ما إن دخلت المجاميع المسلحة دمشق صباح 8 ديسمبر المنصرم ودخول (الجولاني) المطلوب أمريكيا بكونه إرهابياً وكانت قد أعلنت عن مكافأة مقدارها (عشرة ملايين دولار) لمن يدلها عن مكان (الجولاني) الذي لا يزال حتى اللحظة هو وجماعته (هيئة تحرير الشام) مصنفين في قائمة الإرهاب في أمريكا ، أقول لمجرد أن سقط النظام ودخل الجولاني قصر الشعب حتى تقاطرت كل دول العالم دون استثناء إلى دمشق في حالة سباق محموم مهنئين ومباركين وعارضين خدماتهم، رافق هذا التهافت والتسابق المحموم إلى دمشق دعوات إقليمية ودولية تطالب برفع الحصار عن سوريا، في مشهد يوحي وكأن نظام الدكتور بشار الأسد كان عائقا أمام أحلام وتطلعات هذه الدول الراغبة إلى تقاسم سوريا أرضا وثروات وطوائف.
وبدت تركيا وقطر والسعودية والأردن – وطبعا ماما أمريكا – وكأنهن (أم العروسة) مبتهجات (بالعريس) الجديد القادم من المجهول إلى المعلوم..!
وفيما راح البعض يهنىء ويقدم التبريكات لحكام دمشق الجدد، راح الكيان الصهيوني يرحب بالنظام الجديد على طريقته عبر التوغل واحتلال المزيد من الأراضي وإنشاء قواعد وأبراج مراقبة وفرض أمر واقع على الجغرافية تمكنه من المساومة عليها قريبا، وكذا تدمير القدرات العربية السورية، ونهب ومصادرة – حسب إعلام العدو – أكثر من 3300 قطعة عسكرية منها دبابات ومدافع وصواريخ مضادة للطيران والدروع، ناهيكم عن الذخائر والأسلحة الخفيفة والمتوسطة..!
فيما كان الإعلام الناطق بالعربية منهمكا فيما أسماه ( جرائم النظام السابق وسجونه) ورابطت كاميرات هذه الفضائيات داخل سجن (صيديانا) بعد خروج جميع المعتقلين تفبرك أفلاما وتسرد روايات منها ما افتضح على الهواء ومنها ما كان عند المتلقي الذكي مفضوحا من الأساس، ومنها ما تم فضحه مؤخرا بلسان رموز وجاهية أدبية ودينية وسياسية وفنية سورية الذين فضحوا القليل طبعا من جرائم العهد الجديد المرحب به عربياً وإسلامياً ودولياً، والذين رحبوا بالتغيرات التي حدثت في سوريا هم ذاتهم الذين رحبوا باغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله ورحبوا بتراجع حزب الله، وهم من رحب بجرائم الصهاينة في قطاع غزة وكانوا يراهنون على ذكاء نتنياهو في إبادة المقاومة وتصفية وجودها في قطاع غزة وكل فلسطين، وهم من أدانوا جبهة الإسناد اليمنية وأدانوا مواقف صنعاء في البحر الأحمر سرا وعلنا..!
وهم ذاتهم الذين هددوا العراق، وهم من طالبوا طهران بعدم التدخل بالشؤون الداخلية للعرب..!
في سوريا وفيما كانت الأنظمة تهرول بوفودها لتقديم التهاني والتبريكات للعهد الجديد، كانت كاميرات الفضائيات الناطقة بالعربية ترابط في سجن صيديانا وأخرى ترابط عند ما اسمته (المقابر الجماعية)، وكانت إسرائيل تعربد على امتداد الخارطة العربية السورية تدمر منشآت ومراكز أبحاث ومعسكرات وتجرف أراضي وترابط على مشارف دمشق معتلية جبل الشيخ ومسيطرة على 95٪من محافظة القنيطرة، وتحتل المثلث الجغرافي الذي يربط سوريا ولبنان والأردن..!
في هذا الوقت كانت الفضائيات الناطقة بالعربية تلفت أنظار متابعيها من العرب إلى سجن صيديانا فيما أخرى راحت توجه إنذارات إلى طهران وتحذرها بعدم التدخل بشؤن سوريا الداخلية..!
نعم.. التحذيرات وجهت وبلغة شديدة اللهجة من كل الأنظمة العربية ومن حكام سوريا الجدد، إلى طهران وليس إلى الكيان الصهيوني ولا لتركيا ولا لأمريكا، بل كادت الحرب تشتعل بين حكام سوريا الجدد ولبنان وسقط ضحايا من الجيش اللبناني..
السؤال هو: ما هي المبررات والدوافع التي أوجدت هذا الحقد للنظام العربي السوري بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد؟!
أعرف أن كل نظام أو جماعة تغضب عليها أمريكا والصهاينة يصيب هذا الغضب غالبية الأنظمة والنخب العربية.
النظام العربي في سوريا بقيادة الدكتور بشار الأسد كان نظاما علمانيا لا يعرف الطائفية ولا المذهبية ولا يؤمن بهما، وكان داعما للقضايا العربية وخاصة قضية فلسطين وعدوا للكيان الصهيوني ولأمريكا ولكل عواصم الاستعمار ويقف مع شعوب وأنظمة العالم الحر، ويكذب من يقول إن نظام بشار الأسد قد تخلى عن فلسطين والمقاومة أو تخلى عن سيادة سوريا بالجولان ولكنه كان رافضا وممانعا لسياسة الارتهان لأمريكا أو للأنظمة العربية المرتهنة في اسطبلاتها، وكان عدوا حقيقيا للكيان الصهيوني ولعملائه وخاصة (إخوان سوريا) الذين ارتموا في أحضان الصهاينة والأمريكان واتحدى أيا كان أن ينكر هذه الحقيقة..!
هذا التهافت المثير للجدل يضعنا أمام سؤال مثير وهو: كم معتقلا من المجرمين والقتلة والإرهابيين تم إخراجهم من سجون النظام العربي في سوريا؟ وكم سجينا بريئا دخل معتقلات الجولاني منذ وصل لقصر الشعب؟ المعطيات الواقعية تؤكد أن هناك أكثر من ( 70 الف معتقل تم اقتيادهم خلال شهر إلى سجون مجهولة أعدتها عصابة الجولاني) وهناك أكثر من ( 25000) الف ضحية تم تصفيتهم منذ دخلت عصابة الجولاني دمشق، وهناك مواجهة ومقاومة يومية تدور بين هذه العصابة التي يرحب بها العرب والعالم في دمشق وبين مواطنين عرب سوريين ومن مختلف الطوائف والمذاهب والشرائح الاجتماعية، غير أن الإعلام الذي يسيطر اليوم على سوريا بقيادة قناة (الجزيرة) وتلفزيون( العربي) يغفل كل هذه الأحداث والجرائم لان مهمته هي تسويق الحكام الجدد وتلميع الصور القبيحة الحاكمة في دمشق التي أنتجتها المخابرات التركية والصهيونية والأمريكية بتمويل قطري سعودي..
انا على يقين بأن المتهافتين لمباركة العهد الجديد في دمشق سيدفعون قريبا ثمنا باهظا وسوف يندمون قبل الشعب العربي السوري على نظام الدكتور بشار الأسد الذي تتسابق وسائل إعلامهم (لشيطنته) وتقديم الشياطين الفعليين والحقيقيين وكأنهم طيور الجنة..
وما جرى قبل أيام في دمشق حين أقدم إرهابيون مصريون مع الجولاني بعقد مؤتمر صحفي ظهروا فيه بعلم مصر في العهد الملكي ويتوعدون الجيش المصري ونظام السيسي بأنهم سيلحقون بنظام الأسد..
الجولاني إرهابي وزعيم عصابة ولن يكون يوما رجل دولة بدليل أنه عاجز اليوم عن توحيد الفصائل الإرهابية وتأسيس جيش كما يزعم، فيما أكثر من 80 فصيلاً مسلحاً يرفض الاندماج لأنهم مجاهدون في سبيل الله ولهم مهام في أماكن أخرى..
وفق هذه الصورة ترى إلى متى سوف يستمر التهافت حارا تجاه حكام دمشق الجدد؟ أم أن المهم هو أن تسيطر كل دولة على حاجتها في سوريا وليذهب الشعب العربي في سوريا إلى الجحيم.. المهم أن تمرر (قطر) أنابيب الغاز عبر أراضي سوريا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا لتقديم غاز رخيص بديلا عن الغاز الروسي.
والأمر الآخر إبرام اتفاقية (تطبيع) بين دمشق والصهاينة برعاية أمريكية خليجية وهذا شرط أمريكا لحل عقدة الأكراد مع دمشق، وهذه المؤامرة تشترك فيها تركيا وقطر والسعودية والأردن.
ولأجل الصهاينة أسقط العرب والعالم النظام في سوريا وجلبوا الجولاني الدمية الذي من السهل إزاحته ولكن ليس قبل استغلاله لتمرير المخطط الذي يستهدف سوريا وكان وراء المؤامرة عليها وعلى نظامها طيلة 14 عاما.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الدکتور بشار الأسد فی سوریا أکثر من فی دمشق
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يعتزم تعليق عقوبات مفروضة على سوريا في هذه المجالات
يعتزم الاتحاد الأوروبي تعليق عدد من العقوبات المفروضة على سوريا خلال عهد نظام الأسد المخلوع، وذلك بالتزامن مع تواصل مساعي الحكومة السورية الجديدة رفع العقوبات الغربية من أجل دفع عجلة التعافي بعد سنوات طويلة من الحرب.
وبحسب مسودة اطلعت عليها وكالة رويترز، فإن المجالات التي من المقرر أن يشملها القرار الأوروبي المرتقب تتعلق بالطاقة والنقل وإعادة الإعمار.
يأتي ذلك في أعقاب زيارة أجراها وفد سوري برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى أوروبا استلها بالمشاركة بمؤتمر باريس الدولي المتعلق بسوريا.
وشهد المؤتمر حضور وزراء خارجية العديد من الدول الأوروبية والعربية بالإضافة إلى مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام المؤتمر، داعيا الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى زيارة العاصمة الفرنسية باريس.
كما شملت الجولة الأوروبية الأولى من نوعها زيارة ألمانيا حيث شارك الوفد السوري برئاسة الشيباني في مؤتمر ميونيخ للأمن، والتقى بالعديد من المسؤولين الأوروبيين.
ودأب المسؤولون السوريون منذ سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي على مطالبة كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن سوريا بسبب انتفاء سببها بعد سقوط النظام.
ومن المتوقع أن يناقش وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الملف السوري خلال اجتماع يعقد في بروكسل في 24 شباط /فبراير، وفق رويترز.
والثلاثاء، طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، برفع العقوبات الشاملة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى، على سوريا، مؤكدة أنها تعيق استعادة الخدمات الأساسية في البلاد.
وشددت المنظمة الحقوقية على أن العقوبات المفروضة على حكومة النظام السوري المخلوع بشار الأسد سارية رغم سقوطها، وتفتقر إلى شروط واضحة وقابلة للقياس لإلغائها.
وتعيق هذه العقوبات جهود إعادة الإعمار وتزيد معاناة ملايين السوريين في الحصول على حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الكهرباء ومستوى المعيشة اللائق.
وفجر الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر، دخلت فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق، وسيطرت عليها مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
وفي 29 كانون الثاني/ يناير، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.