اللواء محمد إبراهيم: مصر ساهمت بدور رئيسي في صياغة الهدنة بغزة وستواصل جهودها لتنفيذها
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
قال اللواء محمد إبراهيم الدويرى، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن مصر ساهمت بشكل تام في صياغة "اتفاق هدنة غزة" ووضع اللمسات النهائية عليه بالتنسيق مع دولة قطر الشقيقة والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً أن مصر ستواصل جهودها المضنية من أجل ضمان تنفيذ الاتفاق.
وأضاف اللواء الدويري اليوم الخميس، أن الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بشأن إقرار الهدنة في قطاع غزة يعد بكافة المقاييس أمراً إيجابياً رغم حجم وعمق الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب.
وتابع أن هذا الاتفاق سوف يؤدي إلى وضع حد لهذه الكارثة التي يشهدها القطاع منذ أكتوبر 2023 نتيجة للعمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل منذ هذا الوقت وحتى الآن دون توقف سوى لعدة أيام قليلة في نوفمبر 2023 ولم تتجاوب طوال هذا الوقت مع كافة المطالب الداخلية والخارجية والمقترحات العديدة التي حاولت وقف حرب الإبادة التي شاهدها المجتمع الدولي دون اكتراث.
وأكد ضرورة النظر إلى الاتفاق أولاً من منظور وقف هذه المأساة التي عجز العالم عن وقفها طوال 15 شهراً ثم يمكن الحديث بعد ذلك عما تضمنه الاتفاق من تفصيلات ومراحل ثلاث سوف تؤدي في النهاية إلى تحقيق خطوات مهمة حتى وإن تمت على مراحل زمنية قصيرة ومتفاوتة.
واستعرض تلك الخطوات وأولها الوقف الدائم للقتال وإنهاء هذه الحرب الشرسة التي هدفت إلى القضاء على البشر والحجر، ثانياً الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، ثالثاً إنجاز صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية بحيث يتم في النهاية الإفراج عن كافة الأسرى الإسرائيليين سواء كانوا أحياء أو قتلى في مقابل إفراج إسرائيل عن أعداد كبيرة تقدر بالمئات من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ومن بينهم أكثر من مائتين من المحكومين بالسجن المؤبد.
وأكمل: "رابعاً إدخال كافة المساعدات الإنسانية والطبية والحياتية إلى كافة أنحاء القطاع بمئات الشاحنات يومياً كما كان الوضع من قبل، وخامساً إعادة فتح معبر رفح البري بعد أن كان قد تم إغلاقه نتيجة تدمير إسرائيل للمعبر من الناحية الفلسطينية، سادساً الاتفاق على البدء في خطوات إعادة إعمار القطاع بما يتطلبه ذلك من ضرورة توفير مليارات الدولارات وهو أمر سوف يخضع لترتيبات محددة لاحقاً."
ولفت إلى أن هذا الاتفاق سوف يكون مقدمة لتغيير الوضع في قطاع غزة تدريجياً، مع الأخذ في الاعتبار أن المرحلة الأولى التي سوف تبدأ يوم 19 الجاري وهو موعد بدء سريان وقف إطلاق النار ومدتها ستة أسابيع سوف تشهد بعد حوالي أسبوعين من بدئها مفاوضات أخرى من أجل التوافق على كافة الخطوات التي سوف تتم في المرحلة الثانية ثم المرحلة الثالثة من إفراجات وانسحابات ووقف العمليات العسكرية تماماً حتى يتم تنفيذ الاتفاق كاملاً، وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة التزام كل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بما تم التوافق عليه مع إعطاء دور هام للدول الضامنة للاتفاق وهي مصر وقطر والولايات المتحدة.
ونوه إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي أعاق التوصل إلى الاتفاق طوال أكثر من ستة أشهر على الأقل مطالباً أكثر من أي أحدٍ آخر أن يكون أكثر التزاماً بتنفيذه دون أي إبطاء وألا يضع أية عراقيل أمام عملية التنفيذ خاصة ما يتعلق بموقف شركائه المتطرفين في الائتلاف الحاكم حيث أن الوقت أصبح أكثر حساسية وتعقيداً ولم تعد هناك أية مبررات مهما كانت تقف أمام وضع الاتفاق موضع التنفيذ حتى في حالة انسحابهم من الائتلاف حيث أن وقف الحرب أصبح مطلباً عالميا لا يستثنى منه أحد سوى الأحزاب اليمينية المتطرفة في الحكومة الإسرائيلية.
