يقدم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب "حقائق إسلاميَّة في مُواجَهةِ حملاتِ التَّشكيكِ"، بقلم الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق (1933- 2020م)، أستاذ الفلسفةِ بكُلِّيَّةِ أصولِ الدِّينِ بجامعةِ الأزهرِ بالقاهرةِ، عُضْو هيئةِ كبارِ العُلماءِ، من سلسلة إصدارات الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالأزهر (2025م).

معرض الكتاب 2025.. “سلطان المداحين” كتاب جديد لأماني علي محمد عدلي يطرح "نزيل عنبر الرسل" في معرض الكتاب

يشير زقزوق –في مقدمة كتابه- إلى أن قصة الصراع بين الحق والباطل والخير والشر قصة قديمة بدأت فصولها مع بداية الإنسان على الأرض، وسوف تتواصل فصولها طالما كان هناك إنسان في هذا الوجود، لافتًا إلى أن الإسلام منذ ظهوره يخوض معارك متواصلة ضد الباطل الذي يبذل كل ما يستطيع من أسلحة لطمس معالم الحق الذي جاء به الإسلام.

ويتوقف زقزوق عند مفارقة غريبة، وهي أن الإسلام -وهو الدين الذي ختم الله به الرسالات، وكان آخر حلقة في سلسلة اتصال السماء بالأرض- قد تعرَّض منذ اللحظات الأولى لظهوره -ولا يزال حتى اليوم- للهجوم وإثارة الشبهات حوله والتشكيك في عقائده وتعاليمه، ووجه الغرابة في ذلك: يتمثل في أن الإسلام - في الوقت الذي جاء فيه يعلن للناس الكلمة الأخيرة لدين الله على الأرض - لم ينكر أيًّا من أنبياء الله السابقين ولا ما أنزل عليهم من كتب سماوية، ولم يجبر أحدًا من أتباع الديانات السماوية السابقة على اعتناق الإسلام، ولم يقتصر الأمر على عدم الإنكار، وإنما جعل الإسلام الإيمان بأنبياء الله جميعًا وما أنزل عليهم من كتب عنصرًا أساسيًّا من عقيدة كل مسلم بحيث لا تصح هذه العقيدة بدونه، ومن شأن هذا الموقف المتسامح للإسلام إزاء الديانات السابقة أن يقابل بتسامح مماثل وأن يقلل من عدد المناهضين للإسلام، ولكن الذي حدث كان على العكس من ذلك تمامًا، فقد وجدنا الإسلام -على مدى تاريخه - يتعرَّض لحملات ضارية من كل اتجاه، وليس هناك في عالم اليوم دين من الأديان يتعرض لمثل ما يتعرض له الإسلام في الإعلام الدولى من ظلم فادح وافتراءات كاذبة.

ويقرر زقزوق أن هذا الأمر يبين أن هناك جهلًا فاضحًا بالإسلام وسوء فهم لتعاليمه، سواء كان ذلك بوعي أم بغير وعى، وأنَّ هناك خلطًا واضحًا بين الإسلام كدين وبعض التصرفات الحمقاء التي تصدر من بعض أبناء المسلمين باسم الدين وهو منها براء، مشيرًا إلى أن مواجهة ذلك تكون ببذل جهود علمية مضاعفة من أجل توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، ونشر ذلك على أوسع نطاق، لافتًا إلى أن الشبهات التي تثار ضد الإسلام منذ ظهر وحتى اليوم شبهات مكررة، ولا تختلف مع بعضها إلا في الصياغة أو محاولة إعطائها صبغة علمية.

وقد حاولَ مُؤلِّفُ الكتابِ -رَحِمَه اللهُ- أنْ يُوضِّحَ الصُّورةَ الحقيقيَّةَ للإسلامِ؛ للرَّدِّ على الشُّبهاتِ المُثارةِ حولَه منذُ ظهرَ وحتَّى اليومَ، وقد ذَكَرَ الهدفَ منْ هذا الكتابِ في مُقدِّمتِه فقالَ: «ولا ندَّعي أنَّنا أتَيْنا بما لمْ يأتِ به الأوائلُ في هذا الصَّددِ، ولكنَّنا أرَدْنَا بهذا الكتابِ أنْ نُعطِيَ ردًّا مُركَّزًا على كلِّ شُبهةٍ مِنْ هذه الشُّبهاتِ المُثارةِ، الَّتي تتردَّدُ في عصرِنا بشكلٍ أوْ بآخرَ، وبخاصَّةٍ في عصرِ ثورةِ المعلوماتِ، والاتِّصالاتِ، والاستخدامِ المُتزايدِ لشبكةِ الإنترنت».

أمَّا عنْ منهجِ الدُّكتور زقزوق في طرحِ هذه الشُّبهاتِ فقدْ وضعَ الشُّبهةَ في صيغةِ سُؤالٍ، ثمَّ يشرعُ في الرَّدِّ عليها بالمنقولِ والمعقولِ، ويُبيِّنُ فسادَ الشُّبهةِ، وضحالةَ أدلَّتِها، ونظرًا لثقافةِ الدُّكتور زقزوق -رَحِمَه اللهُ- وسَعةِ معرفتِه باللُّغاتِ استطاعَ أنْ يُلِمَّ بأقوالِ المُستشرِقين؛ سواءٌ للاحتجاجِ بها، أو للاعتراض عليها.


