تداعيات فرض عقوبات أميركية على البرهان
تاريخ النشر: 18th, January 2025 GMT
الخرطوم- وصف وزير الخارجية السوداني علي يوسف -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- العقوبات المالية التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان بـ"البائسة"، وأكد أنه "ليس لها أي أثر عملي على البرهان شخصيا، أو على وظائفه كرئيس للمجلس".
ورأى أن العقوبات تعكس سوء إدارة وسوء فهم عدد من المؤسسات الأميركية لما يجري في السودان، "وبالتالي سوء سياسات هي جزء من المأساة التي يعيشها الشعب السوداني".
وأضاف الوزير السوداني أن إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن "أبت إلا أن تختم أعمالها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة بفرض عقوبات على البرهان".
ادعاء أميركيوبرأي وزير الخارجية السوداني، فإن هذه العقوبات تعكس سياسة الإدارة الأميركية التي تقول إن "الحرب في السودان هي بين جنرالين، وإذا عاقبت أحدهما اليوم، فستعاقب الآخر غدا. وإن هدفها هو وقفها، وهي تدعي أنها تفعل هذا لمصلحة الشعب السوداني".
وجزم بأن العقوبات على البرهان تقود إلى التفافٍ وتأييدٍ ووقوفٍ أكبر من الشعب السوداني معه، وقال "نتمنى أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب أكثر حكمة، وفطنة، وفهما، ومتابعة، واستعدادا لاتخاذ مواقف تؤدي بالفعل لإنهاء الحرب لصالح الشعب السوداني".
إعلانمن جانبه، قلل مندوب السودان الأسبق لدى الأمم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم، في حديث للجزيرة نت، من تأثير العقوبات الأميركية على البرهان، وقال إن واشنطن اعتمدت على بروتوكول العقوبات القديم، و"بذلك تعطي الحكومة السودانية فرصة العمل بعيدا عن الضغوطات والمناورات الأميركية".
ووفقا له، أثبتت تجارب عقوبات الخزانة السابقة أنها عديمة الأثر، إذ بإمكان البرهان حضور اجتماعات منظمة الأمم المتحدة. وعدّ قرارها الأخير "شهادة رسوب أخرى للولايات المتحدة بعد شهادات سقوط متعددة نالتها في إثيوبيا وأفغانستان، إلى جانب فشلها المزمن في الشرق الأوسط، ومن مظاهره الخراب والدمار اللذين نشاهدهما الآن".
واتهم عبد الحليم واشنطن بأنها عجزت عن إلزام قوات الدعم السريع بتنفيذ مقررات منبر جدة، وخلقت آخر جديدا في جنيف "كان ضرره أكثر من نفعه"، إضافة إلى تصنيفها "الخاطئ للحرب كتعارك بين جنرالين، فما إن تتخذ إجراء ضد الدعم السريع حتى تسارع لاتخاذ ما يوازيه ضد الجيش".
مساندة شعبيةأثار قرار الخزانة الأميركية تكهنات وتساؤلات عدة بشأن تأثيره على الواقع بالسودان، وجاء ذلك بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" الذي اتهمته "بارتكاب جرائم ترقى للإبادة الجماعية".
كما أدى هذا القرار بحق البرهان إلى ردود أفعال شعبية واسعة مساندة له وللجيش، في مقابل ترحيب به من مجموعات مناوئة له وتتهمها السلطات السودانية بدعم الدعم السريع، في حين حذر مراقبون من مغبة تضخيم أثر عقوبات الخزانة الأميركية.
وفي حديث للجزيرة نت، رأى سفير بوزارة الخارجية السودانية -فضل حجب اسمه- أن الأولوية، قبل التحشيد الشعبي لدعم القيادة، هي مواصلة الانتصارات العسكرية وتحرير المدن، وتوفير الخدمات في المناطق الآمنة، ومواصلة الترتيبات الدستورية والسياسية، وتحسين أداء الدولة، و دحر أي محاولة ارتدادية من الدعم السريع "التي تؤكد المؤشرات إقبالها على عمل مخطط بعد وصول إمداد جديدة عبر ليبيا". ودعا إلى تحويل العقوبات إلى "طاقة مقاومة إيجابية".
