كتابة الأموال للبنات.. بين الضوابط الشرعية والتحايل على المواريث
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
قال الدكتور عباس شومان عضو هيئة كبار العلماء أن المال يمثل ركيزة أساسية في حياة الإنسان، وقد ألقى الله حبه في قلب البشر، كما أوضح القرآن الكريم في قوله تعالى:
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (الكهف: 46).
ورغم امتلاك الإنسان حق التصرف في ماله خلال حياته، إلا أن هذا الحق ليس مطلقًا، بل تقيده ضوابط الشريعة الإسلامية التي تحرم الإسراف والتبذير واستخدام المال في المحرمات.
كما أن توزيع المال بعد وفاة صاحبه يخضع لنظام المواريث الإسلامي، الذي قسم الأنصبة بدقة، وفقًا لنصوص قطعية الثبوت والدلالة.
ضوابط التصرف في المال أثناء الحياة
أجاز الشرع للإنسان أن يتصرف في ماله بما يراه مناسبًا، مع الالتزام بالضوابط الشرعية، ومنها:
تجنب الإسراف والتبذير.الابتعاد عن المحرمات في الإنفاق.عدم التصرف بما يؤثر على حقوق الورثة بعد الوفاة.وقد خصص الشرع الوصية لثلث التركة، شريطة ألا تكون لوارث، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث". (رواه الترمذي).
مع وضوح نصوص الشريعة، يلجأ بعض الناس إلى التحايل لتغيير أنصبة الورثة، من خلال كتابة عقود بيع أو هبة لبعض الورثة أثناء الحياة.
ويزداد هذا السلوك عندما تكون ذرية المورِّث بنات فقط، بحجة الخوف عليهن من إخوانهن أو أعمامهن.
ورغم ادعاء البعض أن الإنسان يملك حرية التصرف في ماله أثناء حياته، فإن هذا التصرف مشروط بعدم مخالفة ضوابط الشرع.
ويُستدل على ذلك بحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، حين قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"أكل ولدك نحلت مثله؟" قال: لا، قال: "فارجعه". (رواه البخاري).
تبرير الهبة للبنات بالخوف عليهن من الورثة مردود عليه، حيث إن نصيب البنات في حال عدم وجود الذكور واضح ومحفوظ شرعًا. فالشرع يمنحهن الثلثين من التركة، وهو نصيب كبير لا ينازعهن فيه أحد.
كما أن الفقهاء منعوا التصرفات المالية التي تهدف للإضرار بالورثة، مثل طلاق المرأة أثناء مرض الموت لإبعادها عن الميراث، مما يدل على بطلان هذه التصرفات حتى لو تمت في حياة المورِّث.
خطورة هذه الفتاوىالفتاوى التي تبيح كتابة الأموال للبنات، أو غيرهن من الورثة دون وجه حق، تعد تحايلاً على شرع الله، وتتجاهل النصوص القطعية التي بينت المواريث. وقد قال تعالى:
{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} (الفجر: 19).
ختامًا، يجب أن يتقي المسلمون الله في أموالهم، وألا ينجرفوا وراء أهوائهم أو فتاوى تزين لهم التحايل على شرع الله. فالمواريث نظام إلهي حكيم يحقق العدل بين الورثة، ويمنع الظلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المال القران الكريم توزيع المال بعد الوفاة المواريث النبي الفتاوى
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية من مسجد مصر الكبير| الفكر التكفيري يستبيح الأموال والأعراض .. الغش خيانة لله ورسوله والمؤمنين| فيديو
مفتي الجمهورية يلقي خطبة الجمعة من مسجد مصر الكبير
نظير عياد: التكفير أبرز سمات الفكر المتطرفالفكر التكفيري يستبيح الأموال والأعراضالخطأ في تكفير ألف كافر أهون من قتل مسلم واحدالغش خيانة لله ورسوله والمؤمنين
نشرت الفضائية المصرية، أول صلاة من مسجد مصر الكبير بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعد ضمه لوزارة الأوقاف، بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
واختار الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، لإلقاء خطبة الجمعة الأولى من مصر مسجد مصر بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعد ضمه لوزارة الأوقاف، وهذا يؤكد مكانة المسجد بوصفه صرحًا دعويًّا عالميًا.
وقال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، إن من أعظم ما امتن الله به على هذه الأمة، أن خصها بهذا الدين القويم الذي اشتمل على الخير للبشرية عامة وللمسلمين على وجه الخصوص.
وأضاف مفتي الجمهورية، في خطبة الجمعة الأولى من مسجد مصر الكبير بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعد ضم المسجد بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى وزارة الأوقاف، أن هذا الدين الإسلامي، اشتمل على مقاصد كلية وقواعد ضرورية، تدفع إلى تحقيق المصلحة وتمنع من القدوم على المفسدة، وكل ذلك جلبا للخيرات للبلاد والعباد وتحقيقا لمبدأ الاستخلاف الذي خلق الله الناس له.
وتابع: ومع هذا فقد ابتليت هذه الأمة بجملة من العقبات والمخاطر التي كانت ولا زالت واحدة من أهم العوامل التي يمكن أن تقضي على آمالها وتفتح الطريق لآلامها، ومن هذه العقبات، عقبة التكفير التي هي من أبرز السمات للفكر المتطرف.
