بعد التوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، بجهود من مصر وقطر والولايات المتحدة، وصف أستاذ تاريخ العمارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مارك جارزومبيك، ما حدث في غزة بأنه «شيء لم يشهده من قبل في تاريخ التخطيط الحضري، وأن التدمير ليس للبنية الأساسية المادية فقط بل إنه تدمير للمؤسسات الأساسية للحكم والشعور بالحياة الطبيعية».

تكلفة باهظة

ونشر أستاذ العمارة تقريرًا قال فيه إن «تكلفة إعادة الإعمار ستكون باهظة للغاية، ويجب أن تكون مواقع البناء بهذا الحجم خالية من الناس، ما يؤدي إلى موجة أخرى من النزوح؛ وبغض النظر عما يفعله المرء، فإن غزة ستظل تكافح هذا الأمر لأجيال».

وكان جارزومبيك قد درس إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية، وقارنها بالوضع في غزة، التي شهدت تدميرًا غير مسبوق على مدى الـ15 شهرًا الماضية جراء الحرب الإسرائيلية، حسب ما نشرته «سكاي نيوز» البريطانية.

إعادة الإعمار تعدت الـ120 مليار دولار

وأكد مدير عام دائرة حقوق الإنسان في منظمة التحرير الفلسطينية، قاسم عواد، أن تكلفة إعادة الإعمار في قطاع غزة تعدت الـ120 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الخسائر البشرية التي تكبدها الشعب الفلسطيني بعد 15 شهرًا من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لا يمكن تعويضها، فهناك أكثر من 45 ألف شهيد وعشرات الآلاف من المصابين، بالإضافة إلى الخسائر المادية التي تخطت 118 مليار دولار، موضحًا أن 90% من المنازل في غزة دُمرت سواء بشكل كلي أو جزئي، فضلًا عن خروج 16 مستشفى عن الخدمة بشكل كلي وبحاجة إلى إعادة تأهيل.

حاجة السكان أولوية قصوى

وأوضح قاسم عواد أن هناك توجيهات من منظمة التحرير الفلسطينية بأن يتم التعامل مع احتياجات المواطنين في قطاع غزة كأولوية قصوى، مشيرًا إلى أنه تم التنسيق من خلال الهلال الأحمر المصري والهلال الأحمر الفلسطيني من أجل حشد كميات ضخمة من الشاحنات لبدء إدخالها إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى توريد الأدوية عبر وزارة الصحة الفلسطينية وتوريد مستشفيين عاجلين لإقامتهما بشكل ميداني للاستجابة لحاجة المواطنين.

تم تدمير أكثر من 300 ألف منزل

وقال «قاسم» إنه تم التعميم عبر سفاراتنا الفلسطينية في كل مكان عن الاستعداد لاستقبال أي من أبناء شعبنا في غزة بحاجة إلى تدخل طبي عاجل، أو نقلهم إلى المستشفيات المقامة في الضفة الغربية. وأشار إلى أن من أبرز الأولويات والاحتياجات لقطاع غزة لليوم التالي لبدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار هو ضرورة إدخال كميات مناسبة من المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب، وصولًا إلى مراكز لإيواء المواطنين الفلسطينيين الذين دُمرت منازلهم، حيث تم تدمير أكثر من 300 ألف منزل في غزة.

وشدد على أن الوضع الإنساني في غزة كارثي ويتطلب ضخ كميات كبيرة وكافية من الأدوية التي فقدت على مدار الـ15 شهرًا الماضية، بالإضافة إلى بناء مستشفيات ميدانية وإمداد المواطنين الفلسطينيين بالخيام والكرفانات اللازمة لإيوائهم، وتنظيم كيفية عودة الطلاب الفلسطينيين إلى مدارسهم بعد انقطاع فترة طويلة عن الدراسة.

بيان منظمة الصحة العالمية

أما عن القطاع الطبي، فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانًا أكدت فيه أن إعادة بناء النظام الصحي بعدما دمره الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة خلال السنوات المقبلة تتطلّب 10 مليارات دولار، وذلك حسب ما نشرته «القاهرة الإخبارية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مصر غزة وقف اطلاق النار إعادة الإعمار قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

بعد عامين من الحرب هل ينجح السودان في النهوض باقتصاده؟

الخرطوم – بدأ اقتصاد السودان يستفيق من صدمة الحرب التي اندلعت قبل عامين، غير أن خبراء ومستثمرين لحق الدمار بمؤسساتهم يرون أن إعادة الإعمار وإنعاش الإنتاج ودورة الحياة الاقتصادية يحتاج رؤية وخطة فاعلة واستقطاب تمويل ضخم لا يتوفر في داخل البلاد.

