محمد تورشين

لا تزال الصورة غير واضحة بشأن مجزرة الكنابي التي وقعت في ولاية الجزيرة مؤخرًا، وسط تصاعد الأنباء عن انتهاكات خطيرة شملت القتل خارج إطار القانون، التعذيب، والاعتداءات العشوائية. مثل هذه الجرائم تشكّل تهديدًا خطيرًا للنسيج الاجتماعي والاستقرار في البلاد، مما يستدعي وقفة حازمة من كافة الجهات لمعالجتها ضمن إطار العدالة والقانون.

ضرورة الاحتكام إلى القانون

من غير المقبول أبدًا أن يتم التعامل مع المتهمين بالخيانة أو التعاون مع أي طرف من أطراف النزاع خارج إطار القانون. إذا وُجدت اتهامات بالتخابر مع قوات الدعم السريع أو التعاون معها، فيجب إحالة المتهمين إلى القضاء بعد استجوابهم من قبل الجهات المختصة، مثل الاستخبارات العسكرية، الشرطة، والنيابة. يجب أن يتم هذا وفقًا للإجراءات القانونية التي تضمن حقوق المتهمين، بعيدًا عن محاولات تصفية الحسابات التي قد تُدخل البلاد في دوامة انتقامية وفوضى عارمة.

استغلال الدعم السريع للقبائل

تُشير المعطيات إلى أن مليشيا الدعم السريع استغلت الانتماءات القبلية ونجحت في تجنيد عدد كبير من الشباب المنتمين لقبائل غرب السودان. هذا الأمر أدى إلى تصاعد الصراعات القبلية، حيث أصبح الصراع يبدو وكأنه ذو طابع قبلي في بعض الأحيان. هذا الخلط بين الانتماء القبلي والانتماء السياسي يُعدّ تطورًا خطيرًا، ويجب على القيادات القبلية والسياسية التدخل لنزع فتيل الأزمة ومنع تعميم التهم على مكونات بأكملها، مثل سكان الكنابي البسطاء، الذين لا علاقة لهم بالانتماء إلى مليشيا ال دقلو

التوظيف السياسي للقضية

من المؤسف أن بعض القوى السياسية، مثل “تقدّم”، استغلت هذه الحادثة كعادتها لتحقيق مكاسب سياسية. المتاجرة بدماء الأبرياء والانتهاكات التي تطال المدنيين أمر مرفوض تمامًا، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي في السودان.

نحو سودان العدالة والمساواة

السودان الذي نطمح إليه هو وطنٌ للجميع، لا مكان فيه للتمييز على أساس العرق، الدين، أو الانتماء السياسي. ينبغي أن تقوم الدولة على مبادئ المواطنة المتساوية، العدالة الانتقالية، والمساواة بين أبناء الشعب السوداني كافة. القتل خارج إطار القانون واستهداف المدنيين الأبرياء يهدد مفهوم دولة القانون، ويُكرّس الفوضى التي يسعى الجميع لتفاديها.

قبول الآخر أساس البناء

لا يمكن بناء سودان حر وديمقراطي دون ترسيخ ثقافة قبول الآخر. في الوقت ذاته، يجب على الجهات الرسمية والمجتمعية بذل الجهود لمعالجة جذور الصراعات ومنع الانزلاق إلى انتقامات عشوائية تهدد النسيج الاجتماعي للبلاد.

ختامًا، سكان الكنابي، كغيرهم من المواطنين في ولاية الجزيرة والسودان عمومًا، لهم حقوق مدنية وسياسية أصيلة ينبغي أن تُصان وتُحترم. من حقهم العيش بكرامة وأمان، والحصول على الخدمات الأساسية كالتعليم، الصحة، والبنية التحتية. كما يحق لهم التمتع بالتمثيل السياسي والمشاركة في صنع القرار على مستوى الولاية والمستوى الوطني.