وأشار إلى أن عقبة التكفير هي عقبة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى هلاك العباد والبلاد، خصوصا وأن الإنسان ينبغي ألا يحكم عليه بالكفر إلا بقرينة واضحة وبرهان ساطع وذلك من خلال العلماء فضلا عن انتفاء الموانع كالجهل أو الخطأ أو الإكراه أو التأويل.
وأكد أن هذه المشكلة هي داء لكل أمة يمكن أن يلزم عنها الفناء للعباد والهلاك للبلاد، منوها أن من الآثار الخطيرة التي تعود على المجتمعات من جراء التسرع في إصدار لفظ التكفير على الناس دون حجة، هي انتهاك حرمات المسلم التي حذر منها الإسلام لما ينتج عنها من مفاسد.
وقال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، إن الفكر التكفيري يعمل على استباحة المال والعرض تحت مزاعم واهية وأقوال فاسدة وليس أدل على ذلك أن هذه الأقوال لا يراد من ورائها إلا التطاول على النفس والمال والعرض.
وأضاف مفتي الجمهورية، في خطبة الجمعة الأولى من مسجد مصر الكبير بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعد ضم المسجد بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى وزارة الأوقاف، أن القرآن الكريم نوه إلى ضرورة العناية بها والمحافظة عليها وعدم العمل على وأدها، وقال تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).
وذكر أن المتأمل لهذه الآية يقف على عقوبة تلو الآخرى تتأتى من وراء الاستباحة للمال والنفس والعرض وفي هذا ما يدفع الإنسان منا إلى ضرورة التريث في إصدار الأحكام وعدم التسرع في نظرته إلى الناس، خاصة وأن النبي حذر من هذا الفكر فيقول النبي (والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا) وفي حديث آخر (من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله وبين عينيه آيس من رحمة الله).
وأضاف أن التعجل في تكفير الناس يلزم عنه العمل على ازدراء الناس واحتقارهم وهذه قضية خطيرة لأنها تتنافي مع طبيعة هذا الدين الذي ينظر إلى الناس بإجلال وإكرام، فأقر مبدأ الحرية الدينية
وأكد على أن التنوع والاختلاف سنة كونية، ودعا إلى مراعاة الكرامة الإنسانية وأشار إلى الوحدة في أصل الخلقة ثم جعل التفاوت بين الناس مرده إلى التقوى والعمل الصالح.
وقال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، إن الاستعلاء ثمة بارزة تؤدي إلى الإعجاب بالرأي والفساد في القول والجرأة في الحكم على الناس.
وأضاف مفتي الجمهورية، في خطبة الجمعة الأولى من مسجد مصر الكبير بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعد ضم المسجد بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى وزارة الأوقاف، أن عرض الإسلام بغير حقيقته والدعوة إليه بخلاف ما هو عليه، هي إساءة لهذا الدين.
وأشار إلى أننا عندما نتوقف عند الفكر التكفيري نجد أنفسنا أمام نوع من الغلو والتطرف والتشدد واللامبالاة وسد اليسر أمام الناس وهو ما يتنافى مع طبيعة هذا الدين ويختلف تماما عن مقاصده.
وأكد أن التعرض بالتكفير للمصلين من أهل القبلة والحكم عليهم بالتكفير خطأ وخطر، والخطأ في تكفير ألف كافر أهون من قتل مسلم.
وأضاف أن التكفير يؤدي إلى الاختلاف وهو ما يتعارض لقول الله تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) وقوله تعالى (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
وتابع: علينا أن نعي هذا الخطر الذي يمكن أن يؤدي إلى استباحة الأموال والأنفس والأعراض وهي من المقاصد الكلية التي لا تستقيم الدنيا بدونها.
قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، إن الغش خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وقد نهى الله عن ذلك فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ).
وأضاف مفتي الجمهورية، في خطبة الجمعة الأولى من مسجد مصر الكبير بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعد ضم المسجد بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى وزارة الأوقاف، أن النبي الكريم أعلن من باب الإقرار بخطورة الغش، أعلن نفي الإيمان والبراءة من كل من يسلك هذا الطريق.
فقال النبي في الحديث الشريف (من غشنا فليس منا) منوها أن الغش له صور متعددة أولاها، الغش في التدين وهو ما يعرف بالتدين المزيف، ثم الغش في الامتحانات وهو مصيبة كبرى وداهية عظمى يلزم عنها فساد العقول ووأد النفوس المتميزة.
وأشار إلى أن الغش هو خروج على القانون الإلهي الذي جعل الله فيه العلم أحد أبواب التنافس وطرق التميز فيقول تعالى ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
ووجه مفتي الجمهورية، رسالة إلى الطلاب والطالبات والمدرسين وأولياء الأمور، تنبههم على خطورة الغش وعدم المساعدة في انتشاره.
كما كشف مفتي الجمهورية، عن نوع من أنواع الغش وهو المتعلق بالمعاملات التجارية وهو نوع من أنواع أكل أموال الناس بالباطل.
كما أن من صور الغش، هو الغش في النصح والإرشاد فقد قال النبي (الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال النبي: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم).
وقرن النبي بين الغش وبين من حمل السلاح على المؤمنين، فقال النبي (من حمل السلاح علينا فليس منا) وقال النبي (من غشنا فليس منا).