ويتألَّفُ الكتاب من سبعةِ فصولٍ؛ حيثُ صنَّفَ المُؤلِّفُ الشُّبهاتِ الَّتي قام بإبطالها إلى شُبهاتٍ تتعلَّقُ بـ: القرآنِ الكريمِ، والنَّبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والفُتوحاتِ الإسلاميَّةِ، وقضايا الإنسانِ، وقضايا المرأةِ، وحُرِّيَّةِ الاعتقادِ، وتعاليمِ الإسلامِ.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جناح الأزهر الأزهر معرض الكتاب زقزوق حقائق إسلامي ة إلى أن

إقرأ أيضاً:

كتابٌ من الإمام سيف بن سلطان اليعربي إلى أخيه بلعرب بن سلطان

يُحسَب للمؤرخ الأديب سيف بن حمود البطاشي (ت:1420هـ) التفاتُه إلى الوثائق المنقولة في متون الكتب المخطوطة أو في زياداتها وطُرَرِها، وقد نقل جملة منها في كتابه (إتحاف الأعيان) الذي ترجم فيه للعلماء والفقهاء في ثلاثة مجلدات خَصَّص ثالثها لفقهاء عهد اليعاربة وبداية عهد الدولة البوسعيدية (ق11-12هـ)، ومن بين ما نقله بعض رسائل الإمام سيف بن سلطان بن سيف اليعربي (الأول) (1104-1123هـ) إلى أخيه الإمام بلعرب بن سلطان (1090-1104هـ) إحداها هذه الرسالة المؤرخة سنة 1104هـ، وهي السنة التي تمكّن فيها الإمام سيف بن سلطان من الحكم بعد خروجه على أخيه، وهذه الرسالة وغيرها -فيما يظهر- مما تناقله النُسّاخ وألحقوه بالكتب، ونصها:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من إمام المسلمين سيف بن سلطان، إلى الشيخ الأخ بلعرب بن سلطان بن سيف. كتابك وصل وفهمناه، ولم نعلم لك ولأصحابك حجة في دعواك العجز عن الوصول إلينا، فإن كنت غير باغٍ فأتنا بنفسك، وإن أتيتنا بجميع الرجال والأحرار بقرية يبرين ونواحيها فلعل الله ييسر عليك أمراً، وإن كنتم أيها الرجال الأحرار الذين بقرية يبرين أو نواحيها غير باغين فأتونا بأنفسكم مطيعين للهِ ولرسوله، ولنا في طاعة الله وإن لم يكن كما كتبنا كما أردناه إلى تمام يوم الخميس وثاني من شهر شعبان من سنتنا هذه، فليحيق بيبرين ومن فيها ما يقدره الله. وقد طال يا أخي بلعرب منك وعليك من المعالجة العظيمة ومخالفة أمرنا لما قدره الله عليك من التعب والنصب والعذاب العظيم، فمن رأيي عليك أن تطيع الله وجميع رأيي عليك في جميع ما يجوز لك، ولو ظننت ما ظننت فإني لك محب مشفق ناصح ودود صادق صفي محق قوي أمين، وستجد من ثمرة ذلك إن أجبتنا لما تريد -إن شاء الله- وأنت قد جربت ما جربت من آرائك ومعالجتك ونصيحتنا ومخالفتك لها، وقد ورأيت ما رأيت، وقد كلفني الدهر ما يسوؤني فيك، وقلبي حازن عليك، وخاصة إن تذكرت راحتك قبل مخالفتي. فالحذر يا أخي كل الحذر عن زيادة ما يسوؤك ومخالفة أمرنا ما أمكن، وحاذر ولو أنفت نفسك عن أخيك فالحذر عن السوء، ونسأل الله أن يريحك باتباع نصحنا لتبقى سالماً إن شاء الله. بلغ سلامنا من أردت من المشايخ والأولاد. تاريخ الكتاب نهار الثلاثاء الثلاثين من شهر رجب سنة 1104».

وفي الرسالة إيحاءات مختلطة بين ترغيب وترهيب، كما أن في بعض عباراتها شيئًا من المشاعر الأخوية الإنسانية رغم اشتداد الخلاف بينهما، فالمرسل الإمام سيف بن سلطان يظهر أنه أراد أن يستعطف أخاه إلى قبول نصحه بأن يرجع عن المواجهة ويدخل في طاعته ويُسَلِّم له الأمر، وفي المقابل حَذَّره من مغبّة البقاء على موقفه حتى ولو استعان برجاله القائمين معه في «يبرين»، وهذه البلدة تُرسم اليوم «جبرين» بجيم معجمة، وثمة من يرى أن مسمى «جبرين» خاص بالحصن، أما المصادر القديمة فقد رُسِمت فيها «يبرين» بالياء.

مقالات مشابهة

  • هل ليلة القدر اليوم في 27 رمضان؟.. علي جمعة يحسمها بـ9 حقائق
  • حقائق-ما مدى أمان تطبيق سيجنال الذي استخدمه مساعدو ترامب لمناقشة خطط حرب؟
  • الأزهر يوضح أحكام زكاة الفطر ومتى تقبل؟ |تفاصيل
  • كتابٌ من الإمام سيف بن سلطان اليعربي إلى أخيه بلعرب بن سلطان
  • باحثة بالجامع الأزهر: الزكاة طهارة للمُزكِّي ومالِه وليست مجرد فرضا
  • درس التراويح بالجامع الأزهر: الصدقة في الإسلام باب من أبواب البر
  • بعد الطالب الكفيف .. الأزهر يقدم أحد أبنائه لإمامة المصلين في تراويح رمضان
  • سهيل بن عمرو.. خطيب قريش الذي تحول إلى داعية للإسلام
  • زكاة الفطر في الإسلام.. لماذا شُرِعت وعلى من تجب ووقت إخراجها؟
  • ما الذي جرى لليابان بعد أن اكتشفت الإسلام؟