مع إعلان وقف إطلاق النار.. مشاعر مختلطة وأمل بالعودة إلى الحياة
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
الثورة /
في اللحظات الأولى من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، أجهشت الحاجة أم طارق أبو العطا بالبكاء، ألمًا ووجعًا على نجلها البكر طارق وعائلته الذين اغتالهم الاحتلال بدم بارد في الأول من مارس الماضي.
تقول أبو العطا لمراسلنا إنها في هذه اللحظات تذكرت ابنها البكر، وأطفاله الجميلين الذين قتلهم الاحتلال بدم بارد، إلا أنها تؤكد أنها لحظات فارقة كونها توقف شلال الدم النازف منذ 15 شهرًا.
عادت الأم للبكاء وهي تشير إلى أنها كانت تأمل بنجاة عائلة نجلها برفقتها في هذه اللحظات، مضيفة أن ابنها وعائلته ذهبوا فداء لفلسطين وأن جميع أبنائها فداء للوطن السليب.
ولم يكد الإعلان عن الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أعلن مساء أمس الأربعاء، يرى النور، حتى امتلأت شوارع غزة المنكوبة بالمبتهجين والمحتفلين بطيّ هذه الصفحة المؤلمة، هتافات وأهازيج وتراثيات فلسطينية تَغنَّى بها الغزيون بفرحةٍ جامعةٍ.
في حين تملكت المواطن محمود أبو هويشل مشاعر مختلطة، إذ دمر الاحتلال منزله ومنازل إخوته. ويقول: “سيتوقف العدوان، وسيتوقف الدم، لكن المعاناة لن تنتهي، الحصار، والمنازل المدمرة، والواقع المؤلم”.
ويضيف محمود أن مشاعر مختلطة ما بين الفرح بانتهاء الحرب ووقف الإبادة، وحزن وغصة على فراق الأحباب، وتدمير الديار، وكل ما جرى من أهوال للشعب الفلسطيني.
ويتابع قائلًا بكل صبر واحتساب، “إن كل هذا لن يضيع، ففلسطين تستحق منا كل التضحيات”، معبرًا عن فرحته بأنه بات على بعد أيام من منزله في مخيم الشاطئ بمدينة غزة، وإن كان مدمرًا.
ويؤكد أن التدمير والقتل الإسرائيلي البشع طيلة أيام حرب الإبادة، لن يفت في عضد الفلسطينيين، وهم الذين يعتنقون أقدس قضية في التاريخ.
وفي مراكز إيواء النازحين، الذين يُقدَّرون بنحو مليونَي فلسطيني هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية، سادت دعوات وأمنيات بأن يكون الاتفاق نهائياً ومستداماً. ولم يتطّلب الأمر أكثر من دقائق معدودة حتى راح النازحون، في تلك المراكز الموزّعة بمختلف أنحاء قطاع غزة المدمّر، يتحدّثون عن العودة إلى منازلهم وعن كيفية إعادة بناء حياتهم وسط الدمار الذي خلّفه عدوان الاحتلال، ليس فقط في ممتلكاتهم وأماكن سكنهم.
وبدت الابتسامات واضحة على وجوه الأطفال الذين شهدوا حرباً غير كلّ الحروب، حرباً أدّت إلى استشهاد وفقدان وجرح ما يزيد عن 166 ألف فلسطيني، نحو 72% منهم من الأطفال والنساء.
وترقرقت عينا عبد الكريم بريص عند الإعلان عن وقف إطلاق النار، مؤكدًا أنه ينتظر الإفراج عن نجله المعتقل منذ عام، حيث اعتقله الاحتلال في الاجتياح الكبير لمدينة خان يونس.
ومنذ أن بدأ عمليته البرية بغزة في 27 أكتوبر 2023، اعتقل الجيش آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وعاملون بالطواقم الصحية والدفاع المدني، وأفرج لاحقا عن عدد ضئيل منهم، في حين لا يزال مصير الآخرين مجهولا.
وكشفت منظمات حقوقية ووسائل إعلام إسرائيلية عن تعرض معتقلين فلسطينيين من غزة لتعذيب وإهمال طبي أودى بحياة العديد منهم في مراكز اعتقال إسرائيلية.
ويقول بريص: “مشاعري مختلطة فقدنا المنازل والأحباب، ونجلي البكر أسير في سجون الاحتلال، لا ندري هل نفرح أم نحزن”.
أما عبير مراد فقد عبرت هي الأخرى عن مشاعر مختلطة ما بين الفرح والبكاء، إذ تبكي بكاء شديدًا على أشقائها وأعمامها الذين ارتقوا في أتون الإبادة. وتقول إن وقف الحرب يعطي الغزيين فرصة للبكاء طويلًا والحزن عميقًا على ما فقدوا، وما حلّ بهم في أتون الإبادة الهمجية.
وينتظر سكان قطاع غزة دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بعد حرب إسرائيلية استمرت 16 شهراً، دمر فيها الاحتلال مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبنية التحتية، وعزز من الجوع والفقر والبطالة.
وعمد الاحتلال خلال الإبادة إلى تدمير ممنهج وغير مسبوق للبنى التحتية والمنازل، والمشافي والمؤسسات، إضافة لقتل وإصابة أكثر من 155 ألف فلسطيني، ما عمق شعور الغزيين بالألم والمأساة التي وصفتها تقارير أممية بالأشد قسوة في التاريخ المعاصر.
والتقطت عدسات الكاميرات دموع الفرح التي لم يستطع كثيرون كبحها، مع أمل عارم، ممزوجة بالعودة إلى “الحياة”. وكثرت المشاهد المؤثّرة التي تصوّر عائلات تبكي فرحاً ويحتضن أفرادها بعضهم بعضاً لحدّة التوتّر النفسي الذي رافقهم منذ اليوم الأوّل للحرب التي دمّرت غزة وأطبقت الحصار على أهلها إلى حدّ مواجهتهم المجاعة.
