لا تصدقوا واقعة الإلهاء هذه
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
فى قصتى هذه إجابتى. بمعنى أن ما تم فى زيارة وزيرة الخارجية الألمانية ونظيرها الفرنسى منذ أيام، ومن أصداء عدم السلام عليها أثناء زيارتها لسوريا وتناول طريقة ملبسها ولونه ووصفها بأنها بعيدة عن البروتوكول وذهب البعض بأنها ربما تكون رسالة تعامل فوقية من الجانب الأوروبى.
فهذه القصة أراها ربما تكون بمثابة ورقة التوت للمداراة على ما يفعله الكيان على أرض سوريا من اغتصاب «فقد جاسوا خلال الديار»، وتوغلوا لعشرات الكيلومترات واقتربوا من دمشق ذاتها، ونعود لما نتناوله فما زالت تلك الزيارة الدبلوماسية الثنائية الفرنسية والألمانية والتى قام بها وزيرا خارجية فرنسا جان نويل بارو ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك فى زيارة لسوريا تثير الجدل وحديث الناس من خلال التحليلات الصحفية والسياسية والتى قفز تناولها إلى منصات التواصل الاجتماعى بكل ما حدث ودار خلال تلك الزيارة من مسير السلطة السورية، فقد احتل الحادث الاشهر فى تلك الزيارة ما سموه برفضه مصافحة وزيرة خارجية ألمانيا وانقسمت التحليلات وثارت التساؤلات.
فمنهم من أرجع عدم مصافحتها لعدم ارتدائها زيا رسميا وتساءل آخرون هل لم يصافحها لكونها امرأة بل خرج البعض منهم بأن مصافحة المرأة ينقض الوضوء وكأننا نتحدث عن رأى الدين فى الصلاة. والوضوء، فهى من أعلنت أنها كانت تعلم بعدم مصافحتها قبل الزيارة بمجرد وصولها إلى سوريا، واعتقد البعض فى تحليلاته أنها ربما تكون رسالة تعامل فوقية، وتذكرنى تلك الزيارة بما قاله شارل ديجول بستينيات القرن الماضى أن لأوروبا عربة يجرها حصانان الألمانى والفرنسى، وبناء على ذلك فلا تصدقوا هذه الفرقعة الاعلامية فدائما الجانى يبحث عن شائعة لإخفاء ما يفعله، فحقا مازال المشهد السورى ضبابيا وعبثيا بل كارثيا يكتنفه السواد من كل جانب ولم تتحدد بعد كل الخطوط العريضة التى تسير عليها أصغر الدول فما بالنا بدولة عريقة بحجم سوريا، ولكن كيف يتحقق ذلك أمام من دخلوا الديار عندما هرب الدكتاتور بشار. ليجدوا وطنا بين غمضة عين وانتباهتها مفتوحة أبوابه على مصراعيه فدخلوا دون مقاومة خلال دقائق وليست ساعات وتبوأوا مقاعد وثيرة بعد أن كانوا مختبئين فى بطون الجبال شاهرى الأسلحة وكانوا يقتلون يمينا ويسارا باسم الدين وعلى مدى سنين قتلوا وسجنوا وعذبوا ومارسوا كل أنواع التعذيب بالإنسان السورى وغيره، بل امتدت أفعالهم هذه والتى ترفضها الأديان والإنسانية، وتطايرت نيرانهم لكل الدول المحيطة بسوريا، فكيف يؤتمن هؤلاء على بلد بحجم سوريا، وكيف تدير هذه التشكيلة التى كان يضمها تنظيم مصنف إرهابيا، وقد باركوا ما يفعله الكيان من اغتصاب واحتلال جزء من سوريا منذ صبيحة هروب الدكتاتور، ودخولهم البلاد دون عناء فكيف يسمى هؤلاء بالثوار، وأين هى الثورة إذن؟
وهل سمعتم يوما أو قرأتم فى كتب التاريخ عن ثوار باركوا ما يفعله الاحتلال؟! لقد استبيحت الأرض وبدأت الإعدامات علنية وهذا هو مناخهم. فكل الأمور حتى الآن لم تتضح وحدود سوريا مفتوحة على مصراعيها واغتصاب أجزاء كبيرة منها مع هروب الطاغية، وحلول تنظيم ولاية الشام بدلا منه وهؤلاء هم أصحاب عمليات القتل الممنهج فأمام الإزاحة القدرية لهذا النظام أفاق المواطن السورى على وجود هذا التنظيم القاتل فى قصر الحكم ولسابق معرفته بهم رضخ المواطن خوفا من اقتناصه أو ربما أملا فى التغيير حتى أصبح حاله كالمستجير من الرمضاء بالنار، وهذه الحالة تذكرنى بأيام ترشيح الإرهابية هنا حيث اندس معاونوهم وسط أفراد الشعب المصرى ليقولوا «فى إيه لما نجربهم» وعندما وصل السجين والخائن وغير ذلك إلى سدة الحكم رفضهم الجميع والحمد لله، الله لا يعود إلينا مثل سنة حكمهم أبدا يارب. فقد كانت سوداء بطعم البلاء فلا تصدقوا قصة رفض هؤلاء مصافحة المرأة وغير ذلك فما هى إلا ملهاة كبيرة حتى ينسى العالم أجمع ردع جيش الكيان على أرض سوريا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بين السطور وزيرة الخارجية الألمانية تلک الزیارة ما یفعله
إقرأ أيضاً:
ظواهر من الحياة
سؤال يدور في ذهني ويعصف بفكري: هل الزمن تغير أم البشر تغيروا؟ سأكتب في مقالي عن بعض الظواهر المعينة والمهمة، وسأتحدث أولًا عن «صلة الأرحام»: صلة الأرحام واجبة، لقوله تعالى في كتابه العزيز: ﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ...﴾ «سورة البقرة: الآية 83».
