روسيا وإيران توقعان شراكة استراتيجية شاملة
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
موسكو "أ ف ب": أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان بميثاق الشراكة الذي وقع اليوم بين الطرفين والذي من شأنه "إعطاء زخم" جديد للتحالف القائم بين موسكو وطهران اللتين تقيمان علاقات متوترة مع الغرب.
وفي السنوات الأخيرة، توطّد التحالف القائم بين روسيا وإيران الخاضعتين لعقوبات دولية تقيّد مبادلاتهما في ظلّ تنامي المواجهة مع الولايات المتحدة والأوروبيين.
تسعى طهران وموسكو، إلى جانب بكين، إلى التصدّي للنفوذ الأمريكي. ونسجتا علاقات وطيدة في عدّة مجالات وتتقارب مواقفهما في ملفّات دولية كثيرة، من الشرق الأوسط إلى النزاع في أوكرانيا.
وتكبد البلدان خسائر وتراجع نفوذهما خصوصا في ديسمبر مع سقوط حكم حليفهما بشار الأسد.
ووقع الرئيسان الجمعة "اتفاق شراكة استراتيجية شاملة" في كل المجالات بما فيها المجال العسكري. ولم ينشر محتوى الوثيقة بعد.
وقال بزشكيان من الكرملين اليوم إن الاتفاق "سينشط روابطنا ويعززها" وسيشكل "أساسا متينا" للعلاقات بين البلدين
وأشاد بوتين بالاتفاق مؤكدا أنه "يوفر لنا الفرصة لإعطاء زخم إضافي لجميع مجالات التعاون تقريبا".
وعقد الرئسان مؤتمرا صحفيا بعد مراسم التوقيع، وفق الرئاسة الروسية.
وعقد هذا اللقاء قبل أيّام من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، هو الذي عُرف بسياسة "الضغوط القصوى" إزاء إيران خلال ولايته الأولى (2017-2021).
ويتمحور الاتفاق على "التعاون الاقتصادي والتجاري في مجالات الطاقة والبيئة والمسائل المرتبطة بالدفاع والأمن"، وفق ما كشفت السفارة الإيرانية في موسكو الأسبوع الماضي.
وفي مقال نشرته وكالة الأنباء الروسية ريا نوفوستي، كتب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي "هي خطوة نحو عالم أكثر عدلا وتوازنا. فإيران وروسيا، إدراكا منهما لمسؤوليتهما التاريخية، ترسيان أسس نظام جديد".
وكشف أن الفكرة تقضي بأن يحلّ "التعاون" محلّ "الهيمنة"، في تلميح إلى القوى الغربية.
وصرّح نظيره الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء أن الهدف من هذه المعاهدة يقوم على "تطوير قدرات" البلدين، لا سيّما من أجل "ضمان قدرة دفاعية موثوقة".
وشدّد على أن الاتفاق "ليس موجّها ضدّ أحد"، مشيرا إلى أن الغرب يسعى "دوما" إلى إظهار أن "روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية تدبّر شيئا ما ضدّ جهة ما".
وما زالت ملامح الاتفاق غير واضحة، غير أن موسكو أبرمت اتفاقا يحمل الاسم عينه العام الماضي مع كوريا الشمالية ينصّ في أحد بنوده على "مساعدة عسكرية فورية" في حال تعرّض أحد البلدين لاعتداء من طرف آخر.
لكنّ وزير الخارجية الإيراني أكّد هذا الأسبوع، بحسب وسائل إعلام روسية، أن المعاهدة مع طهران لا ترمي إلى "إنشاء تحالف عسكري" شبيه بذاك المبرم بين موسكو وبيونغ يانغ.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
العلاقات الاقتصادية بين قطر وإيران.. آفاق وتحديات
طهران– شهدت العاصمة الإيرانية طهران، أمس الأربعاء، لقاء بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وأكد الأمير أهمية استكشاف فرص التعاون الجديدة، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس الإيراني الأخيرة إلى الدوحة ساهمت في تطوير العلاقات الثنائية.
نمو متزايدوشهدت العلاقات الاقتصادية بين إيران وقطر تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، ففي عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 208 ملايين دولار، مرتفعا من 143 مليون دولار عام 2021، وهي زيادة بنسبة 45% خلال عامين.
وفي الأشهر الأولى من العام الإيراني الحالي (20 مارس/آذار حتى 20 مايو/أيار 2024)، سجل التبادل التجاري نموا إضافيا بنسبة 41% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وتتضمن الصادرات الإيرانية إلى قطر المنتجات الزراعية والفواكه المجففة ومواد البناء والمعادن والسجاد والمنتجات البحرية.
ورغم هذا النمو، فلا يزال حجم التبادل التجاري الحالي (المقدر بنحو 220 مليون دولار) دون مستوى الطموحات المشتركة، لذا، تم تحديد هدف لمضاعفة هذا الرقم خلال العام المقبل، مما يعكس إرادة البلدين القوية لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستفادة من الإمكانيات المتاحة.
إعلانويسعى البلدان إلى تعزيز التعاون في مجالات متعددة، بما في ذلك تطوير الموانئ والبنية التحتية للنقل البحري، بهدف تسهيل حركة السلع وزيادة حجم التبادل التجاري.
انعكاس التحدياتمع اتساع التعاون الاقتصادي بين إيران وقطر، شهد التبادل التجاري بين البلدين نموا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، إذ بلغ حجمه 265 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، مسجلا ارتفاعا بنسبة 53% مقارنة بالفترة ذاتها من 2023.