ولا يبدو الحديث عن “اليوم التالي” محصوراً بأهل السياسة فحسب، فالمواطنون الفلسطينيون في مختلف أنحاء قطاع غزة المنكوب، راحوا منذ اللحظات الأولى للإعلان عن وقف إطلاق النار يخطّطون لهذا “اليوم التالي”؛ كيفية العودة إلى مناطقهم ومنازلهم في حال كانت لا تزال واقفة أو حتى على الرغم من تضرّرها. في إشارة واضحة إلى رغبة كبيرة واستعداد أكيد لاستعادة حياتهم التي حرمهم الاحتلال منها منذ أكتوبر 2023م.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
سلط تقرير نشره موقع "موندويس" الضوء على غضب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعد موافقة حركة حماس على مقترح أمريكي للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية عيدان ألكسندر، وتسليم جثث أربعة إسرائيليين يحملون جنسية مزدوجة.
وقال التقرير الذي ترجمته "عربي21" إنّ "حماس ترى بهذه الخطوة وسيلة للتمهيد للمفاوضات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وتضع تل أبيب في موقف صعب برفضها الدخول في مفاوضات لإنهاء الحرب".
وذكر أن موافقة حماس الأخيرة نابعة عن مواقفها السابقة، والتي رفضت مقترحا للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بالإفراج عن نصف الأسرى الإسرائيليين المتبقين، وتحول المقترح إلى الإفراج عن خمسة أسرى فقط بينهم عيدان ألكسندر و4 جثث.
وتابع: "من المقرر أن تتحرك المفاوضات بشأن المرحلة الثانية وصولا إلى إنهاء الحرب بشكل دائم"، مضيفا أن "هذه التطورات وضعت إسرائيل في موقف حرج، نظرا لرفضها الدخول في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، أو التفكير في إنهاء الحرب بشكل دائم".
ولفت إلى أن "محادثات وقف إطلاق النار دخلت مرحلة جديدة في وقت سابق من هذا الأسبوع مع عودة المفاوضين إلى الدوحة، لمناقشة إمكانية التوصل إلى هدنة طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس، وقد مدد المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف إقامته في المنطقة حتى نهاية الأسبوع لدفع المفاوضات إلى الأمام، كما أرسلت إسرائيل فريقًا تفاوضيًا يضم منسق الحكومة الإسرائيلية لشؤون الرهائن ومسؤولًا في الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية والمستشار السياسي لنتنياهو أوفير فالك".
ويأتي تجدد المفاوضات في ظل وقف إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وقد أدى إغلاق جميع نقاط العبور إلى غزة ومنع إدخال المساعدات إلى القطاع إلى نقص في المواد الغذائية والوقود وإغلاق المخابز في القطاع، بالإضافة إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية للمعيشة.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو صرح في أوائل الشهر الحالي بأنه لن يكون هناك "غداء مجاني لغزة" طالما لم يتم إطلاق سراح أسرى إسرائيليين جدد، في خطوة تمثل انتهاكًا لشروط وقف إطلاق النار المتفق عليها، حيث لم يكن من المقرر إطلاق سراح أي أسرى جدد قبل بدء المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من ممر فيلادلفيا على طول الحدود مع مصر.
ومن الاستراتيجيات الأخرى التي اتبعها نتنياهو وحلفاؤه في تخريب مفاوضات وقف إطلاق النار هي تهديداته باستئناف الهجوم الإسرائيلي على غزة، فقد صرح وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بأن إسرائيل تستعد لهجوم متجدد وأشد قسوة، كما هدد نتنياهو نفسه حماس وسكان غزة خلال خطاب له في الكنيست الإسرائيلي بعواقب "لا تُحتمل" إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
وبحسب التقرير، جاء تعبير حماس عن استعدادها لتسليم أسير إسرائيلي وجثث أربعة آخرين مقابل التفاوض على المرحلة الثانية، ليضع حدًا لتكتيكات نتنياهو التخريبية.
وأوضح التقرير أن هذا التحول جاء إثر إجراء الولايات المتحدة محادثات مباشرة مع حماس دون وساطة، في خطوة تكسر ثلاثة عقود من العرف الأمريكي في رفض التفاوض مع المنظمات التي تعتبرها "إرهابية".
وذكر أنه "رغم محدودية صلاحيات الوفد الإسرائيلي الذي أُرسل إلى الدوحة، إلا أن استئناف المحادثات بعد أسبوع متوتر من التهديدات الإسرائيلية يظهر تغيرًا في الموقف الأمريكي الذي انتقل من اقتراح ترامب الاستفزازي بتطهير عرقي للفلسطينيين من غزة إلى مناقشة الشروط مباشرة مع حماس وتقديم مقترحات متتالية للانتقال إلى محادثات حول إنهاء الحرب".
وفي صلب هذا التغيير مسألة إعادة إعمار غزة ومقترح القمة العربية البديل؛ حيث عرض اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة يوم الأربعاء الماضي الخطة على ويتكوف، واتفقوا على مناقشتها في المحادثات الجارية كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع.
وختم التقرير بقوله: "بينما يضع الفلسطينيون في غزة وعائلات الأسرى الإسرائيليين آمالهم في جولة المحادثات المتجددة في الدوحة، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي لا تزال بعيدة؛ فحكومة نتنياهو لا تُظهر أي علامة على استعدادها لإنهاء الحرب، وستحاول الآن إيجاد طريقة لتجنب المضي قدمًا في المفاوضات وإيجاد طريقة لإلقاء اللوم على حماس، كما فعلت مرات عديدة في الماضي".