17 يناير، 2025

بغداد/المسلة: في ظل التوترات الاقتصادية العالمية والتحولات الجيوسياسية، تبرز محاولات العراق لتنويع تعاملاته التجارية والمالية كخطوة لموازنة علاقاته الدولية وتعزيز استقلاله الاقتصادي. ومن بين هذه الخطوات، بدأ الحديث عن إمكانية اعتماد اليوان الصيني في التعاملات التجارية بين بغداد وبكين، في خطوة قد تكون لها انعكاسات عميقة على عدة مستويات.

العراق، كواحد من أكبر منتجي النفط في العالم، يتمتع بعلاقات تجارية قوية مع الصين، حيث تعد الأخيرة أكبر مستورد للنفط العراقي. ومن هذا المنطلق، فإن استخدام اليوان بدلاً من الدولار في التبادلات التجارية الثنائية قد يسهم في تقليل الاعتماد على العملة الأمريكية، وهو أمر تسعى إليه العديد من الدول للحد من تأثير الضغوط الاقتصادية والسياسية الأمريكية.

وأكد السفير الصيني لدى العراق، تسوي وي، أن حجم التعاون التجاري مع العراق خلال 11 شهراً بلغ 50 مليار دولار، بينما أشار إلى أن التعامل باليوان بين البلدين في مراحله الأولية.

وأوضح أن التعامل النقدي بين البلدين حالياً بالمراحل الابتدائية، مبيناً أن الفترة المقبلة سيتم تطويره كونه مصدراً مهماً لكلا البلدين.

استخدام اليوان قد يوفر مرونة أكبر للعراق في مواجهة العقوبات الاقتصادية أو القيود المصرفية التي تفرضها واشنطن. كما أن التعامل المباشر بالعملة الصينية قد يقلل تكاليف تحويل العملات ويزيد من كفاءة العمليات التجارية.

لكن السؤال الأهم يتمحور حول مدى استعداد النظام المصرفي العراقي لتبني هذا التوجه، خاصة في ظل الارتباط الوثيق للدينار العراقي بالدولار عبر مزاد العملة الذي يشرف عليه البنك المركزي العراقي.

من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل احتمالية إثارة غضب واشنطن جراء هذا التوجه. فالولايات المتحدة تعتمد على الدولار كأداة رئيسية للسيطرة على الاقتصاد العالمي، وأي تحرك نحو تقويض هذه السيطرة يُعتبر تهديدًا لمصالحها الاستراتيجية.

وقد تتخذ واشنطن إجراءات مضادة، مثل فرض قيود إضافية على التحويلات المالية أو العقوبات على المؤسسات المالية العراقية.

على الجانب الصيني، تبدو بكين مرحبة بهذه الخطوة، حيث تسعى لتعزيز مكانة اليوان كعملة دولية. وقد دعمت الصين دولاً أخرى، مثل روسيا وإيران، في اعتماد اليوان كوسيلة للتخلص من الهيمنة الأمريكية على النظام المالي العالمي. هذا التوجه ينسجم مع استراتيجية الصين طويلة الأمد لتعزيز دورها كلاعب رئيسي في النظام العالمي الجديد.

رغم أن الفكرة تبدو جذابة من الناحية الاقتصادية، إلا أنها تحتاج إلى دراسة دقيقة من الجانب العراقي. هناك تحديات تقنية ومؤسسية يجب معالجتها، مثل تأمين البنية التحتية المالية اللازمة للتعامل باليوان وضمان استقرار النظام المصرفي في ظل هذه التغيرات. كما أن هناك تساؤلات حول مدى استعداد الشركات العراقية والصينية لتبني هذا النظام الجديد.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

على وقع الأزمة الاقتصادية.. التحديات المالية ترسم ملامح الإنفاق العسكري في العراق

بغداد اليوم – بغداد

أكد الخبير الأمني العميد المتقاعد عدنان التميمي، اليوم الخميس (20 آذار 2025)، أن تقليل الإنفاق العسكري والأمني في العراق لم يكن خيارا استراتيجيا، بل جاء نتيجة للضغوط المالية وغياب صفقات التسليح الجديدة.

وأوضح التميمي، في حديث لـ"بغداد اليوم"، أن "المرحلة المقبلة تتطلب زيادة الإنفاق على القطاع الأمني والعسكري، خاصة في ظل المتغيرات الإقليمية، وتحديدا ما يجري في سوريا"، مشددا على "أهمية تطوير القدرات القتالية وشراء منظومات دفاع جوي حديثة وتعزيز الأسلحة المتوسطة والثقيلة".

وأشار إلى أن "الإنفاق العسكري في السنوات الماضية لم يكن بعيدا عن شبهات الفساد، مما استدعى فتح ملفات تحقيق"، مبينا أن "أي صفقات مستقبلية يجب أن تخضع لرقابة صارمة لمنع تكرار التجاوزات المالية وضمان توظيف الأموال في تطوير المنظومة الأمنية والعسكرية بشكل فعال".

وتواجه الحكومة العراقية تحديات مالية وأمنية في ظل الأزمات الاقتصادية التي أثرت على قدرة الدولة على تمويل العديد من القطاعات، بما في ذلك القطاع الأمني والعسكري.

ومنذ عام 2014، واجه العراق ظروفا صعبة جراء الحروب والتهديدات الأمنية، خاصة مع تصاعد نشاط الجماعات المسلحة مثل تنظيم داعش. في هذه الفترة، ارتفع الإنفاق العسكري بشكل ملحوظ لمكافحة الإرهاب وحماية الحدود.

ومع انخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة، وهو المصدر الأساسي للإيرادات العراقية، تواجه الحكومة صعوبات في تخصيص أموال كافية لتحديث وتطوير القوات المسلحة.

وقد أدى ذلك إلى تقييد القدرة على إبرام صفقات تسليح جديدة، ما جعل الحكومة أمام خيار تقليص الإنفاق على الجانب العسكري والأمني رغم الحاجة المتزايدة للقدرة الدفاعية المتطورة في مواجهة التحديات الإقليمية.

مقالات مشابهة

  • طهران تضع شروطا للمفاوضات مع واشنطن
  • عقود الصحة تهدد القطاع الطبي ودعوات الى الاعتماد على الكادر العراقي
  • توقعات المتغيرات الاقتصادية العالمية واثرها على الاقتصاد العراقي (2025-2030)
  • احتياطيات العراق من العملة الاجنبية تغطي 18 شهراً من الاستيرادات
  • واشنطن وبكين.. هل تضع القمة المرتقبة حدا للحرب التجارية؟
  • الصين تندد بالعقوبات الأمريكية على الشركات الصينية وتؤكد عزمها على حماية مصالحها التجارية
  • ما دور الشخصيات التجارية في العراق خلال رمضان؟
  • يهدد عرش النفط العراقي.. اتفاق الثلاثاء يضع بغداد بمواجهة واشنطن وموسكو
  • على وقع الأزمة الاقتصادية.. التحديات المالية ترسم ملامح الإنفاق العسكري في العراق
  • «التجارة» تحث على إنهاء طلبات السجل والأسماء التجارية قبل تحديث النظام في 27 رمضان