وفيما يتعلق بوضع قطاع غزة عقب انتهاء الحرب وتنفيذ الاتفاق كاملاً، شدد اللواء محمد إبراهيم على أن الأمر يعد أكثر أهمية على الإطلاق، فمن المؤكد أن الحرب كانت سوف تنتهي آجلاً أم عاجلاً خاصة بعد وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أما الوضع المأساوي الذي وصل إليه القطاع فإن معالجته تتطلب جهوداً غير مسبوقة تفوق الجهود التي تم بذلها من أجل التوصل إلى الهدنة، حيث أنه من الضروري معالجة المشكلات التي تركتها هذه الحرب على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، وهذه هي مسئولية إقليمية ودولية لا بد أن يتحملها المجتمع الدولي حتى لا نخرج من مأساة الحرب إلى كارثة أكبر غير قابلة للحل.
أما عن الدور المصري في التوصل لاتفاق الهدنة، أكد ضرورة النظر إلى هذا الدور من المنظور المصري الشامل الذي يتحرك ليس فقط من أجل التهدئة ولكن من أجل التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في كل من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
وقال إن رؤية مصر التي يعبر عنها دائماً الرئيس عبد الفتاح السيسي سوف تظل تتمثل في أنه بدون حل هذه القضية العربية المركزية فلا يمكن أن تشهد منطقة الشرق الأوسط الاستقرار المنشود وهذه أيضاً مسئولية فلسطينية وعربية ودولية.
وفي مجال الحديث عن الدور المصري تجاه هذه الهدنة، أكد اللواء محمد إبراهيم ضرورة الإشارة إلى بعض المحددات وهي أن مصر أول دولة في العالم تحركت عقب 14 يوماً فقط من نشوب الحرب حيث تم عقد مؤتمر القاهرة الدولي للسلام الذي طرح فيه الرئيس السيسي رؤية مصرية متكاملة بمراحل مختلفة ومتتالية لحل الأزمة في غزة والتمهيد لحل القضية الفلسطينية.
وأضاف أن موقف مصر كان واضحاً وحاسماً وقاطعاً منذ البداية عندما أعلنت على الملأ رفض تصفية القضية الفلسطينية ورفض تهجير سكان القطاع سواء داخل غزة أو إلى سيناء وكانت الأخيرة هي بمثابة الخط الأحمر الذي حذرت مصر إسرائيل بقوة أن تتخطاه مهما كانت النتائج.
ونوه إلى إعطاء موضوع المساعدات الإنسانية أهمية خاصة حتى لا يتعرض السكان الفلسطينيون في القطاع إلى مزيد من الكوارث، مذكراً في هذا الصدد بأن أكثر من 80% من المساعدات التي تدخل إلى غزة هي مساعدات مصرية تم إرسالها إلى أشقائنا الفلسطينيين عن طيب خاطر رغم أية أزمات اقتصادية تمر بها الدولة، قائلاً:"فهذا واجب وطني لا يمكن لدولة بحجم مصر أن تتنصل منه".
وسلط الضوء كذلك على مشاركة مصر في كافة الاجتماعات التي تمت من أجل التوصل إلى الهدنة سواء في القاهرة أو الدوحة أو تل أبيب أو باريس أو روما، وكان الوفد المصري دائم الحضور والمشاركة الفعالة في هذه الاجتماعات بما يمتلكه من خبرة وحرفية ومعرفة بأدق التفاصيل إضافة إلى علاقاته الجيدة مع كافة الأطراف المعنية دون استثناء.
وأبرز أن اتفاق الهدنة الحالي وكذا المقترحات التي أعلنها الرئيس الأمريكي "بايدن" في نهاية مايو 2024 انطلقت أساساً من المقترحات الشاملة والتفصيلية التي طرحتها مصر في نهاية ديسمبر 2023 والتي تضمنت نفس المراحل الثلاث الحالية بكافة آليات التنفيذ داخل كل مرحلة.
وأكد أن مصر كانت حريصة دائماً على أن تكون قنوات التنسيق متواصلة مع الأشقاء في قطر مادام الهدف الأسمى واحداً ويصب في النهاية لصالح الشعب الفلسطيني الصامد.
وأوضح أننا أمام مرحلة هامة للغاية سوف تواصل فيها مصر جهودها الحثيثة، حيث تتطلب هذه المرحلة التحرك على ثلاثة مسارات متتالية شديدة الأهمية، المسار الأول وهو تنفيذ اتفاق الهدنة بمراحله الثلاثة بكل دقة ودون أي إبطاء، والمسار الثاني معالجة كافة جوانب المشهد في غزة بعد انتهاء الحرب بما في ذلك تأمين الوضع في القطاع سياسياً واقتصاديا وأمنياً وإعادة الإعمار، والمسار الثالث ويتمثل في التمهيد من أجل استئناف العملية السياسية والبدء في عملية سلام جادة تقود إلى حل الدولتين.
ووجه اللواء محمد إبراهيم في ختام تصريحاته، رسالة إلى القادة الإسرائيليين بكافة توجهاتهم مفادها أن يعلموا أنه "بدون حصول الشعب الفلسطيني على حقه في دولته المستقلة فلن يكون هناك أي حديث حول الأمن والاستقرار ليس لإسرائيل فقط وإنما للمنطقة كلها".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مصر قطاع غزة الولايات المتحدة غزة اللواء محمد إبراهیم التوصل إلى قطاع غزة أکثر من من أجل
إقرأ أيضاً:
اعتقال طلبة بألمانيا ومظاهرة بفرنسا تندد باستهداف الصحفيين بغزة
اعتقلت الشرطة الألمانية مجموعة من الطلاب في جامعة هومبولت بالعاصمة برلين خلال مشاركتهم في مظاهرة تضامنية مع فلسطين، في حين تظاهر فرنسيون في باريس ومارسيليا للاحتجاج على استهداف الصحفيين في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
ودخل مجموعة من الطلاب إلى مبنى يضم قاعة إميل فيشر للمحاضرات في جامعة هومبولت أمس الأربعاء للاحتجاج على هجمات إسرائيل في غزة وخطط حكومة ولاية برلين لترحيل 4 ناشطين مؤيدين لفلسطين.
وعلق الطلاب خلال المظاهرة لافتات على نوافذ المبنى كُتب عليها "أنتم متواطئون في الإبادة الجماعية" و"لا يوجد سوى دولة واحدة وهي فلسطين" و"انتفاضة حتى النصر".
وخارج المبنى، تجمع حوالي 20 شخصا لدعم المحتجين في الداخل، وهتفوا بشعارات مثل "الحرية لفلسطين" و"مقاطعة إسرائيل" و"لا للحدود، لا للترحيل"، و"ألمانيا دولة فاشية"، و"المقاومة حق دولي".
وطلبت إدارة الجامعة من الطلاب مغادرة المبنى، لكنهم أغلقوا الأبواب وأقاموا حواجز. وتدخلت الشرطة التي فرضت إجراءات أمنية مشددة، واعتقلت 5 أشخاص على الأقل من المتظاهرين خارج المبنى.
واستخدمت الشرطة أداة اقتحام لفتح الأبواب المغلقة، وانتزعت اللافتات من النوافذ، ثم أخلت المبنى واعتقلت المحتجين.
إعلانوقال المتحدث باسم الشرطة مارتن هيلفيغ، في تصريحات للصحفيين في مكان الحدث، إن الشرطة اقتحمت المبنى باستخدام القوة، وأوضح أنه تم إخراج حوالي 90 محتجا من المبنى، وسيتم التحقيق معهم بتهم "تقويض حرمة المسكن" و"إلحاق الضرر بالممتلكات".
وأضاف أن المعتقلين سيطلق سراحهم بعد التحقق من هوياتهم إذا لم تكن هناك تهم أخرى ضدهم.
وفي فرنسا، خرج متظاهرون في باريس ومارسيليا تلبية لدعوة من جمعيات ومنظمات صحفية منددين باستشهاد عشرات الصحفيين في الحرب المتواصلة على غزة.
وارتمى أرضا نحو 200 شخص بشكل رمزي على درج دار أوبرا الباستيل في باريس وقد حملوا صور الضحايا وارتدوا قمصانا لطّخت باللون الأحمر كُتب عليها "صحافة"، بينما كان المنظمون يتلون أسماء الصحافيين الذين استشهدوا في القطاع.
واستشهد 210 صحفيين في غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وكتب على صور الصحافيين الشهداء التي رفعت في التظاهر شعار "غزة: وجوه وليست مجرد أرقام". وهتف بعض المتظاهرين "لن نصمت، هناك إبادة جماعية في غزة" و"فلسطين حرة".
وندّد رئيس نقابة الصحافيين الفلسطينيين في أوروبا يوسف حبش بـ"إبادة جماعية" في غزة، مطالبا بإنهاء الحصار المفروض على القطاع.
بدوره، قال بابلو أيكيل متحدثا باسم الاتحاد الدولي للصحفيين إنه "لم يسبق أن شهدنا هذا العدد الكبير من الضحايا في مهنتنا. إن حق مواطني العالم في الحصول على المعلومات مُهدد".
بدوره قال المدير العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" تيبو بروتان إن "هذا التجمع يأتي متأخرا، وربما متأخرا جدا. (…) لم أشهد قط نزاعا يقال فيه عندما يموت صحفي إنه كان إرهابيا".
وفي جنوب البلاد، شارك نحو 160 شخصا في مظاهرة بمارسيليا قرأت خلالها أسماء الصحفيين الذين استشهدوا في غزة، قبل أن يقف المشاركون دقيقة صمت حدادا عليهم.
وفي مقال نشرته صحيفة لوموند الاثنين، نددت منظمات ونقابات صحفية ونحو 40 مؤسسة إعلامية بما يحدث في غزة من "مذبحة لم نشهد لها مثيلا من قبل".
إعلانوجاء في المقال أنّ "الجيش الإسرائيلي يحاول أن يفرض تعتيما إعلاميا على غزة، وأن يُسكت قدر الإمكان شهود العيان على جرائم الحرب التي ارتكبتها قواته".
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 167 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.