من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. جسد “الضاد”
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
#جسد_الضاد
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 28 / 1 / 2017
يحدث أحياناً أن يكتب أديب ما نصّا شعرياً أو نثرياً أو قصصياً في حالة اللاوعي، ويستخدم فيه جملاً أدبية مدهشة لم تستخدم من قبل، فينشغل به النقّاد من تحليل للصور والاستعارات والاستدلالات ويبدؤوا بوضع الاحتمالات والاجتهادات ولماذا استخدم هذه الصورة ولم يستخدم تلك وإلى أي المدارس ينتمي وإلخ من تفتيت الجماليات، ليتفاجأ صاحب النص نفسه أنه لم يكن يقصد كل هذا التعقيد وهذه الفلسفة، هو كتب بعفوية وإحساس وبساطة ليتذوّقه الناس كما هو، لا ليذهب إلى مختبر التحليل اللغوي!
مقالات ذات صلةوكما أن للنص نقّاد، فإن للجسد نقاد أيضاَ.
عن أي لغة جسد يتحدّثون.. وهل للزعيم العربي لغة جسد أو ملامح؟ بعضهم بالكاد تراهم الشعوب مرة واحدة في السنة من خلال لقطة مصورة لا تتعدّى الثواني القليلة.
خبير في علم النفس السلوكي يدعى “بيتر كوليت” قال أن ترمب يتمتع بأربع صفات رئيسية تكشفها تعابير وجهه، الأولى: تدعى “الذكر من نوع ألفا” وتتمتع هذه الصفة بالهيمنة وعدم الحاجة للآخرين، وعدم الحاجة لمقارنة نفسه بسلوكيات وانجازات الآخرين أيضا، الثقة بالنفس، وحس المرح، وعدم الضيق في الأجواء المتوترة.
الثانية: هرمون الذكورة، من خلال قراءة الخبير السلوكي لاحظ أن ترمب له ذقن ناتئ وهذه الصفة تتوفر في الرجال الذين يتوفّر لديهم هرمون “التستوستيرون” بشكل مرتفع، طبعاً الله يستر من هذه الصفة مما يعني أن الرئيس لن يكتفي بتاريخه الحافل بـ “التحرّشّ” النسائي وإنما سيتحرش في الدول أيضا إن لزم الأمر وفي حال وصلت يداه الطويلتان إليها.
الصفة الثالثة: الابتسامة بفم مغلق ليبدو الفم أكبر مما هو عليه وهذه من صفات كبار مديري المؤسسات على ذمة “كوليت” بمعنى آخر إذا وجدت شخصاً يبتسم بفم مغلق فهو الأرجح واحد من اثنين إما “مدير مؤسسة كبرى” أو فقير معوز قد لفظه الجوع وفقد الطابقين “العلوي والسفلي من الأسنان” ويخشى من الابتسام كي لا يظهر الفراغ في الفم المعتم.
أما الرابعة: فتخص حركة اليدين، يقول نفس الخبير، عندما يستخدم ترمب إصبع السبابة والإبهام ويغلقهما على بعضهما وكأنه يقرص الهواء، فهذا دليل على أنه يتمتع بالدقة والسيطرة وأنه قادر على تنفيذ الوعود..
طبعاً هذه القراءة الجسدية المطولة لسلوك الرئيس الأمريكي في حفل التنصيب لا تنطبق على الزعماء العرب بأي حال من الأحوال لعدة أسباب.. أولها أنه ليس لدينا شيء يدعي حفل تنصيب، فكل من يتولى أمرنا يمرّ بطريق من ثلاثة: الطريقة الأولى: إما انقلاب عسكري، ينام الرئيس الشرعي ويصحو في اليوم التالي وعلى ظهره رقم متسلسل قد وهبه إياه مأمور السجن فيرتدي الرئيس الجديد بدلته ويستخدم مكتبة وبيجامته ويحتل كرسيه عنوة.
ثانيها: أن يتولى الحكم بعد أن يرحل الزعيم الأب أو الزعيم الشقيق فتؤول إليه السلطة كما تؤول إليه الأملاك الخاصة.. وأخيرا وفي حالات نادرة، يأتي الزعيم العربي بصفقة داخلية بين مافيات النظام وبتوافق طائفي مصالحي لا يؤخذ فيه رأي الشعب على الإطلاق.. في تنصيب الرئيس الأمريكي حضر جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين أوباما كلينتون جورج بوش وكارتر، وهذا ما لا يمكن أن يحدث في عالمنا العربي أبدا، ببساطة لأننا لا نجدد الزعيم إلا في حالات الموت أو الانقلاب.. ثم أن كل زعيم عربي يحكم على الأقل نصف قرن فلو حاولنا استحضار من سبقوه هذا يعني إننا سندعو إلى تنصيبه بعض الخلفاء العباسيين!
النظر إلى ملامحهم “الزعماء العرب” يشبه النظر إلى سفح جبل، طود ثابت لا ينفعل ولا يبتسم، طبعاً ناهيك عن مرض “الباركنسون” الذي يعاني منه أغلب عواجير الساسة العرب.
أخيراً عن أي لغة جسد يتحدّثون.. وهل للزعيم العربي لغة جسد أو ملامح؟ عضهم بالكاد تراهم الشعوب مرة واحدة في السنة من خلال لقطة مصورة لا تتعدّى الثواني القليلة، وبعضهم يصدر قرارات ويحل حكومات وهو في ثلاجة الموتى.
والقسم الثالث: النظر إلى ملامحهم يشبه النظر إلى سفح جبل، طود ثابت لا ينفعل ولا يبتسم، طبعاً ناهيك عن مرض “الباركنسون” الذي يعاني منه أغلب عواجير الساسة العرب، هذا وحده كفيل أن يصيب كل خبراء النفس بالهلوسة والجنون والاضطراب ونسيان ما درسوه وتعلّموه أثناء دراستهم سلوك الزعيم العربي..
قراءة لغة الجسد للزعماء، هذا ترف تمارسه وتهتم به الشعوب الديمقراطية التي مارست كل حقوقها في الاختيار.. أما الشعوب العربية المغلوب على أمرها فمسموح لها أن تضع ما تشاء في صندوقين اثنين فقط: الأول صندوق القمامة الذي يضع فيه المواطن العربي زبالته آخر الليل.. وصندوق مجالس الشعب الذي يضع فيه المواطن العربي صوته المزوّر والمخنوق والمباع سلفاً. أما إذا قرر الهجرة وترك الوطن لتُجّاره وسماسرته، فالصندوق الثالث بانتظاره عندما يعود إلى وطنه جثة هامدة بعد أن قضى عمره في الغربة الموجعة أو غرقاً على سواحل الهجرة..
أحمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: النظر إلى لغة جسد
إقرأ أيضاً:
وفاة الكاتب ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب
توفي الكاتب الإسباني-البيروفي ماريو فارغاس يوسا الحائز جائزة نوبل للآداب عن 89 عاما في ليما عاصمة البيرو حيث كان يعيش منذ أشهر قليلة بعيدا عن الحياة العامة، على ما ذكرت عائلته في رسالة عبر منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي.
وتمثل وفاته نهاية حقبة الجيل الذهبي للأدب في أميركا اللاتينية، والذي كان فارغاس يوسا آخر ممثليه الكبار.
ولد فارغاس يوسا في عائلة بيروفية من الطبقة المتوسطة وكان أحد أبرز الأسماء في "الفورة" الأدبية الأميركية اللاتينية في الستينات والسبعينات مع الكولومبي غابريال غارسيا ماركيز والأرجنتيني خوليو كورتازار.
جاء في رسالة، كتبها نجله البكر ألفارو ووقعها شقيقه غونزالو وشقيقته مورغانا "بحزن عميق، نعلن وفاة والدنا ماريو فارغاس يوسا اليوم في ليما بهدوء محاطا بعائلته".
وأعلنت الحكومة البيروفية 14 أبريل يوم "حداد وطني"، مشيرة إلى تنكيس الأعلام على المباني العامة، بحسب مرسوم.
ولم تتطرق العائلة إلى سبب وفاة الكاتب، لكنّ صحته كانت ضعيفة منذ عودته إلى العاصمة البيروفية في العام 2024، بعد مغادرته العاصمة الإسبانية مدريد.
وأضاف أولاده "إن رحيله يبث الحزن في نفوس عائلته وأصدقائه وقرّائه في مختلف أنحاء العالم، لكننا نأمل أن يجدوا العزاء، كما نجده نحن، في حقيقة أنه تمتع بحياة طويلة ومتنوعة ومثمرة".
أمام منزل الكاتب المطل على المحيط الهادئ في حي "بارانكو"، تجمعت مجموعة صغيرة من الأشخاص في صمت عند تلقي خبر وفاته، حاملين نسخا من أعماله.
وقال أحد هؤلاء الأشخاص ويُدعى غوستافو رويس، في حديث إلى إذاعة "آر بي بي": "كان مرجعا مهما جدا بالنسبة لي. كان يقول إن الأدب أنقذ حياته".
وقالت عائلة الكاتب "لن تقام أي مراسم جنازة عامة"، موضحة أن الجثة ستُحرَق. وأضافت "سنتصرّف خلال الساعات والأيام المقبلة بحسب ما أوصى".
"عبقرية فكرية"
في رسالة عبر منصة "إكس"، أعربت الرئيسة البيروفية دينا بولوارتي عن أسفها لوفاة فارغاس يوسا. وكتبت "إن عبقريته الفكرية وأعماله الكثيرة ستبقى إرثا دائما للأجيال المقبلة".
ووصف رئيس غواتيمالا برناردو أريفالو الكاتب بأنه "مؤرخ عظيم لأميركا اللاتينية ومترجم فطن لمساراتها ومصائرها".
وكتب الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي، عبر منصة "إكس" أيضا "رحل ماريو فارغاس يوسا، أحد استاذة الأدب الكبار. ترك لنا أعماله، وروعته، ومثاله. ترك لنا مسارا لنتّبعه في المستقبل". بينما أكّد كريستوفر لاندو نائب وزير الخارجية الأميركي أنّ "مواضيعه واهتماماته خالدة وعالمية".
وقال الكاتب البيروفي ألفريدو بريس إيتشينيكي، مؤلف كتاب "عالم ليوليوس" وصديق ماريو فارغاس يوسا، عبر إذاعة "آر بي بي"، إن وفاة فارغاس يوسا تشكل "حدادا للبيرو لأن أحدا لم يمثلنا في العالم بقدر ما مثلنا هو، بعمله عموما، ومثابرته، ونقائه، وعظمته".
"عبقري الآداب"
تُرجمت أعمال ماريو فارغاس يوسا، وهو كاتب محب للثقافة الفرنسية عاش لسنوات في باريس، إلى نحو ثلاثين لغة، وكان أول كاتب أجنبي يدخل مجموعة "بلياد" الأدبية المرموقة خلال حياته في عام 2016. كما انتُخب لعضوية الأكاديمية الفرنسية في عام 2021.
وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عبر منصة "إكس"، بالكاتب الراحل، ووصفه بأنه "عبقري الآداب" الذي كان له "وطن" في فرنسا وكان عمله "يعارض التعصب بالحرية، والجزمية بالسخرية، واستشرس في دفاعه عن المُثُل في مواجهة عواصف القرن".
ولد ماريو فارغاس يوسا في مدينة أريكيبا في 28 مارس 1936، وأمضى الأشهر الأخيرة من حياته محاطا بعائلته، بعيدا عن المناسبات العامة.
قبل أيام قليلة من عيد ميلاده التاسع والثمانين، ظهر في سلسلة من ثلاث صور التقطت في الأماكن التي كتب فيها رواياته "خمس زوايا" (بالإسبانية "سينكو إسكيناس") عام 2016 و"أهدي لك صمتي" ("لي ديديكو مي سيلينسيو") عام 2023.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي ينشر فيها نجله صورا له في أماكن من العاصمة ألهمته لكتابة بعض أعماله الشهيرة.
تدهورت صحة فارغاس يوسا بشكل كبير منذ العام 2023، بعدما نُقل إلى المستشفى في يونيو بسبب إصابته بفيروس كوفيد-19 خلال إقامته في إسبانيا، البلد الذي حصل على جنسيته في العام 1993.
وكان الكاتب صاحب روائع أدبية مثل "المدينة والكلاب" ("لا سيوداد إي لوس بيروس") و"محادثة في الكاتدرائية" ("كونفرساسيونين إن لا كاتيدرال) يحظى بالإعجاب لوصفه الوقائع الاجتماعية.