إعلان تصنيفوتم تصنيف البرهان، بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، باعتباره "شخصا أجنبيا يشغل منصب قائد أو مسؤول رفيع أو عضو مجلس إدارة للقوات المسلحة السودانية، وهي كيان انخرط أعضاؤه في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو استقرار السودان"، حسب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية "أو إف إيه سي" التابع لوزارة الخزانة الأميركية.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023 حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنها أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون سوداني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الخزانة الأمیرکیة الشعب السودانی الدعم السریع على البرهان
إقرأ أيضاً:
السودان: قصة ناجٍ من الموت بين مطرقة الدعم السريع وسندان الجيش
“تم تعذيبي من قبل الدعم السريع بالسياط بواقع 250 جلدة بحجة تعاوني مع الجيش، وكسروا أصابعي. وعند سيطرة الجيش على الكدرو، اتهمني أفراد القوات المسلحة السودانية بتبعيتي للمعسكر الآخر وكادوا أن يقوموا بتصفيتي، ونجوت بأعجوبة”.
الخرطوم: التغيير
بهذه الكلمات، ابتدر أشرف محمد خير حديثه لـ (التغيير) بعد شهور من التعذيب والاتهامات التي قضاها في ضاحية الكدرو بالخرطوم بحري. أشرف، الذي ظهر في مقطع فيديو متداول قبل فترة، بدا هو وأفراد أسرته في حالة صحية حرجة، حيث برزت عظامهم من فرط الجوع.
يحكي محمد خير مأساته التي بدأت في 24 أبريل 2024، عقب دخول الدعم السريع منطقة الكدرو، كاشفًا أنه تم اتهامه بالتعاون مع الجيش وجرى تعذيبه حتى كُسرت أصابعه، وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله.
إقامة جبريةمكث أشرف في الإقامة الجبرية حتى دخول الجيش في سبتمبر 2024. وبعد سيطرة القوات المسلحة على المنطقة، تنفس أشرف الصعداء وجرى إسعافه بمستشفى أم درمان، حيث خضع لفحوصات عامة كشفت عن ضعف حاد وفقدان جزئي للنظر.
يقول أشرف محمد خير لـ (التغيير): “خلال الفترة الأولى من دخول الدعم السريع، انعدمت الخدمات. كنت أضطر للمشي لمدة ساعتين لأجد أقرب سوق أبتاع منه المستلزمات. في إحدى المرات، استيقظت عقب صلاة الفجر قاصدًا منطقة السامراب وأنا أحمل بعض القمح، لأتفاجأ بأن الطاحونة لا تعمل بسبب انقطاع الكهرباء. عدت بخفي حنين وقطعت ذات المسافة في ساعتين”.
وأضاف: “كان أفراد الدعم السريع يزورونني بين الحين والآخر برفقة أسرتي ويوزعون لنا بعض الزيت والدقيق والبصل”.
وتابع: “بعد دخول الجيش، كاد أفراده أن يقوموا بتصفيتي بعد اتهامي بأنني (دعم سريع)، وفي لحظة خاطفة سحب جندي سلاحه وصوّبه نحو رأسي، لكن القائد تدخل وأمر بالتحري أولًا”.
واردف: “مكثت ثلاث ساعات تحت رحمة الجنود حتى تأكدوا من هويتي، ونجوت بأعجوبة. بعض الأهل فقدوا الاتصال بي وبأسرتي واعتقدوا أننا في عداد الأموات. كانت تجربة قاسية ومريرة”.
انعدام العلاجوأشار أشرف إلى أن والدته لم تتلقَّ علاجاتها خلال تلك الفترة، وهي تعاني من مشاكل في القلب، ولم تحصل على أدوية تنظيم ضربات القلب، أو أدوية الغدة، أو قطرات العيون لمدة خمسة أشهر، حتى تم إسعافها بالفيتامينات والمحاليل الوريدية.
وكشف محمد خير أنهم عاشوا بدون كهرباء أو ماء خلال تلك الفترة. وأضاف: “كنت أرتدي قميصًا واحدًا طوال هذه الفترة لأن أفراد الدعم السريع أمروني بعدم تبديله حتى يتسنى لهم التعرف عليّ”.
وتابع: “بعد جلدي 250 جلدة وتعذيبي، فقدت الوعي مما جعلهم يهربون ويتركونني مغمًى عليّ لمدة يومين. كنت مقيدًا من رجلي ومعصوب العينين”.
وختم حديثه بالقول: “لا زلنا في منطقة الكدرو ببحري، حيث توافدت بعض الأسر وبدأت الحياة تعود لطبيعتها تدريجيًا، لكن ما عايشته من آلام ومآسٍ لن يُمحى من ذاكرتي”.
الوسومآثار الحرب في السودان الكدرو انتهاكات الجيش السوداني انتهاكات الدعم السريع ولاية الخرطوم