عندما يُسجن الفاسدين الكبار في باكستان والكويت.. لماذا يصمت العراق؟
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
17 يناير، 2025
بغداد/المسلة: شهدت الأيام القليلة الماضية سلسلة من الأحكام القضائية البارزة التي أثارت ضجة إقليمية ودولية، حيث حكم على رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان بالسجن 14 عامًا بتهمة الفساد، وعلى زوجته بالسجن سبع سنوات في قضية اختلاس أموال. وفي الكويت، صدر حكم مماثل على وزير الداخلية والدفاع السابق، الشيخ طلال الخالد، بالسجن 14 عامًا في قضيتي استيلاء على المال العام، مع إلزامه برد عشرات الملايين من الدنانير.
هذه الأحكام ألقت بظلالها الثقيلة على الأجواء العراقية، حيث يعيش المواطنون حالة من الترقب والحسرة، وهم يشاهدون تحركات صارمة ضد الفساد في الدول، بينما يعاني بلدهم من تفشي الفساد وغياب المحاسبة.
العراق، الذي يرزح تحت وطأة سرقات ممنهجة للمال العام منذ عام 2003، يفتقد إلى خطوات جادة تُظهر نية صادقة في اجتثاث هذه الآفة.
القضايا الكبرى في العراق غالبًا ما تظل طي الأدراج، مشلولة بين تحقيقات شكلية وصفقات سياسية تغلق الملفات دون محاسبة. المسؤولون المتورطون، الذين يعرفهم الجميع، لم يُروا خلف القضبان، بل على العكس، تحولت الأموال المنهوبة إلى استثمارات ومشاريع خارجية، بينما يواجه المواطن البسيط انعدام الخدمات الأساسية وانهيار البنية التحتية.
غياب العدالة في العراق يعكس تعقيد المشهد السياسي أكثر من كونه عجزًا قضائيًا، و ملفات الفساد أصبحت أدوات ابتزاز وتصفية حسابات بين الأطراف السياسية، حيث يُتهم بعض المتنفذين بحماية الفاسدين وتوظيف قضاياهم لتحقيق مكاسب شخصية.
ورغم أن الحكومات المتعاقبة رفعت شعار مكافحة الفساد، فإن الشعب العراقي لم يشهد إجراءات تضاهي ما حدث في الكويت أو باكستان.
الأمثلة القريبة، كاستعادة الكويت 10 ملايين دينار من وزير واحد، تسلط الضوء على التناقض المرير في العراق، حيث الفاسدون الكبار يواصلون بناء إمبراطورياتهم دون أن يطالهم القانون.
العقارات والأرصدة والمشاريع العملاقة التي أسسها هؤلاء باستخدام أموال الشعب، أصبحت رمزًا لفشل النظام في محاسبة “الحيتان الكبيرة”، بينما يكتفي بملاحقة صغار الموظفين.
العراقيون، الذين يرون أنفسهم متفرجين على قصص نجاح الدول الأخرى في مكافحة الفساد، يتساءلون:
متى تصبح تجربة القضاء على الفساد في بلدان الجوار واقعًا في العراق؟.
الإجابة تحتاج إلى نظام صارم يضع مصلحة الشعب فوق المصالح الشخصية، ويحول المحاسبة من مجرد شعارات إلى واقع ملموس.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: فی العراق
إقرأ أيضاً:
المفوضية تواجه اختبار الثقة مع بدء تحديث البيانات
25 مارس، 2025
بغداد/المسلة: أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بدء عملية تحديث سجلات الناخبين، في خطوة تمهد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
العملية التي انطلقت الثلاثاء تستهدف إدخال بيانات جديدة، وتعديل الأخطاء، وإضافة الناخبين الجدد، إضافة إلى تسجيل النازحين والقوات الأمنية، ما يعكس تحضيرات واسعة لضمان نزاهة وكفاءة العملية الانتخابية.
وأكدت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، أن 1079 مركز تسجيل في عموم العراق ستكون مفتوحة لاستقبال المواطنين الراغبين في تحديث بياناتهم خلال فترة تستمر شهراً واحداً. وتشمل عملية التحديث تقديم وثائق ثبوتية، مثل البطاقة البايومترية والبطاقة الوطنية الموحدة، إلى جانب مستندات أخرى تثبت محل الإقامة أو تحدد وضع الشخص القانوني في حال الوفاة.
الانتخابات والاستعدادات اللوجستية
إطلاق عملية تحديث السجلات يأتي ضمن استعدادات مبكرة تشير إلى توجه جاد نحو تحسين آليات الاقتراع وتقليل فرص التزوير والتلاعب. وتشكل الانتخابات في العراق اختباراً مهماً لثقة الناخبين في النظام الديمقراطي، خاصة في ظل ما شهدته السنوات الماضية من تحديات تتعلق بالتزوير وانخفاض نسب المشاركة.
ويثير ملف تحديث السجل الانتخابي جدلاً في الأوساط السياسية، إذ يرى البعض أن هذه الخطوة ضرورية لضمان شفافية الانتخابات، فيما يخشى آخرون من إمكانية استغلالها في التلاعب بالسجلات لصالح أطراف معينة.
مغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي أبدوا قلقهم من أن تكون عملية التحديث شكلية، أو أن تعيد إنتاج المشكلات التي رافقت انتخابات سابقة، فيما أيد آخرون الخطوة باعتبارها ضرورة لضبط عملية التصويت ومنع تكرار الأصوات.
الرهان على المشاركة الشعبية
ملف المشاركة في الانتخابات يظل محورياً في المشهد السياسي، إذ تشير الإحصاءات إلى تراجع الإقبال الشعبي على صناديق الاقتراع في الدورات الأخيرة. انتخابات 2021، على سبيل المثال، شهدت نسبة مشاركة بلغت نحو 41% فقط، وهي الأدنى منذ 2005، ما يعكس حالة من العزوف الانتخابي المدفوع بالإحباط من الطبقة السياسية.
محاولات تحفيز الناخبين للمشاركة قد تصطدم بعدم الثقة في قدرة الانتخابات على إحداث تغيير حقيقي فيما تظل استجابة المواطنين لهذه الدعوات مرهونة بإجراءات حقيقية تكفل عدم تكرار أخطاء الماضي، وسط مطالبات بتفعيل الرقابة المستقلة وإيجاد آليات جديدة لضمان نزاهة الاقتراع.
وإطلاق تحديث سجل الناخبين يعكس توجه المفوضية نحو التحضير المبكر للاستحقاقات المقبلة، لكنه يضعها أمام اختبار حقيقي لإثبات قدرتها على إدارة العملية الانتخابية بشفافية. في حين ان التفاعل الشعبي مع هذه الخطوة سيكون مؤشراً على مدى الثقة بالمؤسسات الانتخابية، فيما تبقى التحديات السياسية والأمنية عاملاً حاسماً في تحديد مستقبل المشهد الانتخابي في العراق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts