الرباط- قرر حزب الاستقلال المغربي الاستعانة بشخصيتين افتراضيتين لمخاطبة الشباب واستقطابهم للعمل السياسي والمدني، في مبادرة هي الأولى من نوعها في الحياة الحزبية بالمملكة.

وقدم الحزب في فعاليته الأخيرة المنظمة بمناسبة الذكرى 81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال أول شخصيتين افتراضيتين استقلاليتين تم تطويرهما باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأطلق عليهما اسمي "آمال " و"حكيم".

جدير بالذكر أن حزب الاستقلال المشارك في الحكومة الحالية ارتبط تأسيسه بمقاومة الاستعمار، وشارك في أكثر من حكومة بعد الاستقلال.

شخصيتان افتراضيتان

وأعلن كل من آمال وحكيم عن مبادرة جديدة أطلقها الحزب، خلال مهرجانه الخطابي بالدار البيضاء، الأسبوع الجاري، وتتعلق بصياغة عقد اجتماعي متقدم للشباب بهدف إسماع صوتهم وتمكينهم من آليات المشاركة في ديناميات الحياة العامة.

وأوضح بدر احجيرة عضو المجلس الوطني للحزب أن العقد الاجتماعي للشباب هو وثيقة تلخص تطلعات الشباب ونظرتهم المستقبلية.

وأشار احجيرة، في حديث مع الجزيرة نت، إلى أن هذه المبادرة هي عمل تشاركي يتواصل من خلاله شباب الحزب مع شباب المملكة في المدن والقرى وبلدان المهجر للاستماع لأفكارهم وتطلعاتهم لصياغة رؤية مستقبلية تقوم على إشراك الشباب في وضع السياسات العمومية.

إعلان

ولفت إلى أن الحزب قرر الاستعانة بآمال وحكيم في هذه العملية التواصلية رغبة منه في مخاطبة الشباب بلغة وتقنيات يفهمها واعتاد عليها.

وقال "ستواكب هاتان الشخصيتان مختلف مراحل صياغة هذا العقد وستعرضانها بلغات العالم وبالاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة. نريد أن نخاطب الشباب بطريقة قريبة منهم والوصول إلى شريحة بعيدة عن الحياة السياسية".

من جانبه، ثمن حسن خرجوج الخبير المعلوماتي المتخصص في الشؤون الرقمية استعانة حزب الاستقلال بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة للتواصل مع الشباب، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تدل على وعي كوادره بالاتجاهات الشبابية الحديثة وإدراكهم لأهمية تطوير المحتوى الموجه للشباب.

وقال خرجوج للجزيرة نت إن آمال وحكيم هما شخصيتان تم تطويرهما للتفاعل مع الشباب وخاصة جيل "زد" الذي لم يعد قادرا على قراءة المحتويات الطويلة سواء كانت ورقية أو رقمية.

في نظره، فإن التحدي الذي سيواجهه الحزب يتعلق بالمحتوى والمضمون إذ يفترض أن يناسب الفئة المستهدفة. وأوضح أن "المحتوى السياسي ممل للشباب، لذلك من الضروري الإبداع في خلق محتوى يلائم ميول هذه الفئة واحتياجاتها، وإذ نجحوا فمن شأن ذلك إحداث تطور نوعي في الخطاب السياسي المغربي".

ولفت خرجوج إلى أن المعركة في الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها العام المقبل ستدور رحاها في ساحات الإنترنت والمنصات الرقمية وفي الهواتف وليس في الشوارع والميادين.

حزب الاستقلال ارتبط تأسيسه بمقاومة الاستعمار وشارك في أكثر من حكومة بعد الاستقلال (الجزيرة) تحسين التفاعل السياسي

خاطبت آمال جمهور حزب الاستقلال في أول ظهور لها قائلة "حضرات الأخوات الاستقلاليات والإخوان الاستقلاليين، السلام عليكم، أنا آمال مناضلة استقلالية رقمية"، بينما تابع حكيم "وأنا حكيم مناضل استقلالي رقمي، تم تصميمنا باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من قبل حزب الاستقلال لنكون أول مناضلين رقميين في المغرب"، قبل أن يشرعا في تقديم مبادرة العقد الاجتماعي للشباب وشرحها.

إعلان

يقول احجيرة إن آمال تمثل أمل الشباب في التغيير وفي المستقبل، أما حكيم فيمثل حكمة حزب الاستقلال الذي عرف عنه تاريخيا بأنه ضمير الأمة، مضيفا "بالحكمة التي تميز حزبنا وتجربته الكبيرة وبالآمال التي يعقدها عليه الشباب سننجح في عملنا ورسالتنا".

وأكد أن حزبه واع بأهمية توظيف التكنولوجيا في التواصل مع فئات المجتمع، مشيرا إلى أنه يضم كوادر مؤهلة ولها تكوين عال في هذا الميدان، وقال "من لم يركب سفينة التكنولوجيا الحديثة سيتجاوزه الزمن".

ولفت إلى أن توظيف التكنولوجيا الرقمية الحديثة لا ينبغي أن يكون مرتبطا بالفترات الانتخابية فقط، بل أن يصبح جزءا من الممارسة السياسية اليومية سواء في التواصل مع الجمهور أو في التواصل الداخلي بين أفراد الحزب وهيئاته.

أما خرجوج فيرى أن السياسيين المغاربة رغم حضورهم في المنصات الرقمية فإنهم يتواصلون مع الشباب بطريقة فوقية وبمحتوى مبني على المجاملة ولغة الخشب في حين يفضل الشباب الخطاب المباشر والبسيط والواضح.

وعزا عزوف الشباب المغربي عن السياسة إلى طبيعة الخطاب السياسي الذي لا يراعي الثورة التكنولوجية وحاجات الشباب واهتماماتهم وميولهم، مؤكدا أن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة بشكل عام ستساعد على صناعة محتوى جذاب وغير ممل موجه للشباب الذي يستعملون المنصات الرقمية بشكل كبير وستؤدي إلى تحسين مستوى التفاعل السياسي مع الشباب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حزب الاستقلال مع الشباب إلى أن

إقرأ أيضاً:

“من الثورية إلى المعارضة: هل لا يزال الحزب الشيوعي السوداني عضوياً في الحراك السياسي؟”

حين يتأمل المرء مسار الحزب الشيوعي السوداني، تتبدى أمامه ثنائية مثقلة بالاحتمالات: بين لحظة التكوين ولحظة التيه، بين عضوية متخيلة وتاريخ متراكم من العزلة، بين الارتباط المزعوم بالطبقة العاملة والتكلس في أبراج النظرية، بين الإرث الثوري والجمود العقائدي. السؤال، إذن، ليس ما إذا كان الحزب قد فقد عضويته العضوية، بل ما إذا كان قد امتلكها أصلًا. وإن امتلكها، فهل كانت عضوية حقيقية أم مجرد مجاز ماركسي مفرغ من جوهره؟

الاشتباك مع هذا السؤال يستدعي استحضار أنطونيو غرامشي، الذي صاغ مفهوم “المثقف العضوي” والحزب العضوي، باعتبار الحزب ليس مجرد أداة سياسية، بل امتدادًا عضويًا لحركية طبقة اجتماعية، ينهض من صلبها، يعبر عنها، ويحمل سماتها. تمامًا كما كانت الأحزاب الشيوعية الأوروبية في لحظة نشأتها تمثل الامتداد السياسي لطبقة البروليتاريا الصناعية. لكن، هل كان الحزب الشيوعي السوداني حزبًا “غرامشيًا” بهذا المعنى؟

لقد تأسس الحزب في أربعينيات القرن الماضي داخل مشهد طبقي معقد، حيث لم تكن هناك بروليتاريا صناعية بالمعنى الأوروبي، بل كان هناك عمال السكة حديد، مزارعو الجزيرة، عمال الموانئ في بورتسودان، الحرفيون في أزقة المدن النابتة من استعمار مترنح. هذه كانت “طبقته” التي حاول أن يستلهم منها شرعيته. في إضرابات 1946، في حركة نقابات العمال، في انتفاضة 1953 ضد مشاريع الاستقلال المشوهة، بدا أن الحزب يحفر عميقًا في بنية هذه الفئات، كأنما هو صوتها المتكلم، جسدها السياسي في العالم.

غير أن هذه العضوية لم تلبث أن انكسرت مع تعاقب التحولات السياسية. انقلاب 1958، قمع عبد الله خليل، عسكرة الدولة، إجهاض التجربة الديمقراطية الأولى، كلها دفعت الحزب إلى الدخول في شبكة معقدة من التحالفات والتناقضات، بين الاشتباك مع القوى الديمقراطية المدنية من جهة، والتصعيد الثوري ضد الطغمة العسكرية من جهة أخرى.
ثم جاءت ثورة أكتوبر 1964 لتعيده إلى قلب المشهد، لاعبًا رئيسيًا، مهندسًا للإضرابات، شريكًا في تكوين حكومة سر الختم الخليفة، ثم فجأة، مأزومًا بمسألة الاندماج مع القوى “البرجوازية الصغيرة”، عالقًا بين تكتيكات اللحظة ومبادئ النظرية، بين التحالف مع القوى الصاعدة والخوف من الذوبان في تناقضاتها.

ولم يكن هذا سوى التمهيد لأكبر اختبار وجودي للحزب: انقلاب نميري 1969، الذي بدا في لحظاته الأولى كأنه انتصار للبرنامج اليساري، لكنه لم يلبث أن تحول إلى مأساة سياسية، خاصة بعد تصفية الحزب عقب انقلاب 1971 الفاشل بقيادة هاشم العطا، الذي انتهى بإعدامات عبد الخالق محجوب، والشفيع أحمد الشيخ، وجوزيف قرنق، وسلسلة طويلة من التصفيات السياسية التي أطاحت ليس فقط بالكوادر، بل بالأسس البنيوية للارتباط بالطبقة العاملة. بعد هذا، لم يعد الحزب كما كان.

فقد الحزب، في تلك اللحظة، ليس فقط قياداته التاريخية، بل علاقته الحقيقية بالشارع. عاد إلى العمل السري، لكنه عاد مثقلًا بأزمة هوية: هل هو حزب ثوري يسعى لقلب النظام، أم حزب إصلاحي يتفاوض مع البنية القائمة؟
في انتفاضة أبريل 1985، لعب الحزب دورًا رئيسيًا في الحراك الجماهيري، لكنه كان قد بدأ يفقد صلته العضوية بقاعدته التقليدية. لقد كان الحراك الشعبي أوسع من الحزب، وكانت النقابات أكثر ديناميكية من قيادته، وكانت القوى الجديدة في الشارع تتحرك بمنطق مختلف عن منطق بيانات اللجنة المركزية.

ثم جاءت الإنقاذ في 1989 لتكمل ما بدأته ضربة 1971، إذ عمدت الجبهة الإسلامية إلى تفكيك كل ما تبقى من القاعدة الاجتماعية التي كان الحزب يستند إليها. ضربت النقابات، خصخصت مشروع الجزيرة، أضعفت العمال، جعلت الاقتصاد رهينًا لطبقة طفيلية جديدة من رجال الأعمال الإسلاميين. وجد الحزب نفسه أمام مجتمع جديد، لا يشبه ذلك المجتمع الذي تأسس فيه.

لكن، وهنا المفارقة، لم يستطع الحزب أن يعيد إنتاج نفسه ليستوعب هذا التحول. ظل متمترسًا في سردياته القديمة، في لغة خشبية لا تزال تتحدث عن “الطبقة العاملة” في سياق أصبح فيه معظم العمال مجرد أفراد معزولين بلا نقابات، بلا حركة، بلا هوية سياسية واضحة. هنا، برزت فجوة هائلة بين خطابه وبين الواقع، بين تصوراته النظرية والمجتمع الذي كان يفترض أن يمثل صوته السياسي.

ثم جاءت موجة الثورة من جديد في ديسمبر 2018، لكن هذه المرة لم يكن الحزب هو الفاعل الرئيسي. كانت لجان المقاومة، شباب غير مؤطر في الأحزاب التقليدية، تنظيمات لامركزية، احتجاجات لا تخضع لمنطق الحزب الهرمي الصارم. كان الحزب داعمًا، لكنه لم يكن قائدًا. وحين سقط البشير، وبدأت المرحلة الانتقالية، دخل الحزب في معركة جديدة: هل يشارك في السلطة، أم يظل في موقع المعارضة؟ اختار المعارضة، لكن هذه المعارضة جاءت في كثير من الأحيان على حساب الفاعلية السياسية. رفض الحزب المشاركة في حكومات ما بعد الثورة، لكنه أيضًا لم يقدم بديلًا عمليًا واضحًا، بل بقي في موقع المراقب الناقد، العاجز عن التأثير المباشر.

وإنني إذ أتناول تاريخ الحزب بالنقد، لا أنطلق من موقع عابث، بل من إيماني بأن النقد—في جوهره—ليس إلّا فعل حبٍّ شديد التطلّب، لا يرضى بما هو قائم لأنه يؤمن بإمكان ما يجب أن يكون.

في ظل هذا كله، لم يكن غريبًا أن تتكرر الانقسامات داخل الحزب. منذ انشقاق 1970 الذي قاده أحمد سليمان، وحتى الخلافات اللاحقة التي شهدها الحزب بين تيارات ترى ضرورة الانفتاح السياسي والتحديث الفكري، وأخرى تتمسك بالأرثوذكسية الماركسية. هذه الانقسامات لم تكن مجرد خلافات حول التكتيك، بل كانت تعبيرًا عن أزمة بنيوية عميقة، عن غياب القدرة على تجاوز الزمنية المتأخرة، عن العجز عن إعادة التشكّل في ظل واقع لم يعد يحتمل الأحزاب المركزية الصارمة.

إذن، هل لا يزال الحزب الشيوعي السوداني حزبًا عضويًا؟
يبدو أن السؤال قد تجاوزه الزمن، إذ لم يعد هناك سياق يسمح بوجود حزب عضوي بالمعنى الغرامشي الكلاسيكي. لكن الأهم من ذلك: هل يستطيع الحزب أن يعيد اختراع نفسه ليكون جزءًا من الحراك الثوري الجديد؟ أم أنه سيظل حبيس لغته، تاريخه، إيقاعه البطيء، حتى يصبح مجرد أثر سياسي من زمن آخر؟

السؤال مفتوح، والإجابة لم تعد بيد الحزب وحده، بل بيد الزمن ذاته، وبيد تلك الجماهير التي طالما ادعى أنه يمثلها، لكنها الآن تتحرك بدونه، تتجاوز مواقفه، وتعيد رسم الخرائط السياسية بطرق لم يعد قادرًا على فهمها.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • مدعومة بالذكاء الاصطناعي..مايكرسوفت تضيف أدوات بحث عميقة إلى كوبيلوت
  • بعثة منتخب الشباب تصل القاهرة قادمة من قطر بعد انتهاء الدورة الودية
  • مُنتجة بالذكاء الاصطناعي.. حقيقة صورة أم عثرت على رفات ابنها في غزة
  • الاتصالات تنظم ملتقى "تشكيل آفاق الذكاء الاصطناعي" لتعزيز الاستثمار في التقنيات الحديثة
  • للمرة الأولى منذ سقوط النظام .. القوات الروسية تنتشر خارج قاعدة حميميم
  • “من الثورية إلى المعارضة: هل لا يزال الحزب الشيوعي السوداني عضوياً في الحراك السياسي؟”
  • جوجل تقدم مزايا فيديو بالذكاء الاصطناعي مع تحديث Gemini
  • الذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية لبناء الاستقلال المالي
  • مصر تدرس الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في إدارة الجمارك.. ومصدر يوضح لـCNN السبب
  • بايراقداريان بحثت وممثل منظمة اليونيسيف في لبنان في مشروع المنصة الرقمية للشباب