حفظ العهد من الإيمان ومن أخص صفات المؤمنين الأتقياء، والنبلاء الأصلاء، وأصحاب الشرف والبيوتات العظيمة، ولاسيما مع من ربطتك به عشرة أو صلة، أو كان له فى عنقك دين أو جميل أو مروءة، أو أحسن إليك يوما ما، أو صاحبك فى عمل أو سفر أو جوار، أو علمك حرفة أو صنعة، يقول الحق سبحانه «ولا تنسوا الفضل بينكم»، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «من لم يشكرِ النَّاسَ لم يشكرِ اللَّهَ»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أتى إليكم معروفًا فكافِئوه فإن لم تجدوا فادعوا لهُ حتى تعلموا أن قد كافأتموهُ»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أُتِيَ إليهِ معروفٌ فلِيكافئَ بهِ ومَنْ لمْ يستطعْ فلِيذكرْهُ فإنَّ مَنْ ذكرَهُ فقد شكرَهُ».
وكان صلى عليه وسلم أحفظ الناس للعهد والجميل، ومن ذلك ما كان منه صلى الله عليه وسلم فى إكرام امرأة عجوز ومبالغته فى الاهتمام بها، فلما سئل عن ذلك قال: «إنها كانت تأتينا على عهد خديجة وإن حسن العهد من الإيمان»، وكان (صلى اللّه عليه وسلم ) يقول : «ما لِأَحدٍ عندَنَا يَدٌ إلَّا وقَدْ كافأناهُ ما خلَا أبا بكرٍ فإِنَّ لَهُ عِندنَا يَدًا يُكافِئُهُ اللهُ بِها يَومَ القيامَةِ، ومَا نفَعَنِى مَالُ أحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعِنى مالُ أبى بِكْرٍ».
وعلى نهجه (صلى الله عليه وسلم) فى الوفاء سار أصحابه الكرام، ومن ذلك ما كان من سيدنا عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه مع ابنة خُفَافِ بنِ إيْمَاءَ الغِفَارِيِّ، حين شكت إليه حاجتها، فَقالَ: مَرْحَبًا بنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلى بَعِيرٍ قوى، فَحَمَلَ عليه غِرَارَتَيْنِ مَلَأَهُما طَعَامًا، وحَمَلَ بيْنَهُما نَفَقَةً وثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بخِطَامِهِ، ثُمَّ قالَ: اقْتَادِيهِ، فَلَنْ يَفْنَى حتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بخَيْرٍ، فَقالَ رَجُلٌ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أكْثَرْتَ لَهَا؟ قالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! واللَّهِ إنِّى لَأَرَى أبَا هذِه وأَخَاهَا قدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا، فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أصْبَحْنَا نَسْتَفِىءُ سُهْمَانَهُما فِيه.
ومنه ما كان من عبدالله بن عمر رضى الله عنهما عندما لقى أعرابيا فبالغ فى إكرامه وأهداه عمامته وألبسه إياها، فسئل عن ذلك فَقالَ: إنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: «إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ»، وإنَّ أَبَاهُ كانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ.
وقد قالوا: أسوأ الناس خلقا من إذا انتفت مصلحته عندك نسى فضلك وتنكر لك وأنكر معروفك، وربما قال عنك ما ليس فيك، وقالوا: إذا لم تستطع أن ترد الجميل فكن أرقى من أن تنكره أو تتنكر له.
والعرب تعد نكران الجميل مخلا بالشرف مذهبا للمروءة، وتعد من ينكر الجميل غير أصيل، فالأصيل هو من يحفظ العهد ويرد الجميل كما علمنا القرآن الكريم فى رد التحية «فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا».
والذى لا شك فيه أن حفظ العهد يسهم فى ترابط المجتمع وتماسك عراه، وأن عدم الوفاء يخل بالأمن المجتمعى ويورث الأثرة والأنانية، وهما من أخطر الأدواء على السلام الاجتماعى.
الأستاذ بجامعة الأزهر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أ د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر صلى الله علیه وسلم ه علیه وسلم ه علیه صلى الل
إقرأ أيضاً:
متى يجوز الصلاة بالحذاء.. اعرف الضوابط الشرعية
الصلاة هي عماد الدين ولها شروط وأركان ينبغي على كل مسلم الالتزام بها لتكون صحيحة. ومن بين شروط صحة الصلاة طهارة البدن والثوب والمكان. ولذا يجب أن يكون المصلِّي على طهارة كاملة، سواء من الحدث الأصغر أو الأكبر، مع ارتداء ملابس نظيفة، وأداء الصلاة في مكان طاهر.
أما عن حكم الصلاة بالحذاء، فقد أوضح الدكتور شوقي علام، المفتي السابق، أن الصلاة بالنعلين جائزة شرعًا بشرط خلوهما من النجاسة.
وأكد أن هذه الرخصة جاءت تيسيرًا على المسلمين، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر: فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما".
وأضاف علام أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي أحيانًا في نعليه، وقد أفرد الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا حول مشروعية الصلاة في النعال. وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سُئل: "أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟"، فقال: "نعم".
هل تجوز الصدقة من فوائد البنوك؟.. الإفتاء: جائز بشرط واحدهل يجوز صيام يوم واحد من الأيام البيض؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعيلكن المفتي أوضح أن هذه الرخصة كانت متعلقة بوقت كان المسلمون يصلون فيه على الرمال والحصى، حيث يصعب عليهم خلع النعال. أما في عصرنا الحالي، فقد أصبحت المساجد مغطاة بالسجاد، مما يجعل الصلاة بالأحذية داخلها غير مقبولة شرعًا بسبب ما قد يعلق بالأحذية من تراب أو أوساخ تتنافى مع قدسية المسجد وتؤذي المصلين.
وشدد على ضرورة تفقد الحذاء قبل الصلاة به، فإذا كان نظيفًا وطاهرًا فلا حرج في الصلاة به خارج المساجد المفروشة، أما داخلها فيجب خلعه للحفاظ على نظافتها وتعظيم قدسيتها. واختتم بالإشارة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور".