عيد الغطاس في المحروسة.. طقوس تاريخية وعادات دينية
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يُعد عيد الغطاس واحداً من أقدم الأعياد المسيحية في مصر، وقد ارتبط بتقاليد ومظاهر ثقافية ودينية عريقة امتدت عبر العصور.
يعود تاريخه إلى القرن السابع الميلادي، حيث نجد أن المؤرخين المسلمين والمسيحيين قد وثقوا هذا اليوم كمظهر من مظاهر الوحدة القومية بين أبناء الوطن، حيث اجتمع فيه الدين والتاريخ والثقافة.
عيد الغطاس في كتب التاريخ:
يروي الشيخ تقى الدين المقريزي، المؤرخ المصري الشهير، تفاصيل دقيقة عن هذا العيد، حيث يقول إن عيد الغطاس يُحتفل به في مصر في اليوم الحادي عشر من شهر طوبة، وهو الشهر الذي يتوافق مع بداية يناير في التقويم الميلادي.
ويشير المقريزي إلى أن هذا العيد يرتبط بحادثة دينية هامة في المسيحية، وهي معمودية السيد المسيح عليه السلام على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن.
وعلى إثر هذه الحادثة، أصبحت عادة الغطس في الماء جزءاً أساسياً من طقوس عيد الغطاس لدى المسيحيين.
الطقوس والعادات الشعبية:
كان عيد الغطاس يمثل مناسبة دينية واجتماعية عظيمة في مصر. كان المصريون المسيحيون يخرجون في هذا اليوم إلى نهر النيل للغطس فيه، حيث يعتقدون أن ذلك يمنحهم الحماية من الأمراض والشرور.
وقد ارتبط هذا التقليد بالعديد من المعتقدات الشعبية التي كانت سائدة بين الناس، مثل الاعتقاد بأن غطس الجسد في مياه النيل يقيهم من انتشار الأوبئة.
في عصور الفاطميين و الأخشيديين، كان هذا اليوم يشهد مظاهر احتفالية عظيمة. يذكر المؤرخ العربي المسعودي أن ليلة الغطاس كانت من أروع الليالي في مصر، حيث كانت الشوارع والأزقة تظل مفتوحة طوال الليل، كما كانت الخيام تُنصب على شواطئ النيل، و تضاء المشاعل في البر والبحر. وكان الخليفة نفسه يشارك في الاحتفالات، حيث يخرج مع أسرته من قصره في القاهرة إلى مصر القديمة، و تُضاء السماء بأنوار المشاعل التي كانت تعكس بهاء هذه المناسبة.
الغطاس بين العادات الدينية والقومية:
تتميز احتفالات عيد الغطاس في مصر بكونها طقوساً دينية و فلكلورية تجمع بين الجوانب الروحية والاجتماعية. ففي هذا اليوم، كان يتم غمس الأطفال في مياه النيل، ويعتقد الآباء أن هذه الممارسة تمنحهم بركة وحماية.
وتُعتبر هذه العادة من أقدم الممارسات التي استمرت في مصر لقرون، محققة بذلك نوعاً من الارتباط الروحي بين المصريين من مختلف الأديان.
عيد الغطاس في العصر الحديث:
على الرغم من مرور الزمن وتغير الظروف السياسية والاجتماعية، فإن عيد الغطاس لا يزال يحتفظ بأهميته في الثقافة المصرية، خاصة في المجتمع المسيحي المصري.
ورغم أن الطقوس قد تكون قد تغيرت بعض الشيء في العصر الحديث، إلا أن الاحتفالات ما زالت تجمع العائلات والأصدقاء حول نهر النيل، حيث يتذكرون تاريخهم المشترك وتقاليدهم القديمة.
وبينما يعكس عيد الغطاس روح الوحدة والتكافل بين المسلمين والمسيحيين في مصر، فإنه يُظهر أيضاً عراقة الثقافة المصرية وتنوعها، التي جعلت من هذا العيد مناسبة تجمع بين الطقوس الدينية والممارسات الشعبية التي تشهد على استمرارية هذا التقليد عبر الأزمان.
يظل عيد الغطاس في مصر محط اهتمام واحتفال كبيرين، حيث يجسد جانباً مهماً من الهوية المصرية ويعكس تلاحم التاريخ والدين في حياة الشعب المصري.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاحتفال بعيد الغطاس برامون الغطاس عید الغطاس فی هذا الیوم فی مصر
إقرأ أيضاً:
طقوس ومظاهر احتفائية مبهجة تميز أيام عيد الفطر المبارك
التعبير عن الفرحة والسعادة بحلول عيد الفطر المبارك، تكاد تكون متطابقة في كل محافظات اليمن بالرغم من تعدد الثقافات واختلاف العادات والتقاليد وتنوع الموروث الثقافي من محافظة إلى أخرى.
ولم تتأثر الطقوس والمظاهر الاحتفائية بحلول الأعياد والمناسبات الدينية كثيرا في عموم الساحة اليمنية بسبب الحرب العدوانية المتواصلة منذ أكثر من عقد، وكذلك تجدد العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي المباشر والحالي وما نتجت عنه من تبعات وتداعيات ألقت بظلالها القاتمة على الوضع المعيشي للعائلات اليمنية وظلت رغم كل هذه الظروف والأوضاع الاستثنائية محتفظة بوهجها وتألقها.
الأسرة/خاص
مظاهر احتفائية مشتركة
غالبية السكان إن لم يكن جميعهم في كل مناطق اليمن تجمعهم مظاهر مشتركة، بالاحتفال في العيد ويتجلى ذلك في عدة طقوس ومنها على سبيل المثال إقامة الشعائر الدينية وارتداء الملابس الجديدة والجميلة والتقاء الجيران والأصدقاء وتبادل التهاني معهم في مصليات العيد، وزيارة الأهل والأقارب، واستعداد النساء المسبق لاستقبال العيد عبر تنظيف المنازل وتجهيز غرف استقبال الضيوف والزوار لتظهر بأبهى حلّة، فضلًا عن التزيّن بنقوش الحناء على الأيدي والأرجل، وطباخة “كعك العيد”، والمأكولات والأطباق اليمنية التي تبرز خلال العيد، كواحدة من بين أهم الطقوس في البلد، خاصة في وجبة الغداء، التي تختلف فيها المناطق في بعض التفاصيل الصغيرة وتفضل الأسر اليمنية في كثير من المناطق ومنها تهامة الغربية اجتماع الأقارب على مائدة الغداء.
ويقول محمد علي أبو صلاح وهو تربوي من أبناء مديرية حيس -الحديدة : إن مائدة الغداء في يوم العيد تجمع الأقارب وقد يكون المشاركون في المائدة الواحدة من ستة إلى سبعة منازل وهذه العادة متوارثة منذ زمن بعيد وعادة ما تكون وجبة الغداء في منزل كبير الأسرة ويتم خلالها تبادل الاحاديث الودية التي يطغى عليها طابع النكتة ومن ثم تناول الحلويات
عيد الاصهار
في سهل تهامة يطلق على ثاني أيام عيد الفطر المبارك “عيد الاصهار” حيث يكون مخصصا لزيارة النساء المتزوجات مع أبنائهن وأزواجهن لمنازل آبائهن وهذه العادة بمثابة الضرورة التي لا يمكن الاستغناء عنها وعند الظروف الطارئة يمكن ان تتأجل إلى ثالث أيام العيد كأقصى حد، حيث يكون هذا اليوم الثالث في مناطق أخرى هو اليوم المخصص لزيارات الاصهار والأنساب.
كما يتم خلال أيام العيد زيارة قبور المتوفين من الأهل والأقارب والأحباب وهذه العادة تبدأ منذ أول أيام العيد وتستمر لأسبوع ويبقى الأطفال أكثر سعادة وفرحة خلال هذه الأيام العيدية من خلال ممارسة الألعاب المتنوعة والتي تختلف من مدينة إلى أخرى بحسب الطبيعة الجغرافية للمنطقة.
التصالح والتسامح
وفي صنعاء، تختلف العادات العيدية بعض الشيء في المدينة القديمة التي لا تزال متمسّكة ببعضها، كتصالح المتخاصمين والمختلفين في أول أيام العيد، وتقديم القهوة للزوّار في فناجين مخصصة ومصنوعة من الفخار، تدعى “الحياسي”، فيما يحرص بعض الرجال المقتدرين ماديًا، على تقديم الهدايا أو المال للزوجات أو البنات أو الأمهات، نظير جهودهن المبذولة خلال شهر رمضان.
واعتاد اليمنيون على استقبال الأعياد الدينية بشراء المكسرات والزبيب والحلويات، لتقديمها كعيدية للأطفال أو ما تسمى بـ”جعالة العيد” وهي عادات مميزة تزدهر في معظم مناطق اليمن مهما كانت الظروف والأوضاع السياسية والاقتصادية.