يمانيون/ تقارير

وضح السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- معالم الموقف اليمني تجاه القضية الفلسطينية سواء خلال الأيام القادمة من مراحل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة أو في المراحل المستقبلية من الصراع.

خلال الأيام القادمة وقبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ الأحد القادم، أكد السيد القائد أن اليمن سيبقى في مواكبة ورصد لمجريات الوضع في فلسطين وفي قطاع غزة، مؤكداً أنه “إذا استمر العدو الإسرائيلي في مجازر الإبادة الجماعية والتصعيد؛ سنستمر بعملياتنا الهجومية والعسكرية المساندة للشعب الفلسطيني”.

. هذا يعني أن عمق العدو، ولا سيما “يافا” المحتلة” التي يطلق عليها العدو تسمية “تل أبيب” ستتعرض للقصف اليمني خلال أيام الجمعة والسبت، وخاصة ونحن نشهد تصعيداً للعدو الإسرائيلي ضد المدنيين في قطاع غزة، وهذا ما حدث بالفعل من خلال العمليات العسكرية النوعية للقوات المسلحة الجمعة باتجاه “يافا” و”ايلات” بالصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة.

وبعد أن شخّص السيد القائد المرحلة الحالية في الصراع مع العدو، انتقل إلى تقديم صورة لمآلات الأحداث في المستقبل، راسماً معالم المرحلة لما بعد الاتفاق، وهنا يؤكد على ثبات الموقف اليمني المبدئي والأخلاقي مع القضية الفلسطينية، معززاً التأكيد على عدم التخلي عن فلسطين في أي جولة صراع قادم، لا سيما وأن العدو لن يتوقف، بناء على أطماعه التوسعية في المنطقة، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على مقاومتها الباسلة.

ويرى السيد القائد أن الأعداء يعملون على تطوير قدراتهم العسكرية، مع السعي لتجريد الآخرين من كل عناصر القوة،  لكن هذه المحاولة لن تنطلي على اليمن، ولذا يؤكد السيد القائد أننا في اليمن ” سنسعى باستمرار في تطوير القدرات العسكرية بإذن الله تعالى، وبالاعتماد عليه، وعلى توفيقه، وتسديده، ومعونته، من أجل أداءٍ أقوى، وأعظم، وأكثر فاعليةً في إسناد الشعب الفلسطيني، وهذا بالنسبة لنا هو مسار مستمر، نستمر عليه بإذن الله تعالى”.

هذه الرؤية، تعطي دلالة للجميع بأن العدو مثلما يسعى للإعداد والتحضير للجولة القادمة من الصراع، فإن الجبهة اليمنية ستظل على الوتيرة ذاتها من حيث التصنيع والإعداد، والانتباه، والتحضر لأي مواجهة مقبلة، وهذا خيار بالنسبة لليمنيين لن يحيدوا عنه أبداً، فالقضية – كما يقول السيد القائد- قائمة ولن تهدأ إلا بتطهير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني اليهودي، وحتى ينعم الشعب الفلسطيني بالحُرِّيَّة، والاستقلال بشكلٍ كامل.

عنصر المفاجأة.. أهم مميزات جبهة الإسناد اليمنية

وبموازاة ذلك، أطلق السيد القائد في خطابه الأخير بالتزامن مع الاتفاق العديد من الرسائل الهامة، متطرقاً إلى الجبهة اليمنية المساندة لغزة، والتي يرى أنها تميزت بعنصر المفاجأة للعالم وللكثير من المراقبين والمحللين والسياسيين، لما حوت من ضربات نوعية وهجمات لا مثيل لها سواء في البحرين الأحمر والعربي ضد السفن والقطع الحربية الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، أو من خلال إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة نحو العمق الصهيوني.

عنصر المفاجأة هنا للكثيرين أن اليمن البعيد جغرافياً عن فلسطين المحتلة يستحيل أن يدخل كجبهة اسناد لغزة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن هذا البلد خرج من ركام عدوان سعودي أمريكي غاشم، استهدف كل مقومات الحياة على مدى 10 سنوات، فكيف له أن يتحول إلى جبهة إسناد، لكن ما حدث فاق كل التوقعات، فالعمليات اليمنية كانت بسقف عال، والمواجهة مع الأمريكيين والإسرائيليين والبريطانيين كانت موجعة ومكلفة للأعداء، وخرج اليمن منتصراً بقيمه وأخلاقه خلال هذه الجولة من الصراع مع الأعداء.

