الثورة /

انتظر الفلسطينيون يوم الأربعاء الماضي طويلاً أمام شاشات هواتفهم التي قارب شحنها على النفاد، وفي أماكن قليلة تتوفر فيها شاشات التلفاز بعد ورود أخبار إعلامية عن مؤتمر طال انتظارهم له، حتى أطل رئيس الوزراء القطري معلنا التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما يعني وقف حرب الإبادة التي استمرت 15 شهراً.


فرح الناس، كبروا وهللوا، سجدوا لله شكرا، عانقوا بعضهم، خرج صبيتهم في تجمعات يهللون ويصرخون فرحا بانتهاء حرب طويلة أنهكتهم، استمر هذا الأمر ساعات وكأنها كانت السكرة، حتى جاءت الفكرة وتساءلوا عن ساعة الصفر لبدء سريان التهدئة.
تضاربت الأنباء، ومعها زادت الضربات الصهيونية الإجرامية قسوة على بيوت الآمنين وخيامهم، بل وضربت الطائرات الصهيونية ضربات أعادت لأذهان الغزيين أوقات الأحزمة النارية والضربات العنيفة في أول أيام الحرب.
ومع الوقت، عرف الناس أن الأحد الموافق 19/01/2025 الساعة الثانية عشر والربع ظهرا هو موعد سريان التهدئة، ما يعني أن لدى جيش الاحتلال متسعا من الوقت لقتل المزيد والمزيد من الفلسطينيين، وهو ما خلق فصلاً جديداً من فصول الفقد خلال هذه الحرب عنوانه شهداء ما بعد إعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.
ووفق معطيات نشرها جهاز الدفاع المدني، أمس الجمعة، فقد ارتفعت حصيلة عدوان الاحتلال منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار الأربعاء الماضي، إلى 113 شهيداً، منهم 28 طفلا و31 امرأة، علاوة على إصابة 264 آخرين.

عوائل تباد وأحلام تنتهي
عائلة الفلسطيني محمد غراب “أبو عدي” كانت واحدة من العائلات التي أصبحت حكايتها مؤرخة بما بعد الإعلان عن اتفاقية وقف إطلاق النار، حيث استهدف الاحتلال منزل العائلة المكون من طابقين والواقع في أرض المفتي شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بصاروخين كبيرين، ما أدى إلى استشهاد كل من كان في المنزل.
“أبو عدي” يعمل محاسباً، لم يكن ينتمي إلى أي من الفصائل الفلسطينية المقاومة، ثبت في منزله طوال الحرب سوى من بعض الأوقات القليلة التي اضطر فيها للخروج بسبب الوضع الأمني الصعب في المنطقة.
عرفه جيرانه رجلاً مسالماً، محبا للخير، سخر كل ما يستطيع لمساعدتهم في وقت الحرب، خاصة أنه يمتلك ألواح الطاقة الشمسية، ما جعله محطة يستفيد منها كل جيرانه لشحن هواتفهم، وبطارياتهم.
“كان يستقبلنا بوجه ضاحك بشوش، لم يرفض لأي من جيرانه طلبا، كنا إذا جلسنا عنده يدق بابه الناس مرات كثيرة، فلا يتأفف يسلم هذا هاتفه بعد شحنه ويستلم من غيره بطارية وكل ذلك بابتسامته الجميلة”، يقول الجار أبو محمد.
من وجهة نظر جاره، فإن أبو عدي يستحق الاصطفاء الرباني له ليرتقي شهيدا بعد كل هذا الخير الذي قدمه للناس على مدار أيام وشهور الحرب، لكنه يستدرك بالسؤال عن الذنب الذي اقترفه ليقتل بهذه الطريقة وبهذا الكم من الحقد والإجرام.
تفتت جسد أبو عدي واثنين من أبنائه، ولم تستطع الجهات الصحية والدفاع المدني من العثور على أي آثار لجثتهم، فيما انتشلت أجزاء من جثمان زوجته، وشقيقه الذي كان عنده زائراً.
ومن ينظر إلى حالة المنزل المقصوف وهو المكون من طابقين، وكيف تحول إلى مجرد حجارة صغيرة مفتتة ومتناثرة على مساحة واسعة، يعتقد يقينا أن الجثامين تبخرت بفعل شدة القصف الصهيوني.
وبقي ثلاثة من أبناء أبو عدي لم يتواجدوا في المنزل وقت القصف أحياء، يتجرعون مرارة يتم الأب والأم، وهم الذين حلموا باستعادة حياتهم بشكل طبيعي بعد أيام قليلة، حيث يدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

الحصاد المر
ووفق معطيات رسمية منشورة، فإن حرب الإبادة الجماعية على غزة، خلّفت أكثر من 25 ألف طفل يتيم الأب أو الأم أو كليهما.
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن حرب الإبادة الجماعية على غزة تسببت في تسجيل أكبر حصيلة ضحايا من المدنيين في العالم.
وفي اليوم الـ469 للعدوان الصهيوني على قطاع غزة ارتفعت الحصيلة إلى 46,876 شهيدا و 110,642 جريحاً.
ورغم هذا الإجرام الذي يأبى أن يتوقف، فقد صبر الشعب الفلسطيني وثبت في أرضه، وأفشل كل مخططات تهجيره وتطهيره عرقيا، وانتصر بصموده وأفشل كل مؤامرات الاحتلال، فانتصر بذلك رغم الدمار الهائل والفقد المهول الذي لا تفيه لغة الأرقام حقه.

*المركز الفلسطيني للإعلام

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

البرلمان العربي يرحب بإعلان التوصل لوقف إطلاق النار في غزة

رحب رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحى بإعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدًا أنها خطوة مهمة نحو إنهاء حرب الإبادة والتصعيد العسكري الذي أودى بحياة آلاف الأبرياء وتسبب في معاناة إنسانية جسيمة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
ودعا اليماحي فى بيان اليوم جميع الأطراف إلى الالتزام التام ببنود الاتفاق، ومواصلة العمل على التهدئة لتجنب أي تصعيد جديد، مشددًا على ضرورة احترام القوانين الدولية الإنسانية وحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى المتضررين في قطاع غزة.
وأشاد رئيس البرلمان العربي، بالجهود الحثيثة والكبيرة التي بذلتها دولتا مصر وقطر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مقدرًا عاليًا دورهما في وقف التصعيد وحرب الإبادة الجماعية وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، مؤكدًا أن هذه الجهود تعكس التزام الدول العربية بالقضية الفلسطينية وحرصها على تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، داعيًا إلى استمرار هذه المساعي لتثبيت التهدئة والعمل على إطلاق عملية سلام عادلة وشاملة تُفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.

مقالات مشابهة

  • كشف مفاجأة مذهلة: ما الذي دفع إسرائيل وحماس للتوافق؟
  • مع إعلان وقف إطلاق النار.. مشاعر مختلطة وأمل بالعودة إلى الحياة
  • العفو الدولية: كابوس الحرب لا ينتهي بإعلان وقف النار في غزة
  • حماس تؤكد الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الوسطاء
  • العربية لحقوق الإنسان: إنهاء الاحتلال الإسرائيلي هو الاستحقاق الذي يفرضه القانون
  • قبيل وقف إطلاق النار.. كم عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال؟
  • الحية: شعبنا لن ينسى كل من شارك في حرب الإبادة
  • البرلمان العربي يرحب بإعلان التوصل لوقف إطلاق النار في غزة
  • ما الذي يُعطّل "صفقة غزة" بين حماس وإسرائيل؟.. عاجل