المسرح العماني.. تطور وتحديات الحداثة وما بعدها
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استعرضت الكاتبة المسرحية جمانة الطراونة فى كتابها «تمثلات الحداثة وما بعدها في المسرح العماني» تطور المدارس المسرحية من الكلاسيكية إلى ما بعد الحداثة، ثم تحدثت عن فلسفة ما بعد الحداثة التى وجدت المناخ المناسب لها من خلال أعمال رولان بارت، وفوكو، وجيل دولوز، وجاك دريدا وجاك لكان، وأصبح هذا التلاقي هو البداية الحقيقية لما عرف بحركة ما بعد الحداثة الفلسفية.
انطلق المسرح في عمان من النشاطات المدرسية التى كانت تقام فى المدارس السعيدية على شكل اسكتشات مسرحية قصيرة، وهذا ما أكده كثير من المدرسين فى المقابلات التى أجراها معهم الدكتور محمد بن سيف الحبسى، حيث لم يتوفر لديه ما يوثق أى نشاط مسرحى خارج إطار المدرسة قبل عام 1970 وإن وجد، وكان موضوع هذه المسرحيات مستوحى من الموروث الشعبي، والقصص التاريخية، وقصص المعارك، والغزوات، والشخصيات الإسلامية وبعد ظهور المسرح المدرسى نشطت الحركة المسرحية فى الأندية، حيث انتقل الطلاب الذى كانوا يشاركون فى المسرحيات المدرسية للمشاركة فى الأندية مثل نادى عمان، والنادى الأهلي، ولم تثبت المشاركة النسائية فى تلك المرحلة إلا بعد عام 1970، إذ أن الأدوار النسائية كان يقوم بها الممثلون من الرجال.
تأسيس مسرح الشبابويمثل عام 1974 المرحلة الأولى لتأسيس فرقة «مسرح الشباب» وقد ظهرت هذه الفرقة فى فترة الازدهار المسرحى «للنادي الأهلى» و«نادى عمان» وضمت الفرقة فى بداية تأسيسها مجموعة من الهواة، وقد كان العنصر النسائى حاضرا فيها، وبدأت بتقديم عروضها على شكل مسرحيات قصيرة يتم تقديمها كل ثلاثة أشهر.
وكان أول عمل مسرحي تقدمه فرقة «مسرح الشباب» هو «تاجر البندقية» للكاتب المسرحى الإنجليزي وليم شكسبير، وهذا بحد ذاته يشكل أكبر تحدى بسبب التباين الثقافي بين بيئة العمل المسرحي والتذوق الفنى لأفراد المجتمع آنذاك.
أما فى التجربة الثانية للفرقة، فقد جرى الاستعانة بالمسرح العربي ووقع الاختيار على مسرحية «عيلة الدوغرى» للكاتب المسرحى المصرى نعمان عاشور، لأنها تطرح قضايا قريبة إلى حد ما من قضايا المجتمع العمانى، وبعد ذلك تم استقدام المؤلف المصري منصور مكاوى، ليعيش فى سلطنة عمان ويدرس عادات، وتقاليد، وتراث المجتمع العماني، ليكتب فيما بعد أعمالا مسرحية مستلهمة من الواقع، فكتب فى عام 1982 مسرحية «الوطن» التى تعد أول ملحمة وطنية تتحدث عن كفاح الشعب العمانى ضد الاستعمار البرتغالى، تبعها مسرحية «الطير المهاجر» عام 1983.
