شبكات دولية للتجنيد القسري.. الهند تطالب روسيا بجنودها
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
أثارت قضية تجنيد الهنود قسراً للخدمة في الجيش الروسي توترات بين الهند وروسيا، رغم العلاقات الوثيقة التي تجمع البلدين في المجالات الاقتصادية والعسكرية. وفي حين تطورت العلاقات بينهما بشكل ملحوظ، أعادت وفاة أحد المواطنين الهنود في الحرب الأوكرانية تسليط الضوء على هذه القضية المثيرة للجدل، وفقاً لتقرير في صحيفة "واشنطن بوست".
وتوفي بينيل بابو، كهربائي يبلغ من العمر 32 عاماً من ولاية كيرالا جنوب الهند، أثناء خدمته في صفوف الجيش الروسي في أوكرانيا.
ويعتبر بابو الضحية الهندية العاشرة على الأقل التي تلقى مصرعها في هذا الصراع. وجاءت وفاته لتُشعل ردود فعل غاضبة من الحكومة الهندية، التي طالبت روسيا بالإفراج عن بقية المواطنين الهنود الذين تم تجنيدهم قسراً، بحسب "واشنطن بوست".
An Indian man (Binil Babu) fighting for Russia on Ukraine frontlines dies .???? pic.twitter.com/9BoU53uzPP
— Gyan Jara Hatke (@GyanJaraHatke) January 13, 2025وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية قائلاً: "تم تناول القضية بجدية مع السلطات الروسية في موسكو وكذلك مع السفارة الروسية في نيودلهي". كما أكدت الهند على ضرورة الإفراج الفوري عن مواطنيها المتبقين.
الرد الروسيمن جانبها، نفت روسيا أي اتهامات بتجنيد الهنود بطرق غير قانونية، مؤكدةً أنها لم تشارك في أي حملات علنية أو سرية تهدف إلى تجنيدهم.
وفي تصريح للسفارة الروسية في نيودلهي، جاء أن "الحكومة الروسية لم تتورط أبداً في أي مخططات احتيالية لاستقطاب الهنود للخدمة العسكرية".
ورغم هذا النفي، تشير التقارير إلى أن القوات الروسية ما زالت تحتجز المجندين الهنود وترفض الإفراج عنهم بحجة التزاماتهم التعاقدية. ويبدو أن الموضوع قد تمت مناقشته على مستويات رفيعة بين قادة البلدين، لكنه لا يزال يشكل نقطة خلاف بينهما.
تشير عائلات الضحايا إلى تورط شبكات دولية من وكلاء التوظيف ومؤثري وسائل التواصل الاجتماعي في استدراج الشباب الهنود بوعد وظائف ذات رواتب مجزية في مجالات مثل القيادة والطهي والأعمال الحرفية.
وبحسب شهادات من ضحايا سابقين، تم إجبارهم على توقيع وثائق باللغة الروسية فور وصولهم، وصودرت جوازات سفرهم، ثم أجبروا على القتال بجانب الجنود الروس من دون أي تدريب عسكري يُذكر.
أطلقت الهند العام الماضي تحقيقاً رسمياً في قضايا الاتجار بالبشر، ووجهت اتهامات لـ19 فرداً وشركة خاصة بالتورط في استدراج العمال إلى روسيا.
وفي مايو (أيار) الماضي، تم اعتقال أربعة أشخاص بتهم الاحتيال والاتجار بالبشر والتآمر الجنائي. لكن، أُطلق سراحهم بكفالة لاحقاً، ولم تشهد القضية أي تقدم ملحوظ منذ ذلك الحين.
وعلى الرغم من هذه التوترات، تستمر العلاقات الهندية الروسية بالنمو، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في 2022. حيث أصبحت الهند ثاني أكبر مستورد للنفط الخام الروسي بعد الصين، إذ بلغت قيمة الواردات 46 مليار دولار في السنة المالية الماضية.
