قال الشيخ عبدالباري الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن كل ما اكتسبه الإنسان من علم أو قوة هو هبة من الله وعطاء من كرمه.

مهما علا شأنه

واستشهد “ الثبيتي” خلال خطبة الجمعة الثالثة من رجب اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، بما  قال تعالى «وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».

وأوضح أن هذه الآية تغرس في القلوب أدب العبودية، وتزرع في النفوس تواضع المخبتين، فلا يطغى الإنسان بعلمه، ولا يغتر بقوته، منوهًا بأنه ينبغي على الإنسان أن يدرك أن كل ذرة من قوته وكل حركة في جسده هي نعمة تستوجب شكرًا دائمًا وخضوعًا كاملًا.

وأضاف أن العبد مهما علا شأنه، يظل فقيرًا إلى ربه، محتاجًا إلى فضله في كل لحظة حياته كلها هبة من الله، تستحق الحمد في كل حين، فما أعظم غنى الله، وما أبلغ فقر العبد بين يديه.

وأشار إلى أن قول الله تعالى: «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ»، يختصر مسار الحياة في كلمات بليغة ومعان عميقة.

وتابع: ترسم صورة لمراحل خلق الإنسان  تبدأ بضعف الطفولة تعلو بالقوة، ثم تعود إلى ضعف يزينه الشيب، فهي  آية توقظ العقول لتدرك عجز الإنسان، وتلامس القلوب لتظهر حاجته الدائمة إلى ربه.

كل شيء بيده

وأفاد بأن هذه الآية هي دعوة للتفكر في أطوار الخلق، وفي تقلب الأحوال بين القوة والضعف،  وفي قدرة الله المطلقة التي تدبر هذا المسار بحكمة وإتقان. كل شيء بيده، منه المبتدأ وإليه المنتهى، مشيرًا إلى أن الطفولة هي الصفحة الأولى في كتاب الحياة، تبدأ ببراءة ناصعة وضعف يحفه لطف الله ورحمته،  طفل صغير لا يملك من أمره شيئًا،.

وأردف: أودع الله في قلوب من حوله حبًا وحنانًا، وأحاطه بأيد ترعاه وتخفف عنه ضعفه، و هذه الآية مشهد مهيب يبين عظمة التدبير الإلهي، إذ يحفظ الله هذا الطفل الضعيف، ويمنحه العون من حيث لا يدري.

وبين مراحل نمو الإنسان من خروجه ظلمات بطن أمه لا علم له ولا قدرة، في عجز تام جهل مطبق، ثم فتح الله له أبواب العلم، ووهب له السمع والبصر والفؤاد لينهل بها من معين التعلم والمعرفة، وهذه المرحلة تكتب فيها أعظم قصص الكفاح، وتُبنى أقوى صروح الحضارة.

ونبه إلى أنه لا تقوم قائمة للأوطان ولا تنهض أمة إلا بسواعد الشباب اليافعة وهممهم العالية، مشيرًا إلى أن قوة الشباب تزدهر حين تتفيأ ظلال الدين، وتسمو حين تتغذى من معين القيم والأخلاق، وتتجلى في سماء المجد حين تسخر لخدمة البلاد و العباد.

وحذر ، قائلاً: من أهدر شبابه فقد أهدر عمره كله، فهو لحظة عابرة في زمن الحياة، ومن استثمره في الخير والنفع خلد أثرًا طيبًا، وجنى ثمارًا يانعة في الدنيا والآخرة، منوهًا بأن حدود زمن الطفولة والقوة ثم الضعف والشيبة هي متوسط عمر الإنسان.

واستشهد بما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك»، لافتًا إلى أنها رحلة قصيرة في ميزان الزمن، لكنها تذكر بالمآل المحتوم وأن النهاية تقترب مع كل لحظة تمر، داعيًا لاغتنام كل لحظة من العمر، فالعمر محدود، والفرصة لا تعود والأعمار لا تقاس بعدد السنين، بل بما يترك فيها من أثر خالد وعمل صالح.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة من المسجد النبوي إمام وخطيب المسجد النبوي الثبيتي المزيد إلى أن

إقرأ أيضاً:

شهر شعبان .. فضائل لا تعد ولا تحصى اغتنم الفرصة

مع اقتراب شهر شعبان، تتوق الأرواح إلى اكتساب الحسنات والتقرب إلى الله في هذه الأيام المباركة، التي تمهد النفوس لاستقبال شهر رمضان.

 يُعد شهر شعبان محطة روحانية عظيمة، حيث يحمل في طياته العديد من الفضائل التي تدعو المسلمين إلى الطاعات والأعمال الصالحة، مثل الصيام، الدعاء، صلة الرحم، والاستغفار، بهدف التطهر من الذنوب والتهيؤ لصيام الشهر الفضيل.

ومن أبرز فضائل شهر شعبان أنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُكثر من الصيام فيه، رغم أنه غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. كما كان يقضي ليله في الطاعات والقيام ونهاره في الصيام وقراءة القرآن.

كما شهد هذا الشهر الكريم حدثًا تاريخيًا عظيمًا تمثل في تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، استجابة لرغبة النبي صلى الله عليه وسلم. 

وقد ورد هذا الحدث في قوله تعالى: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام"، وهو دليل على عظمة هذا الشهر وما حمله من بركات.

حكم الصيام في شعبان.. دار الإفتاء تجيبدعاء رؤية الهلال قبل استطلاع شهر شعبان.. تعرف عليه

شهر شعبان يُذكرنا بأهمية الاستعداد الروحي والجسدي لشهر رمضان من خلال الصيام، الذي يعين النفس على مواجهة مشقة الصيام الطويل. كما أنه شهر الجهاد في سبيل الله، حيث أمر الله المسلمين خلاله بالجهاد، وشهد وقوع غزوة بدر الصغرى.

وقد جاءت العديد من الأحاديث التي تؤكد فضائل شهر شعبان، منها ما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: "ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان"، مما يعكس أهمية الاجتهاد في هذا الشهر الكريم.

وفي ظل هذه الفضائل العظيمة، ينبغي على المسلمين أن يكثروا من الطاعات والعبادات، وأن يسألوا الله حسن الخاتمة، داعين: "اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائك". شهر شعبان ليس فقط مرحلة تمهيدية لرمضان، بل هو فرصة ذهبية لكل مسلم لتطهير النفس والاستزادة من الخير والبركات.

مقالات مشابهة

  • معلومات الوزراء يستقبل وفد مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة دراسات
  • معلومات الوزراء يستقبل وفد مركز البحرين للدراسات للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة
  • معلومات الوزراء يستقبل وفد مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة
  • شهر شعبان .. فضائل لا تعد ولا تحصى اغتنم الفرصة
  • مفوض حقوق الإنسان لـ«الاتحاد»: سوريا تعيش لحظة حاسمة وتهددها مخاطر حقيقية
  • «أحمد عمر هاشم»: الإسراء والمعراج معجزة كبرى ودعوة للثبات على الحق مهما كانت التحديات
  • بلمهدي يستقبل خطيب المسجد الأقصى المبارك
  • البحوث الإسلامية: الإسراء والمعراج كلها دروس عقدية وأخلاقية وسلوكية
  • مختار جمعة: تكبير الله مفتاح الفرج والثقة في وعده تفتح أبواب الرزق
  • ماذا حدث للرسول في عام الحزن؟ مواقف مؤلمة أثرت في حياته ودعوته