عوده: كيف تستقيم الأمور في دولة بلا رأس؟
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
بعد قراءة الإنجيل المقدس ألقى عوده عظة قال فيها: "سمعنا اليوم مثل "العبد الشرير" أو "العبد الظالم". يأتي هذا المثل بعدما طلب الرب من بطرس، ومعه جميع البشر، أن يصفحوا عمن أخطأ إليهم سبعين مرة سبع مرات.
أضاف: "العبودية الحقيقية لله نجدها عند شخصين، الأول نعيد له اليوم هو النبي صموئيل الذي عاش منذ طفولته في الهيكل، وقد ناداه الرب فأجاب: "تكلم يا رب فإن عبدك سامع" (صم 3: 9). جعل الله صموئيل وسيطا له بين الناس ليؤكد لشعبه أنه لا ينساهم ولا يهمل خلاصهم، وسيبسط قضاءه العادل عليهم لمحاسبة الخطأة والظالمين. أرسل الله عبده صموئيل ليحارب الفساد في الشعب، بدءا من رؤساء هذا الشعب، من الهيكل عينه، حيث نشر إبنا الكاهن "عالي" المدعوان "حفني" و"فنحاس خطيئة الزنى عند باب خيمة الاجتماع (2: 23). لم يصمت صموئيل بل واجه عالي وأخبره بما سيحل ببيته من أجل الشر الذي فعله ابناه، كما قال له الرب".
وتابع عوده: "حبذا لو يتشبه مسؤولو هذه الأرض بخالقهم خصوصا من ناحية محاربة الفساد، إذ لا محاباة للوجوه لدى الرب، وعدله حاصل. الله عادل، ويبدأ بالمحاسبة من أهل بيته، إذ هكذا يكون العدل الحقيقي. والنبي صموئيل لم يخف من إحقاق عدل الله، لأن الله معه ويعضده. كان مثالا للطاعة وسماع كلمة الله، والشجاعة في نشر العدل الإلهي وعدم المساومة عليه، الأمر الذي نأمل تحقيقه لدى كل مسؤول أرضي، خصوصا في هذا البلد الذي يفتقر إلى أدنى مقومات العدل ولا يكترث لا لحقيقة ولا لعدالة. ماذا يمنع مسؤولي بلادي، وكل من بيدهم سلطة، بل ماذا يمنع كل إنسان عن قول الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، في كل ظرف وأمام أي كان؟ وإن نطق بالصدق وأعلن الحقيقة هل يلام أو يعاقب؟ وهل يجوز تخوينه أو ترهيبه؟ وهل تلام مؤسسة إعلامية إن هي نقلت الحقيقة؟ أليس هذا دورها، بل واجبها؟ وماذا يمنع القضاء عن تحقيق العدالة في كل قضية ترفع إليه لو لم يكن يرزح تحت ضغوط سياسية؟".
وقال: "الشخص الثاني الذي يعلمنا المعنى الحقيقي للعبودية لله وطاعته هو والدة الإله الفائقة القداسة مريم، التي عيدنا لرقادها منذ أيام، ومكانتها عظيمة في قلوب المؤمنين، وفي الوجدان الكنسي. نتعرف على مريم في العهد الجديد أنها "عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف" (لو 1: 27)، وأنها "وجدت نعمة عند الله" (1: 30). والدة الإله كانت مؤمنة حقيقية وضعت حياتها بين يدي الرب معتبرة نفسها "أمة"، أي عبدة له (1: 38)، كما أنها حفظت كل شيء حدث معها أو أمامها في قلبها (2: 19)، قبل الولادة وبعدها وعند مرافقتها لابنها نحو الصلب والموت، لأنها آمنت بأن كل شيء يقوم به ابنها وإلهها هو لخير البشرية بأسرها، وقد تكلل حقا بالقيامة وإقامة الجنس البشري من موت الخطيئة. كانت مثالا للمؤمن الحقيقي، لعبد الله الحقيقي، الذي يضع كل شيء بين يدي خالقه. وانطلاقا من الكتاب المقدس، نجد أن ذكر العذراء مريم ليس قائما بذاته، بل هو مرتبط دوما بالإله المتجسد منها، الرب يسوع المسيح، الأمر الذي علينا أن نتعلمه منها، أي أن نعتبر كل شيء في حياتنا مرتبطا بالله، فنشكره على كل خير وصلاح، ونتعلم من كل سوء طالبين معونته في منحنا الصبر والاحتمال".
وشدد على ان "اللبناني بحاجة إلى صبر كبير وإلى صلاة مستمرة لكي يحتمل صعوبة العيش في هذا البلد المفكك الذي لا رأس يقوده، ولا حكومة تعمل من أجل إنقاذه، ولا مجلس نواب يعي مسؤوليته وواجبه في انتخاب رئيس من أجل بدء مسيرة الإنقاذ. فالدولة التي تدرك دورها تحترم مواطنيها وتسعى جاهدة لتأمين الحياة الكريمة لهم عبر الخدمات الضرورية والأمان والاستقرار والعدالة، ثم بعد تأمين حقوقهم تطلب منهم القيام بواجباتهم. عندنا، لا يحصل المواطن على أدنى حقوقه وهو مطالب بأن يقوم بواجباته تجاه دولته التي لا تفوت فرصة دون تحميله أعباء إضافية فيما أمواله محجوزة وهو في الضيق. والمضحك المبكي أن المواطن الراغب في القيام بواجبه كدفع ما يتوجب عليه مثلا من رسوم وضرائب لا يجد إدارة تعمل ولا موظفا يداوم، لكنه قد يفاجأ بحجز سيارته بحجة عدم دفع الرسوم المتوجبة عليها في الإدارة المغلقة الأبواب، أو بالغرامات تتراكم عليه بسبب التأخير. أليس هذا قهرا للمواطن؟ كذلك يلوحون بزيادة الرسوم والضرائب. ماذا قدموا للشعب؟ وأين الإصلاحات التي سئمنا تكرار الحديث عنها. أين الوعود؟ وكيف تستقيم الأمور في دولة بلا رأس، وبحكومة مستقيلة، وبمجلس نيابي مشرذم؟ السنة الدراسية على الأبواب، والأحمال على أكتاف الأهل ثقيلة، والوضع الإقتصادي ما زال مترديا، وقدرة اللبنانيين على التحمل أصبحت ضعيفة. هل فكر المسؤولون بهذا الوضع؟ ألم يحن الوقت بعد لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة تتولى إيجاد الحلول؟".
