يختلف النظام الانتخابى الأمريكى المعقد عن النظم الانتخابية الاوروبية المباشرة فعملية تنصيب رئيس الوزراء البريطانى لا تستغرق أكثر من يوم واحد منذ إعلان نتائج الانتخابات العامة وكذلك فرنسا لا يتجاوز الفارق الزمنى بين التصويت وتنصيب الرئيس عتبة العشرة ايام فى حين العرف الامريكى على مدار قرابة قرن تمتد الفترة إلى اربعة اشهر فتقام مراسم التنصيب فى الاول من مارس، لكن سنة 1933 تغيرت التقاليد نتيجة تدهور اوضاع البلاد التى كانت تئن تحت وطأة الكساد الكبير مما استدعى التصديق على التعديل العشرين للدستور الأمريكى، فجرى تقصير هذه الفترة إلى العشرين من يناير للحد من أى فرصة لإثارة أعمال فوضى وزعزعة الاستقرار.
فى مثل هذا التوقيت منذ 4 سنوات تعرضت الديمقراطية الامريكية إلى اختبار عسير كاد يعصف بها إلى قاع الفوضى حينما اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابيتول للحيلولة دون تصديق الكونجرس على نتيجة فوز جو بايدن نشأت تلك الأحداث المثيرة والغريبة إثر مزاعم بحدوث تزوير انتخابى فاضح أدى إلى سرقة فوزه ورفض أكثر من نصف النواب الجمهوريين نتائج الانتخابات لكن سرعان ما انتصرت الحكمة لتعبر النخبة السياسية تلك المحنة الشديدة وخلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة حقق ترامب المكبل بدعاوى قضائية عديدة وتحيز إعلامى فاضح معجزة سياسية بكل المقاييس بعدما نجح فى أن يهزم كامالا هاريس والدولة العميقة معا هزيمة تاريخية ليصبح الرئيس 47 للولايات المتحدة الأمريكية بعدما أعلنت هاريس بنفسها، بصفتها نائبة للرئيس الأمريكى، المصادقة على فوز غريمها خلال جلسة مشتركة لمجلسى النواب والشيوخ. وأكدت أن ترامب حصل على 312 صوتا مقابل 226 صوتا لهاريس، معتبرة ذلك إعلانا كافيا بأهلية ترامب ونائبه جى دى فانس لتولى المناصب القيادية. أبدى كبار المديرين التنفيذيين فى شركات التكنولوجيا والمتبرعون الرئيسيون استعدادهم لتقديم مساهمات مالية كبيرة لدعم تمويل هذا الحدث الأسطورى فجمعت حملة تنصيب ترامب 200 مليون دولار، في حين جمع بايدن نحو 62 مليون دولار لحفل تنصيبه.
تبغض امريكا او تحبها لن يغير من انها أقوى امبراطورية فى التاريخ الحديث بعدما ورثت الامبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس التى سيطرت على مستعمرات ما وراء البحار ومحميات وانتداب فى كل ارجاء قارات العالم الخمس لكنّ العبء الاقتصادى الكبير للحرب العالمية الأولى أثقل كاهلها ففقدت بريطانيا سيطرتها تدريجيا على مستعمراتها فكانت بداية النهاية لكن واشنطن أقامت إمبراطورية تعتمد فى المقام الأول على السيطرة المؤسساتية بدل السيطرة الجغرافية، وهذا يعد مفهومًا جديدًا نسبيًا فى عالم السياسة. فأنشأت الأمم المتحدة، وأقامت مجموعة من المؤسسات والمعاهدات الدولية تحت مظلة تلك المنظمة الدولية. هذه الدعائم الهدف منها أن تحظى المصالح الأمريكية بالأولوية.