نضج الحركة المسرحيةوفى عام 1987 كانت أول مشاركة خارجية رسمية لمسرح الشباب فى المسابقة المسرحية الثانية لشباب دول الخليج العربى، التى عقدت فى الشارقة بمسرحية «السفينة ما تزال واقفة» للدكتور عبدالكريم جواد، وهى مسرحية غنائية تعتمد على الرمز، والأسطورة فى تقديم رؤية سياسية ناقدة، وبعد أن نضجت التجربة والخبرة المسرحية، توجه أعضاء مسارح الشباب إلى تأسيس الفرق المسرحية الأهلية، تحت إشراف وزارة التراث والثقافة، فكانت فرقة «الصحوة» هى أول فرقة مسرحية أهلية تشهر رسميا فى سلطنة عمان عام 1987، وقد خصصت الكاتبة المساحة الأكبر من الكتاب لتطبيقات على أربعة نصوص وعروض عمانية هى: «كأسك يا سقراط» للشاعر عبدالرزاق الربيعى، و«ساعة رملية للغضب والظلام والحب» للكاتب بدر الحمداني، و«الحلم» للدكتورة آمنة الربيع، و«سدرة الشيخ» للكاتب عماد الشنفرى.
تجليات الحداثة فى النصوص المسرحيةوتتضح تجليات الحداثة فى نص «كأسك يا سقراط» فى استعمال اللفظ وتوظيف الموقف وإدارة الأحداث فى غير مكانها المألوف والمعتاد عليه لتحقيق التغريب بجعل المتعارف عليه والمتفق على ماهيته غريبا، ليمنح الملتقى فرصة التفكير والتأمل فى أحداث المسرحية، واتخاذ القرار بالتغيير، وقد ركزت الكاتبة على رفض معايشة الممثل واندماجه فى المشهد عن طريق التقطعات السياقية والزمنية والمكانية والحركية والصوتية والضوئية التى تحدثت عنها سابقا، حتى لا تنتقل العدوى للمتلقي ويبقى يقظا محتفظا بعقله يراقب يفكر، ويحلل، ويصدر حكمه الذي سيسهم حتما بالتغيير فيما بعد.
وتنتمى مسرحية «ساعة رملية من الغضب والظلام والحب» بكل تمثلاتها لمسرح العبث الذي ظهر في ثلاثينات القرن العشرين، حيث تدور فى فلك اللامعقول دون الاكتراث بعامل الزمن، فكان الحوار غامضًا ومبهمًا يفتقد الموضوعية، أما شخوص المسرحية «الرجل والمرأة» فكانا يتحدثان بعبارات غير مترابطة او متجانسة، إذ ضربت الكاتبة الأسس التى قام عليها المسرح الكلاسيكي بعرض الحائط، كان غياب الفكرة فى النص هو الفكرة بحد ذاتها، أما المساحة التى تحركت بها الكاتبة داخل النص، فقد كانت بلا حدود وبسقف حرية مطلق، لتحقيق الدهشة التي تولد الصدمة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جمانة الطراونة المسرح العماني فرقة مسرح الشباب تاجر البندقية شكسبير سلطنة عمان النصوص المسرحية ما بعد
إقرأ أيضاً:
دوافع التهدئة بين إسرائيل وحماس: محطات وتحديات (الرابحون والخاسرون)
بعد أكثر من 15 شهرًا أسفل آلة القتل الإسرائيلية، آن للشعب الفلسطيني أن يتنفس الصعداء، ويفشلون أكبر المخططات التي حيكت في الظلام الدامس لتهجريهم من بيتوهم لانقضاض إسرائيل عليها، بمساندة باتت واضحة لكل لبيب من المعسكر الغربي" الولايات المتحدة الأمريكية، بالعتاد والسلاح، والإغداق بالأموال على قادة الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ المخطط، والحقيقة الدامغة أنهم لا يعلمون أن العشعب الفلسطيني ليس لقمةً سائغةً يلوكها أصحاب المصالح ويتقاسم أراضيهم أصحاب الهوى، ليعطون من لا يستحق ما لا يملكون.
