ما هو مصير الحكومة واليمين الإسرائيلي بعد الصفقة؟
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
جاءت الصفقة أو اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، نتيجة لعوامل عديدة، أهمّها الضغط الذي مارسه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على نتنياهو للقبول بالاتفاق، والمفارقة أنه نفس الاتفاق تقريبًا الذي اقترحه الرئيس جو بايدن في مايو/ أيار 2024، وماطل نتنياهو في التوقيع عليه، من أجل إجراء مباحثات وقف إطلاق النار تحت مظلة ترامب، وهو رهان خسره نتنياهو، حيث فرض عليه ترامب مقترح بايدن على عكس توقعات اليمين.
هنالك خيبة أمل في صفوف اليمين الإسرائيلي تجاه ترامب، كما ظهر في خطابهم في الأيام الأخيرة، حيث تغير وصفه من "المنقذ"، إلى القول إنه يجب "احترام ترامب، ولكن مع التشكيك بكل وعوده وسياساته".
السبب الثاني الذي دفع مساعي الاتفاق، هو تحول موقف المجتمع الإسرائيلي نحو تأييد وقف الحرب على قطاع غزة من أجل إطلاق سراح الأسرى والرهائن الإسرائيليين.
كان المجتمع الإسرائيلي في السابق يؤيد التوقيع على صفقة أو اتفاق لا يكون ثمنه وقف الحرب، بدأ هذا التحول بعد مقتل يحيى السنوار، والتسوية مع لبنان، حيث أصبح المجتمع الإسرائيلي يؤيد إطلاق سراح الأسرى والرهائن حتى لو كان الثمن وقف الحرب، فلم يعد استمرار الحرب محل إجماع في داخل المجتمع الإسرائيلي.
إعلانالسبب الثالث، هو فشل العملية العسكرية في شمال قطاع غزة، والتي ظهرت كورقة الضغط الأخيرة على حركة حماس من أجل إطلاق سراح الأسرى والرهائن من خلال المقايضة بين الأرض والأسرى، وإجبارها على التوقيع على اتفاق يستجيب كليًًا للشروط الإسرائيلية.
لم تحقق هذه العملية هدفها فحسب، بل ارتدت على الحكومة الإسرائيلية، فتحولت إلى عامل يدفع الإسرائيليين لوقف الحرب، بسبب الخسائر الكبيرة في صفوف الجنود، واختلاط الأهداف المعلنة للعملية العسكرية (خطة الجنرالات) والتي تتمثل في الضغط على حماس لإطلاق سراح الأسرى والرهائن، بالهدف الأيديولوجي لليمين الإسرائيلي الذي يعتبرها عملية لبناء المستوطنات وليس لتحرير الأسرى والرهائن الإسرائيليين.
في هذا الصدد، ارتكب نتنياهو ثلاثة أخطاء جوهرية في إدارة الحرب:
الأول: رفضه التوقيع على مقترح بايدن في مايو/ أيار عندما كان المجتمع الإسرائيلي يؤيد استمرار الحرب.
الثاني: عملية شمال قطاع غزة والتي كلفت الجيش 55 جنديًا من القتلى، ومئات الجرحى وأدت إلى تآكل الإجماع على الحرب وأعادت الحساسية الإسرائيلية لمقتل الجنود والتي لم تكن قائمة في السنة الأولى من الحرب.
الثالث: الرهان على دونالد ترامب، والذي تبين أنه رهان خاسر، حيث لم يدرك اليمين ونتنياهو أن أولويات ترامب مختلفة عنهم، بل يرى في استمرار الحرب عائقًا أمام تصوراته "للسلام" في الشرق الأوسط.
تُشكل الصفقة اصطدامًا مباشرًا مع منظومة اليمين الجديد في إسرائيل، وهو اليمين الذي بدأ يتشكل في المشهد السياسي الإسرائيلي منذ العام 2009، مع عودة نتنياهو للحكم.
اتكأت منظومة ذلك اليمين الجديد على مجموعة من الأفكار، أهمها:
رفض الانسحاب من أراضٍ تحتلها إسرائيل، واعتبار الانسحاب دليلًا على الضعف الداخلي، والتصدع للمشروع الاستيطاني، وتهديدًا للأمن القومي. وتعهدوا أن يكون الانسحاب من قطاع غزة وشمال الضفة عام 2005 هو الأخير الذي تنفذه إسرائيل. رفض صفقات تبادل أسرى، ليس فقط لما فيها من تهديدات أمنية (وهو محل اتفاق مع فئات غير يمينية)، وإنما لأنها تمثل قبولًا بوجود حركة وطنية فلسطينية، وكيان سياسي للطرف الآخر، وهو يتناقض مع خطاب اليمين الجديد الذي لا يعترف بوجود شعب فلسطيني أصلًا، حتى يتم الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، كما حدث في إسرائيل منذ التسعينيات مع الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية. إعلانفي خضم الأزمة التي حدثت للائتلاف الحكومي بعد إعلان بن غفير عن استقالته ووزراء حزبه من الحكومة إذا أقرت الاتفاق، من المرجح أن يميل حزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش للبقاء في الحكومة، وذلك من أجل الاستمرار بمشروعه الاستيطاني في الضفة الغربية الذي يعتبره الأهم، وصاحب الأولوية على إسقاط الحكومة.
سيخرج وزراء وأعضاء تيار الصهيونية الدينية ضد الاتفاق بشكل قاسٍ، ويعتبرونه كارثيًا على أمن إسرائيل، وسيسوّقون بقاءهم في الحكومة بالوعد باستئناف الحرب، وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية.
هنا يجب التفريق بين جمهور حزب الصهيونية الدينية برئاسة سموتريتش وجمهور عظمة يهودية برئاسة بن غفير في موقفهما من الاتفاق، وذلك بسبب الاختيارات المختلفة لكل منهما؛ فجمهور سموتريتش يتشكل بالأساس من مستوطني الضفة الغربية، وهو حزب المستوطنين بامتياز.
أما جمهور حزب "عظمة يهودية" بقيادة بن غفير فيتنوع بين مستوطنين ويمين محافظ من اليهود الشرقيين على وجه الخصوص، الذين جذبهم خطاب بن غفير الشعبوي في وعوده بتحقيق الأمن الشخصي والتنكيل بالفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وتشدده بشأن الأسرى الفلسطينيين في فترة شغله منصب وزير الأمن القومي.
لذلك تعتبر الصفقة عمليًا ضربة في صميم خطاب بن غفير، لا سيّما فيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، حيث عمل على التنكيل بهم، وتفاخر بفرض قيود وحشية عليهم، في خطاب عام استهدف مجمل الإسرائيليين، في حين ركز سموتريتش خطابه وعمله على الاستيطان وجمهور المستوطنين.
لذلك فإنه يستطيع تسويق بقائه في الحكومة في صفوف جمهوره، بأن ما حققته الصهيونية الدينية كحزب وتيار في الحكومة الحالية غير مسبوق، وهي فرصة تاريخية لن تتكرر، فإذا خرج من الحكومة، فسيصبح المشروع الاستيطاني الذي يعمل عليه مُهددًا بالانهيار، ومصلحة تياره إذن ستكون البقاء في الحكومة والتصويت ضد الاتفاق.
إعلانسيعمل نتنياهو على تسويق الاتفاق باعتباره يتيح فرصًا إستراتيجية جديدة لإسرائيل في المنطقة، مثل إنجاز اتفاقات تطبيع مع دول عربية أخرى، ويضمن نهاية حكم حركة حماس السياسي في قطاع غزة.
في المقابل يمكن الادعاء أن هذا الاتفاق قضى على مستقبل نتنياهو السياسي، وسيكون ذلك في أول انتخابات تجري في إسرائيل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المجتمع الإسرائیلی الصهیونیة الدینیة فی الحکومة وقف الحرب قطاع غزة بن غفیر من أجل
إقرأ أيضاً:
الصحة الفلسطينية: 51025 شهيدًا حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي للقطاع إلى 51025 شهيدًا و116432 مصابًا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023.
وجاء في التقرير الإحصائي اليومي للوزارة: "وصل مستشفيات قطاع غزة 25 شهيدًا منهم 3 شهداء انتشال و89 إصابة خلال 24 ساعة الماضية".
وأضافت الوزارة أنه لازال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأشارت إلى أن حصيلة القتلى والإصابات منذ 18 مارس 2025 بلغت (1،652 شهيد، 4،391 إصابة).
وأهابت بذوي شهداء ومفقودي الحرب بضرورة استكمال بياناتهم بالتسجيل عبر الرابط المرفق، لاستيفاء جميع البيانات عبر سجلات وزارة الصحة.
هذا واستأنفت إسرائيل في الـ18 من مارس الماضي عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة، منهية بذلك هدنة هشة استمرت لنحو شهرين، كانت قد بدأت في يناير الماضي بوساطة مصرية-قطرية-أمريكية، ونفذت سلسلة غارات جوية مكثفة وأحزمة نارية على عدة مناطق في القطاع.