كيف دفع تشاك شومر الرئيس الأمريكي «بايدن» للانسحاب من الانتخابات الأمريكية؟
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
تعد لحظة انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من الانتخابات الرئاسية، واحدة من أبرز اللحظات الدرامية في تاريخ الرئيس وحياته السياسية، ويزعم الديمقراطيون أن التأخير في انسحابه كان سببًا في فوز دونالد ترامب بولاية جديدة وخسارة نائبته كامالا هاريس.
لكن، قبل الانسحاب في شهر يوليو الماضي، كانت هناك لحظات وكلمات فارقة، سعى تشاك شومر، زعيم الأقلية في مجلس النواب إلى إخبار «بايدن» بها لإقناعه بالانسحاب، بعد أن اختاره الديمقراطيون لهذه المهمة الحرجة، وهو ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.
جلس السيناتور تشاك شومر في بهو منزل الرئيس بايدن في ريهوبوث بيتش، متعبًا ومتوترًا، لم يكن قد نام الليلة السابقة، وخلال الرحلة التي استغرقت 4 ساعات بالسيارة من بروكلين إلى ديلاوير، كان يتدرب بصوت عالٍ على ما يخطط لقوله، ويراجع بطاقات الملاحظات بينما كان يستعد لما اعتقد أنه قد يكون الخطاب الأكثر أهمية الذي سيلقيه على الإطلاق، لكن ذلك الخطاب كان أمام شخص واحد فقط، هو جو بايدن.
كان «تشومر» يعتقد أنه لو كان هناك اقتراع سري بين أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، لقال 5 منهم فقط أن «بايدن» يجب عليه الاستمرار في الترشح، كما قد قدر خبراء استطلاعات الرأي التابعون لـ«بايدن» أن فرصته في الفوز على دونالد ترامب تبلغ نحو 5%، وكان «شومر» سيخبره بهذه المعلومات، التي كانت على ما يبدو بمثابة خبر جديد بالنسبة للرئيس الأمريكي، لكن ماذا في حال جادل «بادين» ورفض نصيحة «شومر».
يرى «شومر» أنه في حال جادل «بايدن» سيخبره أن العواقب ستكون وخيمة على الديمقراطيين و«ترامب»، وإرثه بعد نصف قرن من الخدمة العامة سيكون كارثيًا.
وقال «شومر» لـ«بايدن» بعد اللقاء التاريخي بينهما، والذي كان له نتائج واضحة في انسحاب الرئيس الأكبر سنًا في تاريخ الولايات المتحدة: «إذا ترشحت وخسرت أمام ترامب، وخسرنا مجلس الشيوخ، ولم نتمكن من استعادة مجلس النواب، فإن هذا العمل الرائع الجميل الذي دام 50 عامًا سيذهب أدراج الرياح.. ولكن الأسوأ من ذلك أنك ستُسجَّل في التاريخ الأمريكي كواحد من أكثر الشخصيات ظلامًا».
حثه على عدم الترشحواختتم حديثه: «لو كنت مكانك، لما ترشحت، وأنا أحثك على عدم الترشح».
كان اللقاء الذي استغرق نحو 45 دقيقة وجرى في شرفة منزل «بايدن» المُغطاة والمطلة على بركة، أكثر حدة وعاطفية مما كان معروفًا في السابق، وساعد في تفسير كيف تعامل الرئيس الأمريكي مع الأزمة، وبعدها اتخذ «بايدن» قرارًا بعد أكثر من أسبوع بإنهاء حملته.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جو بايدن انسحاب بايدن الرئيس الأمريكي انسحاب الرئيس الأمريكي تشاك شومر
إقرأ أيضاً:
البربرية الأمريكية
حاتم الطائي
◄ ترامب لا يختلف عن بايدن.. كلاهما مُلطَّخة يداه بدماء الشعب الفلسطيني
◄ الإدارة الأمريكية توفر الغطاء لجرائم الإبادة الجماعية في غزة
◄ الدعم الأمريكي للحرب يضع واشنطن مع تل أبيب في نفس قفص الاتهام
مُخطئ من كان يظُن أنَّ تغيير الرئيس الأمريكي سيجلب السلام في العالم، وتحديدًا في منطقتنا العربية، فكُل رئيس أمريكي يدخل البيت الأبيض مُطالب حتمًا بتنفيذ أوامر وتعليمات اللوبي الصهيوني سواء القابع في واشنطن أو تل أبيب، وليس عليه سوى الإذعان وتلبية جميع الأوامر، ولتذهب الشعوب إلى الجحيم!
في الحقيقة إنَّ دونالد ترامب لا يختلف عن جو بايدن، وكلاهما لا يتمايزان عن جورج بوش (الأب والابن)، ولا عن أي رئيس أمريكي أظهر العداء والكراهية للعرب ولقضاياهم المصيرية، وخاصة القضية الفلسطينية. ومنذ بدء حرب الإبادة الشاملة في غزة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي وبسلاح وذخيرة ومعدات تدمير أمريكية، ومواقف الإدارة الأمريكية لم تتغير، حتى بعد أن تغير الرئيس ذاته، فما كان يقوم به بايدن من تسليح وإرسال ذخائر ذات قوة تدميرية هائلة تبيد البشر والحجر، استكمله ترامب بنفسٍ راضية مطمئنة، وكأن بشرًا لا يموتون من هذه القنابل الناسفة، وكأن غزة كُتب عليها أن تتحول إلى كتلة فعلية من الركام المخلوط بجثث الأبرياء العزل ودمائهم الزاكية.
لم يتردد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن لحظةً في تقديم كل الدعم والمساندة لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو وتوفير كل الأسلحة والذخيرة التي يحتاجها لمواصلة حرب الإبادة الجماعية، فبينما يسقط المدنيون بعشرات الآلاف في غزة، كان بايدن يُوقِّع على صفقات التسليح، بلا تردد. تقصف إسرائيل المستشفيات وتُحاصر المدنيين وتمنع عنهم الماء والطعام وربما حتى الهواء، بينما موقف الإدارة الأمريكية لا يتغير؛ بل يتطور نحو مزيد من الدعم لكيان احتلالي مُجرم، لا يجد أي غضاضة في أن يسفك دماء الأبرياء، ويُفخخ أحياءً كاملة، ويُدمر مربعات سكنية عن بكرة أبيها.
رغم شيخوخته التي كانت مثار سخرية العالم، لم تؤثر هذه الشيخوخة على قرارات بايدن فيما يتعلق بإسرائيل؛ إذ لم يتوان عن توفير الغطاء السياسي والدبلوماسي، بعد أن وفر بسخاء الغطاء الحربي والعسكري، وتعمّدت إدارته رفض أي قرار في مجلس الأمن يتعارض مع إسرائيل، ورفضت واشنطن كذلك قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، في انحدار أخلاقي لا مثيل له.
وعندما عاد دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي، قرر هو الآخر أن يُواصل مسيرة دعم إسرائيل، وأطلق في بداية عهده قنبلة التهجير القسري لأهالي غزة، ليكون أوَّل رئيس في العالم يُطالب بالتهجير القسري للسكان الأصليين لدولة ما؛ بل تمادى في ذلك وأشهر سيف التهديدات للدول التي سترفض أوامره، ووضع حلفاءه في المنطقة في موقف بالغ الإحراج، لكنهم في المقابل واجهوا هذه الغطرسة الفارغة بموقف مُوحد تمثل في رفض التهجير، سواء كان طوعًا أو قسرًا.
ترامب مثل بايدن، يداه مُلطختان بدماء الشعب الفلسطيني، فبعد صفقة التسليح الأخيرة ومنح جيش الاحتلال ذخائر شديدة التدمير تزن 2000 رطل للقنبلة الواحدة، عادت إسرائيل لتدك ما تبقى من المنازل المهدمة على رؤوس سكانيها من أهل غزة الذين ما لبثوا أن شعروا بأمان نسبي ضئيل مع سريان اتفاق وقف إطلاق النَّار، حتى جاءتهم القنابل المدمرة مرة ثانية، لتعود الكرة من جديد، ويعود الجميع إلى المربع الأول.
