لماذا يرى محللون أن وقف إطلاق النار بغزة انتصار سياسي للمقاومة وإخفاق للاحتلال؟
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
ما زالت المحادثات بشأن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة مستمرة اليوم الخميس في العاصمة القطرية الدوحة، وسط تفاؤل وترحيب من الفلسطينيين، في حين رأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الاتفاق غير مكتمل.
وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أعلن أمس الأربعاء التوصل للاتفاق وعرض بنوده الرئيسية في مؤتمر صحفي بالدوحة.
وشمل الاتفاق بنودا عدة يتم تحقيقها على 3 مراحل، مدة كل منها 42 يوما، ويأتي في مقدمة هذه البنود وقف إطلاق النار الذي سيدخل حيز التنفيذ الأحد القادم، وإفراج إسرائيل عن نحو ألفي أسير بينهم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد، ونحو ألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وسرعان ما أثار الإعلان عن التوصل لهذا الاتفاق ردود فعل عالمية وإقليمية، رحب أغلبها بنجاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والحكومة الإسرائيلية في الوصول إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد أكثر من 15 شهرا من العدوان الإسرائيلي.
إخفاقات إستراتيجية
وتعددت القراءات التي ناقشت تفاصيل البنود التي شملها الاتفاق عبر مراحله الثلاث، خاصة النتائج السياسية المترتبة على هذا الاتفاق وما يتعلق باليوم التالي في حكم غزة، وكذلك مدى تحقيق الأهداف التي أعلنها الجيش الإسرائيلي في اليوم الأول من هذه الحرب.
إعلانفالباحث الإسرائيلي المختص في شؤون الشرق الأوسط باروخ يديد قال -في منشور له على صفحته في موقع "إكس"- إن الخط الدعائي الذي تقوده حماس الآن، وفي اليوم التالي للحرب لتثبيت انتصارها -حتى لو كان ظاهريا- يرتكز على الإخفاقات الإستراتيجية الخمسة التي مُنيت بها إسرائيل، وهي:
فشلت إسرائيل في تدمير البنى التحتية الحكومية لحماس. فشلت إسرائيل في إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس. فشلت إسرائيل في تهجير سكان قطاع غزة إلى خارجه. فشلت إسرائيل في الانتصار العسكري على حماس. وفوق كل ذلك، فشلت إسرائيل في اقتلاع حماس من سيناريو "اليوم التالي" بعد الحرب على غزة. وثيقة من بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس (الجزيرة) أعمدة الاتفاقالنظرة العامة السابقة يذهب إليها أيضا الباحث في العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية عبد الله العقرباوي، إذ يرى أن الأعمدة الأساسية للاتفاق، وهي: انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وإنهاء القتال، وإيقاف الحرب، وعودة النازحين وضمان إغاثتهم، وصفقة التبادل، تمثل مطالب المقاومة الفلسطينية العملية التي سبق أن أعلنتها حماس منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وأضاف العقرباوي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن هذه الأعمدة الأساسية هي نفسها التي قام عليها إطار باريس، والتي تطورت إلى مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن، ثم أصبحت بعد ذلك ورقة التفاوض التي تم إقرارها أمس الأربعاء في الدوحة.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية أن من أهم المزايا في هذا الاتفاق المعلن أنه يمثل "حزمة واحدة" لكن يتم تطبيقها على 3 مراحل، وهذا ما أصرت عليه حركة حماس، في حين كان يريد المفاوض الإسرائيلي أن يفاوض في كل مرحلة بمعزل عن الأخرى.
وربما هذه التفاصيل هي التي عقدت التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، لا سيما أن المقاومة كانت مصممة على التحقق من كل التفاصيل. ولذلك يضرب العقرباوي مثالا على ذلك ببند خرائط الانسحاب من قطاع غزة، فإسرائيل كانت تريد الانسحاب إلى حد ألف متر، لكن عمليا سيظل وجودها داخل القطاع في بعض المناطق خاصة مع تهدم أحياء كاملة من القطاع، لكن حماس أصرت على تعديل ذلك وأصبح نحو 600 متر فقط، وهو ما يضمن ابتعاد جيش الاحتلال عن المناطق المكتظة بالسكان.
شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (مواقع التواصل) أثمان سياسيةويتطرق إلى الأبعاد السياسية الأخرى الباحث في الشؤون السياسية محمد غازي الجمل، فيرى أن إسرائيل عجزت عن تحقيق أهم المطالب المعلنة التي سعت لها منذ بدء الحرب، ويأتي في مقدمتها عدم تمكنها من إحداث تغيير جغرافي أو ديمغرافي في قطاع غزة عبر تهجير سكانه.
إعلانوأضاف الجمل -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن الاحتلال الإسرائيلي لم يستطع أن يثبت شرعية بقائه داخل القطاع، ولم يستطع فرض شكل النظام السياسي لليوم التالي من الحرب، بل اضطر إلى التفاوض وعقد اتفاق سياسي مع المقاومة الفلسطينية.
