كان الوثائقي في التلفزيون الألماني (DW) يستضيف عدداً من المهاجرين والمهاجرات في ألمانيا، وكيف يرون أنفسهم في بيئة شبه قابلة لهم ورافضة لهم في آن واحد، فهي تقبلهم ورقياً، وترفضهم ذهنياً، مما يحول الإنسان إلى كائن ورقي، أي أن أمانه الوحيد هي ورقة في جيبه تثبت أن له هويةً رسميةً تجعله إما لاجئاً رسمياً، أو مواطناً بالتجنيس، وبعدها تأتي مشكلة اللغة التي هي شرط لأن يكون واحداً من الناس في ذلك الموقع الجغرافي المحدد، وإن حل مشكلة اللسان، فإنه لن يحل مشكلة سحنة الوجه ولون العينين، وسيظل حبيساً لمعنى معلنٍ على وجهه يقول إنه ليس ألمانياً، حسب شرط اللون، ولن تفيده اللغة هنا، لأن لون وجهه يسبق نطق لسانه، وما بين الوجه واللسان تقف هويته ويقف معنى وجوده، ومن ثم معناه كإنسان لأنه سيكتشف دوماً أن علاقته مع المكان غير مستقرة مما يفضي لغربة الروح، ويجعل مستقبله يخضع لتقلبات السياسة والحزب الذي يسيطر على البرلمان، وهل سيكون حزباً يسارياً لا يحارب المهاجرين، أم يمينياً يتربص بهم، ويحاول حجرهم في زاوية التذكير المتصل بأنهم ليسوا من أهل هذه الأرض.


 تحت هذا الحس اللكيع وجد شاب أفغاني الأصل هويته ليس في ألمانيا التي منحته هويتها رسمياً، ولكنه وجدها في سويسرا وعبر نادل في مطعم غضب من هذا الشاب فشتمه بقوله (أيها الألماني اللعين)، هنا تذكر أنه ابن مهاجر أفغاني تحصل أبوه على الجنسية الألمانية وولد الابن ألمانياً، وكانت تمر عليه في وطنه ألمانيا كلمات تنفي كونه مواطناً ألمانياً، لكنه وجد في شتيمة النادل السويسري معنى يمنحه هويةً، وهنا التفت الفتى لذلك النادل ليشكره ويبدي له الامتنان، لأنه وصفه بالألماني، ولا بأس لديه أن يكون لعيناً أو نذلاً، أو أي صفة مشينة بما أنه رأى نفسه ألمانياً في عيون غيره. وهذه حسب روايته أهم قصص حياته التي يود أن يورثها لأبنائه، وهي تلك الشتيمة التي منحته هويته وجعلته يشعر بالغيرة على وطنه، وإن قبل أن يكون لعيناً لغرض نفسي ومعنوي يخصه، لكنه قرر أن يجعل السفر خارج ألمانيا يشبه سفرات العلاج، وكلما احتاج لعلاج عن مشكلة الهوية فليس له ألا أن يسافر ليتلقى شتيمة تجعله ألمانياً. هكذا كان وجه ابن المهاجر الأفغاني الذي هو الكميرة التي صنعت تلك المعاني لتعبر عما في داخل رجل مكلوم بمعناه الوجودي، وعلاقته مع المكان.
 * كاتب ومفكر سعودي- أستاذ النقد والنظرية/ جامعة 
الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة الرئيس الألماني يزور ماجدبورج بعد هجوم سوق عيد الميلاد الإمارات وألمانيا تبحثان التعاون في مجال الطاقة والمناخ

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المهاجرين ألمانيا عبدالله الغذامي

إقرأ أيضاً:

ضبط صانعة محتوى شهيرة بتهمة نشر الفسق والتحريض على مواقع التواصل

تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط "صانعة محتوى" على مواقع التواصل الإجتماعى (مقيمة دائرة قسم شرطة ثانى أكتوبر بالجيزة) بناءً على قرار من النيابة العامة لقيامهما بنشر مقاطع فيديو منافية للآداب العامة والتحريض على الفسق وضبط بحوزتها (٣ هواتف محمولة "بفحصها فنيًا تبين إحتوائها على المقاطع المشار إليها).


 تم اتخاذ الإجراءات القانونية.

مقالات مشابهة

  • د. عبدالله الغذامي يكتب: متعة الشعر وشقاء الناقد
  • عبدالله الغذامي.. رؤية حول مفهوم المنهج في النقد
  • ضبط صانعة محتوى شهيرة بتهمة نشر الفسق والتحريض على مواقع التواصل
  • د.حماد عبدالله يكتب: الوادى الجديد "والحرمان" !!{3}
  • الشهري: 7 مخاطر صحية للنيكوتين يجب الانتباه لها.. فيديو
  • صراع الكواليس يشتد: رئيس حكومة جديد خلال ساعات ومصادر تكشف هويته
  • مشكلة السودان هي الكوزوفوبيا .. هي أجندة الجنجويد وأسيادهم
  • والدة ياسين: لم أتواصل مع مديرة المدرسة المفصولة واتخذت الإجراءات القانونية فورًا
  • برج العذراء.. حظك اليوم الخميس 1 مايو 2025.. مشكلة مالية
  • د.حماد عبدالله يكتب: " نصف مصر " الذى لا يعرفه المصريون !!{2}