أطفال غزة كشفوا الإفلاس الأخلاقي
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
الوصول إلى صفقة تنص على وقف إطلاق النّار في قطاع غزة أمر جيد جداً. صفقة متأخرة ولكن تظل جيدة ولو لم يظل في القطاع إلا رضيع واحد يبكي وحدته.
ولكن كي لا ننسى ونقيم رد فعل العالم لا مفر من استعادة الشريط وآثار الدمار المادي والنفسي التي لا تزال ساخنة ونازفة. ولا شيء أكثر من الهلع والقتل الذي عاشه أطفال غزة أقدر على توثيق موت ضمير العالم.
مع الأسف هناك من يقيّم التطرق إلى مثل هذه المواضيع باعتبارها ضرباً من المثاليّة التي لا تنفع، ولا قدرة فيها على تغيير الواقع. ولا أخفيكم أنني خاطبت نفسي بهذا الكلام اليائس ولكن: هل دورنا أن نكون واقعيين؟ أليست الواقعية هي من مشمولات السياسيين المولعين بالاستسلام للواقع من دون إجراء أي تعديل يوثق لبصمتهم في التاريخ؟
وإذا تحول الجميع إلى واقعيين فمن سيدافع عن الحق والمثل والقيم والحقوق؟
وحتى من منظور وظيفي محض، فإن دور الكتابة والثقافة والفكر ووسائل الإعلام الدفاع عن الحد الأدنى على الأقل من الأخلاق وما يجعل الإنسانية إنسانيةً ومختلفة عن قوانين الهيمنة والبقاء والموت في عالم الحيوانات.
وكما نعلم عند تقييم أزمة مالية، فإن هناك مراحل توصيف للأزمة التي تبدأ بمشكلة مالية ثم تشتد لتصبح أزمة وصولاً إلى الإفلاس. وكل مرحلة لها مؤشرات تثبتها. وبناء على هذا القياس المالي، فإن مؤشر معاناة الأطفال في غزة يساوي آلياً إفلاساً، ليس فقط لإسرائيل، بل إفلاس العالم.
أحياناً ليس المشكل في الكارثة أو الجريمة أو المأساة. يكمن المشكل حقيقة في كيفية التصدي والموقف ورد الفعل. ذلك أن الجريمة تشمل مرتكبها فقط وكيفية التعاطي مع الجريمة فهي من مسؤولية الجميع.
لن نناقش عدوان إسرائيل ضد غزة وسنضع ذلك ضمن مقتضيات الصراع والحرب. ولكن هل يعني ذلك أن نصمت على قتل 17 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة؟
لم يحدث في تاريخ البشرية أن تم استهداف الأطفال على النحو الذي حصل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى أمس تاريخ الإعلان عن صفقة وقف إطلاق النار. والمحصلة أن العالم لم يضع هذه القضية في مقدمة اهتماماته، بل إننا لاحظنا محاولات عدم التطرق واللامبالاة المتعمدة والتعاطي مع قتل الأطفال كشيء تابع لمقتضيات الحرب.
لكل حرب محاذير، ولكل لعبة خطوط حمراء، باستثناء ما حصل في قطاع غزة. وما كان كل هذا ليحصل لولا استبطان إسرائيل لسلبية العالم وتطبيعه مع جرائمها.
السؤال: ما نفع المنظمات الأممية والجيوش من الموظفين الساميين فيها الذين يتقاضون أجوراً خيالية ولهم امتيازات فوق سامية، والنتيجة أنه لا قدرة لهم على حماية أطفال غزة من القتل؟
وإلى جانب الأرواح البريئة التي قُتلت فقط لأنها من نسل فلسطيني، فإن مؤشرات الإفلاس الأخلاقي والإنساني تشير إلى أن عدد الأطفال حاملي الإعاقة في غزة قد ارتفع إلى أكثر من عشرة آلاف طفل، مع العلم أن نحو 98 ألف طفل معوق يعيشون الويلات بسبب العدوان والدمار، مما ضاعف ألف مرة صعوبات الإعاقة. وهذا من دون أن ننسى الأطفال الذين ما زالوا على قيد الحياة ولكنهم أصبحوا يتامى الأم أو الأب أو الاثنين معاً بسبب جرائم إسرائيل ضد النساء والرجال العُزّل، إذ ازداد عدد اليتامى من جراء القصف المميت إلى نحو 25 ألف طفل.
كم هي فظيعة هذه الأرقام. والأكثر فظاعة أنها مرت مرور الكرام. ولا يخفى على أحد دواعي هذه الحرب التي شنتها إسرائيل على الأطفال: إنها تصفية جسدية للنسل الفلسطيني ومحاولة للقضاء على الفلسطينيين والقضية من خلال قتل أكثر ما يمكن من الأطفال وإصابة أكثر ما يمكن من الأطفال بالإعاقة والعجز.
في المحصلة، هي ليست حرباً وليست صراعاً بقدر ما هي محرقة جديدة ضحاياها الأطفال أولاً. وما كانت لتحصل لولا التواطؤ الدولي الأعمى. لذلك فإن نصيب الأسد من الإفلاس ليس في حساب إسرائيل فحسب، بل في القوى الدولية والإقليمية التي من أجل مصالح مزعومة غضت النظر. لذلك لن يهدأ العالم والصراع في منطقة الشرق الأوسط بقتل أطفال غزة. ولا يمكن كتابة السلام والأمن القومي بدم الأطفال ودموعهم. نحن عشنا زمن الاستقواء على أطفال غزة وهذا مخجل إلى أن ينتهي الخجل.
تم وقف إطلاق النار بعد أن حققت إسرائيل أهدافها. وأصبحت إسرائيل اليوم المرآة التي يرى فيها العالم وجهه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة غزة وإسرائيل أطفال غزة
إقرأ أيضاً:
مباحث الجيزة تكثف الجهود لحل لغز العثور على جثث 3 أطفال أشقاء بالعياط
تكثف مباحث الجيزة جهودها لكشف ملابسات مصرع 3 أطفال أشقاء في ظروف غامضة، داخل منزلهم بدائرة مركز شرطة العياط جنوب محافظة الجيزة.
تلقى ضباط مباحث مركز شرطة العياط بمديرية أمن الجيزة، إشارة من المستشفى تفيد باستقبال جثامين 3 أطفال أشقاء هم "أحمد أ د"، وشقيقيه "محمد"، و"عبدالله"، عمر 4 و5 سنوات، لا توجد بهم إصابات ظاهرية، وادعاء وفاة طبيعية ومقيمين بقرية المتانيا بدائرة المركز.
انتقلت الأجهزة الأمنية إلي محل البلاغ وبالفحص وبالتقابل مع والدي الأطفال الثلاثة تبين أنهما من الصم، وبالاستفسار عن سبب الوفاة أفادا بأنهما أثناء محاولة إيقاظ الأطفال وجدوهم جثث هامدة.
تم التحفظ على الجثامين داخل ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.
وتجري الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة جهودها لسرعة كشف ملابسات وتفاصيل الواقعة وبيان وجود شبهة جنائية فيها من عدمه، وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.