الفرنسية: قطر سلكت طريقا محفوفا بالمخاطر نحو هدنة غزة
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
واجهت قطر انتقادات شديدة بسبب علاقاتها مع حركة المقاومة (حماس) خلال وساطتها الطويلة في حرب غزة، لكن بعد 15 شهرا -ووفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية- تستطيع الدوحة أن "تدفع ببراءتها" بعد الإعلان أخيرا عن اتفاق لوقف إطلاق النار.
وكانت الوساطة القطرية مشتركة مع مصر والولايات المتحدة، لكن قطر كانت محور تلك المفاوضات، إذ تستضيف المكتب السياسي لحماس، مما منحها وصولا فريدا للحركة الفلسطينية، لكن ذلك أجّج في الوقت نفسه اتهامات بأنها تدعم الحركة المسلحة، وهو ما نفته الدوحة على الدوام.
وخلال الوساطة تعرضت قطر لانتقادات من المشرعين الأميركيين والإسرائيليين ولحملة تشويه شملت تعليق لوحات إعلانية في تايمز سكوير بنيويورك.
لكن أول أمس الأربعاء، وبعد شهرين من تعليق دورها كوسيط وشكواها من "الابتزاز" أعلنت قطر عن هدنة لمدة 6 أسابيع وتبادل للمحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين، أملا بوقف دائم لإطلاق النار.
ويقول أندرياس كريغ المتخصص في أمن الشرق الأوسط بجامعة كينغز كوليدج في لندن إن وساطة قطر "كانت دائما أداة من أدوات السياسة للحصول على الاهتمام والقبول عالميا، والأهم من ذلك في الولايات المتحدة".
ويرى نيل كيليام الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمركز تشاتام هاوس للأبحاث أن "قطر هي الوسيط الأكثر خبرة في المنطقة، وقد مرت بمراحل عدة للوصول إلى ما هي عليه الآن، لقد حققت نجاحات وتحملت إخفاقات، كما سعت إلى أداء دور أكثر قوة في المنطقة".
إعلان لعبة توازنويشير كيليام إلى أن الوساطة بين إسرائيل وحماس تحمل أكثر من مجرد مخاطر تتعلق بسمعة قطر، مؤكدا أن العلاقات مع الولايات المتحدة كانت على المحك أيضا.
ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الخطر (كان) أن تحمّل الولايات المتحدة قطر المسؤولية عن فشل المفاوضات، وبالتالي تفقد الدوحة دورها بالنسبة لواشنطن كمحاور مهم".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن بلاده الصغيرة والغنية اتخذت القرار الإستراتيجي للعب دور صانع الصفقات منذ عقود.
وأوضح الأنصاري أمام جمهور من طلاب الدراسات العليا في واشنطن في فبراير/شباط الماضي أنه "كان هناك سؤال حيال كيفية الحفاظ على أمننا القومي".
وعلى مدى السنوات الـ30 الماضية كانت قطر الوسيط بين الأطراف المتحاربة في دارفور واليمن وأفغانستان، من بين أمور أخرى.
وقال الأنصاري إن النجاح يعتمد على القيام "بأشياء لن يفعلها الآخرون، وهذا يعني التحدث إلى أشخاص منبوذين من المجتمع الدولي".
وحققت الوساطة القطرية المصرية الأميركية المشتركة بين حماس وإسرائيل انفراجة مبكرة مع وقف مؤقت لإطلاق النار وتبادل للرهائن والحتجزين في أواخر العام 2023.
لكن الإحباط تزايد مع فشل المحادثات في إحراز تقدم طوال العام الماضي.
حملة تشويهوفي أبريل/نيسان الماضي قالت قطر إنها تعيد تقييم دورها كوسيط بسبب عدم تحقيق تقدم في المفاوضات، وواجهت الدولة الخليجية دعوات من سياسيين أميركيين وإسرائيليين لممارسة الضغط على حماس.
ثم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قالت قطر إنها قررت تعليق مشاركتها في المفاوضات، وأكدت أنها ستستأنف جهودها "عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب".
