولة شرعًا:

أولًا: شروط المضحي

الإسلام: يجب أن يكون المضحي مسلمًا.

البلوغ والعقل: الأفضل أن يكون بالغًا عاقلًا، وإن ضحى الصغير جاز إن كان له مال.

القدرة المالية: يجب أن يمتلك المضحي مالًا زائدًا عن حاجته وحاجة من يعول في أيام العيد.

النية: يجب أن تُنوى الأضحية ابتغاء وجه الله لا رياء ولا سمعة.

ثانيًا: شروط الأضحية نفسها

من بهيمة الأنعام: يجب أن تكون الأضحية من:

الإبلالبقرالغنم (الضأن والماعز)

السن الشرعي للأضحية:

الإبل: 5 سنواتالبقر: سنتانالماعز: سنةالضأن: 6 أشهر بشرط أن يكون حجمه كبيرًا

خلوها من العيوب: لا تصح الأضحية إن كانت:

عوراء بين عورهاعرجاء بيّن عرجهامريضة بيّن مرضهاهزيلة لا مخ فيهاثالثًا: شروط الذبح

الذبح في الوقت المحدد:

يبدأ بعد صلاة عيد الأضحى مباشرةً.يستمر حتى غروب شمس اليوم الرابع من العيد (13 ذو الحجة).التسمية عند الذبح: يجب قول "بسم الله، والله أكبر".الذبح بالآلة الحادة: ويجب أن يكون الذبح شرعيًا، لا صعقًا أو خنقًا أو طعنًا غير مشروع.

عدم كسر رقبتها قبل خروج الروح: بل تُترك حتى تُزهق روحها كاملة.

مقالات مشابهة

  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • السيد القائد يؤكد الوقوف إلى جانب حزب الله في أي تصعيد عدواني شامل يقدم عليه العدو الإسرائيلي
  • من أنوار الصلاة والسلام على سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم
  • دعاء لمن تعسر عليه الرزق .. احرص عليه يرزقك الله من حيث لا تحتسب
  • كيف توزع لحم الأضحية؟.. دليلك الشرعي الكامل لتقسيم الأضحية في عيد الأضحى 2025
  • دعاء تسهيل الأمور الصعبة وقضاء الحاجة.. احرص عليه في جوف الليل
  • واعظة بالأوقاف: هبة الأموال للإبنة جائزة بشرط النية الحسنة وعدم حرمان الورثة
  • سبب استحباب أداء العُمرة في شهر ذي القعدة .. تعرّف عليه
  • 4 مواسم.. الأهلي يضع الرتوش الأخيرة لإتمام تعاقده مع محمد علي بن رمضان
  • تسجيل صوتي مسيء لمقام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يُفجّر اشتباكات مسلحة بـ”جرمانا” السورية