وختم عوده: "إن الكلام على وضع بلدنا كما على الأنبياء والقديسين وعلى والدة الإله خصوصا يطول، إلا أن الكلام يبقى كلاما عاطفيا إن لم يقترن بالفعل، أي إن لم نتعلم كيف نحوي الإله في داخلنا، وننقله إلى العالم أجمع، لخلاص الكل. لذلك، من الجيد أن نتعلم عن القديسة والدة الإله، وجميع القديسين، لكن الأعظم أن نتشبه بهم ونسير على خطاهم، هم البشر الذين تألهوا، ولا نتعلل بعلل الخطايا، قائلين إننا بشر ضعفاء لا نستطيع الوصول. لقد أثبتوا لنا بحياتهم أننا نستطيع، لذا علينا أن نبدأ جهادنا الروحي فورا، وبلا تقاعس، كي لا نكون عبيدا بطالين نخسر كل ما لدينا بسبب خطايانا. فلنقل مع النبي صموئيل: "تكلم يا رب فإننا نسمع"، ومع والدة الإله: "إننا عبيد للرب فليكن لنا بحسب قوله"، لكي نصل إلى الخلاص والحياة الأبدية، آمين".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: کل شیء
إقرأ أيضاً:
السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: الحدث الذي حصل من يومين سيؤثر على المسيرة، وسنعيد ترميم الأوضاع إن شاء الله بقدر ما نستطيع، وتم تشكيل لجنة للمحافظة على السلم الأهلي والمصالحة بين الناس لأن الدم يأتي بدم إضافي
2025-03-10SAMERسابق السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: لا نقبل أن يكون هنا قطرة دم تسفك بغير وجه حق أو أن يذهب هذا الدم سدى دون محاسبة أو عقاب، مهما كان حتى لو كان أقرب الناس إلينا وأبعد الناس إلينا، لا فرق في هذا الأمر، الاعتداء على حرمة الناس، الاعتداء على دمائهم أو أموالهم، هذا خط أحمر في سورياالتالي السيد الرئيس أحمد الشرع يؤكد في مقابلة مع وكالة رويترز أن موالين للأسد ودولة أجنبية متحالفة هم من أشعلوا فتيل الاشتباكات لإثارة الاضطرابات وخلق الفتنة الطائفية لكي يصلوا إلى حالة من زعزعة الاستقرار والأمان في داخل سوريا انظر ايضاًالسيد الرئيس أحمد الشرع يؤكد في مقابلة مع وكالة رويترز أن موالين للأسد ودولة أجنبية متحالفة هم من أشعلوا فتيل الاشتباكات لإثارة الاضطرابات وخلق الفتنة الطائفية لكي يصلوا إلى حالة من زعزعة الاستقرار والأمان في داخل سوريا
آخر الأخبار 2025-03-10السيد الرئيس أحمد الشرع في مقابلة مع وكالة رويترز: سوريا دولة قانون، والقانون سيأخذ مجراه على الجميع، ونحن بالأساس خرجنا في وجه هذا النظام وما وصلنا إلى دمشق إلا نصرة للناس المظلومين 2025-03-10ضمن حملة رمضان الخير.. أكثر من 56 ألف مساعدة غذائية للأسر المحتاجة بالمحافظات 2025-03-10الاتحاد الأوروبي يدين هجمات فلول النظام البائد في الساحل ويدعو لاحترام سيادة سوريا ووحدتها 2025-03-10تشييع 5 شهداء في حماة من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام ارتقوا بكمائن غادرة لفلول النظام البائد 2025-03-10مدير العلاقات العامة في وزارة الإعلام لـ سانا: ننفي الشائعات التي تنشرها وسائل إعلام إيرانية حول هروب أبناء الطائفة العلوية في دمشق إلى السويداء، ونؤكد أن الخبر ضمن سياق الحرب الإعلامية التي تستهدف سوريا الجديدة ووحدتها 2025-03-10استمرار عمليات إيصال الدقيق التمويني إلى المخابز في اللاذقية وطرطوس 2025-03-10الحياة الطبيعية تعود إلى معظم أحياء مدينة اللاذقية 2025-03-10الهلال الأحمر السوري يؤكد استمرار تقديم خدماته في اللاذقية وطرطوس وحماة 2025-03-10مركز الاختبارات والأبحاث الصناعية: جهوزية عالية لضمان جودة المنتج الوطني 2025-03-10نائب الرئيس التركي: فلول النظام البائد لن تتمكن من عرقلة التحول التاريخي في سوريا
صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |