الخرطوم- من بين أروقة "بلاط صاحبة الجلالة" إلى العمل التجاري، هكذا أعادت المعارك رسم مسار حياة السكرتير الصحفي بصحيفة "اليوم التالي" السودانية خضر مسعود الذي اضطرته تداعيات الاشتباكات إلى العمل في محل صغير لبيع الملابس الرياضية بمدينة كوستي ولاية النيل الأبيض.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال خضر إن ضيق ذات اليد وعدم توفر السيولة المالية أجبراه على مغادرة منزله في أم درمان (غربي العاصمة الخرطوم) رغم أنها كانت آمنة، متوجها إلى ولاية النيل الأبيض.

الأحداث الجارية في السودان اضطرت خضر مسعود إلى التحول من سكرتير صحفي إلي العمل في بيع الملابس الرياضية (الجزيرة) عمل تجاري

وباءت محاولات خضر مسعود في البحث عن عمل في مجال الصحافة بالفشل، ويقول "أعمل حاليا في محل صغير لبيع الملابس الرياضية، وهي مهنة لا تُلبي طموحاتي، لا أقول إنها تكفي لسد الرمق، ولكن تكفيني شر السؤال والحاجة".

ويحاول خضر التأقلم مع مهنته الجديدة واكتساب مهارات العمل التجاري، لكنه يرى أنه مشروع غير مستقبلي بالنسبة له، إذ تحتاج التجارة إلى أشخاص بمهارات مختلفة.

وتابع: "هو عمل مؤقت إلى حين انجلاء الأزمة، وفرصة أخرى للاندماج مع المجتمع وطريقة حياته والظروف المحيطة، قابلت في السوق المهندس، والمحاسب، والطبيب والأستاذ الجامعي وكثيرين  آخرين غيروا مهنهم إلى مهن هامشية".

دكتور "كفتة"

لم يكن خضر مسعود استثناء، فالمعارك التي تدخل شهرها الخامس ألقت بظلالها على الأوضاع الاقتصادية مع تعثر صرف الرواتب منذ اندلاع الأحداث.

وأدى الحصار والاشتباكات التي وقعت بمدينة الأبيض ولاية شمال كردفان إلى مغادرة طبيب الأسنان حاتم جلال إلى ولاية النيل الأبيض وافتتاح مشروع لبيع ساندويتشات الكفتة.

وقال جلال للجزيرة نت: "توقفت العيادة عن العمل جراء الاشتباكات التي وقعت في المدينة، واضطرت للمغادرة إلى كوستي وافتتاح مشروع لبيع ساندويتشات الكفتة".

وأضاف: "كانت الحرب فرصة للعمل في شيء أحب القيام به، إذ أقوم بنفسي بإعداد الكفتة، حولتها لعمل تجاري ويعمل معي عدد من الشباب الذين اضطرتهم الحرب للخروج".

ولم يجد حاتم جلال صعوبة في التأقلم مع مهنته الجديدة التي صارت مصدر دخل له.

وتابع: "يسألني البعض: لماذا لم تذهب لعيادة أو إلى المستشفى الحكومي؟ ولكن هناك عددا من الأطباء الذين وفدوا للولاية، وأرى أن الفرص قليلة، ومستقبلا ربما أجمع بين المهنتين".

 

 

رحلة الخروج

طريق آخر سلكته الطبيبة مهجة عبد العزيز بعد أن فقدت وظيفتها، لتخرج في رحلة طويلة من الخرطوم إلى مدينة جوبا جنوبي السودان، ثم كامبالا عاصمة أوغندا.

وفي حديثها للجزيرة نت، تصف مهجة رحلة خروجها بالمرعبة، حيث ظلت عالقة في مكان وابنها في مكانٍ آخر.

وقالت: "خرجت لإحضار ابني من منطقة شرق النيل، ما رأيته في الطريق كان كفيلا لأدرك أن هذه الحرب ستستمر لوقت طويل، لذا خرجت منذ الأيام الأولى للحرب، ولم تكن هناك فرصة لشيء سوى المغادرة، عملت من قبل مع اللاجئين، لم أتخيل في يوم من الأيام أن أكون لاجئة وأترك كل شيء ورائي".

مقهى خارج السودان

وعملت مهجة في عيادة أطفال بجوبا ولكن لم يكن العائد يكفي لتغطية تكاليف الإيجار، وغادرت إلى كمبالا عن طريق الحافلة في رحلة استغرقت 17 ساعة، حسب حديثها للجزيرة نت.

وأضافت: "أعمل حاليا في إدارة مشروع كافيه باسم (شاي البيت) بمشاركة أصدقاء، ساعات العمل طويلة لكنها فرصة للتعلم، ما زلت في بداياتي، ولكن لم يكن الأمر سهلا".

الطبيبة مهجة عبد العزيز السودانية أسست مقهى "شاي البيت" بعد أن فقدت وظيفتها (بيكسلز- تعبيرية) الرضا الوظيفي

ويرى مختصون أن الآثار المجتمعية للمعارك الدائرة وتداعياتها ستظهر جليا عقب انتهائها.

فمن جهته، قال الباحث الاجتماعي خضر الخواض للجزيرة نت "لا يمكن قياس التأثيرات الاجتماعية حاليا، ولكن من لجأ مضطرا لوظيفة أخرى لن يشعر بالرضا الوظيفي، وبالتالي لن تكون هناك جودة في العمل".

في السياق ذاته، ترى الباحثة الاجتماعية ثريا إبراهيم أن لفقدان المهن الأساسية آثارا مجتمعية ونفسية تمتد للأطفال.

وقالت -للجزيرة نت- إن "ظروف الحرب أجبرت البعض على ممارسة مهن لا تتوافق مع مهنتهم السابقة، وهو أمر يتطلب قدرا من القوة والتوافق مع النفس، وتختلف تأثيرات ذلك من شخص لآخر، وفقا لقدرته على التحمل".

فوضى اقتصادية

وأدت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى توقف الحركة التجارية وفقدان رؤوس الأموال وتوقف الاستثمارات.

وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي معتصم الأقرع للجزيرة نت إن "هناك فوضى اقتصادية غير مسبوقة، ومع نزوح المتأثرين بالحرب إلى الولايات، وعجز الدولة والشركات عن دفع المرتبات وارتفاع تكاليف المعيشة، اضطر عدد كبير للعمل في أي مهنة لتوفير مصدر دخل والاستمرار على قيد الحياة".

وتابع، "لكن هذه المهن هي أنشطة بسيطة تعتمد على مدخلات متوفرة محليا ورخيصة ورأس مال صغير، إلا أن بعض مصادر التكيف مع الأزمة غير مستدام".

وتوقع الأقرع مع تدهور الأوضاع حدوث أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

كودي يهنئ السودانيين بأعياد الميلاد ويدعو للوحدة والسلام

رئيس اتحاد الشباب المسيحي، أسامة كودي، هنأ السودانيين بأعياد الميلاد ورأس السنة، مشيراً إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بالسودان بسبب الحرب. كما دعا للحفاظ على الوحدة الوطنية وإنهاء الصراع، متمنياً عاماً مليئاً بالسلام والمحبة..

التغيير: الخرطوم

هنأ رئيس الاتحاد العام للشباب المسيحي السوداني، أسامة سعيد موسى كودي الشعب السوداني والمسيحيين عامة داخل وخارج السودان بمختلف الطوائف والمذاهب بمناسبة حلول أعياد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية.

كما هنأ كودي الأهل والأصدقاء والرفاق والزملاء، وكل أعضاء الاتحاد العام للشباب المسيحي السوداني داخل وخارج السودان.

وخلال التهنئة قال: يأتي العيد هذا العام والسودان الحبيب يمر بمراحل حرجة ومنعطف تاريخي خطير وأوضاع إنسانية كارثية وانعدام تام لأبسط الحقوق الأساسية المتمثلة في السلامة والطمأنينة العامة للشعب.

إلى جانب انعدام تام لحقوق الإنسان والحريات وأوضاع إنسانية صعبة في ظل انتشار الأمراض الفتاكة المهددة لحياة المواطن.

كما لفت إلى أن المجاعة تجتاح بعض ولايات السودان في ظل الحرب العبثية المستمرة.

وأضاف: بلادنا تمر بمفترق طرق؛ مما يتطلب مننا كشعب تتضافر الجهود والتصدي للذين يدعون إلى استمرار الحرب.

ودعا رئيس الاتحاد العام للشباب المسيحي السوداني، الحفاظ علي النسيج الاجتماعي والوحدة لافتا إلى أن إرادة الشعب أقوى.

وتابع: يأتي العيد في هذا العام الذي فقدت فيه معظم الأسر السودانية أعز أقاربهم وأحبابهم بسبب هذه الحرب اللعينة. واستطرد “نرسل كامل تعازينا لكل الأسر الذي فقدت أبناءها في هذا الحرب العبثية.

وأضاف: نعلن كامل تضامننا مع كل رفاقنا في الخطوط الأمامية الذين ينادون ويدافعون عن حقوق الإنسان والحريات وما زالو موجودين داخل زنازين الأنظمة الدكتاتورية.

وأردف: كما نعلن كامل التضامن مع المرضى في المستشفيات، وفي كل مكان.

استقرار ومحبة

وخلال تهنئته بأعياد الميلاد نتمنى كودي، أن يجعل هذا العام عام استقرار وسلام ونعمة ومحبة ويحقن الدماء في كل ربوع السودان.

وتصادف أعياد الميلاد المجيد هذا العام والسودان يشهد منذ منتصف أبريل 2023 تصاعدًا كبيرًا في أعمال العنف، حيث اندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

هذا الصراع الذي بدأ في العاصمة الخرطوم امتد إلى العديد من الولايات السودانية مثل دارفور وكردفان والجزيرة، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، بالإضافة إلى تهجير الملايين داخل البلاد وخارجها، في أسوأ أزمة إنسانية تشهدها البلاد.

الوسومأعياد الميلاد الشباب المسيحي السوداني حرب الجيش والدعم السريع

مقالات مشابهة

  • عاجل | مصدر في وزارة الداخلية السورية للجزيرة: قتيلان و4 جرحى من قوات وزارة الداخلية جراء الاشتباكات بطرطوس
  • «الباراسيتامول» قد يكون قاتلاً.. ولكن متى؟
  • كودي يهنئ السودانيين بأعياد الميلاد ويدعو للوحدة والسلام
  • بعد الاشتباكات المسلحة..محادثات بين الصومال وإثيوبيا
  • هنالك في اللاجئين السودانيين بإسرائيل من هم أفضل من كثير من السياسيين
  • برشلونة يُجهز «خطة بديلة» لتسجيل «هداف اليورو»!
  • ترامب متصالحاً.. ولكن؟!
  • "أطباء بلا حدود" تطالب بمساعدات عاجلة للاجئين السودانيين في جنوب السودان
  • رحلة العمل يقطعها القدر .. تفاصيل حادث دار السلام بسوهاج
  • "بيتكوين" تشعل سوق الكريبتو.. عملات بديلة تنافس بقوة