موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب في حضرة الفن بدار الأوبرا السلطانية مسقط
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
رحلة في فضاءات الفن الجميل، حيث الطرب الأصيل، وتاريخ الموسيقى العربية، المتمثلة في أيقونة معرض الفنان محمد عبدالوهاب موسيقار الأجيال بدار الأوبرا السلطانية مسقط، الذي يسلط الضوء على حياته وإرثه الفني، لكل عشاق الفن العربي الأصيل ومتذوقيه، بحضور أحفاد الموسيقار الراحل في افتتاح أقيم أمس .
يقدم المعرض تأثير عبد الوهاب البارز في تاريخ الثقافة والموسيقى العربية، ويجمع بين الفن والتكنولوجيا الحديثة لتقديم تجربة جديدة لا تُنسى، ويتيح للمهتمين بالفنان الراحل الوقوف على أبرز محطاته الفنية، والتنقل في خطوات اشتغاله الفني، متضمنا المعرض سردا تاريخيا لحياته وفنه وإسهاماته للمكتبة العربية الموسيقية، إضافة إلى اشتراكه بالعمل برفقة غيره من الفنانين أبرزهم الفنانة الراحلة أم كلثوم، بل وكان هو لبنة اللحن الجميل الذي خلد في تاريخ الأغنية العربية.
صور عديدة ومميزة ونادرة للفنان محمد عبدالوهاب يحويها المعرض، بل أنت تتوغل في عالم مليء به، عالم به قطع خاصة بالفنان، وأبرز ملصقات الأفلام التي كانت من أغانيه، وتشعر أنك في معرض "عبدالوهاب" أنك في حضرته، بصوت أغانيه، وموسيقى ألحانه، ومع وجود قطع فنية موسيقية خاصة به بالمعرض، وقطع أخرى تخص "أم كلثوم" تشعر بأنك في جولة في فضاء الفن الطربي الأصيل وتعود للزمن الجميل.
كان محمد عبد الوهاب أحد أشهر المغنين والملحنين والممثلين في الشرق الأوسط، توفي في 3 مايو 1991 عن عمر يناهز 90 عامًا بعد مسيرة فنية امتدت 74 عامًا. خلال تلك العقود، ارتقى من أصول متواضعة ليصبح نجما للأغنية المصرية وأسطورة في الموسيقى العربية الحديثة. لُقب بـ"موسيقار الأجيال"، واستمتع الناس من جميع الأعمار بموسيقاه لسنوات عديدة. خلال مسيرته الفنية الطويلة التي بدأت في سن المراهقة، لحن لنفسه ولغيره من كبار المطربين العرب أكثر من 1800 أغنية رومانسية ووطنية. وقد حقق شهرة واسعة من خلال تعاونه مع أم كلثوم، أشهر مطربة عربية في ذلك الوقت.
تزامن بدايته الفنية مع نهضة الموسيقى العربية في الشرق الأوسط. وطوال مسيرته، كان دائمًا يسعى إلى إيجاد طرق جديدة لإثراء الأغاني التقليدية، حيث غالبًا ما كان يجمع بين الألحان الشرقية والأنماط الغربية. مثّل جيلًا في طور التحول، وكان مسؤولا عن تغييرات جذرية في الموسيقى العربية، ويُعزى إليه الفضل في منح الأغاني العربية الحديثة شكلها الموسيقي الحالي. وقد أسرت موسيقاه التي تجمع بين الآلات الموسيقية الغربية على أساس من الألحان العربية قلوب الملايين، مما جعله شخصية موسيقية محبوبة للغاية.
انتشر غناء عبد الوهاب في جميع أنحاء العالم العربي، وخلال حياته، أشادت معظم البلدان العربية به وبأعماله وأوسمته. كرمته مصر بجنازة عسكرية مهيبة في مسجد الرضا بالدواوين في القاهرة لتوديعه وختام عصر موسيقي جميل.
سلسلة الاحتفاء بالموسيقار محمد عبدالوهاب..
تجدر الإشارة إلى أن دار الأوبرا السلطانية مسقط تقدم جملة من الفعاليات الموسيقية المختلفة خلال هذه الفترة، تحتفي فيها بـ"عبدالوهاب" وإرثه الموسيقي من خلال برنامج متكامل لتكريم الموسيقار الراحل، وتأثيره الدائم على الموسيقى العربية، فإضافة للمعرض الذي يستمر في فتح أبوابه حتى 28 من فبراير المقبل، سيقدم الدكتور ناصر مع الدكتور محمد الصمودي جلسة حوارية في 12 فبراير المقبل، يستعرض فيها الإرث الخالد لمحمد عبد الوهاب عبر مناقشة معمّقة لأعماله الموسيقية وأفلامه، وسيسلّط هذا الحديث الضوء على العديد من أقسام المعرض.
وفي الرابع عشر من فبراير سيلتقي الدكتور ناصر الطائي مع أحفاد الموسيقار الراحل بجلسة حوارية، وفي 15 فبراير تقدم أمسية موسيقية بعنوان " تحية إلى موسيقار الأجيال: محمد عبدالوهاب" حيث يقدّم الفنانان علي الحجار ومحمد محسن مجموعة من أشهر أغاني محمد عبد الوهاب الرومانسية والوطنية، وفي تاريخ 17 فبراير تقدم الدار "سلسلة موسيقى الآلة (روح الشرق)" وهي تواصل لأمسيات موسيقى الآلة التي تضم نخبة من الموسيقيين الموهوبين على مسرح دار الفنون الموسيقية، وفي ذات اليوم تستعرض الجلسة الحوارية التي يقدمها الدكتور ناصر الطائي بحضور "شيرين ناصر"، أهمية "لقاء السحاب" بين محمد عبد الوهاب وأم كلثوم. وتسليط الضوء على الكيفية التي أثّر بها تعاون هذين العملاقين في مسيرة الأغنية العربية، وما أضافاه من ثراءٍ فنيّ وثقافيّ لتاريخ الموسيقى العربية، وفي اليوم الذي يليه يعرض فيلم "محمد عبدالوهاب.. رصاصة في القلب" الذي يجسد براعة الموسيقار وموهبته الموسيقية التي غيّرت مسار الموسيقى العربية، ويتبع العرض نقاش عن الفيلم مع ناقد موسيقي وناقد سينمائي.
كما سيكون جمهور الدار على موعد مع حفل ثان من الحفلات الموسيقية "تحية إلى موسيقار الأجيال: محمد عبدالوهاب" في 20 من فبراير، ويسلّط الضوء هذا الحفل على روائعه التي ألّفها لكوكب الشرق أم كلثوم. ينضم إلى هذا الحفل كلٌّ من الفنانتين ريهام عبد الحكيم وجاهدة وهبة لأداء أروع المقطوعات التي جمعت بين هذين العملاقين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الموسیقى العربیة موسیقار الأجیال محمد عبد الوهاب محمد عبدالوهاب أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
الحرب الناعمة ومؤامرة تدمير الأجيال.. كيف تحصّن الدورات الصيفية الأجيال؟
في ظل التحديات الكبرى التي تواجه الأمة، تبرز الحرب الناعمة كأخطر أدوات الاستهداف التي تستخدمها قوى الاستكبار العالمي لإضعاف الشعوب والسيطرة عليها دون الحاجة إلى احتلال عسكري مباشر. هذه الحرب لا تعتمد على الدبابات والصواريخ، بل تسخّر الإعلام، التعليم، والثقافة لزعزعة الهوية الإيمانية، وإفساد القيم، وتشويه المفاهيم. وفي هذا السياق، جاءت كلمة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي خلال افتتاح الدورات الصيفية لتضع النقاط على الحروف، كاشفةً أبعاد هذه المؤامرة، وموضحةً الدور المحوري للدورات الصيفية في تحصين الأجيال، وخلق وعي راسخ يحبط مخططات الأعداء.
الحرب الناعمة ليست مجرد دعاية مضللة أو حملات إعلامية عابرة، بل هي استراتيجية شاملة تستهدف الإنسان من خلال الثقافة، التعليم، الإعلام، التكنولوجيا، والفنون. وكما أكد السيد القائد، فإن هذه الحرب أخطر من القتل الجسدي؛ لأنها تقتل الإنسان من الداخل، وتسلبه هويته، وتحوله إلى تابعٍ ذليلٍ لجلاديه. الأعداء يدركون أن السيطرة على العقول تصنع أجيالًا مهزومة دون الحاجة إلى معارك عسكرية، وهو ما تسعى إليه أمريكا وإسرائيل عبر عملائهما في المنطقة.
