ساعات حاسمة وخوف ممزوج بالأمل قبل تنفيذ الهدنه
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
غزة - د. حكمت المصري: على أحر من الجمر ينتظر سكان قطاع غزة، وبالأخص النازحين منهم انتهاء الحرب، والإعلان عن دخول التهدئة المرتقبة حيز التنفيذ خلال الساعات القادمة، على أمل انتهاء معاناة الحرب المستمرة منذ 16 شهرا، ذاق خلالها النازحين ويلات الحرب والدمار والفقد والجوع بعد نزوحهم من مكان إلى آخر، وعاشوا أوقاتا صعبة جدا لم تكن تراودهم في أسوأ أحلامهم.
بدأ مخيم المدينة وهو احد اكبر مخيمات النزوح في مواصي خانيونس بالاحتفال والتهليل والتكبير حيث تجمع النازحين وسط المخيم من أطفال ونساء وشباب ورجال وشيوخ وهم ينتظرون المؤتمر الصحفي المزمع عقده للحديث حول تطورات مباحثات التهدئة المرتقبة في العاصمة القطرية الدوحة بعد ساعات قليلة كما جاء في الخبر العاجل الذي ورد على اكثر من وسيلة إعلامية، حيث أطلق النازحون الصافرات والتصفيق والتهليل داخل المخيم، مع انتشار أخبار تفيد بأن التهدئة باتت على الأبواب.
يترقب سمير حسن (48 عاما) احد النازحين من شمال غزة الإعلان عن الهدنة، حيث يعاني من مرض مزمن وانسداد في شريان القلب الرئيسي، يحتاج الى مراجعه لدى طبيبه الخاص المقيم في جمهورية مصر العربية.
يقول: "منذ بداية الحرب على قطاع غزة لم أحصل على العلاج لعدم توفره هنا في غزة في ظل نقص الأدوية، وضعي الصحي يتأخر يوما بعد يوم، حصلت على تحويله طبية من وزارة الصحة الفلسطينية للعلاج في الخارج في شهر مارس الماضي، لكن معبر رفح البري الذي اغلقه الاحتلال الإسرائيلي أحال بينى وبين السفر، ما تسبب في تدهور أوضاعي الصحية أكثر وأكثر".
وقد أكدت منظمة الصحة العالمية أن هناك اكثر من 12 ألف مريض على الأقل في غزة بحاجة للإجلاء الطبي، وقد توقفت عمليات الإجلاء الطبي، وباتت تقتصر على أعداد قليلة جدا، منذ أن أغلقت قوات الاحتلال معبر رفح البري الفاصل عن مصر مما تسبب بوفاة العديد منهم نتيجة نقص الإمكانيات والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاجهم داخل مستشفيات قطاع غزة.
وأعرب نازحون فلسطينيون في مواصي خانيونس جنوب قطاع غزة، عن تطلعهم لبدء الهدنة كانوا يتجمعون للتكبير والتهليل وكأنهم يعيشون ليلة العيد. ينتظرون بفارغ الصبر اللحظة التي سيسمح لهم بها في العودة إلى منازلهم التي هُجروا منها قسرًا تحت وطأة القصف الإسرائيلي المكثف منذ اليوم الأول للحرب، سمير خليل (55 عامًا)، من حي الصبرة بغزة وقد نزح اكثر من مره حتى استقر به الأمر للعيش في مواصي خانيونس قال إن "التهدئة فرصة ممتازة لوقف إراقة الدماء في غزة، رغم الفقد الذي تعرضنا له، سنعود الى بيوتنا التي هُدمت بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل، سأحمل خيمتي أقيمها على انقاض بيتى المدمر، وسنعيد بناءها وزراعة أراضيها، لن نترك غزة بل سنبقي متشبتين في أرض آبائنا وأجدادنا ولن نفرط في شبر من غزة العزة".
يذكر ان الحرب على غزة والتى بدأت في السابع من أكتوبر عام 2023م قد تسببت في نزوح نحو 2.2 مليون فلسطيني من أصل 2.3 مليون في غزة بعد تهجير شمال قطاع غزة (بيت لاهيا، بيت حانون، جباليا) قبل شهرين تقريبًا، حسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
قال ثائر أبو عطيوي المحلل السياسي الفلسطيني، أن سريان الهدنة خلال الساعات القادمة في قطاع غزة، ستكون بمثابة فك لحصار إنساني ثقيل كان جاثما على صدور أهل غزة جميعا، وسببا لمعاناة حقيقية خاصة في مناطق الإيواء ومخيمات النزوح المختلفة، ذلك على كافة المستويات الإنسانية، فضلا عن فقدان الأرواح والممتلكات.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
دوافع التهدئة بين إسرائيل وحماس: محطات وتحديات (الرابحون والخاسرون)
بعد أكثر من 15 شهرًا أسفل آلة القتل الإسرائيلية، آن للشعب الفلسطيني أن يتنفس الصعداء، ويفشلون أكبر المخططات التي حيكت في الظلام الدامس لتهجريهم من بيتوهم لانقضاض إسرائيل عليها، بمساندة باتت واضحة لكل لبيب من المعسكر الغربي" الولايات المتحدة الأمريكية، بالعتاد والسلاح، والإغداق بالأموال على قادة الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ المخطط، والحقيقة الدامغة أنهم لا يعلمون أن العشعب الفلسطيني ليس لقمةً سائغةً يلوكها أصحاب المصالح ويتقاسم أراضيهم أصحاب الهوى، ليعطون من لا يستحق ما لا يملكون.
المملكة السعودية تُعرب عن ترحيبها باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة أردوغان يرحب بإعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزةولعل هناك العديد من النقاط التي يجب تسليط الضوء عليها لتحليل اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل يمكن حصرها في التالي:
أولًا: 7 أكتوبر 2023 وإجهاض المخططات
ثانيًا: تحديات بين الأطراف الداخلية(الفصائل)
ثالثًا: دور مصر المحوري في إحلال السلام(فلسطين في القلب)
رابعًا: الرابحون والخاسرون من الحرب في غزة
خامسًا: تداعيات اتفاق الهدنة على إسرائيل
• 7 أكتوبر 2023 وإجهاض المخططات
جليًا علينا ردود الفعل المتباينة التي خرجت منذ شن حماس الهجوم على جيش الكيان الصهيوني، تلك الفقاعة التي روج لها أنها لا تقهر ومن أقوى الجيوش، وهو ما يناقض الواقع حيث فشلت الاستخبارات في توقع الهجوم المباغت الذى شنته حركة حماس في 7 أكتوبر 2023 والذي أذهل العالم أجمع، ولعل ذلك يكشف جملة من الاعتبارات منها: أن الجيش الإسرائيلي هش وضعيف ولولا جبهات الإسناد من المحور الغربي لسقط مغشيًا عليه عقب أسبوع من الهجوم.
كما أن من أسباب تفوق حماس على الجيش الإسرائيلي تمرس جنود المقاومة في قتال الشوارع، مقارنة بالجيوش النظامية التي لا تجيد القتال وسط البنايات والمنازل المهدومة، ورأينا كيف يخرج المقاتل الفلسطيني في عشرات المقاطع وهو يقصف دبابة ميركافا ويقصف تجمعات الجيش الإسرائيلي في العديد من المحاور المختلفة في غزة.
أيضًا إسرائيل تيقنت عقب الخسائر من الحرب أن مخطط التهجير القسري فشل فشلًا ذريعًا، عقب صمود الشعب الفلسطيني، والذي ضرب أروع الأمثلة في الدفاع عن الأرض، لذا تسبب ذلك في إجهاض المخططات ودفع من نسجوا خيوطها إلى التراجع للوراء وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، وتيقن جميع صناع القرار أن فكرة القضاء على حماس التي روج لها نتيناهو رئيس الوزراء الإسرائيلي مستحيلة، ولا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، وانها حرب عبثية لا طائل منها، وأصبح الاتقاق على الهدنة هو الحل الوحيد لإحلال السلام، والمرهون بالتهدئة.
• تحديات بين الأطراف الداخلية (الفصائل)
وعقب الوصول لاتفاق بين إسرائيل وحماس، يجب أن ينظر الجميع في الداخل الفلسطيني إلى مصلحة البلاد، وتنحية جميع الخلافات جانبًا لإعادة بناء الدولة الفلسطينية، خاصة أن ذلك يبعد فكرة تعميق الانقسام بين الفصائل المختلفة، ويجهض المخططات التي تدعم شيطنة الأرضية المشتركة، وتضعف جبهات القتال مع الجيش الإسرائيلي، وهو ما يفتح الباب إلى عدم تحقيق أي تطلعات للشعب الفلسطيني الجريح والذي يعانى من ويلات الحرب، ودفع فاتورة من دماء أبنائه.