صلة الرحم هي أقرب إليك في إهداء الكلمة الطيبة، وفي الإنفاق، وفي التصدق، وفي زيارة المريض، وفي نواحٍ كثيرة تستطيع أن تقوم بها، ولكن -للأسف- في هذا الوقت أصبحت قلوب البعض مشحونة بالحقد والحسد والغضب لأقرب الناس، وانقطعت الزيارات بحجة «الظروف»، أيُّ ظرفٍ هذا الذي تستسلم إليه؟ أيُّ ظرفٍ هذا يجعلك قاسي القلب على أخيك أو أختك أو حتى والديك؟
خصص لهم وقتًا واترك الزعل بعيدًا، فإذا كنت قد زعلت منهم لموقفٍ ما، أو سمعت خبرًا لست متأكدًا من صحته، فلا تجعل ذلك حاجزًا بينك وبينهم، امشِ بين الناس محبوبًا، وقدم الخير دائمًا، وواجبك تجاه أهلك أن تصلهم، وتجالسهم، وتشاركهم في أفراحهم وأحزانهم.
في السابق، كان الناس يهتمون بصلة الرحم، ويكثرون من الزيارات في كل وقت، ولم يكن هناك موعدٌ محددٌ لزيارة والديك، أو عمك، أو خالتك، أما الآن، فأصبحت الزيارات تتم بمواعيد مسبقة، وقلت اللقاءات بحجة «الظروف».
الظاهرة الثانية هي: العادات والتقاليد من ناحية «اللباس»، للأسف أشاهد تغيرًا كبيرًا بين عاداتنا وتقاليدنا سابقًا وبين وقتنا الحاضر، لباس الرجال هو الدشداشة العُمانية ذات اللون الأبيض الناصع، وغطاء الرأس هو الكمة أو المِصر، وهنا أتحدث عن أن البعض أصبح يواكب الموضة، ويا لها من موضة غريبة دخيلة سيطرت على عقول شبابنا، أنا شخصيًا أسميه «التقليد الأعمى»، حيث يرتدي كلا الجنسين، الولد والبنت، الملابس الضيقة، والألوان المخلوطة، والرسومات الغريبة، ناهيكم عن تسريحات الشعر.
ومن ناحية أخرى، نجد أن البعض يذهب لتأدية الصلاة بملابس النوم «البجامة»، كيف ذلك؟! لو أتينا وقارنا ذهابك إلى مناسبة مهمة، هل سترتدي هذا اللباس؟ لا، بالطبع ستلبس وتختار أجمل الثياب، وتضع أحلى العطور، للأسف الشديد، هذا هو حال البعض، كان اللباس أو الزي التقليدي مصدر فخر لنا، لا سيما في أيام المناسبات.
الظاهرة الثالثة: «جلوس الأبناء خلف الشاشات الإلكترونية لساعات طويلة»، لا رقيب ولا حسيب! وهذا واقع للأسف يجب الحد منه، والتنويه بخطورته، والانتباه والحذر الحذر، أكيد سمعت، عزيزي القارئ، عن أضرار هذه الظاهرة، وما يعاني منه أبناؤنا من مضار صحية واجتماعية -وخاصة الأطفال- تخيل طفلًا في عمر الأربع سنوات يمسك جوال أحد والديه بحجة أن يصمت ويلهو مع هذا الجهاز السام، بدلًا من صراخه وإزعاجه! أيهما أفضل: إزعاجه وصراخه أم انعزاله بعيدًا عنك، أيها المربي، حتى يصاب بعدة أمراض تفقده للأبد؟!
أطفالكم أمانة، كونوا معهم، وراقبوهم، كانت الأسرة في السابق تجتمع في مكان واحد في البيت، بحب وود وترابط أسري، يستمعون لبعضهم البعض، ويتشاركون أحزانهم وأفراحهم في قالب ممزوج بالتعاطف الأسري، كانوا يتشاركون الأكل في صحن واحد، أما وقت اللعب فكانوا يمارسون الألعاب الشعبية التي تتطلب الحركة والنشاط البدني، يا لها من أيام لن تعود، أما الآن، فقد حلَّت محلها الألعاب الإلكترونية، والجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات، مما تسبب في أمراض العصر المزمنة، وقلة الحركة، واضطراب النوم، حتى ضعفت أجسادهم ومرضت.
وكثيرة هي الظواهر والسلوكيات التي يمارسها البشر في مختلف مجالات الحياة، ولكن يبقى الفكر والتطور هما ما يحددان للإنسان الصواب، ويجعلانه يبتعد عما يسمى بـ«التقليد الأعمى»، ويمارس متطلبات الحياة وفقًا للصواب، سعيًا نحو الأفضل والأحسن.