وحسب صندوق النقد الدولي، بأن الناتج المحلي الإجمالي في السودان انكمش 18% في عام 2023، وتوقع وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم أن يصل الانكماش في الاقتصاد السوداني إلى حوالي 28% بنهاية العام 2024 قبل أن يرتد ليحقق نموًا بنحو 0.3%، ثم 0.7% في العامين المقبلين.

وانهارت العملة الوطنية في السودان بشكل كبير منذ 15 أبريل/ نيسان 2023، فصار الدولار يُتداول بنحو 2700 جنيه سوداني في السوق الموازي حاليًا، مقارنة بحوالي 600 جنيه سوداني قبل الحرب.

حقائق وأرقام

وحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، تراجع معدل التضخم في فبراير/شباط الماضي إلى 142.34% مقارنة مع 145.14% في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وانخفضت قيمة كل من الصادرات والواردات خلال العام الماضي، لكنّ مقدار الانخفاض في الوارد كان أكبر بكثير:

تراجعت قيمة الصادرات السودانية إلى 3.13 مليارات دولار في 2024 من 4.35 مليارات دولار في 2022، بانخفاض بنحو 28%. انخفضت قيمة الواردات إلى 4.91 مليارات دولار من 11.09 مليار دولار بتراجع 66%، وفق وزارة التجارة. إعلان

يرى الباحث الاقتصادي إبراهيم صالحين أن الاقتصاد السوداني تأثر سلبيًا بشكل كبير جراء الحرب، الأمر الذي يجعل إصلاحه يتخذ مسارات عدة، أولها إنهاء الحرب بشكل كامل وإعادة الاستقرار السياسي إلى البلاد، وإنعاش القطاع الزراعي.

ويقول صالحين لـ (الجزيرة نت) إن القطاع الزراعي يتمتع بإمكانات وفرص كبيرة تُمكن الاقتصاد من الانتعاش، إلى جانب في الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الأساسية، مثل الكهرباء وإمدادات المياه ما يدفع نحو التعافي في العام الثالث لتفجر النزاع.

ورغم الدمار الواسع في الصناعة بولاية الخرطوم التي تستخوذ على أكثر من 80% من الصناعات، عادت بعض المصانع في العمل، إذ استأنفت مطاحن روتانا للغلال نشاطها الشهر الماضي على أن تتبعها مطاحن أخرى بنهاية الشهر الجاري.

مصنع روتانا للغلال باشر الشهر الماضي نشاطه في الخرطوم بعد عامين من الحرب (مواقع التواصل)

من جهته، يقول محمد عبد المنعم صاحب مصنع بالخرطوم بحري دمرته الحرب، إن الحرب أفقرت أصحاب الصناعات بعدما فقدوا الأجهزة والمعدات بالإضافة إلى بنية الصناعة، ويحصل غالبيتهم في تمويل من البنوك ما يتطلب إعادة جدولة ديونهم ومنحهم إعفاءات حتى يعودوا للإنتاج.

وشكك المستثمر في تصريح لـ (الجزيرة نت) في إمكانية عودة من نقلوا استثماراتهم إلى خارج البلاد بسبب حالة عدم اليقين والامتيازات التي صاروا يستفيدون منها، فضلا عن انتقال الحرب إلى غرب البلاد التي عدها مصدرا رئيسيا للحبوب الزيتية والثروة الحيوانية، بالإضافة إلى انهيار البنية التحتية وأزمة الطاقة (الكهرباء) التي تعتمد عليها الصناعة.

رؤية للإعمار

أقرت اللجنة العليا للإعمار التي شكلها مجلس السيادة السوداني رؤية إطارية تستهدف توجيه الطاقات نحو إعادة بناء النسيج الاجتماعي والعمراني بأفضل مما كان قبل الحرب، وتوظيف واقع التدمير لإعادة بناء المؤسسات والأمكنة بجودة معمارية وهندسة اجتماعية واقتصادية.

إعلان

وأوضحت الخطة، التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها، أن تنفيذها سيكون بمشاركة الدولة والمجتمع والقطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والدولية، عبر 4 مداخل استراتيجية تشمل الإداري والتشريعي، والسياسي، والعمراني، والاجتماعي.

وحددت الخطة 3 مراحل للإعمار كالتالي:

الأولى: الاستجابة الأولية التي تلي توقف الحرب وتشمل الخدمات الإنسانية الطارئة ودعم الاستقرار وحالة السلام. الثانية: الفترة الانتقالية وتركز على تطوير قدرات المجتمع وإنشاء آليات للإعمار الاقتصادي والسياسي. الثالثة: مرحلة تعزيز الاستدامة بتفعيل خطط إعادة الإعمار وترسيخ كل كوابح عدم العودة للصراع.