India's rare ultimatum to #Russia after two Indians die in #Ukraine fighting
Watch for details pic.twitter.com/PWuEKdFLke
في الأشهر التي سبقت وفاته، ناشد بينيل بابو السفارة الهندية في موسكو مساعدته على مغادرة الجيش الروسي. لكن جهوده باءت بالفشل بسبب رفض قيادته السماح له بالمغادرة قبل انتهاء عقده السنوي، بحسب الصحيفة.
وصرح صهره، سانيش سكريا، أن السفارة الهندية طلبت من بابو إبلاغ قائده بأن رئيس الوزراء الهندي ألغى جميع الاتفاقيات المتعلقة بتجنيد المواطنين الهنود. إلا أن القائد الروسي أبلغه بأنه لن يتمكن من المغادرة إلا بعد انتهاء مدة خدمته.
Four #Indians who were tricked into joining a private #Russian army to fight against #Ukraine, have returned home with harrowing details of their time there.
Read more: https://t.co/nD3Cge7DXc#Russia #RussianArmy pic.twitter.com/hle3KQmFHY
بينما تواصل الهند جهودها لحماية مواطنيها، يرى البعض أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات أقوى ضد الشبكات التي تستغل الشباب الهنود. وكما قال والد أحد الضحايا: "لقد فقدنا ما كان مكتوباً في قدرنا. على الحكومة أن تتحرك لحماية الأبرياء".
وتشير هذه القضية إلى مدى تعقيد العلاقات بين الدولتين، حيث تختلط المصالح الاقتصادية بالتوترات السياسية والإنسانية. يبدو أن حل هذا النزاع يتطلب تنسيقاً أكبر وقرارات حاسمة من كلا الجانبين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الهند أوكرانيا روسيا الحرب الأوكرانية الهند روسيا
إقرأ أيضاً:
جدل على قبر الإمبراطور أورنكزيب في الهند يقود لهجوم الهندوس عليه
تصاعدت التوترات في ولاية ماهاراشترا الهندية بعد احتجاجات نظمها القوميون الهندوس ضد قبر الإمبراطور المغولي أورنكزيب عالمكير، وهذا أدى إلى اندلاع أعمال عنف في منطقة ناجبور في الولاية، ومع ذلك، تمت السيطرة على هذه التوترات.
وتطالب منظمتا "فيشوا هندو باريشاد" و"باجرانج دال" اللتان تقودا هذه الاحتجاجات بإزالة القبر، بزعم أن أورنكزيب -الذي حكم في القرن الـ17- كان معاديا للهندوس.
وشهد الموقع، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 3 قرون ويُعد من المواقع التاريخية المهمة، توترات متزايدة بعد انتشار شائعات عن إحراق تمثال لأورنكزيب نُقشت عليه آيات قرآنية، فأثار ذلك احتجاجات مضادة من المسلمين، الذين طالبوا باعتقال القوميين الهندوس، وهذا أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الطرفين.
ويواجه أورنكزيب، الحاكم السادس للإمبراطورية المغولية، اتهامات من القوميين الهندوس بقمع الهندوس، وهدم المعابد، وبناء المساجد في أماكنها، وهي اتهامات يرفضها المسلمون، مشيرين إلى أنه كان معروفا بتقواه الدينية وكان يكسب رزقه من الحرف اليدوية بدلا من أموال الدولة.
هجمات ممنهجةمنذ وصول حزب "بهاراتيا جاناتا" إلى السلطة عام 2014، ازداد استهداف التراث الإسلامي في الهند، بما في ذلك إعادة تسمية مدن كانت تحمل أسماء إسلامية. ووفقا لفرحة شيخ، نائبة رئيس اتحاد الطلاب المسلمين في حزب الرابطة الإسلامية الهندية، فإن هذه الجهود تهدف إلى محو أو تقويض مساهمات الحكام المسلمين في تراث الهند.
إعلانوفي حديثها للجزيرة نت، صرحت بأن "المسلمين يشكلون ثاني أكبر عدد سكان في الهند، وقد لعبوا دورا رئيسا في استقلال البلاد، وتطوير قطاع التعليم، والمساهمة في شتى المجالات، والتي لا تزال تُفيد العالم".
