الإعلام بين الأزمات والحلول
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
الإعلام هو السلاح الذى يسبق الطلقات الأولى فى كل أزمة عبر التاريخ، حيث لعب الإعلام دورًا حاسمًا فى تشكيل الوعى الجمعى سواء لخدمة الحقائق أو تشويهها، بدءًا من الحروب التقليدية إلى المعارك الفكرية، كان الإعلام أداة للدعاية والبروباجاندا، وأحيانًا وسيلة للإثارة العاطفية التى تؤجج الصراعات بدلًا من تهدئتها.
عندما نتأمل تأثير الإعلام، نجد أنه غالبًا ما يبدأ بصياغة روايات تتجاوز الحقيقة مستغلًا أدوات مثل الكذب والتضليل والإشاعة وغسيل الدماغ، تصنع هذه الأدوات صورًا زائفة للواقع، ما يؤدى إلى تلوين الرأى العام ودفعه نحو مواقف تخدم مصالح معينة على حساب الحقيقة.
ولم تكن الحروب السياسية أو الاقتصادية لتصل إلى ذروتها دون دور الإعلام فى إشعال فتيلها، حيث التلاعب بالمعلومات، تضخيم الأحداث، واستغلال العواطف هى آليات تُمكن الجهات الفاعلة من خلق أزمات عابرة للحدود، حتى الذباب الإلكترونى أصبح لاعبًا مؤثرًا فى توجيه النقاشات، سواء لإشعال الخلافات أو لإخماد أصوات الحق.
هذا يجعلنا نتساءل: إذا كان الإعلام هو أداة الأزمات، فهل يمكن أن يكون أيضًا أداة للحلول؟
اليوم، تواجه مصر تحديات داخلية وخارجية تتطلب إعلامًا قويًا ومهنيًا قادرًا على التصدى للضغوط وصناعة وعى عام واعٍ، فى وقت بات فيه الإعلام التقليدى والحديث فى مصر يعانيان من تحديات عدة منها غياب المهنية والميل نحو الإثارة بدلًا من التوعية، وانتشار الشائعات واكتساب الأخبار الزائفة زخمًا أكبر من الأخبار الحقيقية، بإلإضافة إلى ضعف القدرة على التأثير الدولى رغم دور مصر المحورى فى المنطقة الا ان صوتها الإعلامى لايزال بحاجة إلى تطوير ليواكب التحديات الدولية.
إذن هل نحتاج إلى إعلام قوي؟
الإجابة بسيطة: نعم، وبشدة، فالإعلام القوى لا يعنى فقط مواجهة الأكاذيب، بل بناء وعى يرسخ القيم الوطنية ويروج للحوار البناء، إعلام مهنى واحترافى يساهم تصحيح المفاهيم المغلوطة عبر تقديم الحقائق والتحقق منها، بجانب مواجهة الحملات المعادية بتقديم رواية متماسكة تعكس الواقع المصرى، وتعزيز الانتماء الوطنى من خلال تسليط الضوء على الإنجازات والتحديات بشكل موضوعى، وخلق خطاب عقلانى يُبعد الجمهور عن الاستقطاب العاطفى ويقودهم نحو التفكير النقدى.
وفى النهاية أؤكد أن الإعلام سلاح ذو حدين، يمكن أن يكون خنجرًا يُغرس فى خاصرة الحقيقة أو درعًا يحمى الوطن من التحديات، وفى ظل الظروف الراهنة تحتاج مصر إلى إعلام قوى ومهنى يعكس تطلعاتها، يحمى هويتها، ويواجه التحديات بأدوات احترافية.
فهل نحن على أعتاب مرحلة جديدة من الإعلام المصري؟ هذا السؤال يتطلب إجابة فعلية على أرض الواقع، لأن الكلمة ليست مجرد وسيلة، بل قوة قادرة على بناء أو هدم الأمم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإعلام الأزمات والحلول إعلام ا
إقرأ أيضاً:
مطورو المصادر المفتوحة يتصدون لـ روبوتات الذكاء الاصطناعي بطرق ذكية
في عصر الذكاء الاصطناعي المتسارع، أصبحت روبوتات الزحف الإلكتروني بمثابة "الصراصير الرقمية" التي تجتاح الإنترنت، ما دفع مجتمع المطورين للبحث عن أساليب مبتكرة لحماية منصاتهم ومحتوياتهم من الاستنزاف غير المشروع.
الزحف العنيفلا تقتصر تأثيرات روبوتات الذكاء الاصطناعي على المواقع التجارية فحسب، بل تمتد بشكل خاص إلى مطوري البرمجيات مفتوحة المصدر (FOSS)، حيث أن منصاتهم غالبًا ما تكون مكشوفة وأكثر عرضة للاستهداف بسبب طبيعتها الشفافة وقلة الموارد المخصصة لحمايتها.
وصف المطور نيكولو فينيراندي، صاحب مدونة LibreNews، المشكلة بأنها "أزمة" في مجتمع البرمجيات مفتوحة المصدر، حيث تستهلك روبوتات الذكاء الاصطناعي موارد الخوادم بشكل مفرط وتتسبب في توقف بعض المواقع عن العمل.
لمواجهة هذه التهديدات، قام المطور Xe Iaso بتطوير أداة مبتكرة أطلق عليها اسم "أنوبيس"، وهو نظام للتحقق من صحة طلبات الوصول قبل السماح لها بالمرور إلى الخادم.
ويعتبر الهدف من هذه الأداة هو تصفية الطلبات الحقيقية من المستخدمين البشريين وحجب طلبات الروبوتات غير المرغوب فيها.
الطريف أن الاسم "أنوبيس" مستوحى من إله الموتى في الحضارة المصرية القديمة، الذي كان يزن قلوب الموتى للحكم على مصيرهم، وهو ما يعكس آلية عمل الأداة التي تختبر صلاحية كل طلب قبل السماح له بالمرور.
قصص من ساحة المعركةيؤكد العديد من المطورين أن هذه المشكلة باتت تؤثر على مشاريعهم بشكل مباشر:
صرح درو ديفولت، المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة SourceHut، بأنه يقضي ما بين 20% إلى 100% من وقته في التعامل مع هجمات زحف الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن موقعه يتعرض لعشرات الانقطاعات يوميًا بسبب هذه الروبوتات.
فيما أكد جوناثان كوربيت، المطور الشهير ومؤسس موقع LWN المتخصص في أخبار Linux، أن موقعه يعاني من بطء شديد بسبب الهجمات الشرسة من روبوتات الذكاء الاصطناعي.
بينما اضطر كيفن فينزي، المشرف على مشروع Linux Fedora، إلى حظر جميع عناوين IP القادمة من البرازيل بالكامل لمنع هجمات هذه الروبوتات.
الانتقام الرقميإلى جانب "أنوبيس"، بدأ بعض المطورين في تبني أساليب "انتقام رقمي" ضد روبوتات الزحف، مثل، Nepenthes، أداة تم تطويرها من قبل شخص مجهول وتقوم بحبس الروبوتات في دوامة من المحتوى المزيف حتى تتوقف عن العمل.
و أداة AI Labyrinth، أداة جديدة من Cloudflare تعمل على إرباك الروبوتات وإضاعة مواردها عن طريق تزويدها بمحتوى غير ذي قيمة.
هل يمكن وقف هذا الزحف؟رغم الجهود المتزايدة لمكافحة روبوتات الذكاء الاصطناعي، لا تزال المشكلة قائمة، حيث إن هذه الروبوتات أصبحت أكثر تطورًا وقادرة على التحايل على أنظمة الحماية مثل robots.txt.
يرى بعض المطورين، مثل درو ديفولت، أن الحل الجذري يكمن في وقف استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على هذه البيانات المسروقة.
لكن في ظل استمرار الشركات الكبرى في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي، يبدو أن معركة المطورين ضد الزحف الرقمي لن تنتهي قريبًا، بل ستتخذ أشكالًا أكثر إبداعًا في المستقبل القريب.