المملكة السعودية تُعرب عن ترحيبها باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة أردوغان يرحب بإعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزةولعل هناك العديد من النقاط التي يجب تسليط الضوء عليها لتحليل اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل يمكن حصرها في التالي:
أولًا: 7 أكتوبر 2023 وإجهاض المخططات
ثانيًا: تحديات بين الأطراف الداخلية(الفصائل)
ثالثًا: دور مصر المحوري في إحلال السلام(فلسطين في القلب)
رابعًا: الرابحون والخاسرون من الحرب في غزة
خامسًا: تداعيات اتفاق الهدنة على إسرائيل
• 7 أكتوبر 2023 وإجهاض المخططات
جليًا علينا ردود الفعل المتباينة التي خرجت منذ شن حماس الهجوم على جيش الكيان الصهيوني، تلك الفقاعة التي روج لها أنها لا تقهر ومن أقوى الجيوش، وهو ما يناقض الواقع حيث فشلت الاستخبارات في توقع الهجوم المباغت الذى شنته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 والذي أذهل العالم أجمع، ولعل ذلك يكشف جملة من الاعتبارات منها: أن الجيش الإسرائيلي هش وضعيف ولولا جبهات الإسناد من المحور الغربي لسقط مغشيًا عليه عقب أسبوع من الهجوم.
كما أن من أسباب تفوق حماس على الجيش الإسرائيلي تمرس جنود المقاومة في قتال الشوارع، مقارنة بالجيوش النظامية التي لا تجيد القتال وسط البنايات والمنازل المهدومة، ورأينا كيف يخرج المقاتل الفلسطيني في عشرات المقاطع وهو يقصف دبابة ميركافا ويقصف تجمعات الجيش الإسرائيلي في العديد من المحاور المختلفة في غزة.
أيضًا إسرائيل تيقنت عقب الخسائر من الحرب أن مخطط التهجير القسري فشل فشلًا ذريعًا، عقب صمود الشعب الفلسطيني، والذي ضرب أروع الأمثلة في الدفاع عن الأرض، لذا تسبب ذلك في إجهاض المخططات ودفع من نسجوا خيوطها إلى التراجع للوراء وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، وتيقن جميع صناع القرار أن فكرة القضاء على حماس التي روج لها نتيناهو رئيس الوزراء الإسرائيلي مستحيلة، ولا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، وانها حرب عبثية لا طائل منها، وأصبح الاتقاق على الهدنة هو الحل الوحيد لإحلال السلام، والمرهون بالتهدئة.
• تحديات بين الأطراف الداخلية (الفصائل)
وعقب الوصول لاتفاق بين إسرائيل وحماس، يجب أن ينظر الجميع في الداخل الفلسطيني إلى مصلحة البلاد، وتنحية جميع الخلافات جانبًا لإعادة بناء الدولة الفلسطينية، خاصة أن ذلك يبعد فكرة تعميق الانقسام بين الفصائل المختلفة، ويجهض المخططات التي تدعم شيطنة الأرضية المشتركة، وتضعف جبهات القتال مع الجيش الإسرائيلي، وهو ما يفتح الباب إلى عدم تحقيق أي تطلعات للشعب الفلسطيني الجريح والذي يعانى من ويلات الحرب، ودفع فاتورة من دماء أبنائه.
لذا يجب عدم إقصاء أي طرف شارك في مجابهة العدوان الإسرائيلي الهمجي على الفلسطينين، ما يعني دعم التوافق الوطني في البلاد، ولعل المشاركين في إتمام اتفاق التهدئة يدعمون ذلك المسار، لعدم وجود خلافات تظل عالقة بين أحلام الشعب االفلسطيني، وبين الاستقرار والتفرغ لبناء الدولة، وجميع التجارب تثبت أن الإقصاء معول من معاول الهدم، ويعطي الفرصة للأطراف المعادية إلى الدخول على الخط وإحداث فتنة وقلاقل بالبلاد.
