شريان الحياة لغزة..عربي21 تسلّط الضوء على تفاصيل تشغيل معبر رفح
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
"سيتم إدخال المساعدات الإنسانية والوقود عبر معبر رفح، منذ اليوم الأول من تنفيذ اتّفاق وقف إطلاق النار" هذا ما أعربت عنه جُملة مصادر، متفرّقة، عقب يوم واحد من الإعلان الرسمي عن الاتّفاق؛ فيما بات عدد من الأهالي، بقلب قطاع غزة المحاصر، يتأمّلون على أحرّ من الجمر، الوفاء ببنود الاتّفاق الذي سيدخل حيز النفاذ، يوم الأحد.
ويتضمن الاتّفاق، عبر نقطته الخامسة، موافقة دولة الاحتلال الإسرائيلي على فتح معبر رفح، بعد 7 أيام من بدء تطبيق المرحلة الأولى، إضافة إلى بروتوكول إغاثي وإنساني خلال المرحلة ذاتها بإشراف الوسطاء، مع السّماح بسفر جرحى قطاع غزة للعلاج في الخارج.
جرّاء ذلك، ستتضمّن المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة: توفير مأوى فوري للنازحين عبر إدخال البيوت المتنقلة والخيام، وأيضا إدخال معدات وآليات هندسية لإزالة الركام الناتج عن القصف المستمر. مع السّماح لعدد يتفق عليه من العسكريين الجرحى بالسفر للتلقى العلاج الطبي.
وخلال مطلع الأسبوع المقبل، من المرتقب أن يصل وفد من بعثة المراقبة الأوروبية إلى القاهرة، بغية الإعداد لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. حيث سيعمل على وضع آلية لإعادة تشغيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
محطات تاريخية للمعبر
عقب احتلال دولة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، خلال حرب 1967، فإنها قامت بإغلاق الحدود وقطع الاتصال بين غزة ومصر، ناهيك على تضييق الخناق على كافة الغزّيين الذين عانوا المرار من الحصار عليهم من قبل الاحتلال.
وبموجب "معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر" عام 1979، قد تم إنشاء "معبر رفح" الذي يقع في أقصى جنوب محافظة رفح، وفي قلب جنوب قطاع غزة، وعلى الجهة الغربية من فلسطين، بين الحدود الفلسطينية المصرية المُعترف بها، ويبعد بحوالي 45 كيلومترا عن مطار العريش المصري.
وبعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من سيناء، خلال عام 1982، تم إنشاء "معبر رفح"، بموجب "اتفاقية أوسلو" عام 1993 تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر للأفراد والبضائع؛ وظل منذ ذلك الحين تحت إدارة "هيئة المطارات الإسرائيلية" إلى تاريخ 11 أيلول/ سبتمبر من عام 2005، حيث انسحبت دولة الاحتلال الإسرائيلي من غزة، ليقوم إثر ذلك المراقبون الدوليون بالإشراف على الحركة في المعبر حتى الانقسام الفلسطيني في حزيران/ يونيو 2007.
مجدّدا، انطلق الخلاف بخصوص من سوف يتحكم في المعبر، وذلك عقب إشراف حركة حماس على القطاع في حزيران/ يونيو 2007؛ حيث رفضت "حماس" مشاركة دولة الاحتلال الإسرائيلي في تشغيله، كما أن الرقابة الأوروبية قد توقفت بسبب غياب قوات السلطة الفلسطينية.
وخلال عام 2010، وخاصة عقب أحداث أسطول الحرية لفك حصار غزة، تمت إعادة فتح المعبر جزئيا، من طرف الرئيس النظام المصري الأسبق، محمد حسني مبارك. وخلال أحداث ثورة كانون الثاني/ يناير عام 2011، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر أمرا باقتصار فتح المعبر على الحالات الإنسانية الطارئة فقط.
ومن جديد، أعادت القاهرة فتح المعبر، بشكل دائم، لمدة 6 ساعات بشكل يومي، في عهد الرئيس السابق، محمد مرسي؛ ليعاد إغلاقه مجدّدا في شهر تموز/ يوليو من عام 2013، بالإضافة إلى بناء جدار عازل على طول الحدود بين مصر وغزةهوأعيد فتح المعبر بشكل جزئي لمدة ثلاثة أيام بالمتوسط شهريا.