وفي ذلك الشهر وقّع 10 أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ -بينهم ماركو روبيو مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لمنصب وزير الخارجية- على رسالة تحض وزارة الخارجية على إنهاء سياستها المتمثلة في السماح لقطر بالتوسط.
إعلان
وخلال العام الماضي كشف باحثون في حملات التضليل عن حملة عالمية تشوه سمعة قطر، منها إعلان مناهض للدولة الخليجية ظهر في تجمع أميركي لسياسيين محافظين حضره ترامب.
وقال الباحثون إن عشرات الصفحات على موقع فيسبوك استُخدمت لنشر أكثر من 900 إعلان مناهض لقطر، وقالت شركة ميتا المالكة للمنصة إن النشاط المنسق بدأ في فيتنام واستهدف الجماهير في جميع أنحاء العالم.
لكن وقف إطلاق النار في غزة -الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ بعد غد الأحد- يشكل خبرا طيبا ثانيا لقطر بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد عقب هجوم مباغت أطلقته فصائل المعارضة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وسيطرت خلاله على مدن رئيسية وصولا إلى دخول دمشق فجر 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ولم تستأنف قطر علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا تحت حكم الأسد بعدما أغلقت بعثتها الدبلوماسية في دمشق واستدعت سفيرها في يوليو/تموز 2011، وذلك بعد أشهر من اندلاع حركة احتجاجية ضد الأسد تحولت إلى نزاع دامٍ بعدما واجهتها السلطات بالقمع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
هدنة غزة.. "الصفقة التائهة" بين بايدن وترامب
كان السؤال الذي طرحه أحد المراسلين على الرئيس الأمريكي جو بايدن صريحاً: "من تعتقد أنه يستحق الثناء على هذا سيدي الرئيس: أنت أم (الرئيس المنتخب دونالد) ترامب؟"، في إشارة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه لوقف النار في غزة، الأربعاء.
يعمل ترامب وفقاً لحسابات مختلفة تماماً عن حسابات بايدن
وكتب أندرو روث في صحيفة "غارديان" البريطانية، أن بايدن كان قد انتهى للتو من الإعلان عما قدمه باعتباره إنجازاً بارزاً في سياسته الخارجية، ولم يكن في مزاج لهذا النقاش.
"هل هذه مزحة؟"، سأل الرئيس، ثم انسحب مع نائبته كامالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.
وقال بايدن في مؤتمر صحافي إن وقف النار "تم تطويره والتفاوض في شأنه من قبل فريقي، وسينفذ إلى حد كبير من قبل الإدارة المقبلة". وبينما امتدح دبلوماسييه، شعر بالحزن مضيفاً: "يقول الكتاب المقدس طوبى لصانعي السلام. لقد ساعد الكثير من صانعي السلام في تحقيق هذه الصفقة".
No one deserves "credit" for deal that could've and should've been had months ago, saving tens of thousands of lives; certainly not Biden. A sigh of relief it was finally done is warranted, while remembering those whose lives were unfathomably cut short. https://t.co/x98N5zlk5S pic.twitter.com/DU4iZBOHV9
— Shibley Telhami (@ShibleyTelhami) January 17, 2025ولكن لم يكن هناك سوى القليل من التدقيق العام في الذات، حول السبب الذي دفع إلى قبول الخطة، التي اقترحها في مايو (أيار) ــ وهي الخطة نفسها بالضبط، كما ذكَّر بايدن المراسلين ــ قبل أيام فقط من تنصيب ترامب.
ولم تغب هذه الحقيقة عن انتباه ترامب. وقال في منشور له على شبكة التواصل الاجتماعي "تروث سوشيال": "اتفاق وقف النار الملحمي هذا لم يكن من الممكن أن يحدث إلا نتيجة لانتصارنا التاريخي في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث أشار للعالم أجمع إلى أن إدارتي ستسعى إلى السلام، والتفاوض على صفقات لضمان سلامة جميع الأمريكيين وحلفائنا".