• دور مصر المحوري في إحلال السلام ( فلسطين في القلب)
منذ نكبة 1984 حتى اتمام اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل برعاية مصرية - قطرية - أمريكية، والدولة المصرية تثبت يومًا بعد يومًا أن القضية الفلسطينية، هي المركزية وتدافع عن حقوق الفلسطينيين سياسيًا ودبلوماسيًا وإنسانيًا، وظهر ذلك جليًا في تكثيف التشاور مع الرئيس عبد الفتاح السيسي من جميع قادة العالم للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، ويأتي ذلك اعترافًا بدور المصري المحوري في إحلال السلام في الشرق الأوسط، وهي المسئولية التاريخية لذا إطلاق الشقيقة الكبرى على القاهرة، ليس من فراغ.
وتاريخيًا فقد تخضبت الأراضى الفلسطينية بالدماء المصرية، فقد شاركت القاهرة في حرب فلسطين عام 1948، ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى وكان الجيش المصري فى مقدمة الجيوش العربية التى دافعت عن الأرض والشعب الفلسطيني.
• الرابحون والخاسرون من الحرب في غزة
عقب 466 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي بدأت بعد عملية 7 أكتوبر 2023، وتوجت بالوصول إلى الاتفاق بين الطراف لإنهاء الصراع الدائر، بالطبع هناك خسائر للمعركة، فوفقًا لوزارة المالية الإسرائيلية، تكبدت تل أبيب ما يصل إلى 125 مليار شيكل "نحو 34.09 مليار دولار" منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، كما سجلت إسرائيل عجزًا في الميزانية قدره 19.2 مليار شيكل "نحو 5.2 مليار دولار" في ديسمبر.
وعن الخسائر للجانب الفلسطيني، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية في آخر إحصائية عن ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 46,707،أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان، وأن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 110,265 جريحا، في حين لا يزال آلاف من الضحايا تحت الأنقاض.
• تداعيات اتفاق الهدنة على إسرائيل
من الواضح أن هناك تخبطًا واضحًا بشأن اتمام صفقة الهدنة وتبادل الأسرى مع حماس، خاصة أن هناك انقسامًا حادًا بين مؤيدًا للصفقة ورافض لها، ما يعني دعم استمرار الحرب، في ظل تزايد الضغط الشعبي على الحكومة لإنجاز صفقة التبادل، بينما وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير هو أول من دعا علنا إلى وقف الصفقة واصفًا بأنها " استسلام لحماس"، داعيًا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للتعاون لإبلاغ نتنياهو بأن تمرير هذه الصفقة يعني انسحابهم من الحكومة، بينما أعربت المعارضة بقيادة يائير لبيد عن دعمها للاتفاق وإتمام الصفقة لتبادل الأسرى، والسؤال الآن هل تشتمر الهدنة ام يرضخ نتنياهو مرة أخرى لليمين المتطرف ويعود لشن الهجوم وتعود الحرب؟، ذلك السؤال مرهون بالضغوط الخارجية على الأطراف المعارضة للهدنة وإحلال السلام بالشرق الأوسط.
•الخلاصة
- يمكن القول أن اتمام صفقة التبادل يعكس مدى تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للضغوط الخارجية، للقبوص بالصفقة، لاستشعار المعسكر الغربي الداعم لإسرائيل أن الحرب لن تحقق أهدافها، والتي لا طلما روج لها عبر الإعلام الإسرائلي، والتي من بينها القضاء على حماس وتسليم أسلحتها شريطة توقف الحرب، وما حدث هو عدم الاستسلام، نحن الآن أمام اتفاق بأطراف مختلفة يرمي إلى الهدوء وتوقف القتال في غزة.
- اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل مرهون بمدى الضغوط من الدول الراعية لتوقف القتال، والعمل بشكل متواصل لإنجاح الصفقة وعدم وجود عراقيل قد تعيق إتمام الاتفاق، والمرجح أن تمر الصفقة ولكن هناك أطراف خاسرة من ذلك، وعلى رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي من جانب اليمين المتطرف، وتبخر الوعود بمحو حماس، وهو ما يضع الحكومة على المحك، ويفتح الباب أمام المحاكمة لـ"نتنياهو" على الإخفاق الواضح في الحرب.