أحد أخطر مظاهر الحرب الناعمة هو استهداف قطاع التعليم، حيث تسعى الأنظمة الموالية للهيمنة الغربية إلى تغيير المناهج الدراسية لتتناسب مع مشاريع الاحتلال الثقافي، فتُحذف منها القضايا الجوهرية كفلسطين، ويتم تشويه تاريخ الأمة، واستبدال المفاهيم الدينية والوطنية بأفكار تدعو إلى التبعية والانسلاخ عن الهوية. وكما أشار السيد القائد، فإن هذه السياسات ليست مجرد خيارات تعليمية، بل هي إملاءات مباشرة من الأمريكي والإسرائيلي تهدف إلى خلق أجيال ضعيفة، فاقدة للهوية، لا تعي المخاطر التي تحيط بها.
في مواجهة هذا الطوفان الجارف، تشكل الدورات الصيفية حصنًا منيعًا لحماية الأجيال من السقوط في فخاخ الحرب الناعمة. فهي ليست مجرد أنشطة ترفيهية، بل هي مشروع متكامل لتحصين الشباب بالوعي والبصيرة، وغرس القيم الإيمانية والأخلاقية، وتزويدهم بالمعرفة الحقيقية التي تمكنهم من مواجهة حملات التضليل والتشويه. وكما شدد السيد القائد، فإن هذه الدورات تمثل ركيزة أساسية في معركة الوعي، إذ تعزز روح العزة الإيمانية، وتغرس الإحساس بالمسؤولية، وتؤهل الأجيال لتكون جزءًا من مشروع النهوض والنهضة.
لا يمكن فصل الحرب الناعمة عن الدور الذي يلعبه الإعلام المضلل، حيث تعمل شبكات إعلامية كبرى، ممولة من قبل قوى الاستكبار، على الترويج للانحراف الأخلاقي، وتمييع القيم، وتصوير الاحتلال والعمالة على أنها تحضر وتمدن. وكما نبه السيد القائد، فإن هذه القنوات لا تدخر جهدًا في تشويه صورة المقاومة، وتقديمها على أنها إرهاب، بينما تسوّق الخضوع للعدو على أنه طريق السلام والاستقرار.
في ظل هذه المعركة الشرسة، يؤكد السيد القائد أن الحل يكمن في التمسك بالهوية الإيمانية، وتعزيز الوعي، والتحصن بالثقافة الإسلامية الأصيلة. فالمعركة اليوم ليست فقط مواجهة عسكرية، بل هي صراع بين مشروعين: مشروع الهيمنة والاستعباد، ومشروع الحرية والاستقلال. والتاريخ يشهد أن الأمم التي تدافع عن هويتها وقيمها تنتصر، مهما كانت قوة العدو.
الحرب الناعمة التي يقودها الأعداء ليست مجرد تهديد مؤقت، بل هي أخطر مشروع استعماري يستهدف تدمير الأجيال القادمة من خلال هجوم منهجي على هويتها، وعيها، وقيمها. وكما حذر السيد القائد، فإن هذه المواجهة تتطلب أكثر من مجرد رد فعل؛ بل هي معركة مفتوحة تتطلب وعيًا استثنائيًا، وتحصينًا مستمرًا ضد محاولات العدو لتشويه الفكر وزرع بذور الفتنة. وللوقوف أمام هذا المدّ، يجب تعزيز الدورات الصيفية كأداة محورية لبناء جيل متسلح بالعلم والإيمان، وتعزيز التعليم الواعي الذي يعيد صياغة المفاهيم، وتفعيل الإعلام المقاوم الذي يكشف الحقائق ويواجه كل محاولات التضليل. فبدون وعي راسخ، لا يمكن تحقيق النصر، وبدون صمود عظيم، لا يمكن استعادة الحرية، ولن يكون للأمة مستقبلٌ مشرق إلا إذا تمسكنا بجيل قادر على فهم عمق المعركة، ووعي حجم التحديات التي نواجهها.