خبراء: خلافات حكومة نتنياهو تؤكد يد المقاومة العليا في اتفاق وقف الحرب
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
أجمع خبراء وباحثون على أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يمثل هزيمة إسرائيلية واضحة وانتصارا للمقاومة الفلسطينية، مؤكدين أن الاتفاق يكشف فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها المعلنة من هذه الحرب.
وحسب الباحث بالشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد، فإن المشهد في غزة وإسرائيل يعكس حالة النصر والهزيمة، إذ يسود الفرح في غزة بانتهاء المجزرة، في حين تسود حالة من الحزن والغضب الإسرائيلي لعدم تحقيق أي من أهداف الحرب المعلنة سابقا.
ومن جانبه أكد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أن الجيش الإسرائيلي خرج خاسرا من هذه الحرب، مشيرا إلى أنه في الحروب غير المتكافئة يعد عدمُ تحقيق القوة العظمى لأهدافها هزيمةً بحد ذاتها.
ويرى الدويري أن استمرار المقاومة وبقاءها يمثل فشلا للهدف الإسرائيلي الرئيسي المتمثل في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل المقاومة في غزة.
وكانت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية نقلت -عن مصادر بالحكومة- أنه لا يمكن لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التراجع عن صفقة التبادل، مبينة أن خياراته تتمثل في الحصول على أغلبية تدعم الصفقة أو "شبكة أمان" من المعارضة.
مستقبل نتنياهو
وبشأن الداخل الإسرائيلي، أشار الخبير بالشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إلى أن الاتفاق يمثل اصطداما مباشرا لمنظومة اليمين الجديد، الذي بنى شعبيته على مبدأين أساسيين: عدم الانسحاب من أي أرض محتلة، وعدم إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
إعلانوأعرب مصطفى عن قناعته بأن نتنياهو انتهى سياسيا، إذ ارتكب 3 أخطاء رئيسية خلال الحرب: عدم التوقيع على الاتفاق في مايو/أيار الماضي عندما كان المجتمع الإسرائيلي يؤيد استمرار الحرب، ويتمثل الخطأ الثاني في الذهاب إلى عملية شمال غزة معتقدا أنها ستؤدي إلى تهجير السكان، إضافة إلى رهانه على دعم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
ومن ناحية أخرى، حذر زياد من محاولات نتنياهو التلاعب في تنفيذ الاتفاق، مشيرا إلى أنه بدأ بالفعل في التلاعب بأسماء الأسرى وقضايا الجرحى ومعبر رفح، لكنه أكد أن المسار العام للاتفاق ماضٍ قدما، وأن الجميع بات يدرك أن نتنياهو مصدر التلاعب.
ومساء أول أمس الأربعاء، أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني توصل الوسطاء إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لافتا إلى أن تنفيذه سيبدأ الأحد المقبل.
المساءلة الدولية
وعلى صعيد المواقف داخل الحكومة الإسرائيلية، أوضح مصطفى أن هناك انقساما واضحا حيث لوح وزير الأمن إيتمار بن غفير بالاستقالة إن تمت الموافقة على الصفقة، لكنه توقع أن يبقى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في الحكومة رغم معارضته للاتفاق.
وبشأن المساءلة الدولية، أشار الدويري إلى أن القادة والجنود الإسرائيليين سيواجهون صعوبات في التنقل دوليا بسبب وجودهم ضمن قوائم المتهمين بارتكاب جرائم حرب، مستشهدا بما حدث في تشيلي والأرجنتين والبرازيل وتايلند.
ومن جانبه، أكد زياد أن الخلافات الإسرائيلية الداخلية لا تعني الفلسطينيين، وأن الأهم هو المضي قدما في تنفيذ الاتفاق، معتبرا أن تفكك الموقف الإسرائيلي يؤكد بوضوح أن اليد العليا في الاتفاق للمقاومة.
وأكد هؤلاء الخبراء أن استمرار المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني -رغم حجم الدمار والخسائر البشرية غير المسبوقة- يمثل انتصارا إستراتيجيا في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية التي فشلت في تحقيق أهدافها رغم كل ما استخدمته من قوة عسكرية هائلة.
إعلانالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
خبراء: تصعيد الحوثيين يخدم أهداف نتنياهو في المنطقة .. واستهداف الحوثيين لإسرائيل جاء بتوجيهات ايرانية
في الوقت الذي كانت الهدنة بين إسرائيل وحماس تمر بمنعطفات حرجة، وتراوح مكانها مقاومة للبقاء رغم هشاشتها، كانت الآمال معقودة على استمرارها ولو في حدها الأدنى، غير أن إعلان الحوثيين استئناف استهداف السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي أشعل فتيل التوتر مجددا، الأمر الذي يخدم أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المنطقة، بحسب خبراء.
