شبكة انباء العراق:
2025-02-07@10:46:52 GMT

فراعنة انتجتهم المحاصصة

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..

هذا ما نراه الآن في معظم مؤسساتنا التي تحولت برعاية المحاصصة السياسية إلى مستعمرات ومقاطعات يتحكم بها مدراء لا شغل لهم هذه الأيام سوى التعالي والتغطرس والتكبر واحتقار الموظفين وازدرائهم . فتسيدوا وتفرعنوا وأصبحت المؤسسات ملكاً مجيراً لهم ولأحزابهم. يتحكمون بها كيفما يشاؤون.

حتى وصلنا إلى اليوم الذي صار فيه بعض المدراء يعاقبون الموظفين بقطع الراتب، وحجب المخصصات، وتعليق الحوافز، والحرمان بالنقل خارج حاضناتهم التشغيلية. وما إلى ذلك من العقوبات السينمائية التي تحارب الموظف بلقمة عيشه. .
قبل بضعة أيام كان احد الفراعنة يتجول في حديقة قصره (دائرته)، ثم أمر حاشيته باستدعاء موظف من أصحاب المواهب والمهارات لكي يوبخه ويقلل من شأنه، فلما وقف الموظف المطلوب بين يديه. نظر اليه الفرعون بازدراء وقال له: اتبعني يا هذا . . فتبعه الموظف لكنه ربما أسرع قليلا حتى سار بخطوات موازية لخطوات الفرعون. فانفجر الفرعون غاضباً، وطلب منه التراجع إلى الوراء، والسير خلفه، فالنظام الفرعوني لا يسمح للموظف الصغير مسايرة المدير الكبير، ولا يحق له مرافقته خطوة بخطوة، فالمدير العام المتفرعن أعلى وأرقى وأرفع وأعلم وأهم من كل الموظفين والموظفات في عصر الطغيان والمحاصصات. ولا يضاهيه أحد في جلالته وعظمته ودرجته الرفيعة التي نالها بلا استحقاق وبلا مؤهلات. .
لسنا بحاجة إلى تسمية هؤلاء بأسمائهم. فالوزارات تعرفهم، ومجلس النواب يعرفهم، والصحافة تعرفهم وتعلم بتهورهم واستبدادهم. لكنك لن تجد الذي ينتقدهم ويراقبهم، ولن تجد من يحد من خطورتهم، ولن تجد من يمنعهم من ظلم الناس. فالمنافع السياسية فوق الأعراف والقيم وتحظى الآن بالأولويات في معيار الدكاكين الاقتصادية. .
لم يأت تصرف هؤلاء الفراعنة من فراغ لو لم يجدوا من يدعمهم ويحميهم ويذود عنهم. .
لقد مررنا خلال سنواتنا الوظيفية بكل المراحل والسياسات. ولم نصطدم بأمثال هؤلاء الفراعنة إلا في حالة واحدة نادرة عندما كان (عبدالحسين الرماحي) يتربع في سبعينيات القرن الماضي على عرش المنشأة العامة للحفر والمسح البحري. كان الرماحي وقتذاك بدرجة توت عنخ آمون في جبروته. لكننا اليوم نقف حائرين أمام نماذج مستنسخة من الطغاة والفراعنة الذين وصل بهم الغلو والتمادي إلى الوقوع في مستنقعات النرجسية. .
ولله في خلقه شؤون. . .

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

متى يعود النادي السياسي من رحلة التيه؟

للسودان رصيد سياسي ونضالي، ظل يتكئ على بذرة مشروع مقاومة، أسس له أسلاف وطنيين، لم تنجح سنوات الانحدار الطويل في تبديده، ولكنه تعرض لعقاب قاس في السنوات الأخيرة على يد أبنائه وآخرين.

من ثم فإن حرب ١٥/ابريل ستكون طريقاً مؤلماً معبداً بالدماء والتضحيات ليعود السودان من رحلة التيه الى ابنائه ومحبيه .

التاريخ ليس صدفة، وأحداثه ليست خبط عشواء، ولكنه بين منتصر و مهزوم، وبلا شك لم ينجو النادي السياسي القديم من اللحاق بركب المهزومين في حرب التغيير ، فقد سقطت شعارات ، وارتفعت اخرى، أفلت ايقونات وسطعت أخرى.

خلال عامين .. تغير وجه السودان ، فما بعد 2023 ليس كما قبلها على كل المستويات، التغيرات البنيوية الجارية في بلادنا بعد ١٥/أبريل تتوجب تفكيراً من خارج الصندوق، لا يركن إلى أنماط المقاربات السياسية القديمة، والمؤتمرات واللقاء السياسية التي تنعقد كلما أصاب المشهد ركود ، لقاءات فندقية، تنتهي بجفاف الحبر الذي دون على الورق اشواق لن تتحقق، وأمنيات لا تجاوزت المخيلة.

النادي السياسي القديم، والعقول التي تنشط عبره عاجزة عن الفهم الدقيق لما يجري أولاً، والتعامل معه بما يقتضيه الوضع ثانياً، وابتكار أدوات سياسية تستند على مشروع وطني جديد، يقدم إجابة شافية حول السؤال المحوري(أي سودان يراد له ان يكون؟) وكيف يمكن أن تنسج العلاقات بشكل طبيعي ومتوازن مع مختلف مكونات الشعب السوداني ، وما الآليات الحقيقية لبناء دولة حديثة قوية تكون على مسافة واحدة من جميع السودانيين بعيداً عن المحاصصتين القبلية والحزبية!.

المجتمعون بفندق “مارينا” بورتسودان رجال ونساء وطنيين، غارقون في الهم الوطني ، لا يستطيع كائن من كان أن يزايد على مواقفهم المبدئية الداعمة للوطن والقضية ، ولكنهم عاجزين، نضب معينهم، إعادة تدويرهم كل مرة غير مجدي .

المزاج العام تجاوز الأحزاب بوضعها الحالي، المستنفرين في معركة الكرامة ، والقوى الاجتماعية الصاعدة، هم قواعد المشروع الوطني الذي تمخض عن حرب ١٥/أبريل ، هؤلاء تجاوزوا شعارات النادي السياسي القديم ، ومضوا بوتيرة متسارعة في تنظيم صفوفهم ليصبحوا بديلاً سياسياً أنتجته التجربة القاسية في مستقبل السودان، هؤلاء هم من ستتحالف معهم السلطة الحالية بعد الحرب ، هؤلاء هم حاضنة النظام الذي يتشكل الآن في رحم التجربة .

على المجتمعين بفندق “مارينا ” بورتسودان أن يعلموا أن القوى الجديدة لن ترتكب خطيئة إضاعة الفرصة، التي طالما اضعتموها أنتم في حقب مختلفة ، من أجل استعادة شروط الحياة الطبيعية في ظل دولة ومؤسسات وبيئة سياسية نظيفة.

ستعمل القوى الجديدة على تضميد جروح السودانيين ضحايا فشل النادي السياسي القديم ، ستفتح شرفة استثنائية للعبور بالشعب السوداني على طريق التقدم والعدالة وبناء الجسور .
لقد تجاوزكم الواقع ..
محبتي واحترامي

رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزارة إيلون ماسك وصلت إلى بيانات سرية لملايين الموظفين الأمريكيين
  • العقل زينة!!
  • مناقشة تنمية مهارات «الموظفين الدبلوماسيين» في وزارة الخارجية
  • متى يعود النادي السياسي من رحلة التيه؟
  • الخير: سلام دخل بـلعبة المحاصصة في تشكيل الحكومة
  • ملثمون يظهرون في بيروت.. ماذا رصد مواطنون؟
  • السوداني يدعو ائتلاف المحاصصة للاجتماع
  • وزارة المالية تنفي مزاعم حول مرتبات الموظفين
  • بدعة المحاصصة الرئاسية والحزبية تؤخِّر تشكيل الحكومة؟
  • هروب الفئران من السفينة!!