اكتسب ترامب مهارات تمثيلية مقنعة من خلال عمله فى مجال البرامج التليفزيونية واختلاطه الدائم مع نجوم هوليوود حتى انه مثل فى احد الأفلام الشهيرة وفى معترك السياسة يتمادى بلعب دور الرئيس المجنون الأحمق الذى لا تتوقع ردود أفعاله لذا يخشاه الجميع ويدينون له بالولاء سياساته المباغتة والخشنة تثير حفيظة حلفائه واصدقائه وتبث الرعب فى نفوس خصومه وهو سعيد جدا بهذا الانطباع الزائف عن صورته الذهنية والتى هى بخلاف الحقيقة لكن على ما يبدو أن تصنع الجنون نجح نجاحا باهراً فى جعل خصومه يقدمون تنازلات كبيرة ما كانت لتحدث بالوسائل التقليدية.
أسلوب ترامب البراجماتى الصادم يذكرنى بمأساة الإمبراطور الرومانى المجنون كاليجولا والذى بالمناسبة حكم لمدة اربع سنوات فقط.
انتهت بقتله شر قتلة بعدما قرر تعيين حصانه عضو فى مجلس الشيوخ، اعتقد أن عقدة العظمة هى أخطر تحدٍّ يقابله الإمبراطور ترامب بعد تنصيبه فهناك مخاوف جدية بأن يتحول إلى طاغية فهناك مؤشرات تدل على انه مصاب بمرض جنون العظمة فهو يختزل كل شيء فى شخصيته، ويرى العالم من خلالها. فهو المركز والنقطة المحورية لكل ما يدور حوله. ربنا يستر
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الانتخابية الاوروبية ا
إقرأ أيضاً:
أول مائة يوم من حكم ترامب.. الرئيس الأمريكي يدمر السياسات العالمية
اعتبرت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الصادر اليوم الثلاثاء، الرئيس الأمريكي سببا من أسباب الدمار السياسي على المستوى الدولي.
قالت المنظمة في تقرير “حالة حقوق الإنسان في العالم” إن الضرر الذي أحدثه ترامب ومازال يفعله كبير .
واعتبرت أن من السمات البارزة" لأول 100 يوم من حكم ترامب" هو تدمير كل ما جرى خلال عقود.
وذكرت المنظمة أن إجراءات ترامب للتراجع عن المكاسب المحققة في مكافحة الفقر العالمي والعنصرية وغيرها من أولويات حقوق الإنسان لم تبدأ مع إدارته الثانية إلا أن الرئيس الأمريكي "يسرّع" الجهود لعكس تلك المكاسب.
ويأتي هذا التقرير ليعبر عن انضمام العدل الدولية إلى رأي غيرها من المنظمات والمؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي الذي اعتبر رسوم ترامب سبب في تراجع النمو في العالم لسنة 2025.
وصرّحت يوليا دوخرو، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية في ألمانيا، خلال عرضها للتقرير السنوي للمنظمة الحقوقية، بأن إعادة انتخاب ترامب تُشكّل خطرا يتمثل في "نهاية القواعد والمؤسسات التي أُنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لضمان السلام والحرية والكرامة لجميع شعوب العالم".
وأضافت دوخرو: "بعد مرور مئة يوم على تولي الإدارة الأمريكية الجديدة، تصاعدت الاتجاهات السلبية التي شهدناها في السنوات الأخيرة"، محذرة من أن تقليص "المساعدات الإنسانية يعرض ملايين الأشخاص للخطر".
وفي الولايات المتحدة، من المقرر أن يتم تفكيك وكالة التنمية الدولية، وهي جهة ذات أهمية خاصة بالنسبة لإفريقيا، بحلول الأول من يوليو.
وعلى الصعيد الدولي، أشارت دوخرو إلى وجود اتجاه متزايد يتمثل في أن انتهاكات حقوق الإنسان "لم تعد تُنفى أو تُخفى، بل يتم تبريرها علنا".
وشددت دوخرو على أن هناك تصاعدا ملحوظا في عدد النزاعات على مستوى العالم.
ويُوثق التقرير السنوي، الذي يرصد الأوضاع في 150 دولة، "إجراءات وحشية" لقمع المعارضة، غالبا ما تنطوي على سقوط ضحايا من المدنيين في النزاعات المسلحة، إلى جانب قصور في الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ.