مسألة متى تكيف البشر الأوائل لأول مرة مع البيئات القاسية، مثل الصحارى أو الغابات، كانت محل نقاش طويل، فالكثير من الأقاويل كانت تذهب بإن الإنسان العاقل هو الوحيد الذي يمتلك القدرة على النمو في مثل هذه الظروف الصعبة، وفقًا للدراسات السابقة، إلا أن صفحات العلم لم تُغلق في هذا الشأن.

كشف الباحثون في «Oldupai Gorge»، بتنزانيا، مؤخرا، عن أدلة على قدرة هذا الإنسان المُبكر على استخدام مصادر محددة للمياه العذبة بشكل متكرر وتطوير أدوات متخصصة للبقاء على قيد الحياة.

فمنذ أكثر من مليون سنة، أظهر الإنسان المنتصب وهو «أول نوع معروف يمتلك جسم مماثل للإنسان المعاصر» قدرة ملحوظة على التكيف من خلال الازدهار في البيئات الصحراوية القاسية، وهو ما يتناقض مع المعتقدات السابقة القائلة إن الإنسان العاقل هو الوحيد القادر على القيام بمثل هذه الأعمال الشاقة.

القدرة على التكيف المبكر

وأظهر الإنسان المنتصب القدرة على البقاء في بيئات شبيهة بالصحراء منذ 1.2 مليون سنة، وفقًا لدراسة نُشرت مؤخرًا في مجلة Communications Earth» Environment» إذ وجد الباحثون أدلة على أن هؤلاء الأوائل عادوا مرارًا وتكرارًا إلى أنهار وبرك محددة للحصول على المياه العذبة على مدى آلاف السنين وطوروا أدوات متخصصة لدعم بقائهم على قيد الحياة، وربما لعبت هذه القدرة على التكيف دورًا حاسمًا في التوسع الجغرافي للأنواع.

نتائج الاكتشافات الأثرية في دراسة Oldupai Gorge

وجمع كل من «جوليو ميركادر، وبول دوركين»، وزملاؤهما بيانات أثرية، وجيولوجية، ومناخية قديمة في«إنجاجي نانيوري» في وادي أولدوباي، تنزانيا، وهو موقع أثري رئيسي لأشباه البشر المبكرين، إذ أفاد المؤلفون وفق حفرية، أنه منذ ما يقرب من 1.2 مليون إلى مليون سنة مضت، استمرت الظروف شبه الصحراوية في المنطقة مع ظهور حياة نباتية مميزة، وتشير البيانات الأثرية إلى أن مجموعات الإنسان المنتصب في المنطقة تكيفت مع الظروف خلال تلك الفترة من خلال العودة المتكررة للعيش في مواقع تتوفر فيها المياه العذبة مثل البرك، وتطوير أدوات حجرية متخصصة مثل الكاشطات والأدوات المسننة (المعروفة باسم المسننات).

 

ويشير المؤلفون إلى أن هذه النتائج معًا توضح أن الإنسان المنتصب يتمتع بقدرة أكبر على التكيف للبقاء في البيئات القاسية مما كان يُعتقد سابقًا.

واستنتج الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها تتناقض مع الفرضيات السابقة القائلة بأن الإنسان العاقل هو الوحيد القادر على التكيف مع النظم البيئية القاسية، وأن الإنسان المنتصب ربما كان نوعًا عامًا قادرًا على البقاء في مجموعة متنوعة من المناظر الطبيعية في إفريقيا وأوراسيا. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أسلاف البشر حفرية حفريات القدرة على على التکیف ملیون سنة

إقرأ أيضاً:

كيف استطاع ترامب إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟

شهد ستيف ويتكوف، مستثمر العقارات الأمريكي، خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأمريكي في يوليو (تموز) 2024، وهو ما وصفه بأنه تجربة "ملحمية" و"روحية".

وبعد 5 أشهر فقط، وجد هذا المستثمر الذي ولد في حي برونكس، نفسه ومن دون أي خبرة دبلوماسية، مبعوثاً من قبل دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ليضغط على نتانياهو من أجل تقديم تنازلات، لإنهاء الحرب المدمرة التي استمرت 15 شهراً في غزة.

ترامب حول اتفاق غزة: أنا صاحب الفضل.. بايدن لم يفعل شيئاً - موقع 24قال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة يجب أن يتم الانتهاء منه قبل تنصيبه، الإثنين المقبل، مؤكداً أن مشاركته كانت حاسمة في المفاوضات. تفاصيل المفاوضات المعقدة

وبعد محادثات متقطعة مليئة بالتعقيدات والعوائق، بدا أن احتمالات التوصل إلى اختراق قبل انتهاء ولاية جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة، ضعيفة جداً، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز".

ومع ذلك، كانت لحظة حاسمة عندما أعلن رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من الدوحة أن إسرائيل وحماس توصلتا إلى اتفاق وقف إطلاق النار، مما سمح بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع المحاصر. وكان ويتكوف حاضراً في هذا الإعلان إلى جانب الوسطاء الآخرين.

ووفقاً لشخص مطلع على المحادثات تحدث للصحيفة: "ما الذي تغيّر خلال الأشهر الـ 8 الماضية؟ إنه ترامب وويتكوف. الطريقة التي أدار بها ترامب الأمور أحدثت الفرق". وعلى الرغم من أنه لم يُعرف ما إذا كان ويتكوف قد نقل تهديدات مباشرة من ترامب، أو قدم وعوداً لنتانياهو بشأن الاتفاق، إلا أن تأثيره كان واضحاً في تسريع المحادثات.