ولكن "غارديان" تقول إن الحقيقة قد تكمن في مكان ما في الوسط. ووفقاً لمسؤول كبير في إدارة بايدن، أقام فريقا ترامب وبايدن شراكة غير متوقعة لتأمين وقف النار المعقد، خلال فترة انتقالية اتسمت بالعداء وانعدام الثقة.
ومع الإعلان عن الصفقة، الأربعاء، كانت هناك ملاحظات حول الود بين الفرق المتنافسة، حيث أشاد مسؤولو إدارة بايدن بالشراكة بين الدبلوماسي بريت ماكغورك ومبعوث ترامب إلى المنطقة، ستيف ويتكوف.
وقال المسؤول الكبير في إدارة بايدن: "كان الأمر رائعاً حقاً".
وكان بايدن قد أبلغ ترامب، أنه يريد العمل معاً للتوصل إلى اتفاق عندما التقى الاثنان في المكتب البيضوي بعد وقت قصير من فوز ترامب المفاجئ في انتخابات نوفمبر، وفقاً للمسؤول.
وفي الأيام الأخيرة من المفاوضات هذا الشهر، دُعي ويتكوف، الذي لا يشغل أي منصب رسمي في الحكومة، للسفر إلى الدوحة برفقة مسؤولي إدارة بايدن المشاركين في المفاوضات.
Biden or Trump – who should claim credit for the Gaza ceasefire deal? https://t.co/QcLvTnQZ7K
— Michael Theodoulou (@MichaelTheodoul) January 16, 2025وقال المسؤول إنه في لحظة غير عادية، تم إرسال ويتكوف بمفرده إلى إسرائيل للقاء رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، في مناورة عالية المخاطر لإقناعه بقبول اتفاق وقف النار.
ووُصف اللقاء بين ويتكوف ونتانياهو، الذي عقد السبت، وسط الاعتراضات الأولية من مساعدي نتانياهو، بأنه كان "متوتراً"، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية. وأفادت التقارير أن ويتكوف مارس ضغوطاً على نتانياهو لقبول اتفاق وقف النار مقابل الرهائن، والموافقة كذلك على تنازلات رئيسية لوقف الحرب في أقرب وقت.
وأوضح المسؤول في إدارة بايدن: "اعتقد أن ذلك كان فعالاً جداً".
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مصادرها الخاصة، إن الأمر كان أقل إيجابية بالنسبة لمعسكر بايدن لأن "مبعوث ترامب أثر على نتانياهو في اجتماع واحد، أكثر مما فعل بايدن طوال العام".
وفي تصريحاته العلنية حول الصفقة، تجاهل نتانياهو بايدن، واتصل بترامب أولاً ليشكره "على مساعدته في دفع عملية إطلاق الرهائن ومساعدة إسرائيل على وضع حد لمعاناة عشرات الرهائن وعائلاتهم".
وجاء في بيان لرئاسة الوزراء الإسرائيلية، أن نتانياهو ناقش خططاً لزيارة واشنطن ولقاء ترامب لمناقشة الوضع حول غزة. وأضاف البيان عبارة مقتضبة: "تحدث رئيس الوزراء نتانياهو بعد ذلك مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وشكره أيضاً على مساعدته في دفع عملية اتفاق الرهائن".
وقال نائب الرئيس التنفيذي في مركز السياسة الدولية مات دوس، الذي عمل في السابق مستشاراً للسياسة الخارجية للسناتور بيرني ساندرز، إن التفاصيل المسربة عن اللقاء بين نتانياهو وويتكوف، قد تتضمن عناصر "مسرحية لإعطاء نتانياهو غطاء لقبول الصفقة في النهاية.. لكنني أعتقد أيضاً أن الحقيقة، هي أن نتانياهو يفهم أن ترامب سيتولى منصبه. أوضح أنه يريد إنهاء هذه الحرب، ويعمل ترامب وفقاً لحسابات مختلفة تماماً عن حسابات بايدن".
وأضاف :"أثبت بايدن دائماً أنه بصرف النظر عما يفعله، سيستمر نتانياهو في الحصول على دعم أمريكي غير مشروط وغير محدود. ولا يمكن نتانياهو أن يكون متأكداً من ذلك مع ترامب".