من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.
كُنا نتخيل أن العناكب ستخرج زحفاً على جانبى فمه إذا همَّ إلينا بالكلام، وبمجرد أن نلمحها تخرج من هناك ستتجمد عظامنا الصغيرة، ما جعلنا نتجنبه إلى أن صار غريباً غير معتادٍ من وجوده إلا ما نحس به من خوف.
امتنعنا عن مشاركته الطعام، كما لم نسمح له أنْ يقترب منا، فامتنع بدوره عن التحدث إلينا، بدا السبب الذى خلق هذين التصرفين واضحاً، (مهنته)، فقد جعلتنا بعيدين يتجنب كل منا الآخر، وعلى الرغم من ذلك لم نتوقف (أخى وأنا) عن التجسس عليه، حيث لا صوت، يمكن لنا أن نفترض أنه يصدر عنه كلما خرج أو عاد ليدخل خلوته، بينما تنظر عيناه، كالعادة، إلى ما بين عيني شخصٍ يدَّعى أنه يقف فى ظلمةِ الممر بين غرفتهِ والصالة، أو خلفه تماماً حين يخشى أن يلتفت للسلام موشِكاً أن يفرغ من الصلاة.
فقد كان يذكر فى حضور الآخرين أن له صديقاً خفياً يجلس بجواره، يتحدث إليه ويمشى برفقته، ما يجعله إذا ركب السيارة يُناول السائق المتعجب خلف المقود، أجرة شخصين.
هذا المساء الفائت، أدخلت أمى طعاماً إلى غرفته بعد أن عاد شاحباً، ثابتاً أمامنا، يُدارى ارتعاشه إلا أن يده فضحته، أخبرته ألا يعبأَ بتصرفاتنا تجاهه، فنحن مجرَّد أطفال عندما ستضربنا سياطُ الأباطيل سيتأكد لنا أن ما يقوله عن الحقيقة الوحيدة، هو الحقيقة الوحيدة.
وعلى الرغمِ من أننا جعلناه منفياً من ضحكنا، وأحاديثنا، وكل ما نفكر فيه، فأن بقاءه بيننا هو ما دفعنا لنشعر بأن شيئاً ما يلازمنا، وإن كان غيرَ مدركٍ إلا بمقدار ما يثيره من الريبة.
أردنا بشدة معرفة كيف يبدو صديقه الخفيّ، وكان ثقب الباب أضيق من أن يسمح لنا برؤيته جالساً على أرضية الغرفة وفى يده مسبحته، يؤكد لصديقه أنه يحاول بكل ما أوتِيَ أن يُقيمَ أفضل علاقة معه، ونقسم رغم أنه كان وحيداً أننا سمعنا رجلاً يرد قائلاً:
- أنت أيضاً تكرهنى بسبب مهنتى.
وكان الموت أسوأ جزء من الأحداث. فعندما وجدناه مُكوَّراً فى مكانه كُتْلةً من لحم بارد، حاولنا أن نبدو ثابتين فى أعين أنفسنا وأعين الآخرين، إلا أن مخاوفنا سرعان ما كانت تعود إلى الظهور، فكلما تأملنا صورته على الجدار، تحت شريط أسود يميل أعلى زاويتها اليمنى، أفزعتنا لنكبرَ بسرعة حقيقة الشخص الذى حاول مصادقته، والدُنا مُغسِّلُ الأموات!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أجرة شخصين
إقرأ أيضاً:
وزير الداخلية: المغرب الدولة الوحيدة لي عندها طاكسي كبير وصغير ونقل التطبيقات مايمكنش نتجاهلوه
زنقة 20 | الرباط
أكد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أن النقل عبر سيارات الاجرة بالمغرب يحتاج الى تفكير عميق بين مختلف المتدخلين لإيجاد حلول للمستقبل.
لفتيت، و في معرض جوابه على أسئلة خلال جلسة الأسئلة الشفوية، بمجلس المستشارين اليوم الثلاثاء، قال أن القطاع يعيش مشاكل كبيرة و عويصة مرتبطة بالوضع الاجتماعي للشغيلة في هذا القطاع ، والحالة الميكانيكية للسيارات و تصنيف هذه الطاكسيات بين الصنف الكبير و الصغير و الذي لا يوجد في أي دولة في العالم بحسب وزير الداخلية.
وفيما يخص التطبيقات الذكية ، قال لفتيت : “مايمكنش ندخلوهوم و مايمكنش نديرو راسنا بحالا ماكاينينش لأنه يجب الاخذ بعين الاعتبار الامور المستجدة”.
وكشف لفتيت أن الوزارة تقوم بالدراسات اللازمة متعهدا بايجاد الحلول الذكية المناسبة في اقرب الاوقات بتشاور مع الجميع لتوفير النقل الذي يستحقه المواطن.
من جهة أخرى ، قال لفتيت ، أن الوزارة تعمل على التطوير المستمر لقطاع النقل الحضري بمختلف جوانبه عبر اتخاذ مجموعة من التدابير والاصلاحات اهمها تمويل المشاريع المهيكلة للنقل كالترامواي بالرباط والدارالبيضاء و الحافلات ذات الجودة العالية بالدارالبيضاء و أكادير.
لفتيت، أكد أن المدن المغربية تعاني من اشكال حقيقي يتعلق بالنقل الحضري بسبب اهتراء الحافلات و طريقة العمل التقليدية وهو ما لا يشرف مغرب اليوم بحسب الوزير.
لفتيت كشف أنه تم وضع برنامج جديد للنقل الحضري بواسطة الحافلات للفترة 2025-2029، “يشكل قطيعة مع كل التجارب السابقة”.
وأوضح أن الكلفة الإجمالية للاستثمارات المخصصة لهذا البرنامج تبلغ 11 مليار درهم، تخص 37 سلطة مفوضة وتهم كافة مكونات التدبير المفوض من اقتناء 3746 حافلة.
وشدد على أن أهم مبادئ هذا البرنامج تتمثل في الفصل بين وظيفتي الاستثمار والاستغلال، حيث “تقوم الدولة بشراء الحافلات بمواصفات عالية والتكفل بها”، فيما ستؤول مهمة التسيير للشركات، والتكفل الشامل بكل مكونات الاستثمار مع اعتماد أساليب حديثة وعصرية لتتبع العقود كالمنصات الرقمية، مبرزا أن هذا البرنامج يروم توفير خدمات مستدامة وعالية الجودة للمرتفقين.
وأكد الوزير أنه تم إصدار طلبات العروض الخاصة بهذا البرنامج في مدن فاس ومراكش وطنجة وتطوان وأكادير وبنسليمان لشراء 1317 حافلة سيتم تشغيل العدد الأكبر منها قبل متم السنة الجارية، مشيرا إلى أن فتح الأظرفة الخاصة بطلبات العروض هاته سيتم في 15 مارس المقبل.
أما طلبات العروض الأخرى، يضيف لفتيت، فستأتي بشكل متسلسل لاحقا، بغاية تشغيل مجموع هذه الحافلات في أفق 2026، مشددا على أن هذا البرنامج سيشكل تحولا محوريا في مجال النقل داخل المدن.