وأضافت: "تسعى الحكومة إلى محو كل هذه الجهود والمساهمات والآثار التاريخية للمجتمع الإسلامي، الذي كان يُعتبر فخرا للأمة قبل عام 2014، من خلال إجراءات مثل سياسة التعليم الجديدة، كما يتم استهداف المعالم التاريخية عبر الاحتجاجات المطالبة بإزالة القبور، وأعمال العنف المنتشرة في مختلف أنحاء ولاية ماهاراشترا، والتي تحظى بدعم من منظمات قومية هندوسية".
وفي تجمع سياسي خلال العام الماضي، وصف رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بأن أورنكزيب دمر آلاف المعابد الهندوسية، وكان مسؤولا عن قتل الناس والأبقار.
وفي صدى لهذه التصريحات، صرّح يوغي أديتياناث رئيس وزراء ولاية أوتار براديش، الخميس الماضي، من دون أن يذكر أورنكزيب بالاسم، قائلا: "إن تمجيد الغزاة يعني ترسيخ أصول الخيانة، لن تقبل الهند الجديدة أبدا من يهين أسلافنا العظام ويشيد بمن اعتدى على حضارتنا، وانتهك نساءنا وهاجم عقيدتنا".
وفي السياق، زاد فيلم بوليود "تشافا"، الذي عُرض مؤخرا، بتشويه صورة أورنكزيب، وصرّحت فرحة شيخ للجزيرة نت بأن "عرض الفيلم أدى إلى تصاعد مستمر في العداء داخل المجتمع الهندوسي ضد أورنكزيب والمجتمع المسلم".
ومع ذلك، ترى فرحة شيخ أن المجتمع المسلم يعتبر هذا الجدل تسييسا غير ضروري للتاريخ. وبينما يُصوَّر أورنكزيب غالبا بصورة سلبية، فإن العديد من المسلمين يقدّرون مساهماته في العدالة والإصلاحات الإدارية وتدينه.
وذكرت بأن الإمبراطور "شخص لم يأخذ فلسا واحدا من خزينة الدولة لراحته، بل عمل لإعالة نفسه وأسرته، وكان يتقي الله ويمتنع عن ارتكاب أي خطأ، ويتخذ قرارات عادلة. كيف يمكن وصف مثل هذا الرجل بالطاغية أو الظالم؟".
إعلانوتساءلت "إذا كان أورنكزيب قد اضطهد الهندوس، وقتلهم، وأجبرهم على تغيير دينهم، وهدم معابدهم، فكيف لا تزال الهند ذات أغلبية هندوسية، وتضم مئات الآلاف من المعابد التي يعود تاريخها إلى قرون مضت؟".
دعوة للتوازنوعن توقيت إثارة قضية أورنكزيب، قالت فرحة شيخ للجزيرة نت، إن "الجميع في الهند يعلم أنه عندما تقترب الانتخابات، يبدأ البعض بلعب ورقة الهندوس والمسلمين، وانتخابات المجالس البلدية باتت على الأبواب في جميع أنحاء ولاية ماهاراشترا، وهذا محاولة لجذب الناخبين عبر الاستقطاب الديني".
ورغم محاولات القوميين الهندوس تشويه صورة أورنكزيب، فقد بادرت منظمات إسلامية إلى التواصل مع الإداريين ووزراء الحكومة لضمان الحفاظ على السلام في المنطقة، ووفقا لما أوضحته فرحة شيخ، فإن هذه المنظمات تقدم أيضا رؤية متوازنة عن أورنكزيب، إذ تسلط الضوء على مساهماته في الحكم، والإصلاحات القانونية، وتطوير البنية التحتية، وتروج لفهم أكثر دقة وموضوعية لفترة حكمه.
وأضافت فرحة شيخ في حديثها للجزيرة نت "بدلا من ترسيخ الانقسام الدائم بين الأديان والإضرار بالوئام المجتمعي، يجب على الحكومة أن تشجع التعليم التاريخي المتوازن، من خلال دعم البحث الأكاديمي بدلا من التفسيرات السياسية، وأن تحمي المواقع التاريخية باعتبارها جزءا من التراث المشترك للهند، بغض النظر عن الانتماءات الدينية".