أمين البحوث الإسلامية: الإلحاد تحدٍّ فكري يتطلَّب مواجهة علمية
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
أطلق مجمع البحوث الإسلامية، مساء أمس الخميس عبر منصَّة (تليجرام)، أولى فعاليات مبادرته (معًا لمواجهة الإلحاد)، بحضور نخبة من العلماء، ومشاركة واسعة من الوعَّاظ والواعظات؛ كخطوة عملية تهدف إلى تحصين الشباب، وتعزيز الإيمان بالفكر والحُجَّة.
البحوث الإسلامية: لجنة تحكيم مسابقة «القدس بين المزاعم الصهيونية» تناقش الأعمال المقدمة وفد من البحوث الإسلامية يزور المفتي الأسبق فِكر يواجه الفكرافتتح اللقاء الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، بكلمة أكَّد فيها أنَّ ظاهرة الإلحاد، رغم أنها طارئة على تاريخ البشرية فإنها أصبحت من أبرز التحديات الفكرية التي تواجه المجتمع اليوم، لا سيَّما في ظل انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنَّ الحركاتِ الإلحاديةَ تعتمد على التشكيك في الثوابت واستغلال الجوانب النفسية والاجتماعية للشباب؛ ممَّا يستدعي مواجهة واعية ومتعمِّقة.
وأوضح الدكتور الجندي أنَّ المبادرة تسعى لإعادة ضبط البوصلة الفكرية للشباب، بحيث يتمكَّنون من التمييز بين الحقائق العلمية الموثوقة والأفكار المشوَّهة التي تُروَّج تحت ستار الحرية الفكرية، داعيًا إلى تبنِّي خطاب علمي عقلاني يعتمد على أدلة واضحة ومنطق متين.
وشدَّد الأمين العام على أهميَّة دَور العلماء والوعَّاظ في توصيل رسائل الإسلام التي تحترم العقل والمنطق، وتجيب عن تساؤلات العصر بأسلوب يقبله الشباب، لافتًا إلى أنَّ دَور المبادرة لا يتوقَّف عند النقاش العلمي فقط؛ بل يمتدُّ إلى إعادة صياغة العَلاقة بين الدين والعلم بشكل يُظهر التكامل بينهما، بعيدًا عن التناقض المزعوم الذي يروِّج له الملحدون.
واختتم الدكتور محمد الجندي كلمته بالإشارة إلى أنَّ الإسلام يدعو إلى البحث والتأمُّل، ويُكرم العقل كأداة للمعرفة والتدبُّر، مبيِّنًا أن هذا النَّهج يجعل الإسلام قادرًا على مواجهة الشبهات كافَّة التي تتعرَّض لها العقيدة الإسلامية.
رؤية عميقة وأهداف طموحةمن جانبها، أوضحت الدكتور إلهام محمد شاهين، الأمين المساعد لشئون الوعظات بالمجمع، أنَّ المبادرة تهدف إلى معالجة خطر الأفكار المضلِّلة التي تُبثُّ بشكل مكثَّف عبر منصَّات التواصل الاجتماعي، وما تسبِّبه من زعزعة لإيمان الشباب، وأنَّ المبادرة تسعى إلى غرس قِيَم الإيمان واليقين في نفوس الشباب، من خلال تسليحهم بالمعرفة والوعي، وإيجاد بيئة حوارية تُتيح للمشاركين تبادل الأفكار والخبرات.
وأشارت الدكتور شاهين إلى أنَّ أحد الأهداف المهمَّة للمبادرة هو اكتشاف المواهب والعقول المفكرة بين الوعَّاظ والواعظات، والعمل على إعداد كوادر متميِّزة تكون قادرة على قيادة النقاشات الفكرية والدفاع عن الإسلام بأسلوب علمي ومقنع، ممَّا يسهم في بناء جيل من الشباب الواعي والقادر على مواجهة الشبهات.
شبهات تحت المجهروفي مداخلة علمية شاملة، قدَّم الدكتور جميل تعيلب، أستاذ العقيدة والفلسفة، ردًّا قاطعًا على شبهة (مَن خلق الله؟)، موضِّحًا أنَّ هذا السؤال ينطوي على تناقض منطقي؛ إذْ إنَّ الخالق -وَفقًا للتعريف الإيماني- هو الله المتَّصف بالأزليَّة، فلا بداية له، ولا يخضع لقيود الزمان والمكان، وأنَّ هذا السؤال يُظهر فهمًا خاطئًا لطبيعة الألوهية؛ إذْ يُسقط خصائص المخلوق على الخالق، وهو ما يُعدُّ مغالطةً واضحةً.
وانتقل الدكتور تعيلب إلى تفنيد نظرية (التطوُّر)، مبيِّنًا أنَّ العديد من أُسُسها يتناقض مع الحقائق العلمية والمنطقية. وأنَّ السجل الأحفوري الذي يُفترض أنه داعمٌ للنظرية، يكشف عن فجوات كبيرة بين الأنواع، مع غياب ما يُسمَّى بـ(الأشكال الانتقالية)؛ ممَّا يُضعف مزاعم النظرية حول تحوُّل الكائنات تدريجيًّا عبر ملايين السنين.
وأشار أستاذ العقيدة والفلسفة إلى التعقيد المُذهِل في الكائنات الحيَّة، مؤكِّدًا أنَّ الأنظمة الدقيقة داخل الخلية الواحدة؛ مثل: الحمض النووي (DNA)، لا يمكن تفسيرها بالصدفة أو الطفرات العشوائية، لافتًا إلى أنَّ الطفرات -في معظمها- تسبِّب أضرارًا للكائنات الحيَّة بدلًا من تحسينها؛ ممَّا يجعلها غير قادرة على تفسير التنوُّع الهائل في الحياة، وأنَّ هذا التعقيد يشير بوضوح إلى وجود خالق حكيم عليم.
وشدَّد الدكتور جميل تعيلب في نهاية حديثه على أهميَّة تسليح الشباب بالوعي العلمي والديني لمواجهة مثل هذه الأفكار، مؤكِّدًا أنَّ الإسلام يمتلك إجابات منطقية لكل الشبهات، وأنَّ الاستناد إلى العلم والفكر هو السبيل الأقوى لتحصين المجتمع من هذا الفكر المنحرف.
نقاش وتفاعل حيوتميَّز اللقاء بحوار مفتوح مع الوعَّاظ والواعظات أثار نقاشاتٍ ثريَّةً بين المشاركين؛ ممَّا يعكس الأثر الإيجابي للمبادرة في تسليط الضوء على القضايا الإلحادية وتقديم ردود علمية تعزِّز وعي المجتمع، ومِنَ المقرَّر أن تستمر المبادرة ببرامجَ أسبوعيةٍ تُتيح الفرصة للتفاعل البنَّاء وتطوير مهارات الوعَّاظ والواعظات في مواجهة هذه التحديات الفكرية الراهنة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: امين البحوث الإسلامية البحوث الإسلامية الإلحاد تليجرام البحوث
إقرأ أيضاً:
معرض الكتاب 2025.. جناح الأزهر يشارك بـ«حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك»
يقدم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته ال 56 لزواره كتاب "حقائق إسلامية في مواجهة حملات التشكيك"، بقلم الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق (1933- 2020م)، أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، عضو هيئة كبار العلماء، من سلسلة إصدارات الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر (2025م).
مقدمة الكتابيشير زقزوق - في مقدمة كتابه - إلى أن قصة الصراع بين الحق والباطل والخير والشر قصة قديمة بدأت فصولها مع بداية الإنسان على الأرض، وسوف تتواصل فصولها طالما كان هناك إنسان في هذا الوجود، لافتا إلى أن الإسلام منذ ظهوره يخوض معارك متواصلة ضد الباطل الذي يبذل كل ما يستطيع من أسلحة لطمس معالم الحق الذي جاء به الإسلام.