وكان رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي يشترط انتظام فتح المعبر، بعودة السلطة الفلسطينية، وبالفعل عادت السلطة إشرافها على المعبر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، لكنها عادت وانسحبت من إدارته بداية العام 2019، لتعود الهيئة التابعة للسلطات في غزة للإشراف عليه مجددا، لينتظم العمل فيه ما بعد ذلك في ظل تحسن العلاقات بين النظام المصري وحركة حماس.
ماذا يقول اتفاق 2005؟
بالعودة إلى "اتفاقية المعابر" التي تم توقيعها خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2005 بين كل من دولة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، والتي اطلعت "عربي21" على بنودها، فإنه: تم تخصيص حركة البضائع إلى "معبر كرم أبو سالم الحدودي"، في حين تم تخصيص "معبر رفح" للأفراد الحاملين لبطاقة الهوية الفلسطينية، مع اشتراط عدد من القيود، أبرزها: إشعار مُسبق لحكومة الاحتلال، وكذا موافقة السلطة الفلسطينية.
وفي منتصف كانون الأول/ ديسمبر عام 2005 ارتفعت عدد ساعات العمل إلى 8 ساعات يوميا، فيما استمر وفق هذه الوتيرة إلى حلول عام 2006، حيث وافق الاحتلال الإسرائيلي على تشغيل المعبر لفترة 10 ساعات كل يوم.
أيضا، تقوم السلطة الفلسطينية بإعلام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بخصوص عبور كل من الدبلوماسيين والمستثمرين الأجانب والممثلين الأجانب للهيئات الدولية، وأيضا الحالات الإنسانية، وذلك قبل 48 ساعة من عبورهم؛ فيما ترد حكومة الاحتلال في غضون 24 ساعة، في حالة وجود أي اعتراضات، مع ذكر أسبابها.
وحين قام الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق كافة "المنافذ الستة" بين قطاع غزة وجنوب دولة الاحتلال الإسرائيلي، فقد بات المعبر هو المُتنفس الوحيد لكافة أهالي غزة، فتم فتحه في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2005، لكنه سرعان ما أغلق بعدها بسنتين.
غير أنه بتاريخ 25 حزيران/ يونيو من عام 2006 قام الاحتلال الإسرائيلي بتشديد الحصار على قطاع غزة بشكل وصف بـ"المُخالف لاتفاق المعابر"، وذلك على خلفية وقوع جندي إسرائيلي في أسر المقاومة الفلسطينية في "معبر كرم أبو سالم". فقام الاحتلال بإغلاق تام للمعبر، باستثناء عدد متباعد من ساعات قليلة، لا تلبّي احتياجات سكان القطاع، بهدف الضغط على الفلسطينيين، في انتهاك صارخ لاتفاقية المعابر.
7 أكتوبر.. النقطة الفارقة
منذ الأسابيع الأولى من بدء العدوان على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، سيطر الاحتلال مباشرة وغير مباشرة على عملية فتح المعبر، فيما قصف بوابة المعبر ومنع الحركة بين الجانبين؛ على الرغم من عدم وجود قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود بين مصر وغزة.
وتمكّنت أول دفعة من حملة جوازات السفر الأجنبية والمصابين من غزة من العبور نحو المستشفيات في مصر، بعد جُملة من المفاوضات المكثفة، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، وذلك عقب "الفتح الجزئي" الذي خلص إليه اتفاق توسطت فيه قطر بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس ومصر بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
آنذاك، أوضح مدير إعلام الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وائل أبو محسن، في بيان له، أن: "عدد المغادرين إلى معبر رفح، بالجانب المصري، ارتفع إلى 335 مسافرا من حملة الجوازات الأجنبية، و22 سيارة إسعاف تقل مصابي العدوان الإسرائيلي على غزة". فيما بثت عدد من القنوات المصرية، بعدها بساعات، مشاهد استقبال المصابين والعالقين من حاملي الجوازات الأجنبية، ممّن تمكنوا من العبور.
انتظار حارق
"15 ألف مسجّل في كشوفات المسافرين بوزارة الداخلية، ينتظرون على أحرّ من الجمر فتح معبر رفح البري بين غزة ومصر"، بهذا الرّقم، أوضح مدير هيئة المعابر والحدود بغزة، ماهر أبو صبحة، ضرورة فتح المعبر بشكل كامل ودائم؛ خاصّة في خضمّ الأوضاع الإنسانية الصّعبة في قطاع غزة المحاصر.
وأكد أبو صبحة، في حديثه لصحيفة "الرأي" أن: "15 ألفا هم من الحالات الإنسانية، كالمرضى والطلاب وأصحاب الاقامات؛ و90 ألف من أهالي غزة محتاجين للسفر للخارج" مشيرا إلى أن آخر الإحصائيات لوزارة الداخلية أفادت أنه: منذ مطلع العام الحالي، أُغلقَ معبر رفح الحدودي لمدة 127 يوما، فيما فُتحَ لمدة 5 أيام فقط، وهو ما فاقم الأوضاع الإنسانية بقلب القطاع.
وبحسب عدد من الصحف المصرية، فإن: "السّلطات قد رفعت درجة الاستعداد بمعبر رفح البري، حيث تلقّت إدارة الحجر الصحي، توجيهات، من وزارة الصحة المصرية، لمراجعة كل التجهيزات اللازمة للتعامل مع أي مستجدات".
من جهتها، تعمل جمعية الهلال الأحمر في شمال سيناء، في الفترة الحالية، على فرز آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية المخزنة في العريش، استعدادا لنقلها إلى غزة عبر المعبر الذي يوصف بكونها "شريان الحياة"؛ وذلك فور صدور التوجيهات. وتشمل هذه المساعدات مواد غذائية وأدوية ومستلزمات طبية.
إلى ذلك، رصدت "عربي21" عدد من الصور ومقاطع فيديو، جابت مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات القليلة الماضية، توثّق لطوابير الشاحنات التي تمتدّ لعدة كيلومترات في منطقة العريش، شمال شرقي مصر، في انتظار بفارغ الصبر، لحظة فتح المعبر، ليتمكنوا من إدخال المساعدات لغزة، والمساهمة في تخفيف معانات استمرّت للشهر السادس عشر.
في الوقت الراهن، يتراوح عدد شاحنات المساعدات الإنسانية، التي تصل يوميا إلى قطاع غزة، من الجانب المصري بين 50 إلى 90 شاحنة فقط، ومن المرتقب أن يصل هذا العدد لـ600 شاحنة يوميا، فيما دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، بحذافيره.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد أعلن الأربعاء، في مؤتمر صحفي، عن نجاح الوسطاء مصر وقطر والولايات المتحدة في التوصل إلى: اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لافتا إلى أنه سيبدأ تنفيذه الأحد المقبل.
من جهته، أكّد وزير الخارجية المصريو بدر عبد العاطي، خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، مع وزير خارجية لوكسمبورغ، زافيير بيتل، أنّ: سرعة التوصل بجدية لاتفاق ستساعد في إدخال مساعدات بكميات كبيرة دون مشروطية، في ظل وجود مجاعة كبيرة بالقطاع؛ وذلك في إشارة غير مباشرة لفتح معبر رفح.
ويأتي الإعلان عن التوصّل للاتفاق في اليوم 467 من حرب الإبادة الجماعية التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي، على القطاع، وخلّفت بدعم أمريكي، ما قدّر بـ157 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية معبر رفح غزة المصرية مصر غزة معبر رفح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی فاق وقف إطلاق النار السلطة الفلسطینیة الإسرائیلی على تشرین الثانی فتح المعبر معبر رفح قطاع غزة من عام عدد من عام 2005
إقرأ أيضاً:
عربي21 ترصد التطورات في تركيا بعد اعتقال إمام أوغلو.. هذه تفاصيل ما حدث
استفاقت تركيا على ما وصف بأنه "زلزل سياسي"؛ إثر حملة اعتقالات واسعة شنتها السلطات التركية على رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، المعارض أكرم إمام أوغلو، وأشخاص مرتبطين به، في خطوة تسببت في هبوط قياسي لليرة التركية، ووصفتها المعارضة بأنها "انقلاب ضد الرئيس القادم".