باحث وكاتب سوداني، متخصص بالشأن المحلي والشؤون الإفريقية

الوسوممحمد تورشين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

الخارجية السودانية: الدعم السريع قتلت «433» مدنياً بـ « القطينة» في ولاية النيل الأبيض

 

أعلنت وزارة الخارجية السودانية أن عدد ضحايا مجزرة قوات الدعم السريع في قرى و مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض خلال اليوميين الماضيين  وثل حتى الآن (433) شخصاً من ضمنهم أطفال رُضع.

بورتسودان ــ التغيير

و أمس الإثنين ارتكبت قوات الدعم السريع مجزرة مروعة بقرى و مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض قُتل وأصيب فيها مئات  مئات المدنيين، وأرسل أهالي القطينة عبر تسجيلات صوتية جرى تداولها على نطاق واسع، نداءات لإغاثتهم من هجومات الدعم السريع، مع تكدس المراكز الصحية بالجرحى الذين يُسعفون على شاحنات كبيرة.
وشبه أحد المواطنين الوضع في قرى القطينة بـ “يوم القيامة”، في ظل انتشار قوات الدعم السريع على دراجات نارية يطلقون النار على الأشخاص في الطرق وداخل منازلهم، ومنع المواطنين من الخروج من المدينة وقتل الفارين منها، وأكدت تقارير غرق عدد من المدنيين في النيل أثناء فرارهم من القتل،و وقوع العديد من حالات الإغتصاب.

و قالت “وزارة الخارجية أن  كل من يشارك مليشيا الدعم السريع أو يساندها في تحركها و توقيع ميثاق سياسي معها تشرف عليه راعيتها الإقليمية ومسانديها ومن يأتمرون بأمرها في المنطقة، شركاء لها في جرائمها وفظائعها ضد الشعب السوداني”.

و أضافت الخارحية في بيانها “إن مليشيا الدعم السريع بعد فشلها وهزيمتها لجأت لأسلوبها المعتاد في الانتقام من المدنيين العزل في القرى والبلدات الصغيرة، وتعد هذه أسوأ مذبحة ترتكبها المليشيا الإجرامية بعد جريمة الإبادة الجماعية في الجنينة و اردمتا، وهي امتداد لمذابح ود النورة، وجلقني، والهلالية والسريحة وتمبول ومعسكر زمزم وقرى شمال دارفور”.

وجددت الخارجية المطالبة بموقف دولي حاسم من قوات الدعم السريع ومسانديها، ووصفت بأن جرائمها تفوق ما ارتكبته جماعات الإرهاب الدولي المعروفة.

 

الوسومالخارجية الدعم السريع النيل الأبيض مجزرة

مقالات مشابهة

  • اتهامات للدعم السريع بتنفيذ “مجزرة” في ولاية النيل الأبيض
  • السودان: قوات الدعم السريع قتلت 433 مدنيا بولاية النيل الأبيض
  • الجيش يواصل تقدمه وسط الخرطوم واتهام الدعم السريع بارتكاب مجزرة جديدة
  • مقتل 433 شخصا جراء هجمات لـ ميليشيا الدعم السريع بولاية النيل الأبيض
  • الخارجية السودانية: الدعم السريع قتلت «433» مدنياً بـ « القطينة» في ولاية النيل الأبيض
  • الخارجية السودانية: مصرع 433 شخصًا في هجمات لـ الدعم السريع بولاية النيل الأبيض
  • رويترز: ميليشيا الدعم السريع قتلت أكثر من 200 شخص في هجمات بولاية النيل الأبيض
  • أكثر من 200 قتيل.. مجزرة جديدة لمليشيا الدعم السريع بحق السودانيين
  • مراسل الجزيرة: قوى الأمن الداخلي تلقي القبض على ثلاثة ممن شاركوا في مجزرة حفرة التضامن جنوب العاصمة دمشق
  • مجموعة من السيارات المنهوبة من داخل المسيد بمدينة أربجي بولاية الجزيرة – فيديو