المفتي: الغاية من الشريعة جلب المنفعة ودفع المفسدة
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، حول مسألة تجاوز النصوص الشرعية تحت مزاعم تحقيق المقاصد، أن التعامل مع النصوص الدينية يجب أن يتم وفق آلية علمية ومنهجية متفق عليها، حتى لا يتسبب ذلك في زعزعة الثقة في النصوص الدينية.
وقال مفتي الديار المصرية، خلال حوار مع الدكتور عاصم عبد القادر، ببرنامج "مع المفتي"، المذاع على قناة الناس اليوم الجمعة: "عندما يتحدث البعض عن تجاوز النصوص الشرعية لتحقيق المقاصد الشرعية، فإننا بحاجة إلى التوقف والتأكد من أن هذا التجاوز لا يخالف النصوص القطعية والواضحة في دلالتها، فالنصوص التي وردت في القرآن الكريم والسنة النبوية هي مصدر أحكامنا الشرعية، والمقاصد الشرعية هي التي تساعد في فهم العلل والأهداف التي تسعى الشريعة لتحقيقها".
وأضاف: "عند الحديث عن تجاوز النصوص، يجب أن نميز بين النصوص المحكمة التي لا تقبل التأويل والتفسير المتعدد، وبين النصوص التي قد تحتمل أكثر من تفسير، وفي هذه الحالة يمكن للمجتهد أن يقدم تفسيرًا يتناسب مع الواقع، شريطة أن يتم ذلك وفقًا لقواعد علمية وأدوات منهجية واضحة".
كما أكد أن الشريعة الإسلامية قد وضعت رخصًا شرعية في حالات الضرورة، لكن يجب أن يتم التعامل معها بحذر ودون تجاوز للنصوص الشرعية نفسها، لافتا إلى أن الغاية من التشريع هي جلب المنفعة ودفع المفسدة، وعندما نلتزم بهذه المقاصد ونتعامل مع النصوص وفق الضوابط الشرعية، نضمن الحفاظ على استقرار الأمة ورفاهيتها.
ودعا إلى ضرورة التزام العلماء والباحثين بالمنهجية العلمية في التعامل مع النصوص الشرعية لتحقيق الأهداف المنشودة من الشريعة، مع التأكيد على أن تجاوز النصوص بحجة المقاصد قد يؤدي إلى تعارض مع مراد الشارع الحكيم ويؤثر سلبًا على استقرار المجتمعات.
غياب الدين يسبب سيولة أخلاقية وانتشار للفواحشوأكد أن تحقيق المقاصد الشرعية للأمن المجتمعي للمجتمع، يتعلق بالأهداف التي أرادها الشارع الحكيم من هذه المقاصد الشرعية، ولعل من أبرزها ما يتعلق بتحقيق العبودية لله تبارك وتعالى، ثم مراعاة أحوال العباد، ثم تحقيق الصالح للناس في الأولى والآخرة.
وتابع: "الإمام الشاطبي وهو يتحدث عن قضية الأمن المجتمعي عندما يتوقف أمام العلاقة بين هذه المقاصد وما يمكن أن تحدثه في الواقع سلبًا أو إيجابًا، فيتحدث مثلًا عن الدين إذا غاب، فماذا يحدث إذا لم يوجد هناك من يبحث عن ثواب أو لا فائدة من الثواب المنتظر أو الأجر المنتظر؟ وإذا لم يكن هناك غاية، وإذا غابت النفس، فما داعي للتدين؟ وإذا غاب العقل، فلا يوجد أصلاً سبيل للتكليف، وإذا غاب النسل، فما بقي للنوع الإنساني؟ وإذا غاب المال، فتنعدم كل هذه الأمور".
