المثقفون السودانيون بعد سقوط الإسلاميين: التحديات والآفاق
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
بعد سقوط نظام الإسلاميين في السودان، واجه المثقفون السودانيون منعطفًا تاريخيًا يحمل في طياته فرصًا هائلة، ولكنه في الوقت ذاته كشف عن شروخ عميقة في بنية النخب الفكرية. يبدو أن المسألة المركزية التي تعيق تشكيل المثقفين كتلة متناسقة وقادرة على التأثير الإيجابي في تحولات المجتمع السوداني، لا تكمن فقط في اختلاف الآراء، بل في طبيعة العلاقة بينهم وبين الإنتاج الفكري لبعضهم البعض.
الاختلاف الخلّاق: الفرصة الضائعة
في التاريخ الإنساني، أثبتت التجارب الفكرية أن الاختلاف بين المدارس الفكرية، حين يُدار بوعي وحضارة، يفضي إلى دفع عجلة الإبداع وإثراء النقاش. الأمثلة من الفكر الإسلامي في عصور ازدهاره أو الفضاء الأوروبي في عصر التنوير تشهد على ذلك. غير أن المثقفين السودانيين، على الرغم من تعددية مشاربهم الفكرية، لم ينجحوا بعد في تحويل هذا التباين إلى حراك خلاق. يكمن السبب في افتقار العلاقة بينهم إلى الجدية اللازمة لتقدير مساهمات بعضهم البعض، إضافة إلى غياب التضامن من أجل القضايا الكبرى.
الإشكالات البنيوية في الوسط الثقافي
تتجلى الإشكالات الرئيسية في محورين-
عدم الاعتداد بالإنتاج المحلي-
المثقف السوداني غالبًا ما يولي اهتمامًا أكبر بالأفكار والمساهمات الآتية من خارج السودان، ما يؤدي إلى ضعف التفاعل مع الإنتاج المحلي. هذا يعزز مناخًا محبطًا داخل الساحة الفكرية، حيث يصبح العمل الفكري السوداني مظنة للقصور قبل أن يُمنح فرصة التقييم المنصف.
المنافسة غير البناءة:
النزعة الفردية والميل إلى المنافسة غير الصحية تجعل المثقفين ينظرون إلى بعضهم كأنداد، مما يضعف إمكانيات التعاون أو التقدير المتبادل. هذا يعيق تكوين تكتلات فكرية قادرة على الدفع بقضايا المجتمع الكبرى نحو التغيير.
عوامل تاريخية وثقافية
يمكن فهم هذه الظواهر في سياق تاريخي وثقافي أعمق. يشير البعض إلى مفهوم "الغريب الحكيم" في الثقافة السودانية، وهو ما عبّر عنه الأستاذ محمود محمد طه كجزء من "عقدة الأجنبي"، حيث يميل السودانيون إلى تفضيل الطرح الآتي من الخارج على الإنتاج المحلي. كذلك، يشير البروفيسور عبد الله الطيب إلى ثقافة تُثبط السعي للتميز وتفضل المساواة السلبية، مما يؤدي إلى ضعف في دعم المبادرات الفكرية المحلية.
ما العمل؟
للتغلب على هذه الإشكالات، يحتاج المثقفون السودانيون إلى إعادة النظر في دورهم وأهدافهم. بعض المقترحات تشمل-
تشجيع الإنتاج المحلي وتوثيقه-
يتعين على المثقفين السودانيين أن يعطوا أولوية لمراجعة وتطوير الإنتاج الفكري المحلي، سواء عبر التأطير النقدي أو التكامل بين المساهمات المتنوعة.
خلق فضاءات للنقاش الجاد
منتديات فكرية جديدة تتيح تبادل الأفكار بشكل حضاري، بعيدًا عن النزاعات الشخصية، يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تطوير الحراك الثقافي.
تقدير النقد البناء
يجب أن يتبنى المثقفون السودانيون ثقافة النقد البناء كأداة لتحسين الطرح وتعزيز النقاش، بدلًا من التعامل معه كتهديد.
التكافل الفكري
التضامن بين المثقفين حول القضايا الوطنية الكبرى، مثل قضايا الديمقراطية والسلام، يمكن أن يخلق جبهة موحدة تسهم في إحداث التغيير المطلوب.
رغم التحديات التي تواجه المثقفين السودانيين في هذه المرحلة التاريخية، فإن الإمكانيات موجودة لتجاوز العقبات وتحقيق تأثير ملموس. يتطلب ذلك نهجًا يتسم بالوعي، الجدية، والإيمان بأن التغيير يبدأ من الداخل. عندما يدرك المثقفون أهمية التفاعل مع إنتاج بعضهم البعض ويديرون اختلافاتهم بوعي، يمكن أن يتحولوا إلى قوة دافعة في بناء مستقبل السودان.[/B]
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الإنتاج المحلی
إقرأ أيضاً:
الطلاق الصامت.. ما أسبابه وطرق علاجه لدى الأزواج؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل سمعتم من قبل عن الطلاق الصامت؟
يصل الأزواج إلى هذه الحالة عندما يفقدون الشعور بأي ارتباط عاطفي تجاه بعضهم البعض، لكنهم يواصلون العيش معًا لأسباب مالية أو أسباب أخرى.
قالت ستيفاني موير، وهي مستشارة تأهيل معتمدة لدى مركز "Serene Mind Counseling Evaluation"، وهو مركز خاص للصحة النفسية بمدينتي تامبا وجاكسونفيل بولاية فلوريدا الأمريكية، أن الطلاق الصامت يتمثل بانفصال الثنائي عاطفيًا، وعقليًا، وجسديًا عن بعضهما البعض، لكن ليس قانونيًا.
وأضافت أنه "شيء تمر به بشكل شخصي وعلى نحو منفرد - وليس شيئًا موثّقًا على الورق أو متبادلاً بالكامل بين الطرفين، ما يُسبب شعورًا بالعزلة"، موضحة: "إذا لم تبذل جهدًا حقيقيًا لإنجاح العلاقة الزوجية، فقد يؤدي ذلك بسهولة إلى الانفصال العاطفي، حيث لا يعود الزوجان على وفاق".
علامات تشير إلى أنك تعيش حالة طلاق صامتأشارت موير إلى أن إدراك الزوجين أنهما لم تعد لديهما أهداف مشتركة كزوجين، وعدم القدرة على رؤية أنفسهما "ينموان ويتطوران" مع الشريك الآخر، هو إحدى علامات الطلاق الصامت.
وأضافت: "ربما يبدأ الثنائي بقضاء إجازات منفصلة عن بعضهما البعض، أو لا يذهبان معًا إلى التجمعات الاجتماعية، مثل أعياد الميلاد"، لافتة إلى أن النقص المستمر في الحميمية الجسدية مع شريكك، سواءً لم تعد لديكما علاقة جنسية أو افتقرتما إلى أي نوع آخر من التواصل الذي كان سائدًا في السابق، يُعتبر من أحد الدلالات أيضَا.
من جانبها، قالت ليزا لافيل، وهي اختصاصية اجتماعية إكلينيكية ومعالجة نفسية مرخّصة في مدينة نيويورك الأمريكية، إنها ترى العديد من الأزواج في عيادتها ممن يعيشون في حالة طلاق صامت.
وأوضحت لافيل أن الأمر قد يبدو من الخارج، وكأن كل شيء على ما يرام، لكن هناك انفصال عاطفي بين الزوجين.
وأضافت: "تتمثل أوائل العلامات الحمراء التي ألاحظها عندما يكون الأزواج على وشك الدخول في طلاق صامت أو يعيشونه بالفعل، بشعورهم بأنهم يعيشون كزملاء سكن أكثر من كونهم شركاء رومانسيين. يصبح التركيز منصبًا على كونهم أباء وأمهات، وليس زوجًا وزوجة أو شريكين".
ولفتت لافيل إلى أن ضعف العلاقة الحميمة الجسدية يُعد علامة واضحة على وجود مشكلة، مؤكدة أنه من المهم عدم الخلط بين الطلاق الصامت و"طلاق النوم"، أي عندما يختار الزوجان النوم منفصلين بسبب وجود مشكلة طبية أو مشاكل أخرى تتعلق براحتهما.