ويتوقف زقزوق عند مفارقة غريبة، وهي أن الإسلام -وهو الدين الذي ختم الله به الرسالات، وكان آخر حلقة في سلسلة اتصال السماء بالأرض- قد تعرض منذ اللحظات الأولى لظهوره -ولا يزال حتى اليوم- للهجوم وإثارة الشبهات حوله والتشكيك في عقائده وتعاليمه، ووجه الغرابة في ذلك: يتمثل في أن الإسلام - في الوقت الذي جاء فيه يعلن للناس الكلمة الأخيرة لدين الله على الأرض - لم ينكر أيا من أنبياء الله السابقين ولا ما أنزل عليهم من كتب سماوية، ولم يجبر أحدا من أتباع الديانات السماوية السابقة على اعتناق الإسلام، ولم يقتصر الأمر على عدم الإنكار، وإنما جعل الإسلام الإيمان بأنبياء الله جميعا وما أنزل عليهم من كتب عنصرا أساسيا من عقيدة كل مسلم بحيث لا تصح هذه العقيدة بدونه، ومن شأن هذا الموقف المتسامح للإسلام إزاء الديانات السابقة أن يقابل بتسامح مماثل وأن يقلل من عدد المناهضين للإسلام، ولكن الذي حدث كان على العكس من ذلك تماما، فقد وجدنا الإسلام -على مدى تاريخه - يتعرض لحملات ضارية من كل اتجاه، وليس هناك في عالم اليوم دين من الأديان يتعرض لمثل ما يتعرض له الإسلام في الإعلام الدولى من ظلم فادح وافتراءات كاذبة.
ويقرر زقزوق أن هذا الأمر يبين أن هناك جهلا فاضحا بالإسلام وسوء فهم لتعاليمه، سواء كان ذلك بوعي أم بغير وعى، وأن هناك خلطا واضحا بين الإسلام كدين وبعض التصرفات الحمقاء التي تصدر من بعض أبناء المسلمين باسم الدين وهو منها براء، مشيرا إلى أن مواجهة ذلك تكون ببذل جهود علمية مضاعفة من أجل توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، ونشر ذلك على أوسع نطاق، لافتا إلى أن الشبهات التي تثار ضد الإسلام منذ ظهر وحتى اليوم شبهات مكررة، ولا تختلف مع بعضها إلا في الصياغة أو محاولة إعطائها صبغة علمية.
وقد حاول مؤلف الكتاب -رحمه الله- أن يوضح الصورة الحقيقية للإسلام؛ للرد على الشبهات المثارة حوله منذ ظهر وحتى اليوم، وقد ذكر الهدف من هذا الكتاب في مقدمته فقال: «ولا ندعي أننا أتينا بما لم يأت به الأوائل في هذا الصدد، ولكننا أردنا بهذا الكتاب أن نعطي ردا مركزا على كل شبهة من هذه الشبهات المثارة، التي تتردد في عصرنا بشكل أو بآخر، وبخاصة في عصر ثورة المعلومات، والاتصالات، والاستخدام المتزايد لشبكة الإنترنت».
أما عن منهج الدكتور زقزوق في طرح هذه الشبهات فقد وضع الشبهة في صيغة سؤال، ثم يشرع في الرد عليها بالمنقول والمعقول، ويبين فساد الشبهة، وضحالة أدلتها، ونظرا لثقافة الدكتور زقزوق -رحمه الله- وسعة معرفته باللغات استطاع أن يلم بأقوال المستشرقين؛ سواء للاحتجاج بها، أو للاعتراض عليها.
ويتألف الكتاب من سبعة فصول؛ حيث صنف المؤلف الشبهات التي قام بإبطالها إلى شبهات تتعلق ب: القرآن الكريم، والنبي صلى الله عليه وسلم، والفتوحات الإسلامية، وقضايا الإنسان، وقضايا المرأة، وحرية الاعتقاد، وتعاليم الإسلام.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناح خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته ال 56 وذلك انطلاقا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلا عن ركن للأطفال والمخطوطات.