تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شارك الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، في فعاليات إطلاق النسخة العربية من المبادئ التوجيهية للسلوك المسؤول للشركات متعددة الجنسيات، التي تم تنظيمها من قبل وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فضلاً عن المشاركة في جلسة نقاشية موسعة مع ممثلي المنظمة والمهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية.

حيث شهدت الفعاليات مناقشات موسعة بشأن قضايا التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي والاندماج الاجتماعي والجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية من خلال جهاتها المختلفة في هذا الصدد لتتواكب مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، وذلك بمشاركة عدد من القيادات والخبراء في هذا المجال وعلى رأسهم الدكتور محمود محي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة التنمية المستدامة 2030، وحسام هيبة رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وآلان ليربيرج يورغنسن رئيس مركز منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للسلوك التجاري، ونيكولاوس زايميس، رئيس قسم التجارة والعلوم والمشاريع بالاتحاد الأوروبي، وإريك أوشلين، مدير منظمة العمل الدولية بالقاهرة، والدكتورة فاليري ليختي، مكتب التعاون الدولي بسفارة سويسرا في مصر.

أوضح الدكتور فريد، أن مواءمة ممارسات الأعمال مع مبادئ الاستدامة ليس مجرد طموح ولكنه مطلب أساسي لبناء اقتصاد مرن وشامل، حيث تسهم هذه الجهود في تعزيز قدرات الشركات المصرية التنافسية وسط الأسواق العالمية سريعة التطور، كما قدم التهنئة للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بمناسبة إطلاق النسخة العربية من المبادئ التوجيهية للشركات متعددة الجنسيات للسلوك المسؤول للشركات.

استعرض الدكتور فريد خلال كلمته رحلة الهيئة العامة للرقابة المالية الخاصة بالتحول للاستدامة والتي بدأت منذ عام 2021، لتصبح مصر واحدة من الدول الرائدة عالمياً والأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تقديم إطار عمل إلزامي لإعداد التقارير عن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) والإفصاحات المتعلقة بالمناخ (TCFD).

جاء ذلك عبر إصدار مجلس إدارة الهيئة للقرارين رقم 107 و108 لسنة 2021، اللذين حددا إرشادات واضحة لإعداد التقارير تراعي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وTCFD، مما شكل مرجعية رئيسية للشركات للإفصاح عن ممارساتها المتعلقة بالاستدامة.

قال رئيس هيئة الرقابة المالية إن قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 107 لسنة 2021، ألزم الشركات العاملة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية التي لا يقل رأس مالها المصدر أو صافي حقوق ملكيتها عن 100 مليون جنيه أن تقوم بإصدار إفصاحات ESG ضمن تقرير مجلس الإدارة السنوي والمُرفق بالقوائم المالية السنوية والشركات التي لا يقل رأس مالها المصدر أو صافي حقوق ملكيتها عن 500 مليون جنيه تقوم باستيفاء إفصاحات ESG وإفصاحات TCFD ضمن تقرير مجلس الإدارة السنوي والمرفق بالقوائم المالية السنوية.

ولفت الدكتور فريد إلى قرار مجلس إدارة الهيئة رقم 108 لسنة 2021 بشأن ضوابط إفصاح الشركات المقيد لها أوراق مالية بالبورصة المصرية عن الممارسات البيئية والمجتمعية والحوكمة المتعلقة بالاستدامة والآثار المالية للتغيرات المناخية، حيث ألزم القرار جميع الشركات المقيدة بالبورصة أن تقوم باستيفاء إفصاحات ESG ضمن تقرير مجلس الإدارة السنوي والمرفق بالقوائم المالية السنوية.

أوضح الدكتور محمد فريد أن هيئة الرقابة المالية اتخذت خطوات استباقية؛ ضماناً لتوافق السوق المصري مع الاتجاهات الدولية، إدراكاً للتركيز العالمي المتزايد على الاستدامة والدور الحاسم للأسواق المالية في دفع التغيير، لافتاً إلى أن هذه القرارات لم تكن مجرد إنجازاً إقليمياً فحسب، بل وضعت مصر في موقع الريادة عالمياً في إعداد التقارير عن الاستدامة، وقد صُمم الإطار ليغطي مختلف أحجام الأعمال، مع وضع معايير مخصصة لأنواع الأنشطة والقطاعات المختلفة.

في السياق ذاته، ذكر رئيس هيئة الرقابة المالية أن الهيئة تعمل على تطوير إطار يتماشى بشكل كامل مع أحدث المعايير العالمية، خاصةً المعيارين IFRS S1 الذي يشمل المتطلبات العامة للإفصاح عن المعلومات المالية المتعلقة بالاستدامة، ومعيار IFRS S2 الذي يشمل الإفصاحات المتعلقة بالمناخ.

أكد أن هذه المعايير توفر نهجاً شاملاً لإعداد تقارير الاستدامة، مؤكداً أن النتائج المُتوقعة لاعتماد المعيارين S1 وS2 مهمة وإيجابية، تشمل تعزيز القدرة التنافسية العالمية بالتوافق مع المعايير الدولية، مما سيمكّن الشركات المصرية من اجتذاب استثمار أجنبي والمشاركة في الأسواق العالمية، وكذلك تحسين الشفافية والمساءلة، إذ يضمن الإطار المحدث إفصاح الشركات عن معلومات تتعلق بالاستدامة، مما يمكنها من اتخاذ قرارات بناءة، كما أن اعتماد المعيارين يعزز المرونة وإدارة المخاطر.

أضاف أن الاستدامة تُعد فرصة للأسواق الناشئة لاجتذاب الاستثمارات وهي ضرورية في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، وفي هذا الصدد، شدد على مسألة تبسيط الاستدامة، مشيراً إلى أهمية مساعدة الشركات المتوسطة والصغيرة في أن تكون الاستدامة مترسّخة في أعمالهم لأنها ليست قاصرة على الشركات الكبيرة أو تلك العاملة في مجال الخدمات المالية. ولفت إلى أهمية التزام الشركات المُدرجة وغير المُدرجة بمعايير الاستدامة.

لفت إلى استهداف الهيئة العمل على الوصول إلى اقتصاد أخضر كفء منخفض الكربون، في ضوء التزام جمهورية مصر العربية ببنود اتفاق باريس التي وقعت عليه في عام 2016، وكذلك الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، ولفت الدكتور فريد أيضاً إلى إصدار 3 مؤسسات مالية غير مصرفية تخضع لرقابة وإشراف الهيئة العامة للرقابة المالية سندات اجتماعية.

وأوضح رئيس هيئة الرقابة المالية، أن إطلاق السندات يُعد تتويجاً للجهود المبذولة من القطاع المالي غير المصرفي، والجهات التنظيمية في القطاعين المالي غير المصرفي والمصرفي، مما يعكس ما قد تشهده البلاد في المستقبل فيما يتعلق بالاستدامة وإزالة الكربون عن الاقتصاد المصري، والقارة الإفريقية، والشرق الأوسط.

شدد الدكتور فريد على أن سوق الكربون الطوعي يعد أداة قوية لدعم مسؤولية الشركات المصرية في الاستعداد لمستقبل أكثر استدامة من خلال تمكين الشركات من معالجة تأثيرها على البيئة مع التوافق مع أهداف الاستدامة العالمية، وذلك من خلال تداول شهادات الكربون التي تم التحقق منها، يمكن للشركات تعويض الانبعاثات، وإظهار الشفافية في عملياتها.

كما يعزز السوق الابتكار من خلال تشجيع اعتماد ممارسات وتكنولوجيات مستدامة، مثل مشاريع الطاقة المتجددة وإعادة التدوير التي تساهم في تقليل انبعاثات الكربون، وعلاوة على ذلك، فإنه يكفل إدماج الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ في استراتيجيات أوسع نطاقاً للتنمية الاقتصادية المستدامة، تماشياً مع المبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون والتنمية بشأن مسؤولية الشركات في الاستعداد لمستقبل أكثر استدامة.

ولذلك أطلقت مصر سوق الكربون الطوعي منذ أغسطس الماضي بحضور 6 وزراء في تجربة فريدة، حيث يعد أول سوق منظم ومراقب من جهات الرقابة على أسواق المال في مصر وأفريقيا، حيث قامت الهيئة باتخاذ العديد من الإجراءات منها استصدار قرار من دولة رئيس مجلس الوزراء رقم 4664 لسنة 2022 بشأن تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 بشأن اعتبار شهادات خفض الانبعاثات الكربونية أداة مالية، وذلك بناء على اقتراح مجلس ادارة الهيئة، ثم تشكيل أول لجنة للإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية واختصاصاتها.

ثم أصدرت الهيئة قرار تنظيم معايير قيد جهات التحقق والمصادقة لمشروعات الخفض في القائمة المعدة لذلك لدى الهيئة، تلى ذلك إصدار قواعد قيد وشطب شهادات خفض الانبعاثات الكربونية بالبورصات المصرية، ومعايير اعتماد سجلات الكربون الطوعية المحلية والتي تعد بمثابة أنظمة الحفظ المركزية الالكترونية تتضمن سجلات لإصدار وتسجيل وتتبع تسلسل نقل ملكية شهادات خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن تنفيذ مشروع الخفض وكذلك اعتماد الهيئة لقواعد التداول بالبورصة المصرية، واعتماد قواعد التسوية الخاصة بشهادات الكربون الطوعية بالبورصات المصرية.

وأسفرت جهود الهيئة عن إصدار 9 قرارات حددت الإطار التنظيمي لسوق الكربون الطوعي على المستوى الإقليمي، بجانب وجود 5 سجلات، فضلاً عن عمل 4 جهات تحقق ومصادقة، مما أفسح المجال أمام تسجيل أكثر من 145 ألف شهادة كربون تفيد بتخفيض هذا الكم من الانبعاثات، علاوة على تسجيل نحو 21 مشروعاً، ووجود 6 أنواع مختلفة من المشروعات المُسجلة، وهي الزراعة المُستدامة، والتشجير وإعادة التحريج وإعادة الإنبات، والغاز الحيوي، والوصول إلى الطاقة، ومواقد الطهي، وتصفية المياه.

كما قام الدكتور فريد، بعد ذلك بزيارة مكتب الهيئة العامة للرقابة المالية بمجمع خدمات الاستثمار في مقر الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، استهدفت متابعة جودة سير العمل وتقديم كافة الخدمات للمستثمرين على الوجه الأمثل.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاستثمار والتجارة الخارجية الانبعاثات الكربون الإستثمارات التعاون الاقتصادي التعاون الدول التجارة الخارجية الهیئة العامة للرقابة المالیة خفض الانبعاثات الکربونیة هیئة الرقابة المالیة الدکتور فرید الشرکات الم من خلال

إقرأ أيضاً:

التطرف المناخي يهدد شبه الجزيرة العربية

عندما تنظر اليوم إلى صحراء شبة الجزيرة العربية القاحلة، سيكون من الصعب عليك تخيل أن هذه المنطقة قبل 1600 عام كانت موطنا لغابات خضراء تجوبها الأسود والفهود والذئاب، وكانت المنطقة حينها مسرحا لفيضانات عنيفة، تدفقت خلالها الأمطار بغزارة لم تعرفها الأجيال الحديثة.

هذا المشهد الذي قد يقف خيالك عصيا على تصوره وتصديقه، وجدت دراسة نشرت في دورية "ساينس أدفانسيس" لفريق بحثي دولي، دلائل علمية قوية تشير إليه في أعماق حوض نيوم المالح في خليج العقبة، حيث وجدوا داخله رواسب محفوظة بشكل ممتاز حملتها الفيضانات والسيول عبر الزمن، لتكون بمثابة سجل مناخي يخبرنا عن التاريخ بكل تفاصيله، ويطلب منا الاستعداد لسيناريوهات شبيهه في المستقبل القريب.

وفي تصريح للجزيرة نت، يقول سام بوركيس، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ ورئيس قسم علوم الأرض البحرية في كلية "روزنستيل" بجامعة ميامي الأميركية، إن "حوض نيوم المالح الذي تمت دراسته يقع على عمق أكثر من ميل تحت الماء، في أعمق جزء من خليج العقبة، وتكون المياه في هذه المنطقة "لاهوائية"، أي خالية تماما من الأكسجين، وبالتالي، فإن أي كائن بحري غير محظوظ يدخل الحوض يختنق ويموت فورا، وهذا من شأنه أن يحافظ على قاع الحوض غير مضطرب تماما من قبل الكائنات البحرية الحافرة، وهذا ساهم في الحفاظ على الطبقات الدقيقة الناتجة عن الفيضانات المفاجئة بشكل ممتاز، ومنحنا ذلك الفرصة لدراستها لاحقا".

إعلان

وكان الحصول على عينة رواسب من هذا الحوض المالح على عمق أكثر من ميل تحت الماء تحديا كبيرا، استلزم استخدام معدات متقدمة للغاية مثل سفينة الأبحاث المذهلة "أوكين إكسبلورر"، واحتاج هذا العمق الشديد استخدام مركبة التحكم عن بعد، التي يمكنها العمل في أعماق أعمق من الغواصات التي يتم قيادتها بواسطة الإنسان.

