لماذا رجب من الأشهر الحرم؟ وما الحكمة من انفراد شهر رجب عن الثلاثة الأخرى؟ سؤال يشغل الأذهان ونجيب عنه من خلال الحديث عن شهر رجب، ومنزلته من الأشهر الحرم.

لماذا رجب من الأشهر الحرم؟

شهر رجب هو من الأشهر الحرم، وسمى رجبا لترجيبهم الرّماح من الأسنة لأنها تنزع منها فلا يقاتلوا، وقيل: رجب أى توقف عن القتال، ويقال رجب الشىء أي هابه وعظمه، وشهر رجب من الأشهرِ الحُرُمِ العِظامِ؛ الّتي أمر اللهُ سبحانه وتعالى بتعظيمِها، والالتزامِ فيها أكثرَ بدينِه وشرعِه، وإجلالِها؛ فقال جلّ وعلا: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» (التوبة : 36).

وحددت السنة النبوية الأشهر الحرم أنها أربعة أشهر، وهي: «شهر ذو الحجة، وشهر ذو القعدة، وشهر محرم، وشهر رجب »، و الأشهر الحرم يضاعف الله الحسنات، لذلك يجب الإكثار من الصدقات وأعمال الخير، وتجنب الآثام والمعاصي.

ما الحكمة من انفراد شهر رجب عن الأشهر الحرم؟

ذكر بعض العلماء أن الحكمة من انفراد رجب عن الأشهر الحرم: تمكن العرب من أداء العمرة في منتصف السنة، وأن الأشهر المتواليات لأجل الحج، وقال ابن كثير، رحمه الله: " وقوله تعالى: منها أربعة حرم: فهذا مما كانت العرب أيضا في الجاهلية تُحَرِّمه، وهو الذي كان عليه جمهورهم، إلا طائفة منهم يقال لهم: "البسل"، كانوا يحرمون من السنة ثمانية أشهر، تعمقًا وتشديدًا.

وأما قوله: "ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، فإنما أضافه إلى مضر، ليبين صحة قولهم في رجب أنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان، لا كما كانت تظنه ربيعة من أن رجب المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال، وهو رمضان اليوم؛ فبين، عليه الصلاة والسلام، أنه رجب مُضر لا رجب ربيعة.

وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة، ثلاثة سرد، وواحد فرد؛ لأجل أداء مناسك الحج والعمرة، فحُرِّم قبل شهر الحج شهرٌ، وهو ذو القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحرم شهر ذي الحجة، لأنهم يوقعون فيه الحج، ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحُرم بعده شهر آخر، وهو المحرم؛ ليرجعوا فيه إلى نائي أقصى بلادهم آمنين.

وحُرِّم رجبٌ في وسط الحول، لأجل زيارة البيت والاعتمار به، لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا، وقوله تعالى: ذلك الدين القيم أي: هذا هو الشرع المستقيم، من امتثال أمر الله فيما جعل من الأشهر الحرم، والحذو بها على ما سبق في كتاب الله الأول.

مسميات شهر رجب وفضله

شهر رجب هو شهر تتعدد مسمياته مما يدل على عظم شأن المسمى، فهو رجب الأصب، رجب الأصم، رجب الفرد، رجب مضر، المقيم، والهرم"، وقد تصل أسماء شهر رجب إلى حوالي أربعة عشر اسمًا، منها: رجب: لأنه كان يرجب في الجاهلية، أي يعظم. الأصم: يتركون القتال فيه، فلا يسمع فيه قعقعة السلاح، ولا يسمع فيه صوت استغاثة. الأصب: لأن كفار مكة كانت تقول: إن الرحمة تصب فيها صبًا.

رجم: بالميم لأن الشياطين ترجم فيه، أي تطرد. الهرم: لأن حرمته قديمة من زمن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. المقيم: لأن حرمته ثابتة لم تنسخ، فهو أحد الأشهر الأربعة الحرم.

وهو شهر تضاعف الحسنات فيه و تعظم السيئات، فلا تظلموا فيه أنفسكم. يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء: ها نحن في شهر رجب ، وهو شهرٌ حرامٌ (لأنه من الأشهر الحرام الذي يستعظم فيها ربنا الآثام وإن كانت حراما في سائر السنة إلا أنها في هذه الأيام تكون أشد)، سُمِّي "رجب الفرد" (لأنه يأتي منفردًا خارج الشهور التي هي سرد: ذوالقعدة، ذوالحجة، المحرم)، و"رجب الأصم" (الأصم أي الوحيد، مثل الجذر الأصم في الرياضيات؛ وسمى بذلك لأنه جذر واحد فقط، وقيل : لأنه لا تسمع فيه قعقعة السلاح للقتال)، و"رجب الأصبّ "(لأن الله يصب فيه الرحمات والبركات والسكينة على عباده صبا)، وهو تقدمة لرمضان وتهيئة لشعبان، ينبغي علينا أن نستعد لهذا الشهر العظيم، وأن ننتقل من دائرة غضب الله إلى رضاه، ومن معصيته سبحانه وتعالى ومجاهرته بالذنوب ليل نهار ؛إلى أن نسارع إلى مغفرة من ربنا سبحانه وتعالى.

وقال: يجب علينا أن نتوب إلى الله، والتوبة الصدوق هي التي يعزم فيها الإنسان على ألا يعود للذنوب أبدا، ولكن الله سبحانه وتعالى خلق ابن آدم خطاء يقول فيه رسول الله ﷺ وهو يعلمنا كيف نربي أنفسنا: (كُلُّ بَني آدَمَ خطاءٌ وَخَيْرُ الخطّائينَ التّوّابونَ)، (خطاء) (تواب) على وزن (فعال) وهي صيغة تدل على تكرار وقوع الفعل وكثرته؛ فيجب عليك أن تتوب توبة مكررة، وكلما وقعت في الإثم أو المعصية فلا تيأس بل عد إلى الله؛ فإن الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبتك (لَلّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ. فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ. وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ. فَأَيِسَ مِنْهَا. فَأَتَى شَجَرَةً. فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا. قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ. فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ. فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا. ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ) سيدنا رسول الله ﷺ يفتح أمامك الأمل ويأمرك أن تعود إليه سبحانه وتعالى ؛ ففروا إلى الله تعالى ؛ فروا من أنفسكم إلى ربكم ، وفروا مما سوى الله إلى الله.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المزيد من الأشهر الحرم سبحانه وتعالى رجب من الأشهر الحکمة من إلى الله شهر رجب

إقرأ أيضاً:

تيار الحكمة ينتقد ضعف الإرادة في مواجهة الأزمات وغياب القرارات الجريئة

17 مارس، 2025

بغداد/المسلة: أدلى القيادي في تيار الحكمة فهد الجبوري بتصريح لافت يعكس قلقاً متزايداً حيال الواقع السياسي في العراق، حيث أشار إلى أن مواجهة التحديات الكبيرة التي تعصف بالبلاد تتطلب إرادة قوية وصلابة على مختلف المستويات، مع التركيز بشكل خاص على المجال السياسي.

ويبرز هذا التصريح في ظل أزمات متشابكة تشهدها الساحة العراقية، بدءاً من التوترات الأمنية وصولاً إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تثقل كاهل المواطنين.

ويسلط الجبوري الضوء على فجوة واضحة بين الحاجة إلى إرادة سياسية حاسمة وبين الواقع الذي يفتقر إلى هذه القوة بالشكل المطلوب.

ويأتي هذا التصريح في سياق نقاشات متصاعدة حول قدرة النخب السياسية على اتخاذ قرارات جريئة لمعالجة المشكلات المزمنة، حيث يرى مراقبون أن الإرادة السياسية غالباً ما تصطدم بحسابات المصالح الضيقة والصراعات الداخلية بين الكتل المتنافسة.

وتكتسب هذه الرؤية زخماً إضافياً عند النظر إلى التفاعلات على منصة “إكس”، حيث أثار تصريح الجبوري نقاشاً بين النشطاء.

فمن جهة، يرى البعض أن حديثه يعكس وعياً حقيقياً بالتحديات، كما كتب أحد المستخدمين : “الجبوري يضع يده على الجرح، لكن من يملك الشجاعة للعلاج؟”.

في المقابل، يدعو آخرون الى جدية في التعامل مع هذه التصريحات، حيث علق مستخدم آخر: “كلام جميل يحتاج الى الأفعال؟ السياسيون يحتاجون الى الأخذ بأهمية هذه التصريحات وليس قراءتها فقط”.

ويتزامن هذا التصريح مع تقارير حديثة تشير إلى تفاقم الأوضاع في العراق، حيث أظهرت إحصائيات أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 31% خلال العام الماضي، بينما تستمر معدلات البطالة في التزايد لتصل إلى حوالي 14% وفقاً لتقديرات وزارة التخطيط العراقية.

ويرى محللون أن الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق ناجمة عن غياب استراتيجيات فعالة، مما يدعم وجهة نظر الجبوري حول ضعف الإرادة السياسية.

ويثير تصريح الجبوري تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في البلاد، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية المقررة في أواخر 2025.

ويقول خبراء إن التحديات الحالية، بما فيها الخلافات حول تشكيل الحكومات المحلية والتوزيع غير العادل للموارد، قد تعمق الأزمة إذا لم تظهر قيادات قادرة على تجاوز الانقسامات الطائفية والحزبية.

ويضيف التحليل أن العراق يقف اليوم أمام مفترق طرق، إذ إن استمرار الوضع الراهن قد يؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية، كما حدث في 2019، بينما تشير بعض المؤشرات إلى أن تيار الحكمة، الذي ينتمي إليه الجبوري، يسعى لتعزيز موقفه كقوة وسطية قادرة على التوفيق بين الأطراف المتصارعة. لكن نجاح هذا المسعى يبقى مرهوناً بمدى قدرة القادة على ترجمة الكلام إلى خطوات عملية.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • مدير الرقابة والتدقيق الداخلي في وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات الأستاذ ماهر عبد الباقي في تصريح لـ سانا: خلال الأشهر الثلاثة الماضية تمت إحالة ٤٣ ملفاً إلى مديرية الرقابة والتدقيق الداخلي لدراستها، حيث تم اتخاذ قرارات بشأن ٣٠ ملفاً منها، مع معالجة المخ
  • هل الدعاء في صلاة التراويح بقول اللهم لا تخيب فيك يا رب رجاءنا حرام؟
  • تيار الحكمة ينتقد ضعف الإرادة في مواجهة الأزمات وغياب القرارات الجريئة
  • الإمام الأكبر يكشف لماذا خالف اسم الرقيب القواعد الصرفية؟
  • بالفيديو.. محمد مختار جمعة: عظمة القرآن الكريم ليس لها حد وبلاغته إعجاز علمي
  • لماذا ندعو ولا يستجاب لنا؟ فيديو لشيخ الأزهر يلخص الإجابة
  • الهياكل الثلاثة(50-500)الله اكبر
  • الأسئلة الثلاثة الكبرى والأهداف من خلق الخلق .. علي جمعة يجيب
  • فتاوى
  • لماذا نصوم؟.. حسام موافي يوضح مفهوم العبودية في الإسلام.. فيديو