ويؤكد السيد القائد أن القصف الصاروخي اليمني على العمق الصهيوني كان بـ (ألف ومائتين وخمسة وخمسين) ما بين صواريخ بالِسْتِيَّة، ومُجَنَّحَة، وفرط صوتية، وطائرات مُسَيَّرة، وهذا عدد كبير مقارنة بإمكانيات اليمن، حيث لم يستخدم هذا العدد وبهذا الزخم خلال العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا خلال السنوات العشر الماضية.

ما يميز جبهة الإسناد اليمنية أنها شهدت قفزات نوعية في التصنيع العسكري، فخلال أكثر من عام من الإسناد لغزة استطاعت القوات المسلحة صناعة صواريخ متنوعة من أبرزها حاطم، ثم فلسطين 1، وصولاً إلى صناعة صواريخ فرط صوتية من نوع فلسطين 2، إضافة إلى صناعة مسيرات ذات قدرات نوعية مثل يافا، وكذلك صناعة غواصات مسيرة، وهذه الأسلحة لم تكن في المخازن اليمنية من قبل، وهذه من النتائج الإيجابية لمشاركة اليمن في اسناد غزة.

ويشير السيد القائد إلى أن هذه العمليات المتطورة والإنتاج الغزير في صناعة الأسلحة لم يأت في ظل وضع استقرار أو هدوء تام، وإنما جاء في ذروة العدوان الأمريكي البريطاني على بلادنا، والضغوط الاقتصادية المتواصلة على بلدنا، لكن اليمن بثباته وقدراته العسكرية مضى إلى الأمام، واستطاع تحييد القدرات العسكرية الأمريكية، وأن يحشر القطع الحربية الأمريكية والبريطانية والغربية في الزاوية.

ومن أبرز تأثيرات العمليات اليمنية على العدو الإسرائيلي وفق ما تطرق إليه السيد القائد ما يلي:

حالة الرعب والخوف الكبير وهروب المغتصبين وهم على فراش النوم بالملايين أثناء دوي صافرات الإنذار مع صول الصواريخ اليمنية إلى العمق الإسرائيلي. توقف حركات الطيران من وإلى مطار [بن غوريون]، وبشكل متكرر؛ مما أدى إلى أن عزوف الكثير من شركات الطيران عن العودة إلى العمل فيه. التأثير على الوضع الاقتصادي جراء العمليات اليمنية المتصاعدة، وهذه الخسائر بالمليارات، كما تؤكد الكثير من التقارير الاقتصادية للعدو نفسه. افلاس ميناء “أم الرشراش”، وعلى الرغم من العدوان الأمريكي البريطاني على بلدنا، وإرسال القطع الحربية والبوارج وحاملات الطائرات إلا أنها فشلت في حماية الملاحة الإسرائيلية، وأصبحت مدينة “ايلات” مسكونة بالرعب والخوف والقلق، وأصبح الصهاينة فيها في حالة خوف دائم، كما يقول السيد القائد عبد الملك الحوثي.

 

فشل أمريكي في حماية الملاحة الإسرائيلية

ويتناول السيد القائد واحدة من أهم ثمار الجبهة اليمنية المساندة لغزة، وهي الفشل الأمريكي في حماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، رغم عدوانه الغاشم على اليمن، الذي بدأ في 12 يناير 2024م، وتحركه العسكري الكبير عبر قطعه البحرية من بارجات وأساطيل وحاملات للطائرات لإخضاع اليمن وحماية الملاحة الإسرائيلية.

ويلفت السيد القائد إلى أن اليمن اشتبك مع حاملات الطائرات لمرات عديدة، “وطردت من مسرح العمليات، ولهذا طُردت [روزفلت]، وطردت [لينكولن]، وتطارد أيضاً الآن حاملة الطائرات [ترومان]، تطارد وتطرد كثيراً من مسرح العمليات، وأصبحت حركة الأمريكي في البحار ليست كما السابق، في البحر الأحمر، وخليج عدن، اعتراضية، ومطمئنة، ومهددة، ومتوعِّدة، ومخيفة للآخرين، ولا أحد يجرؤ على الرد عليها، ولا على الاستهداف لها، شاهد الأمريكي وضعاً مختلفاً تماماً، شاهد أنه أمام من يواجهه، من يتصدى له، من يردُّ عليه بكل قوةٍ وحزم”.

وأمام الاستهداف اليمني لحاملات الطائرات “فشلت أمريكا في ظل هذه الجولة لحماية الإسرائيلي، وعجزت عن ذلك تماماً، وأصبحت عاجزة بالفعل، كانت في البداية تعترض البعض من الصواريخ، البعض من الطائرات المسيَّرة، والآن لا تكاد تحمي نفسها إلَّا بصعوبة مع الهروب، وباتت تطور تكتيكاتها الهروبية، أكثر من التكتيكات الهجومية؛ ولذلك تهرب [ترومان] إلى أقصى شمال البحر الأحمر، وتبتعد عن السواحل اليمنية بأكثر من ألف كيلو، وإذا حاولت أن تتقدم؛ تواجَه وتستهدف، ثم تهرب على الفور من جديد، وتهرب معها القطع التي هي معها، قطع بحرية حربية، في كل العمليات التي تخطط لها تلك الحاملات، يتم طردها بالتزامن مع تلك الترتيبات، وتبتعد هذه المسافة الكبيرة: إلى أقصى شمال البحر الأحمر”، والكلام هنا للسيد القائد.

 

حتمية الزوال للكيان

وفي سياق حديثه عن الصراع مع الكيان الصهيوني، يتناول السيد القائد جزئية مهمة، ظل يرددها في أكثر من خطاب خلال معركة “طوفان الأقصى”، وهي التأكيد على حتمية زوال الكيان الإجرامي، مؤكداً أنه “كيان مؤقت، وزواله محتوم في الوعد الإلهي الذي لا يتخلَّف ولا يتبدَّل”.

ومع ذلك ينبه السيد القائد إلى أن العدو يسعى إلى أن ينفرد بغزة، معطياً بعض الملامح لتحركه في المستقبل القريب، ومنها ما يلي:

تحريك قطار التطبيع من جهة. الحملات والهجمات الدعائية، والمحاولات لإغراق الشعوب في الفتن والأزمات؛ لتنسى فلسطين، هذا هو الهدف: لتنسى فلسطين، لإفراد فلسطين.

ولهذا يكرر السيد القائد ما ابتدأ به في أول خطاب له بعد “طوفان الأقصى” قائلاً :”أنا أقول لكل إخوتنا في الشعب الفلسطيني: لستم وحدكم، ولن تكونوا وحدكم، الله معكم، ونحن معكم، وسنبقى على الدوام معكم حتى تحرير فلسطين كل فلسطين، وزوال الكيان المغتصب، المؤقت، الظالم، الإجرامي”.

* نقلا عن موقع أنصار الله

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الملاحة الإسرائیلیة السید القائد أن البحر الأحمر إلى أن

إقرأ أيضاً:

العدو يمضي في خطط “ضم الضفة”.. توسيع العمليات وتهجير الآلاف واعتقال المئات

يمانيون/ تقارير

يواصل العدو الإسرائيلي تنفيذ مخططه الاستيطاني في الضفة الغربية بدفع المزيد من الأسر الفلسطينية نحو المجهول والنزوح خارج بلداتهم في جريمة لا يبدو أن أحداً يكترث لها من العرب، بينما يمنح الصمت الدولي المجرم الصهيوني الضوء الأخضر للاستمرار فيها نحو تحقيق تهجير كامل وتفريغ الضفة من أهلها، وضمها، ومحو وإعدام هويتها الفلسطينية.

منذ 21 يناير 2025، يشن “جيش” العدو الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق في مخيمات شمال الضفة الغربية، تحت مسمى “السور الحديدي”، بدأت في مخيم جنين وتوسعت لتشمل مخيمي طولكرم ونور شمس. هذه العملية العسكرية، التي تستخدم فيها قوات العدو الدبابات والطائرات الحربية لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية، تهدف إلى تدمير مخيمات اللاجئين، وتهجير سكانها، وتحويلها إلى مناطق عازلة تخدم أهداف العدو الاستيطانية والتوسعية.

العملية العسكرية في مخيم طولكرم مستمرة لليوم الـ 52 على التوالي، وفي مخيم نور شمس لليوم الـ 39، وقد أسفرت عن استشهاد وإصابة واعتقال عشرات الفلسطينيين، وتدمير واسع للمنازل والبنية التحتية، وتهجير الآلاف.