ويوضح بوركيس أنه "رغم العمق الكبير للمياه في هذا الحوض المالح، فإنه كان قريبا جدا من الساحل (أقل من ألفي متر)، وهذا يسمح له بتسجيل الرواسب التي تجرفها الفيضانات من اليابسة بشكل ممتاز، لتكشف التحليلات التي أجريت على تلك الرواسب بأحدث تقنيات التأريخ بالكربون أن عمر بعضها يعود إلى ما يقارب ألفي عام".

الجفاف الحالي لم يكن المشهد المعتاد في شبه الجزيرة العربية (الفرنسية) تضافر جهود 4 تخصصات

ويحتاج هذا العمل الذي حاول بوركيس تبسيطه، تضافر جهود باحثين من تخصصات مختلفة هي الجيوكيمياء وعلم الرواسب وعلوم الجيوكرونولوجيا (علم تحديد أعمار الأرض) والنمذجة الحاسوبية.

ويركز تخصص "الجيوكيمياء" على تحليل التركيب الكيميائي للرواسب والمياه الملحية في الحوض، لتحديد نوع العناصر والمركبات الكيميائية التي توجد فيها، مثل الكربون، النيتروجين، المعادن، والمركبات العضوية وغير العضوية، ومن خلال تحليل هذه المكونات، يمكن التوصل إلى معلومات حول ظروف البيئة السابقة، مثل درجة حرارة المياه ومستويات الأكسجين وفهم العمليات الكيميائية التي كانت تحدث في الماضي وكيفية تأثير التغيرات المناخية على تكوين الرواسب.

أما "علم الرواسب"، فيتعامل مع دراسة الخصائص الفيزيائية للرواسب والطبقات التي تشكلت بمرور الزمن، ويشمل ذلك دراسة تكوين الرواسب، حجمها، توزيعها، وترتيبها في الطبقات، ويساعد ذلك في تفسير كيفية ترسب هذه الرواسب بمرور الزمن، وتحديد الفترات التي شهدت فيضانات أو هطولات مطرية شديدة من خلال تحليل الطبقات التي تشكلت نتيجة تلك الفيضانات، ومن خلال هذا التخصص، يمكن تحديد الحقب الزمنية التي شهدت نشاطا مناخيا قويا أو تغيرات بيئية كبيرة.

ويساعد "علم الجيوكرونولوجيا" في تحديد الأعمار الزمنية للرواسب باستخدام تقنيات متعددة، مثل التأريخ بالكربون المشع أو تقنيات تأريخ أخرى، ويتم تطبيقه على العينات المستخرجة لتحديد متى تشكلت الطبقات المختلفة، ويعد هذا التخصص مهما جدا في وضع إطار زمني دقيق للتغيرات المناخية، فمن خلال تحديد الأعمار الزمنية بدقة، يمكن ربط الفترات المناخية الرطبة أو الجافة مع أحداث تاريخية معينة، مثل "العصر الجليدي الصغير"، وتحديد مدى تأثير تلك التغيرات المناخية على البيئة والإنسان في الماضي.

وأخيرا، يساعد تخصص "النمذجة الحاسوبية" على إنشاء نماذج رياضية وحاسوبية لمحاكاة البيانات المناخية بناء على المعلومات المستخرجة من الرواسب، وهذه النماذج تساعد في فهم التغيرات المناخية في الماضي، وتوقع الأنماط المناخية المستقبلية.

إعلان الجفاف استثناء وليس قاعدة

ومن خلال فهم وتحليل البيانات المناخية التي تقدمها هذه التخصصات، نجح الباحثون في توفير صورة متكاملة حول التغيرات المناخية في الجزيرة العربية، إذ أظهرت دراستهم أن العصر الحديث أكثر جفافا بمقدار 2.5 مرة مقارنة بالـ1600 عام الماضية.

وأوضحت أن العصر الجليدي الصغير (الذي امتد تقريبا من القرن الـ14 إلى القرن الـ19) تميز بأنه فترة رطبة بشكل استثنائي، فقد شهدت تلك الفترة في شبه الجزيرة العربية (تحديدا قبل 400 عام) ارتفاعا ملحوظا في معدلات هطول الأمطار، بمقدار 5 أضعاف مقارنة بما نشهده اليوم.

ويقول بوركيس إن "هذا الفهم المعتمد على الرواسب كان من الصعب الحصول عليه من البيانات الحديثة، لأن المنطقة غير مجهزة بشكل جيد بالأدوات اللازمة لقياس المناخ، خاصة فيما يتعلق بمقاييس المطر، حيث كانت البيانات شحيحة بشكل مدهش حتى في الـ20 سنة الماضية".

ورغم أن المنطقة تُعتبر الآن شديدة الجفاف، إلا أن طبقات الفيضانات التي تم توثيقها تشير إلى أن التحولات المناخية السابقة قادرة على توليد ظروف مناخية لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث، أي أن الجفاف الحالي هو استثناء وليس القاعدة، وأن هناك سرعة في تغير المناخ بين الجفاف والرطوبة، تتطلب الاستعداد لهذا السيناريو.

رسالة تحذير من الماضي

وتاريخيا، يرتبط التحول المفاجئ إلى فصول شتاء باردة ورطبة بتغيرات اقتصادية واجتماعية.

ويوضح بوركيس أن "التحول المفاجئ إلى فصول شتاء باردة ورطبة في القرن الـ15 أدى إلى تقلص كبير في الإمبراطورية العثمانية، حيث تخبرنا النصوص العثمانية أنه بحلول أواخر تسعينيات القرن الـ15، عانت الأناضول وسوريا من سلسلة من فصول الشتاء الباردة والمثلجة، وهذا أدى إلى وفاة مئات الآلاف (وربما الملايين) من القرويين، وسقطت الإمبراطورية العثمانية في أزمة بسبب مزيج من المجاعة والهروب والأمراض التي نشأت بسبب العنف واسع النطاق المرتبط بالمناخ غير المتوقع".

إعلان

ويضيف أن "تمرد الجلاليين (1590 إلى 1610 م) ، كان أكبر تحدٍ داخلي لسلطة الدولة خلال وجود الإمبراطورية، ويشير تحليل عينات الرواسب المائية في منطقة التجمع المائي للحوض المالح في خليج العقبة إلى أن كمية الأمطار في تلك الفترة كانت أكثر بـ3 أضعاف من المعدل الحالي للأمطار (31 مليمترا سنويا)، وهذا يعني أن منطقة التجمع المائي كانت تتعرض لمعدلات أمطار غزيرة جدا، وهذا ساهم في تشكيل الظروف المناخية الرطبة التي أثرت على حياة السكان وأدت إلى أزمات غذائية وكوارث طبيعية، كما أنه قبل 100 عام من هذا التمرد، كانت الأمطار أكثر غزارة بمقدار 5 أضعاف مقارنة بالحاضر، ما يشير إلى أن المنطقة شهدت تغيرات مناخية كبيرة خلال فترات زمنية قصيرة نسبيا، وهذا أدى إلى تأثيرات واسعة على النظم السياسية والاجتماعية في ذلك الوقت".

وبناء على ذلك، يشير بوركيس إلى أن "النتيجة الأكثر أهمية من الدراسة هي أن المناخ يمكن أن يتغير بسرعة كبيرة، وهذا يعني أن الحكومات والمخططين البيئيين في المنطقة يجب أن يكونوا مستعدين لمواجهة ظروف مناخية جديدة غير مسبوقة في العصر الحديث، بما في ذلك الفيضانات العنيفة أو الفترات الرطبة التي قد تعود في المستقبل".

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية تعلن الإنتهاء من تطوير برامج تسوية تعاملات (T+1) بالبورصة
  • جامعة سوهاج تنظم دورة "الحوكمة ومكافحة الفساد" بالتعاون مع الرقابة الإدارية
  • رئيس الوزراء يتابع عددًا من ملفات العمل المشتركة بين وزارتي المالية والبترول
  • وزير الصحة: تسهيل الإجراءات على الشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار بمصر
  • خالد عبدالغفار يترأس اجتماعًا لبحث زيادة الاستثمارات العالمية في السوق المصري
  • بعد تعيينها.. عبير العقل تشكر مجلس إدارة الهيئة الملكية للعلا
  • تدقيق في صفقات كازا إيفنت و الجواهري يمثل أمام لجنة الرقابة
  • رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار الدكتور حيدر محمد مكية ..
  • رئيس الهيئة القضائية المشرفة على انتخابات نقابة الصحفيين: أنتم قادة رأي
  • التطرف المناخي يهدد شبه الجزيرة العربية