وفي المقابل، ألحقت إسرائيل ضررا واسعا بالشعب الفلسطيني في قطاع غزة وجميع البنى التحتية، لكنهت تلقت أيضا ضربة كبرى لمكانتها الدولية وتراجع مشروع التطبيع، وأحدثت جرائمها تأثيرا كبيرا في فكر الشعوب العربية والمسلمة وأحرار العالم تجاه دولة الاحتلال، حسب الباحث في الشؤون السياسية.
ويختم الجمل تصريحاته بأن هذه المرحلة المصيرية ستكون إضعاف الاحتلال واستنزافه، لأن اضطراره إلى استخدام هذه القوة المفرطة والتوحش هو تراجع له واستنزاف لشرعيته الدولية، "وهذا هو دور المقاومة في كل مكان وفي كل زمان في مواجهة أي احتلال، فدور المقاومة هو رفع كلفة الاحتلال وصولا إلى إزالته، ولا يُتوقع أن تكون فلسطين استثناء من ذلك".
وعلى مدى 467 يوما، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، راح ضحيته نحو 47 ألف شهيد وأكثر من 110 آلاف إصابة، فضلا عن عدد غير معلوم من المفقودين تحت ركام منازلهم، حسب بيانات وزارة الصحة في غزة أمس الأربعاء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فشلت إسرائیل فی وقف إطلاق النار الباحث فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تامر المسحال يكشف تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة
كشف الإعلامي بقناة الجزيرة تامر المسحال تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، المتوقع الإعلان عنه خلال ساعات قليلة.
ووفق مصادر الجزيرة التي تحدثت للمسحال، فإن الاتفاق يتضمن إشراف قطر ومصر على عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى الشمال، إضافة إلى أن الانسحاب من محور نتساريم سيكون على مراحل، وسينسحب جيش الاحتلال أيضا إلى حدود غزة بعمق 700 مترا.
وسيتم الإفراج خلال المرحلة الأولى من الاتفاق على 33 أسيرا إسرائيليا، في حين ستفرج إسرائيل خلال المرحلة الأولى عن قرابة ألفي أسير بينهم 250 من ذوي المؤبد، وكذلك من بينهم قرابة ألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأكد تامر المسحال أن إسرائيل تحفظت على أسماء كبار الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وستخفف القوات الإسرائيلية وجودها في محور فيلادلفيا ثم ستنسحب منه بشكل كامل لاحقا على مراحل، وفق مصادر الجزيرة، التي قالت إنه من المتوقع بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة خلال يومين أو ثلاثة من إعلان التوقيع عليه.
ويتضمن الاتفاق موافقة إسرائيل على فتح معبر رفح بين قطاع غزة ومصر بعد 7 أيام من بدء تطبيق المرحلة الأولى، إضافة إلى بروتوكولا إغاثيا وإنسانيا خلال المرحلة ذاتها بإشراف الوسطاء، مع السماح بسفر جرحى قطاع غزة للعلاج في الخارج.
إعلانوحسب الاتفاق، فإن تم التوافق على تشكيل لجنة مصرية قطرية تشرف على عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله، في وقت تطالب فيه حماس بضمانات بوضع جدول زمني محدد لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في قطاع غزة.
ومن المتوقع أن يعقد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مؤتمرا صحفيا لإعلان التواصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وكانت حماس قد أعلنت مساء اليوم الأربعاء تسليم وفدها الوسطاء القطريين والمصريين موافقتها على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وأكدت حماس أنها تعاملت بكل مسؤولية وإيجابية "انطلاقا من مسؤوليتنا تجاه شعبنا الصابر بوقف العدوان عليه، ووضع حد للمجازر".
وقبل انعقاد المؤتمر، التقى رئيس وزراء قطر بمفاوضي حماس ووفد إسرائيل -في اجتماعين منفصلين- لإعطاء دفعة نهائية لمساعي وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى المحتجزين.
كذلك أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب التوصل لصفقة تبادل بشأن الأسرى في الشرق الأوسط، مؤكدا أنه سيتم إطلاق سراحهم قريبا.
بدورها، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أُبلغ بإنجاز صفقة تبادل الأسرى، في وقت قال فيه وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر إنه من المتوقع أن تصوت الحكومة الإسرائيلية على اتفاق غزة غدا الخميس.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن التوصل لاتفاق بشأن غزة "قد يتحقق ذلك خلال الساعات المقبلة"، مشيرا إلى أن الاتفاق سيكون على أساس الخطة التي طرحها الرئيس جو بايدن في مايو الماضي.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حربا غير مسبوقة على قطاع غزة خلفت أكثر من 156 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
إعلانوفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 نفذت كتائب القسام هجوما كبيرا على قواعد وثكنات ومستوطنات غلاف غزة، وقتلت مئات الجنود والضباط الإسرائيليين.
وكذلك أسرت القسام ما لا يقل عن 240 إسرائيليا، وقد أطلق ما يزيد على 100 منهم خلال هدنة إنسانية مؤقتة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، في حين قُتل العشرات من الأسرى المحتجزين في غزة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من 15 شهرا.