وبعد نحو شهرين من وقف إطلاق النار، وجدت إسرائيل في هذه التطورات ذريعة لإعادة إشعال الحرب على غزة، ليبرز على وقع ذلك "إعلان الحوثيين" كأحد الأسباب البارزة والمحورية التي جاءت كمتغير مفاجئ، أعاد خلط الأوراق، وانهار على إثره كل شيء.
هذه الفرضية طرحها العديد من اليمنيين، إذ رأوا أن مسارعة الحوثيين إلى إعلان استئناف عملياتهم العسكرية، حتى قبل أن تتجه فصائل المقاومة في قطاع غزة إلى هذا المنحى، قد أدت إلى حدوث هذه المتغيرات المتسارعة والمتصاعدة؛ ما فتح الباب أمام تساؤل مُلحّ ومهم للغاية: من يخدم الحوثيون؟ هل يخدمون غزة التي كانت ترى في الهدنة مكسبًا لها، أم إسرائيل التي وجدت في "إعلانهم" مبررًا لاستئناف عملياتها العسكرية؟
وربط الكثير من المراقبين والمتابعين اليمنيين أسباب استئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة بتهديدات الحوثيين في اليمن. قد لا يكون ذلك سببا رئيسا، خصوصا وأن الهدنة كانت هشة وركيكة للغاية، إلا أن تهديدات الحوثيين أسهمت، بصورة أو بأخرى، في تسريع وتعجيل انهيارها.
في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي أحمد عايض: "بالطبع، الكثير من المراقبين للتهديدات الحوثية تجاه الكيان الإسرائيلي يربطون، بواقعية كبيرة، بين هذه التهديدات وتسارع انهيار الهدنة التي كانت قائمة بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي، وذلك عقب إعلان الميليشيا الحوثية عن استهداف السفن الإسرائيلية التي ستعبر مياه البحر الأحمر والبحر العربي".
ولفت عايض، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى "أن إسرائيل سبق أن فرضت حصارا منعت من خلاله دخول الأغذية وجميع المستلزمات والحاجيات إلى داخل غزة، لكن يبدو أنها وجدت مبررا في الادعاء بأنها باتت تعاني من خطر خارجي وداخلي، مما دفعها إلى استهداف بقايا حركة حماس داخل قطاع غزة".
وتابع أن "هذه التحركات التي قامت بها الميليشيا الحوثية، من تهديد واستهداف للكيان الإسرائيلي، لم تكن ناتجة عن قرار داخلي، بل جاءت في سياق التوصيات الإيرانية التي تهدف إلى إرباك منطقة الشرق الأوسط".
وأضاف عايض، وفقا لوجهة نظره: "تسعى إيران إلى إلحاق أكبر ضرر بحركة حماس السنية، رغم أنها تحاول الظهور أمام العالم كداعم للمقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية وحركة حماس".
وأوضح: "كل المؤشرات التي برزت في المنطقة توحي بذلك، بدءًا من الموقف الإيراني الذي لم يستهدف إسرائيل بجدية حقيقية، مرورا بموقف حزب الله، الذي جدد حتى يوم أمس تأكيده على عدم الانخراط في أي مواجهة مع الجانب الإسرائيلي، وهو ما يوضح أن كل الشعارات التي رفعها في المرحلة الماضية حول وحدة المصير بينه وبين المقاومة داخل غزة لم تكن سوى تصريحات دعائية".
وبين: "اليوم، نرى حزب الله يتبرأ من حركة حماس والمقاومة الإسلامية ومن غزة بشكل عام، ليأتي الآن الدور الحوثي في إشعال فتيل التأزم في منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها التسريع بانهيار الهدنة، أو إشعال فتيل استهداف المقاومة في غزة
مدير عام الإعلام الداخلي بمكتب رئاسة الجمهورية اليمنية، فايد دحان، استهل حديثه بالتأكيد على أن "الحوثيين ميليشيا لا تستطيع العيش إلا على الحروب، وتسعى لإحداث أي خرق لأي هدنة أو إفشال أي مساعٍ للسلام".
وأضاف دحان لـ"إرم نيوز": "نتحدث هنا عن جماعة لا يعنيها أي هدنة، لا في اليمن ولا في غيرها، بل تتغذى على الحروب وتنتعش بها وحدها، وتسعى إلى إضفاء مشروعية على وجودها بأي وسيلة ممكنة".
وأشار إلى أنه "فور الإعلان عن الهدنة في غزة، وجدت الميليشيا الحوثية نفسها عاجزة عن تبرير الأمر للمواطنين المحاصرين تحت سيطرتها، بينما تواصل قياداتها الميدانية تنفيذ أوامر زعيمهم عبد الملك الحوثي في فرض الجبايات، تحت ذريعة دعم غزة".
وتابع: "لم تقتصر هذه الجبايات على المواطنين فحسب، بل امتدت إلى شركات الاتصالات، في مشهد عبثي يُجبر شعبا منهكا، لا يتلقى رواتبه، ويعيش تحت وطأة الغلاء والأمراض، على تمويل حرب لا يصله منها سوى صواريخ (بلاستيكية) تنفجر في أماكن فارغة، أو تستهدف سفنًا لا تعني شيئًا لإسرائيل".
ويرى فايد دحان أن "هذه مسرحية هزلية تُدار في اليمن بتواطؤ دولي، فقط لإطالة أمد الحرب، وربما تصبح ذريعةً لعودة المواجهات في غزة وانهيار الهدنة هناك، إذ إن أوجه التشابه بين الاحتلال الإسرائيلي والاحتلال الفارسي عبر مرتزقة الحوثي في اليمن باتت واضحةً للعيان، في رفض السلام وعدم احترام أي اتفاقيات للخضوع إلى الهدن المعلنة".
وشدّد في ختام حديثه على أنه "ما لم يتم استهداف قيادات الحوثي، كما حدث مع قيادات حزب الله، فإن هذه المعركة ستظل هزلية، يشوبها الكثير من الشكوك حول جديتها".
"كيف ساهم الحوثي في إنجاح خطط نتنياهو؟" بهذا السؤال عنوَن الباحث السياسي في مركز "صنعاء للدراسات الاستراتيجية"، حسام ردمان، مقاله التحليلي، الذي نشره عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك".
وقال ردمان في حديثه: "لقد كانت تفاعلات المنطقة تتجه نحو استعادة توازنها النسبي وتميل إلى تفعيل المسارات الدبلوماسية بدلًا من سياسات القوة"، مضيفًا: "ولم يعكّر هذا الاتجاه سوى مناورة نتنياهو اليائسة بفرض الحصار على غزة".
*دورة تصعيد غير متكافئة*
وتابع ردمان: "كان هناك خياران للتعامل مع هذه المناورة: إما الصبر الاستراتيجي وإرغام إسرائيل على المكوث في مسار المفاوضات، أي التكيف مع ضغوط نتنياهو التكتيكية مقابل إحباط أهدافه الاستراتيجية، أو الانخراط في دورة تصعيد غير متكافئة، ومن ثم الوقوع في فخ الحرب".
وأكد ردمان: "قرر الحوثيون المسارعة إلى الخيار الثاني، حتى قبل أن تبادر إليه حماس صاحبة الشأن"، متسائلًا: "فما الذي آلت إليه الأمور؟".
وأجاب الباحث السياسي بقوله: "واشنطن تحارب في اليمن بضراوة غير مسبوقة وتحشد قوتها العسكرية في عموم المنطقة، وإسرائيل تنتهز الفرصة لتعاود بعد أيام معدودة حربها في قطاع غزة، والعرب يخسرون الزخم الدولي والإسلامي الذي جرى حشده لأجل خطة إعادة الإعمار".
وواصل ردمان: "أما إيران، فتتنصل من التصعيد في اليمن وتتخلى عن سردية وحدة الساحات، وتترقب بخوف حدوث أي ضربة عسكرية مباشرة، مكتفية بالتأكيد على أنها ستكون صاحبة الضربة الثانية".
وخلص في حديثه إلى أن "الحوثي، مع كل دورة تصعيد، إنما يسهم في عسكرة المنطقة، بما يصب في مصلحة أمريكا، ويضعف الموقف الفلسطيني، ويشوّش على الجهود العربية".
ويرى ردمان أن "المستفيد الأكبر من تصعيد الحوثي هو بنيامين نتنياهو، الذي زودته جبهة الإسناد بما يحتاجه من ذرائع سياسية، كي يهرب من الضغوط المحلية والدولية الممارسة عليه، وهيّأت له المناخ الإقليمي الملتهب كي يستأنف وعده بتغيير توازنات الشرق الأوسط".