في هذا السياق، أكد نائب رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران وقطر علي غوابش أن هذا النمو يعكس توجه البلدين نحو تعزيز الشراكة الاقتصادية وتنويع الاستثمارات في مجالات مختلفة، أبرزها الزراعة، والطاقة، ومواد البناء، والنقل.
وأضاف أن الصادرات الإيرانية إلى قطر تشمل المنتجات الزراعية، والزعفران، والسجاد، والمنتجات البحرية، في حين تتوسع الاستثمارات القطرية في قطاع الطاقة والبنية التحتية اللوجستية.
ورغم الفرص المتاحة، فإن غوابش أشار -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران تشكل تحديا رئيسيا، خاصة فيما يتعلق بالتحويلات المالية وفتح الاعتمادات المستندية، ومع ذلك، أكد أن البلدين يعملان على إيجاد حلول بديلة، مثل استخدام العملات المحلية، وتعزيز التعاون المصرفي عبر دول وسيطة، وتطوير البنية التحتية للنقل البحري والبري.
وحول آفاق التعاون المستقبلي، أوضح غوابش أن ثمة مشاريع قيد الدراسة تشمل توسيع خطوط النقل البحري، وزيادة الاستثمارات المشتركة في قطاع اللوجستيات، وتعزيز التعاون في مجال السياحة والطاقة.
وأشار إلى أن تطوير البنية التحتية التصديرية في إيران سيعزز من قدرتها على توفير المنتجات الغذائية والسلع الأساسية للسوق القطري.
العقبات الاقتصاديةوفي حديث للجزيرة نت، قال أستاذ الاقتصاد آيزاك سعيديان إن العلاقات الاقتصادية بين إيران وقطر شهدت تراجعا كبيرا في السنوات الأخيرة، ووصلت إلى أدنى مستوياتها.
إعلانوأرجع سعيديان هذا التراجع إلى العقوبات الدولية المفروضة على إيران، مشيرا إلى أن التجار القطريين يسعون إلى تجنب التعامل مع إيران خشية التعرض للعقوبات الأميركية، كما أن عدم إقرار قوانين مجموعة العمل المالي (FATF) -المختصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح- داخل إيران يشكل عائقا إضافيا أمام التعاون الاقتصادي، إذ يدفع المستثمرين القطريين إلى اتخاذ موقف أكثر تحفظا تجاه السوق الإيرانية.
وأوضح سعيديان أن العقوبات لعبت دورا حاسما في عزل الاقتصاد الإيراني عن الأسواق العالمية، مما أدى إلى تقييد فرص التعاون التجاري مع الدول الأخرى، بما في ذلك قطر.
وعلى الرغم من رغبة القطاع الخاص في كلا البلدين في تعزيز التعاون الاقتصادي، فإن العوائق المصرفية، وصعوبة تحويل الأموال بين البلدين، والمخاطر القانونية التي قد تواجه التجار القطريين عند التعامل مع إيران، جعلت التعاون محدودا وغير مستقر.
وحول الاستغلال المشترك لحقول الغاز بين البلدين، أشار سعيديان إلى أن قطر استطاعت استثمار مواردها بكفاءة، ونجحت في تطوير بنيتها التحتية، واستقطاب استثمارات أجنبية ضخمة، مما أدى إلى تعزيز قطاعها الطاقوي والسياحي.
في المقابل، رغم أن إيران تمتلك احتياطات غاز أكبر، فإنها لم تتمكن من جذب الاستثمارات الأجنبية اللازمة، خاصة من الشركات النفطية الأميركية، التي باتت ترى السوق الإيرانية منطقة محظورة بسبب العقوبات والسياسات الداخلية.
وأوضح سعيديان أن قطر، رغم صغر مساحتها مقارنة بإيران، استطاعت الاستفادة القصوى من مواردها من الغاز، وجذب استثمارات أجنبية كبيرة، مما ساهم في تعزيز اقتصادها، بينما تواجه إيران تحديات كبيرة، أبرزها عدم قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، والاختلالات الهيكلية في قطاع الطاقة، إضافة إلى العقوبات التي أعاقت تطوير بنيتها التحتية.
إعلان التوقعات المستقبليةوفيما يتعلق بآفاق التعاون المستقبلي، أكد سعيديان أن ثمة فرصا كبيرة لتعزيز التعاون بين البلدين، لا سيما في قطاعي النفط والغاز، إذ يشتركان في حقل غاز مشترك، لكنه شدد على أن قطر تتعامل بحذر شديد في علاقاتها الاقتصادية مع إيران، مدركة حجم المخاطر التي قد تترتب على ذلك.
وأضاف أن تعزيز التعاون الاقتصادي قد يساهم في تخفيف التوترات السياسية بين إيران ودول الخليج، لكن التحدي الأكبر يكمن في الوضع الاقتصادي الإيراني المتأزم.
وأوضح أن إيران لم تتمكن بعد من تحقيق نمو اقتصادي مستدام، حيث تتجاوز معدلات التضخم 50% وتتجه نحو 60%، مع استمرار تراجع قيمة العملة الوطنية.
وأشار إلى أن عدم قدرة إيران على إعادة ربط نظامها المصرفي بشبكة سويفت العالمية للتحويلات المالية، وعدم تنفيذها لإصلاحات مجموعة العمل المالي، التي ما زالت بسببها مدرجة في القائمة السوداء، يجعل إقامة علاقات اقتصادية مستقرة مع الدول الأخرى أمرا صعبا.
وقال إن غياب هذه المتطلبات الأساسية يجعل إيران غير قادرة على توظيف أدواتها الاقتصادية بفعالية لحل النزاعات السياسية أو تحسين علاقاتها التجارية مع دول الجوار.