الاستثمارات غير النفطية تحافظ على زخم النمو الاقتصادي في الإمارات
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتستمر الاستثمارات في القطاعات غير النفطية وبيئة العمل الداعمة للقطاع الخاص، في الحفاظ على زخم النمو الاقتصادي في الإمارات ودول الخليج في عام 2025، حسب تقرير «نظرة السوق العالمية» Global Market Outlook» لعام 2025، الصادر عن ستاندرد تشارترد.
وتوقع التقرير أن توفر أسعار الفائدة المنخفضة دعماً إضافياً، لا سيما للقطاعات الحيوية والأكثر اقتراضاً في الإمارات والسعودية وقطر، مؤكداً أنه من المتوقع أن يتفوق أداء مجلس التعاون الخليجي، مدعوماً بنمو قوي في القطاع غير النفطي واستثمارات استراتيجية تدعم التنوع الاقتصادي، رغم التباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي العالمي إلى 3.1% مقارنة بـ3.2%.
ووصف تقرير «ستاندرد تشارترد» منطقة مجلس التعاون الخليجي باعتبارها (نقطة مضيئة رئيسة) في الاقتصاد العالمي لعام 2025.
وقال إن تركيز دول مجلس التعاون الخليجي على التحول طويل الأجل سيستمر في حماية المنطقة من العديد من التحديات الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي تواجه فيه اقتصادات أوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ضغوطاً متزايدة من الصراع الإقليمي، لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي معزولة نسبياً عن الأزمات ومهيأة للنمو المستقر.
نقطة مضيئة
وقالت عائشة عباس، المدير التنفيذي، رئيس إدارة الثروات والأثرياء في الإمارات والشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا في ستاندرد تشارترد، إنه وسط حالة عدم اليقين تجاه الاقتصاد العالمي، تبرز دول مجلس التعاون الخليجي كنقطة مضيئة نادرة، تستعرض صمودها الاقتصادي وقدراتها على التكيف.
وأوضحت أنه من خلال التركيز على التنويع الاقتصادي والاستفادة من الفرص في القطاعات غير النفطية، تواصل المنطقة رسم مسار النمو المستدام، منوهه بأن التزام دول مجلس التعاون الخليجي بالتحول، جعلها قوة ديناميكية في الاقتصاد العالمي، وبفضل استثماراتها الاستراتيجية ونظرتها المستقبلية المستقرة، من المتوقع أن تلعب دول مجلس التعاون الخليجي دوراً محورياً في دفع الزخم الاقتصادي العالمي، خلال عام 2025.
التداعيات الأميركية
وفيما يخص توقعات الاقتصاد العالي، أفاد تقرير «ستاندرد تشارترد» بأن الاقتصاد العالمي يستعد لتداعيات الانتخابات الأميركية، إذ إن الاكتساح النظيف للرئيس المنتخب دونالد ترامب وأغلبية الحزب الجمهوري في مجلس النواب والشيوخ يمنحهم تفويضاً واضحاً لتنفيذ سياساتهم، بما في ذلك الرسوم الجمركية الكبيرة على الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، مرجحاً أن تشكل سياسات ترامب الداعمة للنمو والحمائية ضغطاً على مستويات التضخم في الولايات المتحدة، الأمر الذي ينعكس على بقية العالم. وأشار التقرير إلى أنه من الناحية الجيوسياسية، فقد قال «ترامب» إنه سينهي الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتي ستكون لها أيضاً عواقب بعيدة المدى على المستوى العالمي.
وتوقع التقرير أن تؤثر السياسات التجارية الحمائية، وأسعار الفائدة المرتفعة، والشكوك الجيوسياسية على معدلات النمو، منبهاً إلى أنه مع أن الولايات المتحدة قد تحدت توقعات الركود، خلال عام 2024 على الرغم من أسعار الفائدة المرتفعة، وذلك بدعم من قطاعي الاستهلاك والخدمات القويين لديها، إلى أنه من المتوقع أن يؤدي ضعف سوق العمل وتباطؤ نمو الأجور إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي في عام 2025. وذكر تقرير «نظرة السوق العالمية 2025» أنه في المقابل، لا يزال اقتصاد منطقة اليورو يعاني، حيث تواجه ألمانيا وفرنسا، أكبر اقتصادات المنطقة، خطر الانزلاق إلى الركود.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أبوظبي الإمارات ستاندرد تشارترد قطر السعودية دول مجلس التعاون الخلیجی الاقتصاد العالمی ستاندرد تشارترد فی الإمارات إلى أنه أنه من عام 2025
إقرأ أيضاً:
السودان ثروات منهوبة وديون متراكمة في ظل سياسة التحرير الاقتصادي والفساد والحرب
عمر سيد أحمد
أبريل 2025
مقدمة
حفّزني خبر إعلان إثيوبيا، الدولة محدودة الإمكانيات، عن امتلاكها أكبر صندوق ثروة سيادي في أفريقيا بقيمة 45 مليار دولار، للتفكير في السودان، البلد الغني الذي استنزفه الفساد والأنظمة الشمولية لعقود طويلة. لكن المأساة السودانية لا تتوقف عند النهب الممنهج للموارد، بل تمتد إلى حرب مدمرة أشعلها ذات النظام الفاسد لحماية مصالحه.
حكم الإسلاميون السودان تحت مظلة نظام الإنقاذ لثلاثة عقود، نهبوا خلالها البلاد بلا رحمة، وحولوا الدولة إلى آلة لجمع الثروات الشخصية عبر استغلال القروض الدولية وموارد السودان الطبيعية. وعندما اشتدت المعارضة الشعبية، لجأوا إلى تأسيس ميليشيا الدعم السريع كأداة لحماية النظام، لكنها سرعان ما تحولت إلى قوة مستقلة تنافس الجيش في السلطة والثروة. وعندما قامت الثورة السودانية مطالبة بالتحول المدني، قرر بقايا النظام العسكري والإسلامي إشعال الحرب بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، في محاولة لمنع التغيير الديمقراطي، حتى لو كان الثمن هو تدمير البلاد بالكامل.
حرب أشعلها الإسلاميون لمنع التحول الديمقراطي وسرّعت الانهيار
كانت الثورة السودانية التي أطاحت بنظام البشير في 2019 تمثل لحظة فارقة في تاريخ السودان، حيث فتحت الباب أمام أمل جديد للتحول المدني وإقامة دولة ديمقراطية حقيقية. لكن القوى التي استفادت من نظام الإنقاذ، وعلى رأسها قيادات الجيش وتحالف الإسلاميين، لم تكن مستعدة للتخلي عن نفوذها. وعندما بدأ السودان يسير نحو التحول الديمقراطي، تآمرت هذه القوى لإيقافه بأي وسيلة.
جاءت الحرب نتيجة مباشرة لهذا الصراع على السلطة. فقد تمسك قادة الجيش والميليشيات التابعة لهم بمصالحهم الاقتصادية، ورفضوا تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة. وعندما أصبح من الواضح أن التحول الديمقراطي قد يهدد امتيازاتهم، أشعلوا الحرب بذريعة الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، رغم أن هذه الأخيرة لم تكن سوى أداة أنشأها نظام البشير نفسه لحماية سلطته.
وهكذا ضاع حلم التحول المدني، وتحولت آمال السودانيين في بناء دولة حديثة إلى كابوس حرب طاحنة أكلت الأخضر واليابس، ودفعت البلاد إلى حافة الانهيار التام.
ديون متراكمة ونهب ممنهج
كان السودان دائمًا بلدًا غنيًا بالموارد، لكن الإسلاميين الذين حكموا تحت راية نظام الإنقاذ جعلوه واحدًا من أكثر الدول فسادًا وفقراً ومديونية في العالم. ارتفع الدين الخارجي من 5 مليارات دولار في الثمانينيات إلى أكثر من 66 مليار دولار اليوم، دون أن تنعكس هذه القروض على حياة المواطنين. ذهبت معظم الأموال إلى جيوب المسؤولين وأمراء الحرب، بينما تدهورت البنية التحتية وانهار الاقتصاد.
مقارنة إقليمية صادمة
بينما تنهار مؤشرات الاقتصاد في السودان، تحقق دول مجاورة مثل إثيوبيا وكينيا قفزات في النمو. ففي الوقت الذي أعلنت فيه إثيوبيا عن امتلاكها لصندوق ثروة سيادي بقيمة 45 مليار دولار، يعاني السودان من شح الموارد، وانخفاض الناتج المحلي الذي وصل إلى أقل من 30 مليار دولار في 2020، مقابل أكثر من 100 مليار في كينيا ونحو 360 مليار في مصر.
التحرير الاقتصادي ونهب ثروات السودان
منذ أواخر الثمانينيات، اعتمد السودان سياسة التحرير الاقتصادي ضمن توصيات صندوق النقد الدولي. لكن بدلاً من تحقيق التنمية، قادت هذه السياسات إلى خصخصة مؤسسات الدولة، وإلغاء الدعم، وخلق طبقة طفيلية مرتبطة بالسلطة.
مراحل التحرير:
• التسعينيات: بيع المؤسسات الحكومية، تضخم، فقر.
• 1999–2011: طفرة نفطية لم تُستثمر.
• 2011–2019: فقدان عائدات النفط، أزمة معيشية.
• 2019–2024: تعويم الجنيه، رفع الدعم، اندلاع الحرب.
النتيجة: تفكك اقتصادي، ارتفاع الفقر، وفقدان الثقة في الدولة.
مآلات الحرب على الاقتصاد السوداني: الانهيار الشامل وأولوية الإعمار
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، دخل الاقتصاد السوداني مرحلة الانهيار الكامل. لم تعد الأزمة مقتصرة على تدهور العملة أو ارتفاع الأسعار، بل أصبحت مسألة بقاء دولة. الحرب دمّرت ما تبقى من البنية التحتية، أوقفت الإنتاج الزراعي والصناعي، ودفعت الملايين للنزوح، وأخرجت مدنًا كبرى مثل الخرطوم من الخدمة الاقتصادية.
أبرز آثار الحرب الاقتصادية:
• تدمير البنية التحتية: الكهرباء، الطرق، الموانئ، المنشآت الحيوية.
• نزيف الموارد البشرية: هجرة الكفاءات، مقتل الآلاف، نزوح الملايين.
• توقف الاستثمار: لا مستثمر محلي أو أجنبي يضخ أموالًا في اقتصاد تحكمه الفوضى.
• انكماش الناتج المحلي: فقد السودان أكثر من نصف نشاطه الاقتصادي خلال أول عام من الحرب.
• ارتفاع التضخم وانهيار العملة: فقد الجنيه أكثر من 90% من قيمته، والأسعار ارتفعت بـ500%.
تكلفة إعادة الإعمار: تقديرات مستحيلة في ظل الحرب
من غير الممكن حتى الآن تقدير تكلفة إعادة إعمار السودان بدقة، لأن الحرب ما زالت مستمرة، والخسائر تتصاعد يوميًا. لكن المؤكد أن الرقم سيكون ضخماً، وقد يصل إلى مئات المليارات من الدولارات.
إعادة الإعمار لن تقتصر على البناء فقط، بل تشمل إعادة تأسيس الدولة من الصفر:
• بنية تحتية جديدة.
• جهاز خدمي فاعل.
• مؤسسات مدنية.
• قطاع إنتاجي قابل للحياة.
• معالجة آثار النزوح والانهيار الصحي والتعليمي.
الحل: وقف الحرب فورًا
لا تنمية بدون سلام. لا اقتصاد في ظل الحرب. لا عدالة اجتماعية بوجود الميليشيات.
وقف الحرب ليس خيارًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية.
استمرار القتال سيحوّل السودان إلى “دولة فاشلة”، ويجعله رهينة للمصالح الخارجية، في وقت لا يملك فيه أي هامش للبقاء على هذا المسار المدمر.
خلاصة: السودان إلى أين؟
بعد عامين من الحرب، وأربعة عقود من الفساد، يقف السودان على حافة الانهيار الكامل. لن يتحسن الحال مالم يتم تفكيك المنظومة التي دمّرت الاقتصاد، وبدء مشروع وطني جامع ينقذ ما تبقى.
السودان لا يحتاج إلى معجزات، بل إلى إرادة سياسية حقيقية، توقف الحرب، وتعيد بناء الدولة على أسس العدالة والمواطنة والكفاءة. هذا ممكن إذا تم اجتثاث منظومة الفساد، وإعادة هيكلة الاقتصاد لخدمة الناس لا النخب.
المصادر
• البنك الدولي: بيانات الناتج المحلي والديون الخارجية.
• منظمة الشفافية الدولية: مؤشر مدركات الفساد 2020.
• الأمم المتحدة: تقرير الوضع الإنساني في السودان 2023.
• هيومن رايتس ووتش: تقارير الانتهاكات في دارفور والخرطوم.
• معهد صناديق الثروة السيادية (SWFI): بيانات صندوق إثيوبيا.
• دراسات أكاديمية:
o أنور محمد أحمد علي (جامعة النيلين).
o علي الحسن محمد نور (مجلة العلوم الاقتصادية 2022).
o محمد محمود الطيب (مقالات بصحيفة الراكوبة 2017).
o عبدالله إدريس أبكر أحمد (جامعة السودان 2017).
o.sidahmed09@gmail.com