وأوضح: "أمام هذه الأقوال التي تحكي لنا العلاقة القوية بين الدين والمكلف وبين النفس والعقل والنسل والمال بهذه الصورة التكميلية، وكأنك أمام سلسلة منتظمة من الحلقات، لابد أن نتوقف أمام قضية المقاصد الشرعية والأمن القومي. الدين له مزايا كبيرة، إذ أنه وحي إلهي يعصم الإنسان من الانحراف ويدفعه إلى الالتزام بالفضائل والخيرات ويجنبه الشرور وفعل ما يغضب الله، وإذا غاب الدين، قد يتم الاعتداء على النفس الإنسانية، قد يتجاوز حد التكليف الشرعي بتعطيل هذه النعمة، قد يُنتهك العرض أو يُسلب المال، وبالنظر إلى الواقع الذي نعيشه: كم من المحرمات ارتُكِبت باسم الدين عندما تم تحميل هذا الدين أو قراءة نصوصه بعيدًا عن منهجيته وبعيدًا عن مراد الله، فصدرت أحكام جائرة تقوم على القسوة والعنف والاضطراب، بل وأحكام أخرى مقابلة تقوم على التمييع والتجرد والتحرر".
وتابع: "هذه السيولة الأخلاقية فيما يسمى بالمثلية وفيما يسمى بالإلحاد وفيما يسمى بالحرية المنفلتة أو اللامنضبطة، لا يمكن القول إنها وجدت هكذا، بل وجدت نتيجة غياب هذا الجانب المهم: عدم مراعاة الواقع وعدم مراعاة مقصد الشارع الحكيم من هذه المقاصد التي شرعها، وقل مثل ذلك: كم من الأنفس قُتلت بدون وجه حق، تم سلبها أو العمل على إزهاقها، سواء تنفيذاً لرؤية معينة أو لخلاف شخصي بسيط، وهذا يتم بسبب انعدام الباعث الديني أو الضابط الديني الذي يجعل الإنسان، مع غيابه، يستبيح الأخضر واليابس".
وأضاف: "ثم هذه الأعراض التي انتهكت برضا أو بدون رضا، ما مرض ذلك إلا لأن الفاعل خلا قلبه من التجرؤ على دين الله تبارك وتعالى، وقل مثل ذلك في بقية الأمور، إن المقاصد الشرعية يمكن أن أقول عنها بأنها الضابط أو الباعث الذي يمكن أن يهيج النفس على مراعاة الحدود الشرعية والضوابط الأخلاقية والقوانين الإنسانية.
وأشار إلى أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين رأى رجلاً في موضع مع امرأة لا تحل له، وقال له: "هلا سترته بثوبك يا هذا؟" مشيرًا إلى أهمية الستر في الشريعة الإسلامية. وأضاف أن هذا المبدأ لا يتوقف عند مجرد فعل الدين، بل يمتد إلى الثناء عليه وتشجيعه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة".
وذكر المفتي أن غياب الضوابط الشرعية عن واقع المجتمع يجعل الأفراد عرضة للتعدي على حقوق الآخرين، مؤكدا أن المقاصد الشرعية تضمن للإنسان أمنه واستقراره، وهي الضمان الأساسي لسلامة المجتمع من الانزلاق إلى الفوضى والاضطراب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية الدكتور نظير عياد التعامل مع النصوص الدينية المقاصد الشرعیة هذه المقاصد
إقرأ أيضاً:
المفتي: القتال في سبيل الله لا يكون إلا دفاعًا عن النفس.. فيديو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن الإسلام لا يحث على القتال إلا في حالة التعرض للاعتداء والتجاوز، مشيرًا إلى أن الشريعة الإسلامية نهت عن الاعتداء، وأكدت على ضرورة ضبط النفس في النزاعات.
وقال الدكتور نظير عياد خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج «اسأل المفتي» المذاع على قناة «صدى البلد»، إن الخروج للقتال في سبيل الله لا يكون إلا دفاعًا عن النفس وردًا على العدوان، وليس بهدف الهجوم أو التوسع، مما يعكس عدالة الإسلام وإنسانيته.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الإسلام وضع قوانين صارمة للحروب تحترم كرامة الإنسان، حيث حرم التعرض للضعفاء، والأطفال، والنساء، وكبار السن، ودور العبادة، مؤكدًا أن القتال في الإسلام يقتصر فقط على من يقاتلون المسلمين.
وشدد الدكتور نظير عياد على أن الإسلام دين يقوم على السلم والسلام، مستشهدًا بقوله تعالى: "وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا"، مما يثبت أن الأصل في العلاقات بين الأمم هو التعايش السلمي، وليس الحرب أو العداء.