وطالت حملة الاعتقالات إلى جانب إمام أوغلو، المنتمي لحزب "الشعب الجمهوري" المعارض، 106 أشخاص آخرين، بينهم رؤساء بلديات فرعية في مدينة إسطنبول وصحفيون، وذلك على ذمة التحقيق في قضيتين منفصلتين.
وتتعلق القضية الأولى بتهم فساد و"تشكيل منظمة إجرامية"، وصدر قرار اعتقال 100 شخص على ذمتها، بينهم إمام أوغلو، في حين تمثلت القضية الثانية بـ"مساعدة منظمة إرهابية"، وتشمل 7 أشخاص، بينهم كذلك رئيس بلدية إسطنبول.
ماذا جرى؟ (تسلسل زمني)
توجهت أعداد كبيرة من قوى الأمن مع ساعات الفجر الأولى إلى منزل إمام أوغلو الواقع في منطقة "ساريير"؛ للقبض على رئيس البلدية الكبرى، الذي تمكن من انتزاع المدينة الاستراتيجية من حزب العدالة والتنمية الحاكم لولايتين متتاليتين.
في غضون ذلك، شارك إمام أوغلو مقطعا مصورا عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، ظهر فيه وهو يرتدي ملابسه، قائلا إن "إرادة الشعب تتعرض للانقلاب".
Millet iradesine darbe vuruluyor. pic.twitter.com/waXHu23ZVN — Ekrem İmamoğlu (@ekrem_imamoglu) March 19, 2025
في أعقاب ذلك، جرى اقتياد إمام أوغلو إلى أحد المراكز الصحية لإجراء فحص طبي، قبل التوجه إلى مركز إدارة الأمن في منطقة الفاتح الواقعة بالشطر الأوروبي من إسطنبول.
قررت ولاية إسطنبول تعليق المظاهرات وجميع أنواع الاجتماعات في المدينة مدة 4 أيام، بالإضافة إلى إغلاق شوارع رئيسية في منطقة الفاتح، وإغلاق محطات مترو على الخط الرئيس الواصل بميدان تقسيم.
في الأثناء، أفادت وسائل إعلام تركية بتعليق الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك منصتا "إكس" و"إنستغرام".
تصاعدت الدعوات للاحتجاج على اعتقال إمام أوغلو الذي ينظر له على أنه منافس محتمل للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حين دعا زعيم حزب "الشعب الجمهوري" أوزغور أوزيل إلى التظاهر والاحتشاد أمام مقرات الحزب في عموم تركيا ضد ما وصفه بـ"الانقلاب".
نشر حساب إمام أوغلو على منصة "إكس" رسالة خطية في ثاني تعليق لرئيس بلدية إسطنبول منذ اعتقاله مع ساعات الفجر الأولى، قال فيها: "سترد أمتنا بكل قوة على الأكاذيب والمؤامرات والفخاخ، وعلى منتهكي حقوق الشعب، وعلى من يسلبون إرادة الشعب. أسلم أمري لله أولا، ثم لأمتي".
Önce Allah’a sonra milletimize emanetim! pic.twitter.com/tYfqrPedaw — Ekrem İmamoğlu (@ekrem_imamoglu) March 19, 2025
الليرة تهبط لمستوى قياسي
هوت الليرة التركية إلى مستوى غير مسبوق، حيث سجلت 40 ليرة للدولار بعد ساعات قليلة من اعتقال السلطات رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، قبل أن تتراجع إلى 38 ليرة للدولار في أحدث معاملات الأربعاء.
وكان مستوى إغلاق العملة التركية أمس الثلاثاء 36.67 للدولار.
من جهتها، أعلنت بورصة إسطنبول توقف التداول مؤقتا، بعد انخفاض المؤشر الرئيسي 6.87 بالمئة في التعاملات المبكرة، وتم تفعيل آلية فاصل التداول على مستوى السوق، حسب وكالة رويترز.
وعلق وزير المالية التركي، محمد شيمشك، على التطورات عبر تدوينة نشرها على منصة "إكس"، قائلا: "يتم اتخاذ كل ما يلزم لضمان الأداء الصحي للأسواق"، مشددا على استمرار البرنامج الاقتصادي المعتمد "بكل عزم وإصرار".
نظرة إلى الوراء
جاء اعتقال إمام أوغلو بعد ساعات قليل من إصدار جامعة إسطنبول قرارا يقضي بإلغاء شهادة إمام أوغلو الجامعية؛ بسبب تهمة التزوير في أثناء انتقاله إلى فرع إدارة الأعمال في الجامعة عام 1990 من جامعة غيرنة الأمريكية في قبرص، غير المعترف بها في تركيا في ذلك الوقت.
ويقطع هذا القرار على إمام أوغلو الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث يشترط القانون التركي على المرشح للرئاسيات حمل شهادة جامعية.
وكان إمام أوغلو تقدم قبل أسابيع قليلة بطلب إلى حزب "الشعب الجمهوري" للترشح عنه في الانتخابات الرئاسية، وهو ما دفع الأخير إلى الإعلان عن انتخابات تمهيدية داخلية في 23 آذار / مارس الجاري، يخوضها رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لوحده.
وينظر في الأوساط التركية إلى إمام أوغلو على أنه منافس محتمل لأردوغان الذي يتمتع بفرصة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في حال إجرائها قبل موعدها المحدد عام 2028.
من هم المعتقلون مع إمام أوغلو في القضيتين؟
◼ القضية الأولى: الفساد
تركز القضية الأولى على اتهامات تتعلق بـ"تشكيل منظمة إجرامية"، و"الرشوة المنظمة"، و"التلاعب بالمناقصات"، و"الاستحواذ غير القانوني على البيانات الشخصية" في فروع بلدية إسطنبول الكبرى.
في بيان صادر عن مكتب المدعي العام في إسطنبول، تم وصف إمام أوغلو بأنه "زعيم منظمة إجرامية"، مشيرا إلى أن المخالفات تعود إلى فترة تولي الأخير رئاسة بلدية منطقة بيليك دوزو في إسطنبول قبل عام 2019.
وأشار البيان إلى أن التحقيقات في هذه القضية بدأت عقب انتشار ما يُعرف إعلاميا بـ"فيديوهات عد النقود في حزب الشعب الجمهوري"، الذي جرى تسريبها للإعلام التركي العام الماضي.
وبحسب البيان، فقد "توسع التحقيق نتيجة للتقرير الذي أعده المفتشون بشأن المخالفات في المناقصات ومشتريات الخدمات، والعقود الوهمية المتعلقة بوسائل الإعلان الخارجية التي أبرمتها بلدية إسطنبول الكبرى والشركات التابعة لها".
كما أشار البيان إلى أن شركات تابعة لبلدية إسطنبول الكبرى، مثل MEDYA A.Ş. وKÜLTÜR AŞ. وKİPTAŞ وİSFALT، استُخدمت في عمليات الفساد المشار إليها.
وأصدرت النيابة العام في إسطنبول أوامر اعتقال بحق 100 شخص، من بينهم إمام أوغلو وشخصيات أخرى أبرزها:
◼ مراد أونغون، مستشار إمام أوغلو ومدير شركة ميديا إنك
◼إركان ساتشي، فنان
◼ نجاتي أوزكان، صحفي ومدير حملة إمام أوغلو في الانتخابات المحلية عام 2024
◼ تونجاي يلماز، المدير العام لشركة إمام أوغلو للإنشاءات
◼ كان أكين تشاغلار، الأمين العام لبلدية إسطنبول الكبرى
◼ بوغرا جوكجه، رئيس وكالة تخطيط إسطنبول
◼ القضية الثانية: "مساعدة منظمة إرهابية"
تعود هذه القضية إلى الانتخابات المحلية التي شهدتها تركيا في 31 آذار/ مارس عام 2024، وأسفرت عن فوز إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول للمرة الثانية على التوالي، وأدت إلى تقدم كبير لحزب الشعب الجمهوري في عموم البلاد.