من المؤسف أن نجد رئيسًا أمريكيًا مثل دونالد ترامب يدعم مجرم الحرب بنيامين نتنياهو بشتى أوجه الدعم، دبلوماسيًا وسياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، ليكون بذلك ترامب- مثل بايدن- شريكًا أصيلًا في حرب الإبادة التي تدور رحاها في قطاع غزة، ويتجرع ثمنها غاليًا الشعب الفلسطيني المظلوم والمقهور على مر العصور.
ما يحدث الآن من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بأمرٍ من رئيسها دونالد ترامب، ليس سوى أعمال بربرية، تؤكد لنا مستوى التدني الإنساني لدى الإدارة الأمريكية، التي لا تُفرِّق بين الظالم والمظلوم، ولا ترى الواقع إلّا بعين عوراء، عين لا ترى سوى إسرائيل وكيفية دعمها بمختلف الطرق، ولو على حساب الأبرياء وسفك دمائهم بلا ثمن وبكل تنصل من المسؤولية الأخلاقية.
الرئيس ترامب مسؤول مسؤولية كاملة عن تجدد العدوان الصهيوني الآثم على غزة، لأنَّ الولايات المتحدة بصفتها الراعي الأول لإسرائيل، يتعين عليها إيقاف حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، وإلزام حكومة اليمين المتطرف بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النَّار، وخصوصًا المرحلة الثانية، فالمُحتل الإسرائيلي نقض عهده وتراجع عمّا اتفق عليه مع الوسطاء، وقرر أن يحنث بما اتفق عليه، وكل ذلك بدعم وغطاء أمريكي لا محدود.
من المؤلم أن نشاهد مُجددًا صور سيارات الإسعاف وهي تهرع بين الركام في محاولة لإنقاذ المصابين من القذائف الأمريكية التي ألقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالتوازي مع مشاهد شح الأدوات الطبية وربما انعدامها فيما تبقى من مستشفيات غزة، علاوة على منع دخول أي مساعدات غذائية أو إنسانية، مع إطباق الحصار الأمريكي الإسرائيلي على القطاع، لإرغام المقاومة على تسليم ما لديهم من أسرى دون مقابل! ويعتقد البعض أن نتنياهو يُريد أن يخوض المفاوضات مع "حماس" تحت غطاء نيرانه الكثيفة بذخيرة أمريكية، لكن الحقيقة أن الاحتلال الصهيوني وبدعم من الراعي الأمريكي يُريد مواصلة حرب الإبادة لإفراغ غزة من سكانها وتنفيذ مخطط ترامب "العقاري" لتحويل هذه المنطقة المنكوبة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد تهجير سكان غزة قسريًا، خاصةً وأنه لم يصدر أي تعليق أمريكي رسمي فعليًا على المبادرة العربية المناهضة لمخطط ترامب العقاري الاستعماري. ولذلك نؤكد دومًا أن إسرائيل هي امتداد لكل مشاريع الاستعمار التي استهدفت منطقتنا، من أجل إخضاعها وضمان عدم تفوُّقها، ونهب ثرواتها وزعزعة أمنها واستقرارها.
ويبقى القول.. إنَّ الدور السلبي والضار الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية لا يخدم بأي حالٍ من الأحوال مصالحها في الشرق الأوسط، ويُلحق بسمعتها الأخلاقية المزيد من الضرر، ويتعين عليها أن ترفع يدها عن إسرائيل؛ إذ إن الوضع الراهن يعكس مدى البربرية التي أصبحت تُهمين على السياسات الأمريكية، دون أدنى وازع إنساني يضع في الاعتبار عشرات الآلاف من النساء والأطفال والمدنيين العُزل الذين راحوا ضحية هذا العدوان الغاشم الذي لا يتوقف. ولا ريب أن استمرار الدعم الأمريكي لجرائم الإبادة في غزة يضع واشنطن في نفس قفص الاتهام الذي تقبع فيه إسرائيل حاليًا، ويتعين محاكمة الولايات المتحدة ومحاسبتها على ما قدمته وتقدمه من تسليح يتسبب في موت عشرات الآلاف.
رابط مختصر