لذا يجب عدم إقصاء أي طرف شارك في مجابهة العدوان الإسرائيلي الهمجي على الفلسطينين، ما يعني دعم التوافق الوطني في البلاد، ولعل المشاركين في إتمام اتفاق التهدئة يدعمون ذلك المسار، لعدم وجود خلافات تظل عالقة بين أحلام الشعب االفلسطيني، وبين الاستقرار والتفرغ لبناء الدولة، وجميع التجارب تثبت أن الإقصاء معول من معاول الهدم، ويعطي الفرصة للأطراف المعادية إلى الدخول على الخط وإحداث فتنة وقلاقل بالبلاد.
• دور مصر المحوري في إحلال السلام ( فلسطين في القلب)
منذ نكبة 1984 حتى اتمام اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل برعاية مصرية - قطرية - أمريكية، والدولة المصرية تثبت يومًا بعد يومًا أن القضية الفلسطينية، هي المركزية وتدافع عن حقوق الفلسطينيين سياسيًا ودبلوماسيًا وإنسانيًا، وظهر ذلك جليًا في تكثيف التشاور مع الرئيس عبد الفتاح السيسي من جميع قادة العالم للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، ويأتي ذلك اعترافًا بدور المصري المحوري في إحلال السلام في الشرق الأوسط، وهي المسئولية التاريخية لذا إطلاق الشقيقة الكبرى على القاهرة، ليس من فراغ.
وتاريخيًا فقد تخضبت الأراضى الفلسطينية بالدماء المصرية، فقد شاركت القاهرة في حرب فلسطين عام 1948، ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى وكان الجيش المصري فى مقدمة الجيوش العربية التى دافعت عن الأرض والشعب الفلسطيني.
• الرابحون والخاسرون من الحرب في غزة
عقب 466 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي بدأت بعد عملية 7 أكتوبر 2023، وتوجت بالوصول إلى الاتفاق بين الطراف لإنهاء الصراع الدائر، بالطبع هناك خسائر للمعركة، فوفقًا لوزارة المالية الإسرائيلية، تكبدت تل أبيب ما يصل إلى 125 مليار شيكل "نحو 34.09 مليار دولار" منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، كما سجلت إسرائيل عجزًا في الميزانية قدره 19.2 مليار شيكل "نحو 5.2 مليار دولار" في ديسمبر.
وعن الخسائر للجانب الفلسطيني، ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية في آخر إحصائية عن ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 46,707،أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء العدوان، وأن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 110,265 جريحا، في حين لا يزال آلاف من الضحايا تحت الأنقاض.
• تداعيات اتفاق الهدنة على إسرائيل
من الواضح أن هناك تخبطًا واضحًا بشأن اتمام صفقة الهدنة وتبادل الأسرى مع حماس، خاصة أن هناك انقسامًا حادًا بين مؤيدًا للصفقة ورافض لها، ما يعني دعم استمرار الحرب، في ظل تزايد الضغط الشعبي على الحكومة لإنجاز صفقة التبادل، بينما وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير هو أول من دعا علنا إلى وقف الصفقة واصفًا بأنها " استسلام لحماس"، داعيًا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش للتعاون لإبلاغ نتنياهو بأن تمرير هذه الصفقة يعني انسحابهم من الحكومة، بينما أعربت المعارضة بقيادة يائير لبيد عن دعمها للاتفاق وإتمام الصفقة لتبادل الأسرى، والسؤال الآن هل تشتمر الهدنة ام يرضخ نتنياهو مرة أخرى لليمين المتطرف ويعود لشن الهجوم وتعود الحرب؟، ذلك السؤال مرهون بالضغوط الخارجية على الأطراف المعارضة للهدنة وإحلال السلام بالشرق الأوسط.
•الخلاصة
- يمكن القول أن اتمام صفقة التبادل يعكس مدى تعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للضغوط الخارجية، للقبوص بالصفقة، لاستشعار المعسكر الغربي الداعم لإسرائيل أن الحرب لن تحقق أهدافها، والتي لا طلما روج لها عبر الإعلام الإسرائلي، والتي من بينها القضاء على حماس وتسليم أسلحتها شريطة توقف الحرب، وما حدث هو عدم الاستسلام، نحن الآن أمام اتفاق بأطراف مختلفة يرمي إلى الهدوء وتوقف القتال في غزة.
- اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل مرهون بمدى الضغوط من الدول الراعية لتوقف القتال، والعمل بشكل متواصل لإنجاح الصفقة وعدم وجود عراقيل قد تعيق إتمام الاتفاق، والمرجح أن تمر الصفقة ولكن هناك أطراف خاسرة من ذلك، وعلى رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي من جانب اليمين المتطرف، وتبخر الوعود بمحو حماس، وهو ما يضع الحكومة على المحك، ويفتح الباب أمام المحاكمة لـ"نتنياهو" على الإخفاق الواضح في الحرب.