Trump team was 'critical' to advancing the ceasefire deal and prisoner-hostage swap

'This incoming administration does not want to see Hamas in power at all, have any sort of say in the post-war governance of the Gaza Strip,' @nicole_zedek tells @manu_claram pic.twitter.com/cv6vzxdQgr

— i24NEWS English (@i24NEWS_EN) January 16, 2025 أهمية دور ترامب وويتكوف

وبدأت فكرة اتفاق يتضمن مراحل متعددة، تؤدي في النهاية إلى السلام وإعادة الإعمار على يد الوسطاء، وتم دعمها علناً من قبل بايدن منذ أكثر من 6 أشهر. لكن التدخل الشخصي لترامب وإيفاده لويتكوف هو ما حسم الاتفاق في النهاية، بحسب الصحيفة.

وبعد فوزه في الانتخابات، ركز ترامب على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مهاجماً إخفاق بايدن في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار. في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أرسل ويتكوف إلى قطر للقاء الشيخ محمد، حيث ناقش أسباب تعثر المفاوضات. ثم سافر ويتكوف إلى تل أبيب للقاء نتانياهو، مما أدى إلى دفع المحادثات قدماً.

وقد واجه نتانياهو ضغوطاً من حلفائه اليمينيين المتشددين، الذين هددوا بترك ائتلافه الحاكم إذا وافق على أي اتفاق مع حماس. كما كان هناك شعور داخل بعض الدوائر الأمنية الإسرائيلية، بأن نتانياهو يعيق التقدم عمداً. إلا أن ذلك لم يثني نتانياهو عن الموافقة على الصفقة بدعم ترامب ومبعوثه.

Israel and Hamas reached ceasefire deal after President-elect Trump threatened to decimate Hamas if hostages were not returned pic.twitter.com/ohiLxDq7YG

— The Post Millennial (@TPostMillennial) January 16, 2025 تحديات

ومن جهة أخرى، أكدت إدارة بايدن علناً أن حماس هي المسؤولة عن فشل المحادثات، رغم أن بعض المسؤولين الأمريكيين كانوا يدركون دور نتانياهو في تعقيد العملية. وبحلول نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2024، كانت إسرائيل قد حققت أهدافها العسكرية تقريباً ضد حماس، بما في ذلك اغتيال معظم قياداتها العليا.

وأدرك الجميع أن أي اتفاق يتم التوصل إليه في عهد بايدن سيُنفذ في عهد ترامب. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024، هدد ترامب عبر منشور على منصته Truth Social أنه يريد إنهاء النزاع قبل تنصيبه، مؤكداً أن عدم الإفراج عن الرهائن سيؤدي إلى "جحيم في الشرق الأوسط”.

ومع دعم ترامب القوي، لعب ويتكوف دوراً حاسماً في دفع نتانياهو للموافقة على النقاط الحرجة التي أعاقت الاتفاق سابقاً، مثل إعادة انتشار القوات الإسرائيلية في غزة. وكشفت تقارير أن ويتكوف استخدم نهجاً شبيهاً بإبرام الصفقات التجارية، حيث وضع الضغوط المناسبة وأظهر دعماً قوياً لإسرائيل.

وقد أدى فوز ترامب إلى حث قطر ومصر على الضغط على حماس لتقديم تنازلات، إذ كان لديهم مصلحة في إظهار قدرتهم على تحقيق نتائج إيجابية مع إدارة ترامب الجديدة. وأكدت مصادر مطلعة أن تأثير ترامب كان واضحاً ليس فقط على إسرائيل، بل أيضاً على الوسطاء الإقليميين.

Israel's security cabinet is set to meet Friday after final details of a Gaza ceasefire and hostage release deal were ironed out, Prime Minister Netanyahu's office sayshttps://t.co/Sxdp3UhKAC pic.twitter.com/72k8p2XXzt

— AFP News Agency (@AFP) January 17, 2025 إعلان وقف إطلاق النار

ومن المقرر أن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، يوم بعد غد الأحد، مع الإفراج عن أول دفعة من الرهائن قبل يوم واحد من تنصيب ترامب في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري. وتم الاحتفال بهذا الاتفاق على نطاق واسع في غزة، حيث نزل آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في خان يونس للاحتفال بالخبر.

وأظهر التدخل الشخصي لدونالد ترامب، وستيف ويتكوف، قدرة غير عادية على التأثير في مسار المفاوضات التي بدت مستحيلة، مما أبرز كيف يمكن للسياسة الدبلوماسية غير التقليدية، أن تؤدي إلى نتائج ملموسة.

مقالات مشابهة

  • وسم #النخوة_17_يناير يحقق أكثر من 100 مليون مشاهدة عالمياً
  • وسم النخوة 17 يناير يحقق أكثر من 100 مليون مشاهدة عالمياً
  • وسم #النخوة_17_يناير يحقق أكثر من 100 مليون مشاهدة عالميا
  • تحذير أممي: الصراع في السودان يأخذ منعطفا أكثر خطورة على المدنيين
  • كيف استطاع ترامب إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
  • أكثر من 6600 أكاديمي في بلجيكا يدعون لإنهاء تعاون جامعاتهم مع إسرائيل
  • أكثر من 45 مليون طن من الركام في غزة
  • جمعة: التغيير بين اختيار البشر وإرادة الله
  • الخوف من ملامح البشر.. أبرز المعلومات عن فوبيا رهاب الإنسان