وتشير القضية إلى ما يعرف محليا بـ"التوافق الحضري"، وهي استراتيجية انتخابية اتبعها حزب الشعب الجمهوري بالاتفاق مع حزب المساواة وديمقراطية الشعوب "ديم" المناصر للأكراد في تركيا.
ونص الاتفاق على تخلي حزب "ديم" عن تقديم مرشحين في بعض المناطق في مدينة إسطنبول؛ بهدف فسح المجال أمام مرشحي حزب الشعب الجمهوري.
واعتبرت النيابة العامة أن هذا الاتفاق سعى إلى تعزيز نفوذ حزب العمال الكردستاني "بي كي كي" في المدن التركية، لافتة إلى أن بعض المسؤولين المنتخبين في المجالس البلدية كانوا على صلة بالتنظيم المدرج على قوائم الإرهاب في أنقرة وعدد من الدول الغربية.
وأصدرت النيابة أوامر اعتقال بحق سبعة أشخاص على ذمة التحقيق، بينهم إمام أوغلو، وآخرون أبرزهم:
◼ رسول أكرم شاهان، رئيس بلدية منطقة شيشله في إسطنبول وعضو حزب الشعب الجمهوري
◼ إبرو أوزديمير، نائبة رئيس بلدية شيشله
◼ ماهر بولات، نائب الأمين العام لبلدية إسطنبول الكبرى
ماذا قالوا؟
أوزغور أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهوري: هناك حاليا قوة قائمة لمنع الأمة من تحديد الرئيس القادم، ونحن نواجه محاولة انقلاب ضد رئيسنا القادم. تركيا لن تستسلم لهذا الانقلاب السياسي، وندعو كافة مواطنينا إلى مقراتنا المحلية للوقوف ضد انقلاب 19 آذار / مارس.
منصور يواش، رئيس بلدية إسطنبول الكبرى: يجب على كل من يدافع عن سيادة القانون والديمقراطية وإرادة الشعب في هذا البلد أن يعلم أن هذه المحاولات ضد رئيس بلدية منتخب غير مقبولة على الإطلاق.
دولت بهتشلي، زعيم حزب الحركة القومية وحليف أردوغان: القضاء التركي مستقل ونزيه وموضوعي. وإن التقليل من شأن إجراء قانوني من خلال تسميته "انقلابا"، والاستعداد لنقل المطالبة بالحقوق إلى الشوارع، هو فساد سياسي.
ماذا ينتظر إمام أوغلو؟
من المتوقع أن تستمر فترة اعتقال رئيس بلدية إسطنبول على ذمة التحقيق لمدة 4 أيام، وهو ما يثير الشكوك حول إمكانية حضوره الانتخابات التمهيدية لحزبه، المقرر عقدها الاثنين المقبل.
في غضون ذلك، تواصل السلطات التركية تنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة بحق 106 أشخاص، حيث جرى اعتقال 84 شخصا منهم حتى الآن.
وتحدثت وسائل إعلام تركية عن إمكانية تعيين "قيّوم" في بلدية إسطنبول الكبرى في المرحلة المقبلة، وهو مسؤول حكومي يتم تعيينه لتسيير شؤون البلدية بدلا عن رئيسها المنتخب.
ويرى مراقبون أن إمام أوغلو تعرض لضربة قاسية عبر القضايا القضائية التي تلاحقه خلال الآونة الأخيرة، في حين يرجح البعض تصاعد شعبية المعارض البارز في تركيا، على غرار ما حدث مع أردوغان إثر سجنه عام 1999 بسبب قصيدة شعرية ألقاها خلال توليه مهام رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى.
مظاهرات غاضبة
وشهد مقر شرطة إسطنبول ، الأربعاء، تجمعات كبيرة إثر اعتقال رئيس بلدية المدينة، وأفادت وسائل إعلام محلية بأن السلطات أغلقت عددًا من الشوارع الرئيسية في إسطنبول، كما تم إيقاف العمل في إحدى محطات المترو.
وتجمع مواطنون في شارع وطن بمنطقة الفاتح٬ احتجاجا على توقيف إمام أغلو٬ كما شهدت منطقة بيازيد بمنطقة الفاتح أيضا اشتباكات بين الشرطة والمحتجين الرافضين.