في كل مدينة وقرية داهمتها قوات العدو، تكرر المشهد ذاته: اقتحام همجي للمنازل، ترويع للأطفال والنساء والشيوخ، تحطيم للأثاث والممتلكات، واعتقال تعسفي للشباب والرجال.

في جنين، المدينة الصامدة التي أصبحت رمزاً للمقاومة، كانت العملية العسكرية الأوسع والأكثر دموية، حيث حاصرت قوات العدو المدينة ومخيمها، وشرعت في عمليات تجريف وحرق للمنازل، وحولت بعضها إلى ثكنات عسكرية، والذريعة دائماً جاهزة “ملاحقة المقاومة”. الاعتقالات طالت العشرات من أبناء جنين، الذين اقتيدوا إلى جهات مجهولة، في ظل تعتيم إعلامي كامل على مصيرهم.

وفي مدينة دورا جنوب الخليل، لم تكتف قوات العدو بالاقتحام والاعتقالات، بل عمدت إلى استخدام الرصاص الحي والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع ضد المدنيين العزل، مما أدى إلى إصابة أربعة فلسطينيين على الأقل بجروح متفاوتة كما أقدمت على الاعتداء بالضرب على الفلسطينيين، وإجبار أصحاب المحال التجارية على إغلاق أبوابها.
وفي حي تل الرميدة بالخليل، استغل مغتصبون يهود، بحماية عصابات قوات جيش العدو، الوضع الأمني المتدهور، واقتحموا منزل عائلة فلسطينية واستولوا عليه بالكامل، وحولوه إلى بؤرة استيطانية جديدة. وقد حدث هذا الاعتداء السافر بينما كانت العائلة الفلسطينية خارج المنزل لتناول وجبة الإفطار الرمضاني، وعندما عادت العائلة إلى منزلها، منعها “جيش” العدو من الدخول، وهو صنف من أساليب مصادرة بيوت الفلسطينيين في الضفة، يجري عادةً بالتنسيق بين القوة العسكرية والمغتصبين المسلحين، بينما لا تجد الأسر الفلسطينية سوى طريق المغادرة والخروج مجبرة من بيتها.

وتتصاعدُ هجمات المغتصبين المسلحين في حي تل الرميدة ومناطق أخرى بالخليل، خاصة بعد السابع من أكتوبر، ضمن سياسة الضم التي تتبعها سلطات العدو لتفريغ المدينة من سكانها الفلسطينيين وتهويدها بالكامل.

هذا المخطط العسكري الإسرائيلي يجري بوتيرة عالية في جنين، ويهدف إلى تدمير المدينة ومخيمها، وتهجير سكانها، وتحويلها إلى منطقة منكوبة غير قابلة للحياة. فالعمليات العسكرية المتواصلة في جنين ومخيمها، والتي بدأت منذ فترة طويلة وتصاعدت وتيرتها بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، خلفت حتى الآن 34 شهيداً، واعتقال قرابة 230 مواطناً، ونزوح 21 ألف فلسطيني من المخيم، في كارثة إنسانية بكل المقاييس، حيث النازحون من مخيم جنين يعيشون ظروفاً إنسانية قاسية في المدارس والمراكز الإيوائية المؤقتة، ويفتقرون إلى المأوى المناسب والغذاء والماء والدواء، في ظل تجاهل دولي فاضح لمعاناتهم.

 

كما أنّ الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها مدينة جنين جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية فاقت كل التوقعات، حيث يقدر مدير عام الغرفة التجارية في جنين الخسائر اليومية بـ 8 ملايين دولار، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة في القطاع الخاص والبنية التحتية.

واحد من أشكال الإعدام الاقتصادي هو إغلاق حاجز الجلمة، المعبر التجاري الرئيسي إلى جنين، والذي تسبب بمفاقمة الوضع الاقتصادي أكثر، وعزل المدينة عن العالم الخارجي، وحولها إلى سجن كبير.

يؤكد المسؤولون في جنين أن العملية العسكرية الأخيرة هي الأشد والأكثر خطورة على اقتصاد المدينة منذ الانتفاضة الثانية، وأن التعافي من آثارها سيستغرق وقتاً طويلاً وجهوداً مضنية.

منظمة أطباء بلا حدود حذرت من خطورة الوضع الإنساني في الضفة الغربية، وأكدت أن ما تشهده المخيمات الفلسطينية من تهجير قسري وتدمير غير مسبوق منذ عقود. المسؤولون في المنظمة أكدوا أن الفلسطينيين النازحين من المخيمات لا يستطيعون العودة إلى ديارهم، لأن قوات العدو تمنع الوصول إلى المخيمات وتدمر المنازل والبنية التحتية بشكل ممنهج. المخيمات تحولت إلى أنقاض وغبار، والنازحون يفتقرون إلى المأوى المناسب والخدمات الأساسية والرعاية الصحية، في ظل صمت دولي مخز ومعيب.

المنظمة أكدت أيضاً أن العدو الإسرائيلي يقمع بشكل ممنهج العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرضى، وأن الوصول إلى الرعاية الصحية مقيد بشدة، وأن الوضع الصحي النفسي للفلسطينيين في الضفة الغربية مثير للقلق، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وتصاعد وتيرة العنف والقمع.

 

منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، صعّد “جيش” العدو والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 937 فلسطينياً، وإصابة قرابة 7 آلاف شخص، واعتقال 15 ألفاً و700، وفق معطيات فلسطينية رسمية، في حصيلة دموية تعكس وحشية العدوان الإسرائيلي وتصميمه على تصفية القضية الفلسطينية.

التحقيقات الصحفية والتقارير الميدانية تؤكد أن ما يجري في الضفة الغربية هو جزء من استراتيجية إسرائيلية ممنهجة لإعادة هندسة جغرافية شاملة للضفة الغربية، تمهيداً لضمها بشكل كامل. هذه الإستراتيجية يقودها ما يسمى وزير المالية في “حكومة” العدو سموتريتش، الذي يسعى إلى تحويل الضفة الغربية إلى مستعمرة استيطانية خالصة، وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم معتمداً في ذلك على المغتصبين اليهود الذين جرى تسليحهم وإيكال مهمة التنكيل بالفلسطينيين إليهم، وباتوا الآن يشكلون الجناح التنفيذي الأساسي لهذه السياسة، حيث يمارسون العنف والترهيب ضد الفلسطينيين، ويسهلون عمليات الهدم والمصادرة، ويقودون حملة لما تصفه الأوساط الصحفية العبرية شرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية، في ظل دعم وحماية من “جيش” العدو و”حكومته”.

وبالعودة إلى الوراء يلحظ أن موجة العنف في الضفة الغربية لم تبدأ مع معركة “طوفان الأقصى”، بل كانت نذرها واضحة منذ سنوات، ففي عام 2022، وثقت تقارير الأمم المتحدة استشهاد 154 فلسطينياً، وهو العام الأكثر دموية منذ بدء التوثيق المنهجي في 2008.

وفي عام 2023، تصاعد الوضع بشكل خطير، حيث شهد يناير وحده استشهاد 35 فلسطينياً، أي 3 أضعاف المتوسط الشهري لعام 2022. وبحلول السادس من أكتوبر 2023، أي قبل ساعات من طوفان الأقصى، بلغ عدد الشهداء 198، متجاوزاً حصيلة 2022 بالكامل، ليصبح العام الأكثر دموية حتى ذلك الحين.

ومع اندلاع طوفان الأقصى، تحولت الضفة إلى ساحة تصعيد غير مسبوقة، إذ وثقت بيانات الأمم المتحدة استشهاد 805 فلسطينيين بين أكتوبر 2023 ونهاية 2024، منهم 593 بالذخيرة الحية، في عمليات عسكرية شملت اقتحامات باستخدام الدبابات لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية، ما يؤكد أن العدو الإسرائيلي يستغل الأوضاع الإقليمية والدولية لتنفيذ مخططاته التوسعية والتهجيرية في الضفة الغربية.

في عام 2025، استمر التصعيد باستشهاد 90 فلسطينياً حتى التاسع من مارس الجاري، مع تركيز واضح على مخيم جنين وطوباس ومخيم نور شمس، حيث تشهد هذه المناطق عمليات عسكرية موسعة تشمل استخدام الدبابات والطائرات الحربية داخل الضفة لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية.

منظمة العفو الدولية وصفت هذا العنف بـ”الوحشي”، مشيرة إلى عمليات قتل غير قانونية واستخدام القوة المميتة بشكل غير متناسب، وحرمان المصابين من الرعاية الطبية، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.

 

وسائل إعلام عبرية كشفت أن “جيش” العدو الإسرائيلي وضع خطة لمواجهة ما وصفه بـ”سيناريو الإرهاب” في الضفة الغربية، مستلهماً الدروس المستفادة من هجوم السابع من أكتوبر، في اعتراف ضمني بفشل السياسات الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتزايد المقاومة الفلسطينية.

وأعلن المسمى وزير الدفاع في “حكومة” العدو “كاتس” عن توسيع عملية “السور الحديدي” في شمال الضفة الغربية لتشمل مخيم نور شمس للاجئين، مشدداً على أن “جيشه” دمّر ويدمر البنية التحتية لـ “الجماعات المسلحة” لمنع إعادة بنائها، وأنه لن يسمح لإيران بتأسيس “جبهة إرهابية شرقية تهدد المستوطنات الإسرائيلية”، في محاولة لتبرير العدوان الإسرائيلي على المخيمات الفلسطينية، وتغطية الأهداف الحقيقية للعملية العسكرية، وهي تهجير السكان وتوسيع الاستيطان ومصادرة الضفة تماماً وضمها.

بدوره الموصوف برئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية شلومي بيندر حذر من أن مناقشة قضية التهجير قد تؤدي إلى تصعيد خطير في الضفة الغربية خلال شهر رمضان، في اعتراف ضمني بأن هناك مخططات تهجيرية يجري التخطيط لها وتنفيذها في الضفة الغربية، وأن هذه المخططات قد تؤدي إلى انفجار الأوضاع وتصاعد المقاومة الفلسطينية.

في السياق ذاته كشف موقع “زمان إسرائيل” أن “جيش” العدو الإسرائيلي يقوم بنسخ أساليبه القتالية في غزة إلى شمال الضفة، متبعا أساليب قتالية تشمل هدم المنازل واستخدام القوة الجوية، حيث نشرت قواته مقاطع مصورة لتفجير أكثر من 10 مبانٍ في جنين دفعة واحدة، في مشاهد مروعة تذكر بما يحدث في قطاع غزة.

وفي خطوة تصعيدية أخرى، كشفت تقارير إعلامية أن “جيش” العدو الإسرائيلي يدرس إنشاء مواقع عسكرية دائمة في جنين، ضمن خطة تشمل نشر كتيبة جديدة في المخيم لتنفيذ عمليات عسكرية مستمرة، في محاولة لتحويل المخيم إلى منطقة عسكرية مغلقة، وخنق أي نفس للمقاومة فيه.

كما أفادت “القناة 12 ” العبرية بأن “القوات” عادت إلى تنفيذ عمليات اغتيال جوية في الضفة الغربية، وهو أسلوب إجرامي لم يُستخدم منذ الانتفاضة الثانية، ما يؤكد اعتزام العدو مواصلة جرائمه والمضي قدماً في مخططاته بدعم وشراكة وحماية من الولايات المتحدة.

نقلا عن موقع أنصار الله

مقالات مشابهة

  • 10 سنوات على عاصفة الحزم.. تدوير الفشل في اليمن
  • مفتي الديار اليمنية يشيد بالمواقف المشرفة لضيوف اليمن المشاركين بمؤتمر فلسطين الثالث
  • العدو يمضي في خطط “ضم الضفة”.. توسيع العمليات وتهجير الآلاف واعتقال المئات
  • مفتي الديار اليمنية يشيد بالمواقف المشرفة لضيوف اليمن المشاركين بمؤتمر فلسطين
  • السيد القائد يشيد بالمؤتمر الدولي الـ3 “فلسطين قضية الأمة المركزية” المنعقد في صنعاء
  • السيد القائد يشيد بمؤتمر فلسطين 3 المنعقد في صنعاء
  • إسناد جبهة اليمن معقَّد لدى الأمريكي والإسرائيلي!!
  • قضية فلسطين في اليمن
  • السيد القائد: لن نتفرج على الإجرام الصهيوني في لبنان وسنقف مع الشعب اللبناني وحزب الله في أي تصعيد
  • السيد القائد يوجه رسالة عاجلة لحزب الله