وقدّرت الخطة خسائر القطاع الاقتصادي بنحو 108.8 مليار دولار، وحددت مصادر التمويل كالتالي:

فرض ضريبة إعمار على المقتدرين من السودانيين في داخل البلاد وخارجها (المغتربين). خفض الإنفاق الحكومي، وتقديم صيغ التمويل بالصكوك. التمويل الخارجي بالقروض والمنح من الدول والصناديق العربية والأفريقية والاسلامية.

واقترحت الخطة التركيز على القطاعات المؤثرة  والبدء بالقطاع الزراعي الذي يساهم في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 28.9% ثم قطاع الخدمات الذي يساهم بـ 56.7% والصناعي 14.4%، وكان الزراعي أقل تضرراً والأسرع نمواً.

ودعت الرؤية إلى فتح نوافذ للقطاع الخاص والمحلي والأجنبي للمشاركة في إعادة الإعمار وفق صيغ التمويل ونظام البناء والتشغيل ثم إعادة الملكية، وتأسيس صناديق صكوك في السوق العالمية والتوسع في الاستثمار الحلي والأجنبي.

ولتعويض المواطنين والمستثمرين الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم واستثماراتهم، تقترح الرؤية تأسيس صندوق تعويضات إقليمي وعالمي، وتوفير تمويل ميسر للمتضررين للقطاع الخاص حتى يعود للإنتاج، وإصلاح النظام المصرفي للمساهمة في إنعاش الاقتصاد عبر صيغ تمويل مرنة.

متاعب الخدمات

من جانبه، يقول وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم إن الخسائر في قطاع الصحة فادحة، إذ تبلغ قيمة الأجهزة والمعدات الطبية التي فقدتها المستشفيات العامة والخاصة بالنهب والتدمير بولاية الخرطوم فقط 2.2 مليار دولار.

إعلان

ويقول إبراهيم لـ (الجزيرة نت) إن المؤسسات المعنية استطاعت خلال فترة الحرب استيعاب 13 ألف طبيب، كما سمح مجلس الأدوية والسموم لـ 19 مصنعاً للأدوية طالها التدمير، بالصناعة التعاقدية خارج البلاد وتوريد أدويتهم بذات علاماتها التجارية، مما ساهم في توفر الأدوية.

ووفقاً لوزير الصحة فإن خطة للنهوض بالقطاع تستند إلى الجهود والمبادرات الداخلية، كما تلقت الحكومة تعهدات من السعودية وقطر بدعم الصحة في المرحلة الإسعافية، واستقبلت مدينة بورتسودان خلال الأسبوع الماضي وفودًا فنية من الدولتين، بجانب منظمات دولية تساهم حاليًا في إنعاش القطاع.

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي محمد الناير إن القطاع الصناعي أكثر القطاعات تضررًا بنسبة تتجاوز 80% يليه القطاع التجاري، بجانب تدهور سعر صرف الجنيه في مقابل العملات الأجنبية بسبب التأخر في استبدال العملة الوطنية وتفشي التزوير.

وفي حديث لـ (الجزيرة نت) يرى الناير أن الشهور الأخيرة شهدت استقرارا نسبيا في سعر صرف العملة بعد زيادة عائدات تصدير الذهب إلى أكثر من ملياري دولار في 2024، بالإضافة إلى عودة السيولة للجهاز المصرفي والتعامل الإلكتروني في الخدمات ما يدعو للتفاؤل باستقرار اقتصادي في حال انحسرت الحرب.

وتوقع الخبير تراجعًا في البطالة التي تجاوزت 40% قبل الحرب، بعد تحرك عجلة الاقتصاد بإعادة الإعمار وتدفق استثمارات داخلية بعد هجرة مستثمرين للخارج وانتعاش القطاع الخاص مما يساهم في تشغيل الأيدي العاملة.

مقالات مشابهة

  • خطة نقابة المهندسين لإعادة إعمار غزة.. ومطلب وحيد للتنفيذ
  • ملامح خطة نقابة المهندسين العاجلة لإعادة إعمار قطاع غزة
  • مصر والكويت تؤكدان ضرورة إعادة إعمار غزة ورفض التهجير
  • بعد عامين على الحرب.. من يتحمل فاتورة إعادة إعمار السودان؟
  • بعد عامين من الحرب هل ينجح السودان في النهوض باقتصاده؟
  • «الغمراوى» يناقش مع منظمة الصحة العالمية إجراءات دعم قطاع الصناعة وتوافر الادوية
  • الصحة العالمية: الحرب المستمرة في السودان تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: مؤتمر إعادة إعمار غزة المقرر عقده بالقاهرة فرصة فريدة لحشد الدعم
  • مصر وقطر تؤكدان ضرورة وقف الحرب على غزة ودعم إعادة الإعمار
  • إشادة بالعلاقات المصرية القطرية .. وتأكيد على الدعم الكامل لخطة إعادة إعمار غزة